مع تعنت الأطراف.. حكومة الوفاق الليبية تحت "مطرقة" الإخوان

الأربعاء 03/فبراير/2016 - 12:55 م
طباعة مع تعنت الأطراف..
 
على الرغم من إعادة تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، إلا أن مساعيه ستظل مهددة بالفشل، بالأخص مع تعنت الأطراف الليبية في التوقيع على الاتفاق السياسي الذي جري في 17 ديسمبر الماضي، وقرر المؤتمر الوطني الليبي المنتهية ولايته والمحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، إقالة بعض أعضائه الذين شاركوا في توقيع الاتفاق السياسي الذي جرى في مدينة الصخيرات المغربية قبل نحو شهرين.
مع تعنت الأطراف..
ويبدو من المشهد العام أن الأجواء تشهد تعقيدات قد تؤدي إلى فشل المحاولات في تشكيل حكومة الوفاق الوطني، وكان البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا والمقيم في طبرق، قد طالب من رئيس الحكومة التوافقية فايز سراج، بأن يشكل حكومة مصغرة بدلا من التي تشكلت وضمت 32 وزيرًا، في غضون 10 أيام؛ حيث يكثف السراج مساعيه لإنهاء التشكيل من حوالي 17 وزيرًا، وفق متابعين.
 وقال عوض عبد الصادق نائب رئيس المؤتمر الوطني: "تم إقالة الأعضاء الذين شاركوا في توقيع اتفاق الصخيرات". معتبرًا أن هذا الاتفاق باطل ولم يشارك فيه المؤتمر.
 وأكدت وسائل إعلام محلية، إقالة 10 من أعضاء المؤتمر يتقدمهم صالح المخزوم رئيس فريق الحوار بالمؤتمر.
ويرفض المؤتمر الوطني حتى الآن توقيع الاتفاق السياسي وحكومة السراج المنبثقة عنه، ويقول المؤتمر: "إن الاتفاق السياسي يجب أن يكون نتيجة لمخرجات حوار ليبي- ليبي وليس مفروضًا من الخارج". على حد وصفه.
كذلك يرفض المؤتمر الوطني، استمرار المؤسسة العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر، والذي يتمسك به البرلمان الليبي شريطة التوقيع على الاتفاق، ما قد يؤدي إلى الانقسام الحتمي في البلاد، واستمرار الوضع السابق كما هو ما بين حكومتين وبرلمانين وجيشين.
وعلى خلفية لقائه اللواء خليفة حفتر، أكد السراج في تصريحات صحفية أمس الثلاثاء، أنه لم يخرق أي بند في الاتفاق السياسي، خلافًا لما أشيع، قائلًا، إن تحركاته تقوم على الاتصال المباشر بكافة الأطراف المعنية بالأزمة الليبية داخليًّا وخارجيًّا"، معتبرًا أن التوافق مسار يتطلب "إنكار الذات" من قبل جميع الأطراف، وبذل الجهد الكثير في سبيل تحقيقه.
وأضاف السراج، أن إيقاف الحرب يتطلب الجلوس مع المتحاربين للتفرغ كليبيين لمحاربة الإرهاب العابر للحدود، على حد تعبيره، معلنًا استعداده للقاء كل الشخصيات الليبية التي من شأنها أن تساعد في الأزمة التي تمر بها البلاد.
ووفق محللين، فإن الأمر أصبح في غاية التعقيد، مع استمرار الأزمات التي تشهدها البلاد، وانتهاز الجماعات المسلحة لهذه الفرصة وتناميهم في المناطق الليبية، موضحين أن الوضع يسوء يوما بعد الآخر وغير مؤشر على أي نجاح.
مع تعنت الأطراف..
ويرى آخرون أن ليبيا ستدخل مرحلة تقسيم فعليًا ما لم يتوافق الأطراف المتناحرون على حكومة موحدة، وذلك سيؤدي إلى تحول ليبيا إلى دويلات بين حكومة معترف بها دوليًّا في طبرق وأخرى تابعة للإخوان والميليشيات المسلحة في طرابلس وكذلك حكومة الوفاق الجديدة، فضلًا عن حكومة الميليشيات المتفرقة في كل مكان على الأراضي الليبية.
من جانب آخر يشهد الشارع الليبي حالة من الترقب مع توارد أنباء قرب التدخل العسكري لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي، الذي ينتشر في مناطق مختلفة من البلاد.
ويرى العديد من السياسيين أن التدخل الغربي الهدف منه ليس القضاء على داعش، بل إضعافه فقط، وسيصب في مصلحة الإسلام السياسي ممثلًا بجماعة الإخوان، التي يوظفها الغرب في رسم ملامح استراتيجيته في ليبيا.
ويرى آخرون أن التدخل الأجنبي سيتم لأجل تمكين الميليشيات الموالية له، وسوف ينتصر للإخوان فحكومة مارتن كوبلر والمسماة حكومة التوافق ثلثاها من الإخوان المسلمين، موضحين أن حلف الناتو الذي تدخل في ليبيا سنة 2011 ودون مسوغ قانوني بما في ذلك قرار مجلس الأمن 1973 والذي نص على حظر جوي لحماية المدنيين ولم ينص على استخدام القوة طبقا لأحكام المواد41-42 من الفصل السابع للميثاق جاء من أجل القضاء على نظام سياسي وكانت القوة المتحالفة مع غارات الناتو هي فصائل الإسلام السياسي والمتضمن لتنظيم الإخوان المسلمين.
 ويرى الصحفي التونسي المتخصص في الشأن الليبي باسل الترجمان أن أية ضربة عسكرية على طرابلس ستكون ارتداداتها الإنسانية وانتكاستها على تونس، مضيفًا أن الأمر جد معقد وسيفتح أزمة حقيقية على المستويين الاجتماعي والأمني، هناك 50 ألف تونسي يعملون بالمنطقة الغربية سيعودون إلى تونس، وهناك حوالي خمسة آلاف تسللوا إلى ليبيا وتونس لا تملك معلومات واضحة حول هؤلاء.
 ويتوقع محللون أن هناك جدية في تنفيذ ضربات جوية فقط دون تسليح الجيش الوطني الليبي، أن الغرب يرغب في إضعاف تنظيم داعش ولكنه لا يريد القضاء عليه نهائيًّا.
 وعن إمكان حكومة السراج في لعب دور مع المجتمع الغربي في القضاء على داعش قال محللون: "إن حكومة السراج حبيسه بين أصحاب الاتفاق، طرف يمثل الإسلاميين وينبذ التطرف والعنف إعلامياً، ولكن يدعمه فعلياً في السر وهو أيضًا ضد الجيش الوطني الليبي.
 فيما قال مصدر ليبي: "إن اللواء خليفة حفتر أصبح رقمًا في ليبيا، ويجب إيجاد آلية لخروجه، وإن كانت الأطراف الليبية مختلفة حوله فإن فايز السراج يملك تصورات محتملة فيما يتعلق بالجيش الليبي".
في ذات السياق انتهى اجتماع روما لدول التحالف ضد داعش، أمس الثلاثاء 2 فبراير، بنفي كل من وزيري خارجية بريطانيا وفرنسا أي نية للتدخل العسكري في ليبيا، فيما حذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مما بات يشكله داعش من تهديد كبير لليبيا، ومن مساعيه المستمرة للسيطرة على منابع النفط، أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فنفى نية بلاده التدخل العسكري.
مع تعنت الأطراف..
وقال وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني: "إن النقطة الأساسية تَكمن في إيجاد عمليةٍ سياسيةٍ في ليبيا، وحكومةِ الوفاق الوطني التي نرجو أن تحظى بموافقة البرلمان خلال الأيام أو الأسابيع القادمة لتَلقى من إيطاليا والعديدِ من دولِ التحاف كلَّ المساعدةِ والعون". 
وجدد جينتيلوني، استعداد بلاده للاستماع إلى مطالب الحكومة الجديدة في إشارة إلى حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج، لكنه شدد على ضرورة أن تأخذ العملية السياسية مجراها في ليبيا، وفق وكالة أكي الإيطالية.
وأضاف رئيس الدبلوماسية الإيطالية أن النقطة المفصلية هي أننا بحاجة إلى العملية السياسية، والحكومة يجب أن تنال موافقة البرلمان الليبي. ونحن نعمل من أجل ذلك.
ونوه إلى أن إيطاليا والعديد من البلدان الأخرى، على استعداد لتلبية مطالب حكومة الوفاق الوطني بقيادة رئيس الوزراء المكلف فائز السراج.
وقد دعا المؤتمر إلى سرعةِ تشكيل حكومةِ الوفاق الوطني الليبية، كأساسِ لدعم الشعب الليبي على طريق الاستقرار، وتعاونِ المجتمعِ الدولي معها في إحلال الأمن، والتغلب على عصاباتِ داعش.
في هذا السياق، يشهد المعبر التونسي فرار العشرات من الليبيين في أعقاب حظر السلطات الليبية الأنشطة التجارية والتزود بالسلع والبنزين على التجار القادمين من تونس لمدة 15 يوماً في ظل تناقص المحروقات في مدن غرب ليبيا.
من جانبه حث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون البرلمان الليبي على اعتماد التشكيل الجديد لحكومة الوفاق الوطني، حتى تتمكن ليبيا من مواصلة تحولها الديمقراطي.
وأكد الأمين العام خلال لقائه النائب الثاني للبرلمان "احميد حومة" على هامش مشاركتهما في قمة الاتحاد الإفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا التزام الأمم المتحدة بتوفير المساعدة الإنسانية ليبياً بحسب ما نشر مركز أنباء الأمم المتحدة على موقعه الإلكتروني الاثنين.
وقد بحث الطرفان الوضع الأمني والتطورات السياسية الأخيرة في ليبيا، كما ناقشا أيضاً الانتشار المقلق للأنشطة الإرهابية في البلاد، واتفقا على دعم الليبيين للتصدي لهذا التهديد.
وفي سياق متصل قال الناطق باسم البرلمان الليبي: "إن البرلمان سيعقد جلسة الاثنين المقبل بمقره في مدينة طبرق، لحسم مصير حكومة الوفاق الوطني".
وتسوء الأوضاع يومًا بعد الآخر، برفض طرفي النزاع الحكومة الجديدة، ويحاول كل طرف أن يفرض توجهاته على حساب ومصلحة البلاد، وذلك قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في الشارع الليبي.

شارك