القوات الأمريكية والتدخل الحذر في سوريا

الأحد 10/يناير/2016 - 11:12 ص
طباعة القوات الأمريكية
 
 تحرص الولايات المتحدة على عدم التدخل العسكري المباشر في الصراع السوري؛ وذلك لما يستلزمه من معلومات دقيقة حول منطقة دخول القوات وحشدها ومواقع التمركز والتحركات والنوايا، وتدقيقها مع مصادر المعلومات الأخرى التي ترد إلى القيادات العسكرية للمساعدة على اتخاذ القرار لتلافي تعرض القوات لمفاجآت، بهدف الحفاظ على أمن القوات وسلامتها من معارضي التدخل، حتى لا تتكرر تجربة أفغانستان خاصة وأن الأزمة السورية تشابه الأفغانية فيما يتعلق بالنفوذ الكبير للجماعات الجهادية المسلحة داخل سوريا.
القوات الأمريكية
لكن عقب السيطرة على سد تشرين في ريف حلب من قبل "الجيش الحر" والذي يقع على نهر الفرات ويحتوي على محطات مولدات كهربائية، وكان مركزًا وملجأً لقوات النظام السوري- تم الكشف من قبل لجان التنسيق المحلية في حلب أن القوات التي تسيطر حالياً على السد هي القوات الأمريكية، وقد اتخذت من المدينة السكنية للسد الواقعة غربي نهر الفرات مقراً لها، بانتظار معركة السيطرة على مدينة منبج الواقعة غربي نهر الفرات شمال مدينة حلب وهو ما يفسر تأكيد السلطات التركية في وقت سابق أن قوات الحماية الكردية لم تعبر إلى الجانب الغربي لنهر الفرات، كما سبق ذلك وصول مجموعة من الجنود والضباط الأمريكيين إلى مدينة عين العرب (كوباني) على الحدود السورية التركية شمال سوريا، وشكلت القوات الأمريكية غرفة عمليات مشتركة مع "قوات سوريا الديمقراطية" مقرها بلدة صرين في ريف حلب الشمالي تمهيداً للسيطرة على سد تشرين.
 التحالف الدولي كان له دور كبير في الأمر؛ حيث قامت طائراته باستهداف المدينة السكنية في سد تشرين والقرى المحيطة للسد كغطاء جوي للقوات البرية التي خاضت معركة استمرت لأسبوع مع تنظيم داعش حتى تمكنت من السيطرة على السد وقام عقبها التنظيم بنقل آلياته وأسلحته الثقيلة من مدينة منبج، كما قام بنقل السجناء من المدينة، بما يوحي تسليمه للأمر الواقع، والانسحاب من منبج لصالح "قوات سوريا الديمقراطية" التي تشكل قوات الحماية الكردية عمودها الفقري.
القوات الأمريكية
 القوات الأمريكية البرية سبق لها أن قامت بالتدخل البري في سوريا دون أن تتمركز هناك، كما يحدث الآن في منطقة سد تشرين وكان لها عمليتان، أبرزهما: 
1- عملية الإنزال الأولى في أغسطس 2014م  عندما حاولت إنقاذ الصحفي جيمس فولي ورهائن أمريكيين آخرين أثناء مهمة سرية في سوريا وتبادلت خلالها القوات البرية إطلاق النار مع عناصر تنظيم داعش، لكنها اكتشفت في النهاية أن الرهائن لم يكونوا موجودين في الموقع الذي استهدفته، وأثناء العملية تم إسقاط قوات أمريكية خاصة وعسكريين آخرين من طائرات هليكوبتر وطائرات أخرى في منطقة الهدف في سوريا واشتبكوا مع متشددين من تنظيم الدولة الإسلامية، وقال أحد المسئولين الأمريكيين وقتها: "إن العملية لم تنجح في النهاية؛ لأن الرهائن لم يكونوا موجودين في موقع العملية.. كان من المعتقد أنهم هناك لكن كانوا قد نقلوا قبل أسابيع من الغارة، وعندما وصلنا كان الأوان قد فات.. كانت مسألة ساعات أو ربما يوم أو يومان، وإن العملية السرية شهدت مشاركة العشرات من قوات الكوماندوس الأمريكية، وشهدت خسائر في صفوف ميليشيا داعش وإصابة عنصر واحد من الجيش الأمريكي بإصابة طفيفة عندما تعرضت طائرة أمريكية لإطلاق نار، كما استخدمت القوات الأمريكية مروحيات بلاك هوك معدلة ومزودة بسلاح ثقيل يقودها الفوج 160 من سلاح الطيران الذي يعمل مع قوات الدلتا وكوماندوس البحرية".
2- عملية
القوات الأمريكية
الإنزال الثانية في مايو 2015م والتي نتج عنها مقتل القيادي بداعش أبوسياف في أول عملية إنزال ناجحة للقوات الخاصة الأمريكية في سوريا، وبدأت العملية عند الساعة الواحدة بعد منتصف ليل السبت 17-5-2015م بتوقيت سوريا، بتحليق لطائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، بطلعات للمراقبة والرصد وبعد ساعتين تقريبًا، أنزلت مروحية أمريكية مجموعة من الجنود الذين خاضوا مواجهات مع مقاتلي تنظيم الدولة، أسفرت عن مقتل أبو سياف، الذي وصف بـ"مسئول النفط في داعش"، ومتشددين آخرين واستمرت المواجهات مع مسلحي داعش لأكثر من 20 دقيقة، وسط تغطية جوية وفرتها مروحيتان أمريكيتان للقوة المنتشرة على الأرض التي استعانت أيضًا بكلاب بوليسية، وبعد أن انسحبت القوة الأمريكية تحت نيران المروحيات، شنت طائرات التحالف غارات على مناطق في شمال الحقل النفطي.
القوات الأمريكية
 مما سبق نستطيع التأكيد على أنه بالرغم من أن المصلحة الحيوية للولايات المتحدة في سوريا قد تنتهي بالتدخل البري في سوريا في محاولة منها لمنع داعش من شن هجوم إرهابي ضدها، لكن هذا الهدف يفتقر إلى الإرادة السياسية والمصلحة الوطنية للالتزام بإنهاء الحرب الدموية في سوريا. 

شارك