الوفاق الوطني.. بين مخاطر الفشل وتنامي الجماعات المسلحة في ليبيا

الأربعاء 27/يناير/2016 - 12:59 م
طباعة الوفاق الوطني.. بين
 
ما زالت المخاطر تواجه الاتفاق السياسي الليبي، الذي تم توقيعه في 17 ديسمبر الماضي، في مدينة الصخيرات المغربية؛ حيث يرفض العديد من الأطراف الليبية الحكومة المشكلة من 32 وزيرًا برئاسة فايز السراج، وأعطي البرلمان الليبي المعترف به دوليًا مُهلة 10 أيام لحكومة الوفاق لإعادة التشكيل بحكومة مصغرة شريطة الموافقة عليها.
الوفاق الوطني.. بين
ويعود الاتفاق الذي ترعاه الأمم المتحدة بقيادة مارتن كوبلر، إلى مربع الصفر مجددًا، بعد معاناة شهدتها ليبيا على مدار الأعوام السابقة وحالة الفوضى التي تغوص فيها منذ سقوط معمر القذافي في 2011، وواجه الاتفاق الليبي معارضة رئيسي مجلس النواب والمؤتمر الوطني، وعدد من النواب، وكان التوافق بينهما على أولوية ملتقى تونس، فخلال اجتماعهما في مالطا، أعلنا عن تبني مخرجات "إعلان المبادئ" أساساً لتشكيل حكومة وفاق وطني، وتكوين لجان مشتركة لمناقشة أوجه الخلاف بين الجانبين، فضلاً عن مطالبتهما بتأجيل طرح أسماء مرشحي الحكومة، حتى حصولها على توافق من الأطراف الليبية.
ويعمل رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج على تقديم تشكيلة حكومية جديدة تأخذ بالاعتبار طلب البرلمان الليبي تقليص عدد الوزارات.
في موازاة ذلك، يواصل البرلمان الذي يعقد جلساته في مدينة طبرق في شرق ليبيا مناقشة اتفاق السلام الذي ترعاه الأمم المتحدة في أعقاب التصويت لصالح رفض مادة فيه تتعلق بشغور المناصب العسكرية.
وقال مستشار رئيس الحكومة فتحي بن عيسى: "إن السراج سيلتزم بمهلة الـ10 أيام التي حددها البرلمان في جلسته أول الاثنين بعد أن رفض منح الثقة للحكومة بتشكيلتها الحالية التي تتضمن 32 وزيرًا".
وكان البرلمان المعترف به دوليا التشكيلة الحكومية التي أعلن عنها الأسبوع الماضي برئاسة السراج وشملت 32 حقيبة وزارية، إذ صوت 89 نائبا من بين 104 حضروا الجلسة ضد منح الثقة لهذه الحكومة.
ويجب أن يصوت البرلمان المعترف به في طبرق لصالح اعتماد الاتفاق السياسي بكامله حتى تصبح مواده التي تمنح الشرعية لعمل لحكومة الوفاق الوطني، نافذة دستوريًّا.
ورفض البرلمان، المادة التي تنص على شغور المناصب الأمنية والعسكرية القيادية بمجرد حصول حكومة الوفاق على الثقة، ما يعني احتمال خسارة حفتر الذي يحظى بدعم عدد كبير من النواب، منصبه، ومن شأن هذه المادة أن تهدد موقع قائد القوات الموالية لهذا البرلمان الفريق أول ركن خليفة حفتر.
وعلل نواب شاركوا في الجلسة رفض البرلمان للحكومة بالعدد الكبير من الحقائب الوزارية التي تضمها، مطالبين بتقديم تشكيلة حكومية أقل عددًا، وأمهلوا السراج فترة عشرة أيام لتشكيل الحكومة الجديدة. 
وأعلن البرلمان على موقعه على الإنترنت أن الجلسة ستناقش الاتفاق السياسي ومسألة تعديل الإعلان الدستوري الصادر عام 2011 في حال اعتماد الاتفاق بشكل نهائي.
الوفاق الوطني.. بين
ويشمل جدول أعمال الجلسة أيضًا بحث عمل لجنة الحوار المكلفة بتمثيل البرلمان في المفاوضات مع بعثة الأمم المتحدة، ومسألة عودة مجموعة من النواب المقاطعين لحضور جلسات البرلمان.
ووقع أعضاء من البرلمانين اتفاقًا بإشراف الأمم المتحدة في منتصف ديسمبر الماضي على تشكيل حكومة وفاق وطني بهدف توحيد البلاد وإخراجها من الفوضى الغارقة فيها منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، وتشكل بموجب الاتفاق مجلس رئاسي عمل على تشكيل الحكومة برئاسة فايز السراج لتقود البلاد في إطار مرحلة انتقالية، تمتد لعامين وتنتهي بانتخابات تشريعية، لكن الحكومة فشلت في نيل ثقة مجلس النواب.
ويحظى الاتفاق بدعم المجتمع الدولي، لكنه يلقى معارضة رئيسي البرلمان في طبرق والبرلمان الموازي في طرابلس، كما أن قائد القوات الموالية للبرلمان المعترف به الفريق أول خليفة حفتر، يرفض المادة الثامنة في الاتفاق ويطالب بإدخال بعض التعديلات.
وتشهد ليبيا منذ عام ونصف العام نزاعًا مسلحًا على الحكم بين سلطتين، حكومة وبرلمان يعترف بهما المجتمع الدولي في شرق البلاد، وحكومة وبرلمان موازيان يديران العاصمة طرابلس بمساندة تحالف جماعات مسلحة "فجر ليبيا" ولا يحظيان باعتراف المجتمع الدولي.
وقال المبعوث الأممي مارتن كوبلر: "إن المشاورات ستكون مع كل الأطراف؛ من أجل التوصل إلى حل توافقي بشأن كل المسائل العالقة".
الوفاق الوطني.. بين
وفي موازاة ذلك، يدرس الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي المنتهية ولايته والموالي لميليشيات فجر ليبيا، نوري أبو سهمين، وخليفة الغويل الذي يترأس حكومة الإنقاذ في العاصمة طرابلس.
وذكرت مصادر دبلوماسية أن أبو سهمين والغويل، رئيس الحكومة المنبثقة عن المؤتمر، قد يواجهان، في مطلع الشهر المقبل، حظر سفر وتجميد أصولهما؛ لعرقلتهما جهود الأمم المتحدة لتشكيل حكومة الوحدة.
ووفق ذات المصادر فإنه يجري أيضًا بحث أسماء أخرى لفرض عقوبات عليها بشأن عرقلة جهود فايز السراج تشكيل حكومة وفاق وطني، وفق اتفاق وقعه فرقاء من ليبيا بإشراف الأمم المتحدة في منتصف ديسمبر.
يأتي ذلك بينما يتصاعد نفوذ الجماعات المسلحة على الأراضي الليبية، ومحاولة توحيدها للسيطرة على النفط الليبي، في وقت يتصاعد التهديد الجهادي المتمثل بتنظيم داعش الذي يسيطر على مدينة سرت شرق طرابلس، ويحاول التمدد نحو المناطق القريبة منها والغنية بآبار النفط وموانئ تصديره. 
ويكمن الخطر في نحو خمسة تجمعات كبرى شبه عسكرية وتتميز بالدعم المالي والتسليح الجيد، مع وجود أجهزة لدى كلها منها مماثلة للأجهزة الأمنية والاستخباراتية المعروفة في مختلف الدول، وساعد على تنامي المشكلة أمراء حرب وكتائب وميليشيات ظهرت في أعقاب سقوط القذافي.
وتساعد عرقلة الحكومة على تنامي وتوغل الجماعات المسلحة في البلاد، مستغلين حالة الارتباك التي تشهدها ليبيا في ظل تباطؤ الحكومات الحالية في التوقيع على الاتفاق السياسي والتصدي لاستقرار البلاد.
وتدفع الدول الكبرى وعلى رأسها الدول الأوروبية التي لا تبعد سوى بضع مئات من الكيلومترات عن الساحل الليبي- نحو تسريع بدء عمل حكومة الوفاق بغية دفعها للتصدي لخطر تنامي الإرهاب.

شارك