تهديد القاعدة للسعودية.. تاريخ مواجهة المملكة للإرهاب
الإثنين 11/يناير/2016 - 03:05 م
طباعة

يعد تهديد تنظيم القاعدة للسعودية ليس جديدًا على المملكة في تاريخ مواجهتها للجماعات والتنظيمات الإرهابية، والتي استطاعت أن توجه إليهم ضربات قوية في القضاء على الإرهاب خلال السنوات الماضية.
الجزيرة تهدد السعودية

فقد توعد تنظيم القاعدة في بيان مشترك لفرعيه في شبه الجزيرة العربية والمغرب العربي "بالثأر" من السعودية لإعدامها أكثر من 40 جهاديًّا مرتبطين به مطلع الشهر الجاري، واصفًا العملية بـ"الخطوة الحمقاء".
وقال التنظيم في بيان مؤرخ الأحد تداولته منتديات إلكترونية جهادية: "قامت حكومة آل سعود بإعدام ثلة من العلماء وطلبة العلم والمجاهدين الذين تصدوا للحملة الصليبية المعاصرة، فجادوا بأرواحهم وأنفقوا أموالهم وقالوا كلمة الحق التي أخذ الله عليهم تبيانها للناس".
واعتبر فرعًا التنظيم عملية الإعدام "جريمة جديدة ارتكبها نظام آل سعود، يتجلى فيها طغيانهم وحربهم على الجهاد في سبيل الله، ويتضح فيها تسخيرهم للقضاء في تثبيت ملكهم وقمع من يعارضهم".
ورأى أن حكام المملكة "أقدموا على هذه الجريمة النكراء وهم يعلمون أن المجاهدين في شرق الأرض وغربها قد أخذوا الميثاق على أنفسهم بأن يثأروا لدماء إخوانهم الذكية، وقد حذر المجاهدون حكام الرياض قبل أن يقدموا على هذه الخطوة الحمقاء".
وتوجه إلى حكام المملكة بالقول: "فلينتظروا إذن اليوم الذي سيشفي به الله صدور أهالي الشهداء وإخوانهم ومحبيهم من الطاغي الكفور"، معتبرًا أن هؤلاء الحكام “أبوا إلا أن يقدموا دماء المجاهدين الصالحين قربانًا للصليبيين في عيدهم في بداية السنة الميلادية".
وفي تسجيل صوتي منسوب إليه، اعتبر إبراهيم بن حسن العسيري، أحد أبرز قياديي القاعدة في شبه الجزيرة والذي يعد بمثابة "مصمم القنابل" فيه، أن الذين نفذ حكم الإعدام بحقهم هم من "الأبطال الشهداء".
وأضاف: "ذنبهم الوحيد أنهم قارعوا الصليبيين في جزيرة (النبي) محمد صلى الله عليه وسلم في الوقت التي كانت الطائرات الأمريكية تنطلق منها لتقتل إخواننا المسلمين المستضعفين في أفغانستان والعراق عامي 2001 و2003".
وتوعد العسيري، وهو سعودي يرجح أنه موجود في اليمن، قائلا: "أما وقد سفكت الدماء فإن لنا مع آل سعود شأن آخر بإذن الله".
وتعهد القيادي الذي يعد من أبرز المطلوبين ومتهم بتصميم متفجرات لا يمكن كشفها، بالعمل على الإفراج عن "الأسرى في سجون آل سعود".
إعدام قيادات بالقاعدة

وأعلنت وزارة الداخلية السعودية في الثاني من يناير 2016، تنفيذ حكم الإعدام بحق 47 مدانًا "بالإرهاب"، بينهم أربعة شيعة أبرزهم الشيخ السعودي نمر النمر، فيما الباقون مرتبطون بالقاعدة، ومحكومون لتورطهم في عمليات تبناها التنظيم خلال العقد الأول من الألفية الثالثة.
ومن أبرز هؤلاء فارس آل شويل الذي قدمته وسائل إعلام سعودية على أنه من أبرز رجال الدين المرتبطين بالتنظيم وأبرز "منظريه" الشرعيين.
للمزيد عن فارس آل شويل اضغط هنا
وكل من: أمين محمد عبدالله آل عقالا - أنور عبدالرحمن خليل النجار - بدر بن محمد بن عبدالله البدر- بندر محمد بن عبدالرحمن الغيث - حسن هادي بن شجاع المصارير- سعودي الجنسية- حمد بن عبدالله بن إبراهيم الحميدي سعودي الجنسية-خالد محمد إبراهيم الجار الله- رضا عبدالرحمن خليل النجار- سعد سلامة حمير- صلاح بن سعيد بن عبدالرحيم النجار- صلاح بن عبدالرحمن بن محمد آل حسين- صالح بن عبدالرحمن بن إبراهيم الشمسان سعودي الجنسية-صالح بن علي بن صالح الجمعة- عادل بن سعد بن جزاء الضبيطي- عادل محمد سالم عبدالله يماني سعودي الجنسية- عبدالجبار بن حمود بن عبدالعزيز التويجري- عبدالرحمن دخيل فالح الفالح- عبدالله ساير معوض مسعد المحمدي- عبدالله بن سعد بن مزهر شريف- عبدالله صالح عبدالعزيز الأنصاري- عبدالله عبدالعزيز أحمد المقرن- عبدالله مسلم حميد الرهيف- عبدالله بن معلا بن عالي- عبدالعزيز رشيد بن حمدان الطويلعي- عبدالمحسن حمد بن عبدالله اليحيى- عصام خلف محمد المذرع- غازي محيسن راشد- فكري علي بن يحيى فقيه- فهد بن أحمد بن حنش آل زامل- فهد عبدالرحمن أحمد البريدي- فهد علي عايض آل جبران- ماجد إبراهيم علي المغينيم- ماجد معيض راشد- مشعل بن حمود بن جوير الفراج- محمد عبدالعزيز محمد المحارب، معيض مفرح علي آل شكر- ناصر علي عايض آل جبران- نايف سعد عبدالله البريدي- نجيب بن عبد العزيز بن عبد الله البهيجي- نمر سهاج زيد الكريزي وكلهم يحملون الجنسية السعودية، بالإضافة إلى كل من محمد فتحي عبدالعاطي السيد- مصري الجنسية، ومصطفى محمد الطاهر أبكر تشادي الجنسية.
ويعد تنظيم جزيرة العرب، أنه التنظيم الفرعي الأول الذي تفرع عن القاعدة، وأنه نشأ بأمر مباشر من قائدها أسامة بن لادن. وكانت ولادته على أيدي محاربين سابقين من السعوديين الأفغان، الذين لم ينقصهم التدريب ولا الأداء التنظيمي سواء في التجنيد أو في إدارة العمليات. كما انفرد التنظيم بآلية إعلامية مكنته من الانتشار في بيئة كانت جاهزة لإفراز متعاطفين ومن ثم أعضاء فاعلين معه. وربما كان للجانب التمويلي أهمية؛ حيث استفاد ذلك التنظيم من عمليات مشروعة وأخرى غير مشروعة لضخ التمويل اللازم لتنفيذ عملياته والإنفاق على حملاته. كذلك فإن قصر دورة نشاط التنظيم- نسبيًّا- حيث إن عمر عملياته لم يتجاوز من السنوات عدد أصابع اليد الواحدة، يعد خصيصة أخرى انفرد بها تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
للمزيد عن القاعدة في الجزيرة العربية اضغط هنا..
تاريخ الإرهاب في السعودية

وسبق لتنظيم القاعدة أن نفذ في الأعوام الماضية، تفجيرات وهجمات لإخراج سجناء مرتبطين به في دول عدة مثل اليمن والعراق وأفغانستان.
ويمكن أن نقول: إن الإرهاب في الإرهاب في السعودية، بدأ في تسعينيات القرن الماضي، فقد تم تنفيذ تفجيرات في العاصمة الرياض في عام 1995 وتفجيرًا آخر في مدينة الخبر عام 1996.
وفي 18 مارس 2003 عندما انفجرت في منزل بحي الجزيرة شرق الرياض عبوة ناسفة أعدها فهد الصاعدي لتبدأ بعدها حملة من الأعمال الإرهابية طالت مختلف مناطق المملكة.
وفي 12 مايو 2003، استهدفت 3 سيارات مفخخة 3 مجمعات سكنية يقطنها غربيون وعرب، في الرياض، قتل فيها 20 شخصًا و194 إصابة، وفي 3 يونيو 2003 توفي أمريكي أصيب بجروح خطيرة بالرصاص في قاعدة بحرية متأثراً بجروحه، والذي كان يعمل في قاعدة الملك عبدالعزيز في الجبيل المدينة الساحلية الصناعية.
وفي 8 نوفمبر 2003 تم تفجير مجمع المحيا السكني الذي يسكنه غالبية من المواطنين العرب والمسلمين، والذي توافق مع شهر رمضان الذي يعتبر حسب النصوص الإسلامية من الأشهر الحرم التي يحرم فيها سفك الدماء. كانت حصيلة هذا الهجوم 12 قتيل و122 جريحًا من الأبرياء.
وفي 21 أبريل 2004، استهدف انتحاريون مبنى الإدارة العامة للمرور في الرياض، بسيارة مفخخة، نتج عنها مقتل 4 من رجال الأمن، بالإضافة إلى مدني، وإصابة 148 شخصًا.
وبين العامين 2004 و2006 تعرضت السعودية لموجة من الهجمات الدامية شنها تنظيم القاعدة استهدفت مقرات أمنية ومنشآت حكومية وأماكن سكن خاصة بالأجانب أوقعت العديد من القتلى.
وتعد أبرز عمليات القاعدة هي المحاولة الفاشلة لاغتيال فاشلة لوزير الداخلية وولي العهد السعودي الحالي الأمير محمد بن نايف، في 2009 والتي كان وقتها مساعد وزير الداخلية السعودية؛ حيث نفذها عبد الله طالع العسيري الذي كان يشكّل الرقم 85 على قائمة المطلوبين أمنيا، واستخدم فيها تقنية الجوال في محاولة الاغتيال الفاشلة قبل أن يقتل.
ويبلغ عدد الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها السعودية حتى عام 2011م بحسب بعض التقارير حوالي 98 عملية إرهابية راح ضحيتها أكثر من 90 شخصاً من المدنيين إضافة إلى إصابة نحو 608 آخرين، فيما تكبدت الأجهزة الأمنية خسائر بشرية بين منسوبيها بلغت حوالي (65) وإصابة نحو (390) عسكرياً.
وفجر انتحاري يقود سيارة مفخخة نفسه في الرياض في 16 يوليو 2015 عند نقطة تفتيش على طريق مؤد إلى سجن الحائر الذي يخضع لحراسة مشددة ويعتقد أن إسلاميين متشددين مسجونون فيه.
للمزيد عن مواجهة السعودية للإرهاب اضغط هنا
المملكة تحارب القاعدة

أما عن الجهود المبذولة من جانب المملكة العربية السعودية لمكافحة الفكر التكفيري، ومن ثم القضاء على تنظيم القاعدة فيها، فقد لفتت اهتمام العديد من المراقبين المهتمين بشأن حصار الإرهاب والتصدي له إقليميًّا ودوليًّا؛ حيث تقوم هذه التجربة على محورين رئيسيين هما: لجان المناصحة، وحملة السكينة. وتستمد أهميتها من كون كل منهما آلية نوعية ومنظمة في حوار المتطرفين والإرهابيين، والذين يمثلهم في هذه الحالة أعضاء وعضوات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
فقد أدركت المملكة في وقت مبكر أهمية تثقيف المجتمع أمنياً وفكرياً تجاه الإرهاب، وقد قدمت برامج توعوية عبر وسائل الإعلام المختلفة وتدريس مادة مكافحة الإرهاب في بعض المناهج الدراسية في الجامعات والكليات للتبصير بهذه الآفة المقلقة ودعوة الجهات الحكومية الأخرى بمختلف مؤسساتها وأجهزتها التربوية والإعلامية للتعريف بالرسالة الأمنية، وإيضاح ما يمليه الواجب الوطني لكل مواطن ومقيم للإسهام بفاعلية في حفظ الأمن والنظام باعتبار الأمن الفكري هو مطلب وطني شامل والمسئولية عنه تضامنية لحماية المجتمع.
للمزيد عن دور مركز المناصحة في مواجهة الإرهاب اضغط هنا..
كما من أهم ما قامت به المملكة العربية السعودية من جهود في التصدي للإرهاب أن قامت بتحصين حدودها وإحكام الرقابة عليها لمنع التسلل والتهريب؛ حيث إن معظم الأسلحة والمتفجرات التي ضبطت بحوزة المجموعات الإرهابية دخلت إلى المملكة عن طريق التهريب من بعض الدول المجاورة.
كما نشرت وزارة الداخلية السعودية قوائم للمطلوبين أمنياً في قضايا إرهابية لتكثيف عمليات البحث عنهم وملاحقتهم مع إشراك المواطنين في محاربة الإرهاب الذي يهدد أرواحهم ومقدراتهم وأمنهم، عبر رصد مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات أو يبلغ عن أفراد الفئة الضالة أو يسهم في إحباط عمل إرهابي وذلك بالكشف عن الخلية أو المجموعة التي تخطط للقيام بعمل إرهابي، وملاحقة خلايا الإرهاب.
وفي مارس 2013 أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي عن وجود مباحثات مع وزارة العدل للنظر في إمكانية إعلان أسماء المتهمين بقضايا على علاقة بـ"القاعدة"، خصوصًا في فترة المحاكمة، في خطوة للحد مما يثار حول هذا الملف، أو ما يشاع من أن إيقاف هؤلاء ليس له علاقة بأنشطة الفئة الضالة، والقضاء على الشائعات التي تروجها مواقع التواصل الاجتماعي حول إجراءات إيقافهم.
وقال التركي: "إن من تم استيقافهم منذ بدء الحرب على "القاعدة" يبلغ عددهم 11 ألف موقوف فقط".
رؤية غربية
فيما أكد وليم مات الباحث في الشئون الأمنية أن الرياض تفرق بين الحرب على الإرهاب والمعركة مع القاعدة، مضيفًا أنه بالنسبة للاستراتيجية السعودية فإنه من الواضح تمامًا أنها تعتبر الصراع مع القاعدة وعلى الرغم من خطورته وشراسته جزءا من معركة أكثر شراسة وضراوة مع الإرهاب العالمي، سواء من الدول الممولة له مثل إيران التي تعد وفقًا لتصريحات المسئولين الأمريكيين دولة داعمة للإرهاب، أو كان نابعًا من تنظيمات متطرفة تستخدم العنف لترويع المدنيين أو كوسيلة لإجبار المجتمع على تبني ما تنادي به من أفكار، ومن ثم فإن الرياض لا تعتبر هزيمة أو تراجع القاعدة ونشاطها في المملكة يعني أن تتوقف عن مواصلة السلطات السعودية لحربها الداخلية والخارجية على الإرهاب.
وأفاد بأن العامل الرئيس في نجاح الجولات السعودية المختلفة ضد القاعدة، يعود في الأساس إلى القدرة على حشد مختلف طاقات وإمكانات المجتمع في المواجهة، وترافق الحشد مع درجة عالية للغاية من التنسيق بين مختلف المؤسسات السعودية، ومن ثم فإن المواجهة بين الرياض والقاعدة لم تقف عند حدود الجانب الأمني أو التوعوي للمواطنين أو القانوني لإغلاق الثغرات القانونية، أو حتى سعي الرياض لتنسيق علاقتها الخارجية مع حلفائها الإقليميين والدوليين في المعركة، وإنما صهر كل تلك العوامل وصبها في طاقة واحدة وجهتها إلى القاعدة.
وقال: إن المعركة مع القاعدة لم تنته، وإن تراجعت قدرة التنظيم على شن عمليات ضخمة في المملكة، سواء لما تلقاه من ضربات أمنية أضعفت كل إمكاناته بما في ذلك قدرته على تجنيد مزيد من العناصر الإرهابية بشكل ملموس، أو لظهور منافسين آخرين له في مجال التطرف يمثلون بديلا أكثر جاذبية للإرهابيين، لكن الاستراتيجية السعودية بحشد طاقات المجتمع في المواجهة تظل حجر الزاوية، سواء للانتصار على القاعدة أو على الإرهاب كمفهوم عالمي.
تهديد القاعدة.. المشهد السعوي
السعودية خلال العقدين الماضيين شهدت العديد من العمليات الإرهابية التي جعلت للأجهزة الأمنية خبرة قوية في التعامل مع التهديدات الإرهابية، التي قد تشهدها المملكة نتيجة للتهديدات من قبل تنظيم القاعدة، فتهديد التنظيمات الإرهابية لن يثني الأجهزة والدولة السعودية عن مواجهتهم كما في فعل في السنوات الماضية.