"أبو البراء".. مفتي السلفية المُقاتلة بالجزائر
الأربعاء 17/يناير/2024 - 12:44 م
طباعة
حسام الحداد
لم يكن أحمد زرابيب، المُكنى بـ"أبو البراء أحمد"، من قيادات الصف الثاني أو الثالث في تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" بل تولى القيادي الشاب، فهو من مواليد 1963 وأشارت تقارير متخصصة إلى أنه عضو مؤسس للتنظيم الإرهابي الذي ولد من رحم تنظيم "القاعدة"، وأصبح رئيساً للهيئة القضائية والشرعية وعضو مجلس الأعيان في "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، ومن قبلها كان مسؤول اللجنة القضائية والشرعية في المنطقة الثانية التابعة للجماعة الإسلامية المسلحة، وهو الأمر الذي عزز من مكانته التنظيمية في الجماعة السلفية.
نشاط زرابيب الشرعي دفعه هو ونحو 18 قياديًا آخر، الانشقاق عن تنظيم "الجماعة الإسلامية"، وتشكيل النواة الأولى للتنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، لذلك أطلق عليه "مفتي الجماعة السلفية" ومنظرها الأول، فيما كان من بين القيادات المنشقة حسن حطاب الأمير والمؤسس الشرعي للسلفية، والأمير الثاني نبيل صحراوي، بعماري الصايفى "البارا"، ومختار بلمختار "الأعور".
وأدى نشاط زرابيب إلى بروز اسمه بشكل واضح في التنظيم، الأمر الذي جعله هدفاً رئيسًا لقوات الأمن، وهو الأمر الذي تحقق فعلياً في 17 يناير 2006.
نشأة زرابيب
وقد أشارت تقارير إلى أن أحمد زرابيب ولد في 1963، في مدينة بودواو الواقعة في ولاية بومرداس 40 كلم شرق العاصمة، وبعد انتهاء دراسته الثانوية اشتغل خطيباً في بعض مساجد بودواو، كما كان يلقي دروساً ومواعظ في مساجد أخرى، الأمر الذي أهله إلى تولي منصب مفتي "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، والمرجعية الشرعية لها.
وتعاطف زرابيب مع "الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية" جعله مادة مُؤهله إلى أن تكون متطرفة، فبعد أن كان يميل إلى الدروس والمواعظ الدينية السلمية حفزت فيه ميوله المتطرفة التي وجدت في تطور الأحداث التي وقعت في الجزائر تسعينيات القرن الماضي مبررًا لإظهار تلك الميول المتطرفة، فنخرط في "العمل السري"، وكان حينها تابعاً لإحدى خلايا "تنظيم الشيخ الملياني"، فعمل مدة على هذا النحو.
طالته حملة الاعتقالات بعد الإضراب الذي دعت إليه "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" في 1991، فاعتُقل أبو البراء أحمد، للمرة الأولى وأُخذ إلى السجن العسكري بـ "البليدة"، ودام هذا الاعتقال 50 يوماً، أخرج بعدها بسبب مرض وقع به وشُفي بعد الخروج بمدة وجيزة، ثم أُعيد اعتقاله مرة أخرى بشهور وأُخذ إلى ثكنة القوات البحرية، وكان يرافقه أحد العائدين من أفغانستان ومكثوا أياماً قلائل ثم أُطلق سراحهم.
وظلت وتيرة الأحداث على هذا النحو، اضطراب متواصل وحملة اعتقال مستمرة، فقرر حينها الدخول في مرحلة التخفي وعدم الظهور والعمل بسرية تامة.
وفي أحد الأيام - وأثناء مهمة تابعة للخلية والتنظيم - نزل أبو البراء أحمد في مأوى ما، فحوصر في آخر ذلك اليوم وأُخذ إلى التحقيق، ومنه إلى سجن البليدة العسكري هنالك وجد جُل الخلية قد قُبض عليها، فعرف حينها أن الأمر قد انكشف، فوجهت لهم عدة تهم، على رأسها؛ التخطيط لتشكيل تنظيم مسلح ومحاولة قلب النظام بالقوة والسلاح، وحكم عليه بسبب ذلك ثلاث سنوات سجنًا قضاها.
بعد خروجه من السجن سنة 1994 التحق أبو البراء أحمد مباشرة بخليته القديمة، التي بدأ معها التحضير والإعداد للعمل الجهادي، وكانت تابعة لـ "كتيبة الفتح"، الواقعة بولاية "بومرداس" وكانت تنشط هذه الكتيبة عبر ولايتين، جزء من ولاية العاصمة وولاية "بومرداس" كلها بالتقريب.
بعد التحاقه بمعاقل الجماعة الإسلامية المسلحة عُين مسؤول اللجنة القضائية واللجنة الشرعية للمنطقة الثانية تحت إمرة حسان حطاب إلى سنة 1998 إلا أن الانشقاق عن الجماعة الإسلامية حال دون استمراره فيها، وبرر وقتها انشقاقه بأنه يعود إلى انحراف "الجماعة الإسلامية" وخروجها عن المنهج، ليُشكل بعدها "الجماعة السلفية للدعوة والقتال".
في 23 أبريل 1999 عُين أبو البراء أحمد رئيساً للهيئة القضائية والشرعية للجماعة السلفية للدعوة والقتال خلفاً لِعبد المجيد ديشو المدعو (أبو مصعب عبدالمجيد) الذي عُين اميراً على للجماعة السلفية للدعوة والقتال، وبقي أبو البراء في منصبه على رأس الهيئة القضائية والشرعية للتنظيم إلى أن قُتل في 2006 حيث خلفه المدعو (أبي الحسن رشيد البُليدي).
ووفق ميثاق الجماعة السلفية للدعوة والقتال، فإن مهام وصلاحيات أبو البراء أحمد في التنظيم هي:
1 - يتم تعيينه من طرف أمير الجماعة السّلفيّة، ولا يتم عزله إلا بالرجوع إلى مجلس الأعيان.
2 - يكون مستقلا في مباشرة مهامه.
3 - إذا رفعت إليه مظلمة ضد أمير الجماعة السّلفيّة فله مراجعتها مع مجلس الأعيان لرد المظلمة لصاحبها، وإذا لم يمكن ذلك إلا بإحضاره للقضاء أحضر من طرف مجلس الأعيان والقاضي.
4 - يستدعي القاضي المتخاصمين بالاستعانة بأمير الجماعة السّلفيّة.
5 - له حق عزل قضاة المناطق، أمّا تعيينهم فيتم من طرف أمراء المناطق.
مقتل زرابيب
وهناك اختلاف في الروايات حول تاريخ مقتل زرابيب، فقد قالت تقارير إنه قتل في 17 يناير 2007، وقالت أخرى إنه قتل في 28 يناير، وبرر خبراء في الحركات الاصولية ذلك التداخل بأن عملية قتله جاءت في 17 يناير 2007 بينما أعلنت الدولة مقتله رسمياً في 28 يناير 2007، وهو اليوم ذاته الذي اعترفت فيه "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" مقتل أحمد زرابيب.
وقُتل أبو البراء أحمد، تمت وكان برفقته أربعة مسلحين آخرين، اثنان منهم أصيبا بجروح إثر اشتباك مسلح لحظة وقوع المسلحين في كمين للجيش الجزائري في الجبال المتاخمة لمدينة توجة ببجاية (280 كلم شرق العاصمة).
في 28 يناير 2006 أصدرت اللجنة الإعلامية للجماعة السلفية للدعوة والقتال بيانا نعت فيه قاضيها الشرعي، وجاء البيان تحت اسم "نجم انطفأ بعد أن أضاء في سماء الجهاد بالجزائر"، وتضمن "لقد كان الشيخ (أحمد زرابيب) أبو براء، علما بارزا من أعلام الدعوة والجهاد على أرض الجزائر، عُرف عنه حبه للعلم والعمل به، وقتل القاضي الشرعي، جاء بعد رحلة طويلة مليئة بالتضحية والبذل" بحسب بيان المنظمة الإرهابية.
واختتمت اللجنة الإعلامية بيانها بتعزية الأمة الإسلامية بفقدان ما سموه "الشيخ المجاهد" و"العالم العامل" في زمن أصبح الناس فيه أحوج ما يكون إلى العلماء المجاهدين، وذلك بحسب تعبير البيان.
خطة قنص زرابيب
ونقلت تقارير عن مصادر أمنية أن أحمد زرابيب (أحمد أبو البراء) قتل بعد وقوعه في كمين لقوات الأمن، وذكرت صحيفة "الخبر" الجزائرية أن الوحدة العسكرية نفذت الكمين قبل أربعة أيام وأن أربعة أشخاص كانوا برفقة أبو البراء.
وأسفر الكمين عن مقتل أبو البراء وإصابة اثنين من أتباعه. وقد أصيب الضابط الشرعي إثر إطلاق النار المكثف عليه أثناء الكمين ولفظ أنفاسه على الفور.