مع التدخل العسكري المرتقب.. هل تنجح حكومة "السراج" في "لم شمل" الليبيين؟

الأربعاء 13/يناير/2016 - 12:50 م
طباعة مع التدخل العسكري
 
في ظل حالة الارتباك التي تشهدها حكومة الوفاق الوطني في ليبيا، والتي تم التوافق عليها في 17 ديسمبر الماضي، برئاسة المبعوث الأممي مارتن كوبلر، باتت هناك توقعات بأن هذه الحكومة ستنتهي قبل البدء، وذلك مع العراقيل التي تقابلها، وبالأخص بعد فشل رئيسها فايز سراج في إعلان التشكيل النهائي لحكومته.
مع التدخل العسكري
وزير الخارجية الإيطالي باولو جينتيلوني، كشف عن انعقاد مؤتمر دولي ستحتضنه العاصمة الإيطالية روما في 19 يناير الجاري بحضور الدول والأطراف المشاركة في مؤتمر روما 1 الذي سبق التوقيع على الاتفاق السياسي الليبي بالصّخيرات بأيام.
وأوضح جينتيلوني، أن إقرار المؤتمر الجديد حول الأزمة الليبية جاء بعد اتصالات ومشاورات مع وزراء خارجية الجزائر، مصر، قطر وتركيا.
المبعوث الأممي لدي ليبيا، مارتن كوبلر، أعلن في وقت سابق عن عقد لقاء بين أطراف الصراع الليبي يومين قبل موعد انعقاد مؤتمر روما، بهدف إقناع الأطراف المعارضة للاتفاق بالتراجع عن مقاطعتها والتحاقها بقائمة الموقعين على الاتفاق السياسي والمشروع في تنفيذ البنود التي تضمنها وعدم إهدار المزيد من الوقت.
ويعارض الاتفاق رئيسا البرلمان الليبي عقيلة صالح، وكذلك المؤتمر الوطني المنتهية ولايته بقيادة نوري بوسهمين، والذي توليه جماعة الإخوان وميلشيات فجر ليبيا في العاصمة طرابلس.
وعلى الرغم أن الطرفين رافضين الوقيع، إلا أنهم غير متوافقين على التشكيل، ففي حين يُصر البرلمان الليبي على بقاء المؤسسة العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر، يرفض المؤتمر الوطني المحسوب على ميلشيات فجر ليبيا بقاء حفتر في الحكومة مطلقًا.
ويري متابعون أن الأمور تتأزم يوما يلو الأخر في ظل تعنت كل طرف على حساب مصلحة وأمن واستقرار البلاد، كذلك قد يؤدي ذلك إلي انقسام ليبيا إلي 4 أو 5 دويلات في كله دويلة حكومة مستقلة بنفسها.
هذا ويتوقع متابعون، أن الحكومة الأولي تتمثل في البرلمان الليبي المعترف به دوليا من قبل، إلي جانب حكومة المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، فضلا عن حكومة الميلشيات والتي قد تتشكل اعتراضا على الحكومات الموجودة، وكذلك حكومة مستقلة للقبائل الليبية، إلي جانب حكومة الوفاق التي لاقت دعم دولي وعربي منذ التوقيع على الاتفاق في ديسمبر الماضي.
ويري متابعون أن مؤتمر روما القادم، سيحدد مسار حوار الفرقاء، وقد يحسم المجتمع الدولي أمره في فرض تطبيق الاتفاق، موضحين أن المجتمعين في روما هذه المرة سوف يحددون أشكال الدعم لحكومة التوافق والمرجح أن تتضمن حزمة قرارات عبر إعلان خطوات فعلية للدعم المالي وإرسال مستشارين اقتصاديين، مستشارين أمنيين وعسكريين، إرسال طائرات هليكوبتر للمراقبة، إعلان قائمة الأفراد والمجموعات الرافضة للاتفاق.
مع التدخل العسكري
وكشف متابعون أن فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، بات على وشك الانتهاء من تشكيلة حكومته المتوقع الإفصاح عنها قبل موعد مؤتمر روما حول الأزمة الليبية، حيث يواصل السراج اجتماعاته مع أعضاء المجلس الرئاسي، وبعض الفرقاء الليبيين حول تشكيلة حكومته، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات في تونس.
في ذات السياق يسعي المجتمع الدولي إلي تطبيق الاتفاق بطريقة سلمية، في حين تتوارد الأنباء حول احتمالية التدخل العسكري في البلاد للحد من توسع التنظيم الإرهابي "داعش".
ويضغط المجتمع الدولي على مختلف الأطراف الليبية للتفاهم، خصوصا من أجل محاربة التنظيم الإرهابي الذي ‏استغل حالة الفوضى لتعزيز وجوده في ليبيا، وقد غرقت ليبيا في الفوضى بعد سقوط حكم معمر القذافي عام 2011 وتتصارع حكومتان تدعم كل منهما جماعات مسلحة ‏على السلطة.‏
العديد من الدول كانت أبدت تخوفها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها، ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدلًا من العراق وسوريا، وهو ما يحصل بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش، وفتحت هذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب آلاف المقاتلين من جنسيات مختلفة الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا.
في الوقت نفسه تم إعلام الجزائر بقرب التدخل وضرب أوكار داعش الإرهابي وطلب مساعدتها وتعاونها اللوجستي، وفي الوقت الذي بدأ الجنرال الإيطالي باولو سيرا يُلوح بـ"سيف مارماريداي" ضرب داعش ليبيا، أكدت مصادر إعلامية جزائرية أن باريس وواشنطن أبلغتا الجزائر أن عمليات عسكرية كبيرة ستشنها دول غربية في ليبيا، وطلبتا منها التعاون الأمني بما يُساعد على تدمير مواقع ومراكز تجمع تنظيم داعش في ليبيا.
وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا تستعد لشن هجوم على تنظيم داعش في ليبيا مطلع هذا العام، خاصة بعد أن كثف تنظيم داعش في ليبيا هجومه على مناطق نفطية في البلاد يطلق عليها اسم "الهلال النفطي" والتي تقع على امتداد الساحل الشمالي لليبيا.
مع التدخل العسكري
وقالت مصادر ليبية مُقربة من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي، إن اجتماع روما المُرتقب سيُخصص لبحث حجم وطبيعة ومدة التدخل العسكري الغربي في ليبيا.
ويري متابعون أن التدخل العسكري في ليبيا أصبح وشيكا وأن الأمر في طور مناقشة حجمه ومدته، وذهبت إلى حد القول إن الجنرال الإيطالي باولو سيرا الذي كلفته الأمم المتحدة بملف إرساء الأمن والاستقرار في ليبيا، تجاوز مرحلة التخطيط لهذا التدخل العسكري المُرتقب، إلى البدء في بحث الاسم الذي سيُطلق عليه.
وأشارت إلى أن هناك عدة أسماء مطروحة على طاولة النقاش، منها اسم سيف مارماريداي، وذلك في إشارة إلى التسمية التي كانت تُطلق سابقا على مناطق الشريط الساحلي الليبي المحاذي لمدينة سرت.
وبحسب المصادر الليبية، فإن التأكيد على الاستجابة بفعالية لمواجهة خطر تنظيم داعش، هو إشارة واضحة، إلى أن مسألة التدخل العسكري لم تعد تحتمل التأجيل.
يشار إلى أن تنظيم داعش الإرهابي يبسط نفوذه على عدد من مناطق الشرق والوسط وأقدم خلال الأيام الأخيرة على فتح جبهته الأولى شرقا في الهلال النفطي، والثانية غربا في زليتن ويهدف من وراء ذلك الى إرسال رسالة لخصومه بأنه يمتلك اليد الطولى ولديه من القدرات والإمكانيات بالضرب في أي مكان يختاره.
ويري متابعون أنه في حال التدخل العسكري مع تقدم داعش نحو الجنوب سوف يؤكد على أنه من الجانب الاستراتيجي والمصالح الغربية يكون من حيث الترتيب، كالتالي الجنوب أولا طرابلس ثانيا الهلال النفطي ثالثا، وأخيرا وعلى عكس ما يروج له فإن احتلال الهلال النفطي لا يعني شيئا للتنظيم الارهابي باعتبار عدم قدرته على تسويق النفط ثمّ لعدم وجود المشترين للنفط في ظلّ مراقبة دولية كبيرة قبالة السواحل الليبية.
ويرى مراقبون أن ضعف الدولة في ظل الفوضى التي تعيشها أسهم في ظهور مجموعات إرهابية صنعت من الساحل الأفريقي معقلًا منيعًا لها، في ظل إمكانية تمدّد داعش إلى القارة الأفريقية، وهو ما يمثل خطرًا على الأمن القومي لدول المنطقة.

شارك