حكومة الوفاق الليبية.. عبء جديد على البلاد يساعد في تقسيمها

الثلاثاء 26/يناير/2016 - 01:12 م
طباعة حكومة الوفاق الليبية..
 
تتوالى العراقيل التي تقف أمام حكومة الوفاق الوطني الموقع عليها في 17 ديسمبر الماضي، وتم تشكيلها في 19 يناير الجاري 2016 برئاسة فايز السراج؛ حيث رفض البرلمان الليبي المعترف به دوليًا، أمس الاثنين، منح الثقة لهذه الحكومة.
حكومة الوفاق الليبية..
وكان مجلس رئاسي منبثق عن اتفاق الأمم المتحدة أعلن في تونس الأسبوع الماضي تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة فايز السراج، تضمنت 32 حقيبة وزارية ووزع الوزراء على المناطق الليبية المختلفة.
وينص اتفاق الأمم المتحدة على تشكيل حكومة وحدة وطنية توحد السلطتين المتنازعتين على الحكم منذ منتصف العام 2014، على أن تقود مرحلة انتقالية تمتد لعامين وتنتهي بانتخابات تشريعية.
وتدعم الأمم المتحدة هذه حكومة الوفاق لحل الأزمة السياسية في البلاد وإنهاء الصراع المسلح.
وتوقع العديد من المراقبين هذا الرفض، مشيرين إلى أن ليبيا سوف تدخل مرحلة تقسيم عاجلًا أم آجلًا، في ظل امتناع البرلمانين عن الموافقة على حكومة الوفاق الوطني.
وصوت أمس 89 نائبًا من إجمالي 104 نواب حضروا الجلسة، لدعم حكومة السراج، ولكن يبدو أن الأمور زادت تعقيدًا في ظل الرفض القاطع من جانب البرلمان المعترف به دوليًا وكذلك الحكومة الموازية المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في طرابلس، ما يؤشر على أن البلاد ستدخل مرحلة حرجة في الأيام المقبلة، قد تؤدي إلى انقسام ليبيا إلى أكثر من 4 أو 5 حكومات.
وبحسب نواب في البرلمان، فإن هذه الحكومة تحتاج إلى أصوات ثلثي أعضاء البرلمان، أي 119 نائبًا، حتى تنال الثقة.
وقال مشرعون في مجلس النواب: إن الحكومة المقترحة التي تضم 32 عضوًا رُفِضَت؛ لأنها تضم عددًا من الحقائب الوزارية أكثر من اللازم، وقرر مجلس النواب الليبي منح عشرة أيام للمجلس الرئاسي "لإعادة تشكيل" الحكومة.
وتغوص ليبيا منذ سقوط معمر القذافي في 2011، في فوضى عارمة؛ حيث استغلت الجماعات الإرهابية هذه الحالة للتوغل إلى البلاد وتنامت في مناطقها، واستغل ذلك تنظيم داعش الإرهابي الذي اتخذ من مدينة سرت مقرًا له في البلاد.
فيما تسعى الدول الغربية إلى وجود حلول لوقف تنامي هذه الجماعات المسلحة، عن طريق التدخل عسكريًا، وكانت أعلنت بريطانيا وفرنسا عن مساعيهما للتدخل عسكريًا ومحاربة تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا.
حكومة الوفاق الليبية..
وقال النائب محمد العباني- وهو عضو في برلمان طبرق-: "إن الحكومة المقترحة لا تمثل مصالح الشعب الليبي لكنها تشكلت بناء على مطالب زعماء فصائل مسلحة".
وقال برلماني آخر هو عمر تنتوش: "إن التصويت برفض الحكومة سببه أنها لا تلائم التحديات الحالية"، موضحًا أنه رفض الحكومة لأنها لا تلبي متطلبات المرحلة الحالية، ولم تراعِ المعايير في اختيار الوزراء، وكذلك في توسع الحكومة في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
وفي اقتراع ثان وافق برلمان طبرق بأغلبية 97 صوتًا على اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة ينص على خطة للتحول السياسي في ليبيا يعمل المجلس الرئاسي بمقتضاها، لكن النواب رفضوا بندا يقضي بنقل سلطة التعيينات العسكرية إلى الحكومة الجديدة.
في سياق متصل رحب مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر بتأييد الاتفاق السياسي من حيث المبدأ، وأحيط علمًا بالاعتراض على البند الخاص بالوظائف العليا العسكرية والأمنية، وقال في بيان له: "سنواصل المشاورات مع كل الأطراف لإيجاد حل توافقي لجميع القضايا العالقة".
وقال النائب صالح فحيمة: "إن المجلس قبل الاتفاق السياسي، ولكنه رفض التشكيلة الحكومية بهذا الشكل، وطالب حكومة الوفاق تشكيل حكومة لا تتعدى حقائبها 17 وزارة وتقدميها في مدة لا تتجاوز الأسبوعين"، مشيرًا إلى أن التصويت على الاتفاق السياسي والحكومة كان بــ 89 نائبًا من أصل 104 حضروا جلسة اليوم.
من جانبه قال النائب علي القايدي: "صوتنا لصالح رفض إعطاء الثقة للحكومة، ونطالب بتقديم حكومة جديدة".
فيما قال النائب الصالحين عبد النبي تعليقًا على نتيجة التصويت: "رفضنا حكومة السراج لأنها تضم 32 وزارة، ونطالب السراج بحكومة مصغرة لا تضم هذا العدد الهائل من الوزارات".
وجدد قائد الجيش الليبي الفريق خليفة حفتر، تأكيده على رفض المادة الثامنة من الاتفاق السياسي، المتعلقة بتسليح الجيش، مطالبًا بضرورة حصول ليبيا على السلاح.
حكومة الوفاق الليبية..
ويعتبر حفتر أكثر الشخصيات التي يتنازع عليها الأطراف الرافضة للتوقيع السياسي، فالبرلمان المعترف به دوليًّا يتمسك ببقاء حفتر ضمن التشكيل الجديد، بينما يرفض ذلك المؤتمر المنتهية ولايته الإخواني.
ويرى محللون أن ما يشاع عن تحديات الملف الأمني واستعادة الدولة لا يزال بعيدًا عن السراج ورفاقه في الحكومة فهو لا يزال يتعين عليه إقناع مجلس النواب بالدرجة الأولى بمصير بقاء حفتر من عدمه على رأس المؤسسة العسكرية.
ويرون أن عملية مصالحة يجب أن يضطلع بها السراج بين نواب مجلس النواب ونواب آخرين لا يزالون مقاطعين، وعلى صلة وثيقة بالمؤتمر منتهي الولاية وميليشيات قوية بمصراتة مصرة على موقفها الرافض للاتفاق السياسي ومخرجاته؛ بسبب وجود الفريق حفتر على رأس المؤسسة العسكرية.
ويتوقع المحللون أن التحدي الرئيسي أمام إقرار حكومة السراج يتمثل في إيجاد صيغة توافقية بين المطالبين ببقاء الفريق حفتر ورافضيه، فحتى القائمة الوزارية التي راعت التوزيعة الجغرافية لن تحشد الدعم الكافي لإقرار الحكومة، فالمسألة الخلافية تتعلق برأس المؤسسة العسكرية.
وتدخل ليبيا في مرحلة تقسيم حتمية خلال الفترة المقبلة، فبعد حكومتين وبرلمانين واحدة في طبرق وأخري طرابلس، ستكون حكومة الوفاق عبء جديد علي البلاد لتصبح 4 حكومات، اثنتين في طبرق ومثلهما في طرابلس، لتدخل البلاد مرحلة أصعب مما كانت عليه؛ ما قد يؤدي إلى تحولها لمعقل إرهابي فقط.

شارك