مع الانقسامات الداخلية.. هل ينجح السراج في تشكيل الحكومة الليبية من المغرب؟

الإثنين 01/فبراير/2016 - 11:45 ص
طباعة مع الانقسامات الداخلية..
 
مازالت العراقيل تقف أمام حكومة الوفاق الوطني الليبية، برئاسة فايز السراج، وبالأخص عقب المُهلة التي أعطاها له البرلمان الليبي المعترف به دوليًا، بتشكيل حكومة مصغرة في غضون 10 أيام، وذلك بعدما شكل السراج في 19 يناير الماضي حكومة من 32 وزيرًا.
مع الانقسامات الداخلية..
ويواجه السراج صعوبة في إنهاء أزمة المؤسسة العسكرية والمرتبطة بمصير خليفة حفتر، باعتبار أن الاتفاق السياسي، ينص على شغور المناصب العسكرية العليا على أن يتولى المجلس الرئاسي صلاحياتها لحين اختيار قيادة جديدة للجيش، وهو ما ساهم في تعميق الأزمة.
ويرفض البرلمان الليبي، المادة الثامنة من الاتفاق السياسي الذى وقع في مدينة الصخيرات المغربية 17 ديسمبر 2015، والتي قد تطيح بالقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر منصبه، باعتبار أن صلاحية تعيين المناصب العليا في الدولة الليبية ستعود وفق هذه المادة إلى المجلس الرئاسي.
من جانبه أفاد المكتب الإعلامي للسراج في بيان نشره على صفحته على موقع فيسبوك، أمس الأحد 31 يناير 2016، بأن رئيس الحكومة المكلف التقى السبت في مدينة المرج في شرق ليبيا الفريق أول ركن خليفة حفتر حيث تمت مناقشة العديد من القضايا، موضحًا أن القضايا التي تمت مناقشتها شملت مسألة إيجاد حل عملي للحرب الدائرة في بنغازي بشرق طرابلس منذ سنة ونصف السنة وتخوضها قوات حفتر في مواجهة مجموعات مسلحة بينها جماعات متشددة ومتطرفة.
وأضاف البيان أن هذه الزيارة المفاجئة تأتي ضمن سلسلة زيارات يستمع فيها السراج لرؤى ومخاوف وهواجس كافة الأطراف المؤثرة في الأزمة الليبية.
وأحدث هذا اللقاء انقساما بين أعضاء المجلس الرئاسي، حيث رفض ممثلو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته والذي يسعي لإقصاء حفتر عبر تفعيل المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات، هذه الزيارة.
وتعليقا على لقاء السراج وحفتر، أكد نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق، أن السراج تصرف بشكل منفرد ولم يطلع المجلس على خطته زيارة حفتر، قائلا: "كنا على تواصل مع السراج، رئيس المجلس الرئاسي، ولساعة متأخرة من الليل، ولم يخبرنا أو يطلعنا على نيته القيام بتلك الزيارة".
ورأى أن الزيارة التي قام بها تعبر عنه شخصيا، ولا تعكس رأي، ولا توجه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، خصوصا وأن مثل هذه الزيارات يجدر بها أن تناقش مسبقا بالمجلس الرئاسي في إطار زيارة جميع أطراف النزاع في ليبيا ضمن خطوات التوافق.
في موازاة ذلك، كتب رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر في تغريدة على موقع تويتر، تعليقا على لقاء السراج وحفتر: أن نتكلم ونتحاور في ما بيننا، لا يعد أبدا انتهاكا للاتفاق السياسي الليبي، لا بل بالعكس، عبر الحوار فقط نستطيع المضي قدما.
وفي سياق متصل، وصل القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، الخميس الماضي، إلى القاهرة، في زيارة مفاجئة، خاصة وأنه لم يتم الإعلان عنها بشكل رسمي.
وتزامن وصول حفتر إلى مصر، مع مغادرة فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، مطار القاهرة، متوجها إلى تونس، لإعادة النظر في تشكيلة حكومة الوفاق بعد أن رفض مجلس النواب المصادقة عليها.
مع الانقسامات الداخلية..
وقالت مصادر مطلعة إن القائد العام للجيش الليبي سيلتقي، خلال زيارته، مع كبار المسؤولين لبحث آخر التطورات على الساحة الليبية، ودعم علاقات التعاون بين مصر وليبيا خاصة في مجال مواجهة التنظيمات الإرهابية، ومنع محاولات التهريب والتسلل عبر الحدود المصرية الليبية، إلى جانب الاستفادة من الخبرات والإمكانيات المصرية.
وفي ظل مساعيه الفترة الجارية، قالت مصادر ليبية إن السراج الذي لم يعد أمامه سوى ثلاثة أيام للإعلان عن تشكيلة حكومته المُصغرة، قرر نقل اجتماعات المجلس الرئاسي من فندق "ريزيدنس" بتونس العاصمة، إلى أحد الفنادق في مدينة الصخيرات المغربية، مشيرًا إلى أن عددا من أعضاء المجلس الرئاسي الليبي، غادروا تونس المقر المؤقت للمجلس الرئاسي، إلى المغرب استعدادا للمشاركة في المشاورات المُرتقب أن تبدأ الثلاثاء في الصخيرات حول تشكيل الحكومة الليبية.
ووصف هذا القرار بـ"المفاجئ"، حيث عزا البعض أسبابه لدواع أمنية مُرتبطة بتواتر أنباء حول تهديدات جدية تُلاحق السراج وفريقه، فيما قلل مراقبون من أهمية تلك التهديدات، وأرجعوا ذلك إلى حجم الضغوط المتنوعة التي يتعرض لها المجلس الرئاسي، ومُخرجات الملف الأمني والعسكري التي تصطدم باعتراضات طالت اللجنة الأمنية ومصير الجنرال خليفة حفتر.
نايف الحاسي، الخبير الأمني الليبي، يري أن قرار نقل المشاورات من تونس إلى الصخيرات لأسباب لها صلة بتزايد الضغوط التي يتعرض لها السراج من أطراف ليبية تسعى إلى انتزاع مناصب وزارية تحت مسميات متعددة".
وقال إن الهدف الأساسي لهذا القرار هو توفير المناخ المناسب لاستكمال المشاورات حول اختيار أعضاء حكومة الوفاق الوطني بعيدا عن الضغوط مهما كان مأتاها".
وتقول مصادر ليبية إن السراج يتجه نحو تشكيل حكومة مُصغرة تتألف من نحو عشر حقائب وزارية فقط، ولكنه يواجه ضغوطا من داخل المجلس الرئاسي لتوسيع هذه الحكومة لتكون في حدود 17 حقيبة وزارية.
وفي الوقت الذي يتعرقل الحل السياسي، تستغل الجماعات المسلحة ذلك لتتنامي في المزيد من الأراضي الليبية، حتي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا ليس فقط على أمن واستقرار ليبيا وإنما على الأمن القومي لدول الجوار، حيث طالب سياسيون بدعم قوات الجيش وصدّ محاولات إقصاء قائدها خليفة حفتر من المشهد الليبي.
مع الانقسامات الداخلية..
ويتوقع متابعون فشل الاتفاق السياسي الذي تم توقيعه في ظل هذه الانقسامات حول السلطة التشريعية وصلاحيات المجلس الرئاسي الذي يعاني هو بدوره من خلافات بين أعضائه التسعة حول قائمة وزراء حكومة الوفاق.
وعلي الصعيد الميداني تتواصل الاشتباكات بين قوات الجيش الليبي وميليشيات ما يُسمى مجلس شورى أجدابيا المنضوي تحت لواء أنصار الشريعة، فقد شنت قوات الجيش المتمركزة جنوب المدينة بمنطقة القنان، هجوما على الميليشيات المتشددة وتمكنت من دحرها والسيطرة على حوالي 80 بالمئة من المدينة التي تعد معقلا للتنظيمات الجهادية، وعلى رأسها تنظيم داعش.
ويحاول تنظيم داعش منذ فترة السيطرة على مدينة أجدابيا نظرا إلى موقعها الاستراتيجي وباعتبارها مصدرا لإمدادات الأسلحة إلى مقاتلي التنظيم ببنغازي ودرنة إلى جانب الإمدادات التي تصلهم عبر المنافذ البحرية غير المراقبة.
وقد حذّر خبراء أمنيون من استغلال الميليشيات والتنظيمات الجهادية للمنافذ البحرية من أجل نقل الأسلحة، مؤكدين أن أغلب إمدادات الأسلحة التي تصل إلى الجماعات المتطرفة يتم نقلها عن طريق البحر نظرا إلى غياب الرقابة عن السواحل.
 وكان أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الولايات المتحدة مستعدة لملاحقة مقاتلي تنظيم داعش حيثما وجدوا وصولا إلى ليبيا إذا لزم الأمر، وترأس أوباما اجتماعا لمجلس الأمن القومي خصص لبحث الوضع في ليبيا الغارقة في الفوضى والتي تخشى بعض الدول الغربية من أن تتحول إلى أرض خصبة لتفريخ الجهاديين.
وقال البيت الأبيض في ختام الاجتماع إن الرئيس أوباما شدد على أن الولايات المتحدة ستواصل مهاجمة متآمري تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابيين أينما وُجدوا".
ويسعى التنظيم الإرهابي للتقدم من مدينة سرت  التي يسيطر عليها بالكامل، شرقا باتجاه المناطق المحيطة بها، واستغل داعش الفوضى التي تعم البلاد جراء هذا النزاع ليتمركز في ليبيا، وقد تبنى اعتداءات دامية عدة خلال الأشهر الأخيرة في العاصمة طرابلس وبنغازي ودرنة.
وتدخل ليبيا في نفق مظلم ما لم يتم التوافق السياسي، وتشكيل حكومة وفاق وطني، وفي حال استمرار أجواء التعنت بين طرفي النزاع، سيؤدي ذلك إلي حرب أهلية في البلاد، بعد أن فشلت كافة محاولات الحل السياسي.

شارك