محاولات أممية لإنعاش الأزمة السورية وخلافات حول مشاركة المعارضة المسلحة
الأحد 10/يناير/2016 - 08:26 م
طباعة


المعارك لا تتوقف فى سوريا
في الوقت الذي يقوم فيه مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا في سوريا بجولات في المنطقة للإعداد للمحادثات التي تأتي ضمن خطة وافق عليها مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات والتي أسفرت عن مقتل نحو 250 ألفا وشردت الملايين، تتواصل الغارات الجوية في سوريا لملاحقة الجماعات الإرهابية، بعد أن نفذت طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة 11 ضربة جوية على تنظيم داعش في سوريا، وهذه الغارات وقعت قرب مدن من بينها الرقة والبوكمال وعين عيسى ودير الزور حيث دمرت غارة 16 محطة متنقلة لفصل الغاز عن النفط، كما دمرت الغارات أسلحة ومواقع قتالية وعبوة ناسفة وأصابت ثلاثة من مقاتلي التنظيم.
يأتي ذلك في الوقت الذى يتابع فيه المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا جولته في المنطقة بعدما غادر دمشق، تاركا خلفه جملة من القضايا الخلافية بين الحكومة السورية والهيئة العليا للتفاوض ومركزها الرياض، حيث لم تستطع القوى الدولية تقليصها، فما تراه الحكومة السورية خطوة ضرورية وأولية على طريق الحل، تعتبره المعارضة محاولة للهروب من الاستحقاق السياسي وإطالة أمد الأزمة.
ويرى محللون أن هناك خلافات حول شكل ومضمون وبرنامج المفاوضات، في ظل جدول أعمال غير محدد، وضمانات دولية غير واضحة إلى الآن، وربما النقطة الأخيرة هي التي جعلت تصريحات دي ميستورا تقتصر على الجانب الإجرائي ـ التقني من المفاوضات وليس على جانبها السياسي.

عناصر جيش الإسلام في سوريا
وقبلت دمشق المشاركة في مؤتمر "جنيف 3" مثلما قبلت المعارضة بذلك، لكنهما تذهبان إلى المؤتمر بنفس الرؤية والآلية اللتين ذهبتا إليها في "جنيف 2" 2014، دمشق تؤكد على أولوية محاربة الإرهاب، وتعتبر أن أي جهد في تحقيق ذلك لا يتم مع الحكومة السورية، سيعتبر خروجا على مقررات الأمم المتحدة، والهيئة العليا التفاوضية من جانبها تؤكد على مناقشة الحل السياسي وفق مقتضيات وثيقة جنيف والقرار الدولي 2118، لذلك وضع دي ميستورا خلال هذه الجولة خطة أخرى لتجاوز هذه النقطة الخلافية، تنص الخطة على توجيه المبعوث الدولي الدعوات الرسمية للطرفين على أساس القرار 2254 فقط، أما برنامج التفاوض والأولويات فتحدد لاحقا مع انطلاق المفاوضات، وأغلب الظن أن المرحلة الأولى من التفاوض ستحدد الآليات والمواضيع التي يجب التفاوض حولها.
وتوقع محللون أن هناك نقطة خلافية أخرى ظهرت خلال الأسبوعين الماضيين، تتعلق أولا بمطالبة الحكومة السورية بمعرفة أسماء الشخصيات المشاركة في وفد المعارضة للمفاوضات، وثانيا بمعرفة لائحة المنظمات التي أُدرجت في قائمة الإرهاب، وإذا كان بالإمكان تجاوز النقطة الثانية، فإن النقطة الأولى يجري إيجاد حل لها بأن لا يتدخل أي طرف في طبيعة الوفد الآخر، وأن يقوم كل طرف بتسليم قائمته إلى الأمم المتحدة بالتوازي ثم يبلغ دي ميستورا كل طرف بقائمة وفد الطرف الآخر من دون إعطائه حق النقض (فيتو) على الأسماء.
لكن تبقى مشكلة القوى السياسية الأخرى التي تطالب الحكومة السورية بحضورها في وفد المعارضة التفاوضي (مجلس سوريا الديمقراطية الذي يضم قوى متعددة أهمها قوات سوريا الديمقراطية وتيار قمح بزعامة هيثم مناع والاتحاد الديمقراطي الكردستاني بزعامة صالح مسلم، جبهة التحرير والتغيير برئاسة قدري جميل.
من جانبه أعلن المنسق العام للهيئة العليا للمعارضة رياض حجاب ما سماه خطوطا حمرا للمعارضة لا يمكن التنازل عنها، ومنها إقامة نظام تعددي يمثل كافة أطياف الشعب السوري، دون أن يكون لبشار الأسد وأركان ورموز نظامه مكان فيه أو في أي ترتيبات سياسية قادمة، والتمسك بوحدة الأراضي السورية، والحفاظ على مؤسسات الدولة مع إعادة هيكلة وتشكيل مؤسساتها الأمنية والعسكرية، ورفض الإرهاب بكافة أشكاله.
كما طالبت الهيئة بتوفير المناخ قبيل إطلاق المفاوضات، عبر التزام الأطراف بما ورد في المادتين (12) و (13) من قرار مجلس الأمن 2254 قبل الشروع في ترتيبات العملية السياسية، وخاصة فيما يتعلق بفك الحصار عن المدن والمناطق المحاصرة، وباستخدامها نفس أساليب الحكومة السورية التي طالما شككت في المعارضة المنضوية تحت إمرة السعودية وتركيا بأنها لا تمثل مجمل المعارضة السورية، طالبت الهيئة العليا للتفاوض من المجتمع الدولي التفاوض مع القوى الإقليمية والدولية الداعمة للحكومة السورية التي لا تسيطر سوى على 20 % بالمئة من الأراضي السورية.

ما خلفته الحرب السورية
ورد الحكومة السورية لم يتأخر، فقد شدد وزير الخارجية وليد المعلم على أهمية احترام قرارات مجلس الأمن وخصوصا المعنية بمكافحة الإرهاب، وأن جهود الحل السياسي وقرارات مجلس الأمن الأخيرة بهذا الصدد مرتبطة بصدقية جهود مكافحة الإرهاب التي تستدعي إلزام الدول الداعمة للإرهاب بالتوقف عن ذلك، في إشارة إلى تركيا والسعودية وقطر أصحاب القرار الفعليين بحسب دمشق.
وتكشف هذه الخلافات الحادة أن المعارضة والحكومة السورية وداعميهما الإقليميين غير مهيئين بعد للتسوية السياسية الكبرى في سوريا، ويخشى أن تؤدي هذه الخلافات إلى ضرب جهود روسيا والولايات المتحدة السياسية لإنهاء الأزمة، وأن تعود الأمور إلى مربعها الأول.
من ناحية أخرى قالت جماعة جيش الإسلام المعارضة السورية إنه من غير المقبول الحديث عن حل سياسي للحرب بينما يموت الناس من الجوع والقصف وأضافت أن أفضل سبيل لإجبار حكومة دمشق على التوصل لتسوية هو تزويد مسلحي المعارضة بصواريخ مضادة للطائرات، في الوقت الذى تتزايد فيه مخاوف المعارضة من الجهود الدبلوماسية التي تقودها الأمم المتحدة لعقد محادثات سلام في جنيف يوم 25 يناير وتريد المعارضة اجراءات لحسن النوايا من بينها وقف إطلاق النار والإفراج عن محتجزين ورفع الحصار عن مناطق محاصرة قبل المفاوضات.
وقال جيش الإسلام إن "أفضل طريقة لإجبار النظام على القبول بالحل والالتزام به هو السماح للدول الشقيقة بتزويد الثوار بصواريخ مضادة للطائرات، ونحن مستعدون لتقديم كل الضمانات اللازمة والتعاون مع فريق دولي صديق للثورة لإنهاء المخاوف من إمكانية تسرب الصواريخ الى قوى تستخدمها بشكل غير قانوني.
ويرى محللون أنه بالرغم من قيام الولايات المتحدة والسعودية بتزويد المعارضة بالدعم العسكري لكنها تقاوم مطالب بالحصول على مثل هذه الصواريخ خشية أن ينتهي بها الأمر في أيدي جماعات جهادية مثل تنظيم داعش، في ظل توصيف النظام السوري لجيش الاسلام بأنه منظمة إرهابية مثل كل الجماعات التي تقاتل للإطاحة بالرئيس بشار الأسد الذي تلقى دعما حاسما من روسيا وإيران.
وأبلغت الحكومة السورية دي ميستورا انها مستعدة للمشاركة في المحادثات لكنها أكدت ضرورة الحصول على قائمة بأسماء شخصيات المعارضة التي ستشارك، وفي إشارة إلى تعقيدات محتملة أخرى أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم الحاجة لأن تحصل الحكومة على قائمة بالجماعات التي ستصنف على أنها إرهابية كجزء من عملية السلام.