الأزمة السورية تتفاقم والأطراف المعنية تتخاذل
الخميس 04/فبراير/2016 - 09:51 م
طباعة
يومًا بعد يوم تكشف ما تمسي نفسها بـ"المعارضة السوري" بأنها لا تعبر عن آمال وطموحات الشعب السوري، وأنها تعارض من أجل المعارضة فقط دون أن تتخذ مزيدًا من الخطوات التي يمكن بموجبها رفع الأعباء عن الشعب السوري واللاجئين والنازحين الذين يتسولون هنا وهناك فرصة العيش بأمان وسط قرارات غربية صادمة قادمة من الدنمارك والسويد وترحيب حذر ألماني!
مختلف أطياف المعارضة السورية سواء المحسوبة على ايران او السعودية لا تمثل إلا نفسها، ويكفى الاطلاع على عدد من الصفحات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي لأعضاء هذه الائتلافات والحركات ليتأكد المرء بذلك، فكل المتابعين يتهمون هذه الأشخاص بالبحث عن مصالح شخصية ولا يشعرون بمعاناة السوريين، فهذا تيار يدافع عن المصالح الإيرانية في الأزمة السورية، وهذا تيار يواصل دفاعه عن المصالح السعودية، وسط ضغوط روسية على عناصر أخرى يقابلها ضغوط أمريكية، ويدفع المواطن السوري الثمن!
لا أجد سببا يبرر التأخر في وضع حلول للأزمة السورية، هناك خلافات على بقاء أو رحيل الأسد، وهناك خلافات على المرحلة الانتقالية للتعامل مع الحكومة السورية، ولكن كيف يهدر الوقت يوما بعد يوم وتتفاقم الأزمة داخل سوريا، ماذا ينتظر هؤلاء وصور السوريين المحاصرين في قراهم تنقلها عدسات المصورين؟، ماذا ينتظر هؤلاء ولقطات عطش السوريين تتناقلها وكالات الأنباء؟
الأردن تشكو من تدفق مزيد من اللاجئين السوريين، ولبنان يشكو قلة الحيلة في التعامل مع الأزمة السورية، وهناك تقارير حقوقية تحذر من الاستغلال الجنسي للسيدات والفتيات السوريين نتيجة عدم توفر أوراق رسمية تسمح لهم بالبقاء الشرعي في لبنان وهو ما يستغله صغار النفوس في إجبارهم على الامتهان في الدعارة أو التحرش الجنسي بهم، عملًا بعدم شكوى هؤلاء لمنع ترحيلهم، ناهيك عن الاعتداءات التي بدأت تخرج من السويد والدنمارك بترحيل اللاجئين بل والحصول على المقتنيات الشخصية الخاصة بهم، وجدل ألماني داخلي بين إطلاق النار على من يريد العبور إلى المانيا من الدول المجاورة وبين محاولات احتواء اللاجئين مع وضع سقف عددي لاستقبالهم، ومع ذلك يبدو أن المعارضة السورية لا تسمع لكل هذه الأزمات وتكتفي فقط بالبحث عن تحقيق أجندتها الخاصة وإلا مقاطعة المباحثات الأممية في جينيف التي توقفت حتى 25 فبراير الجاري بسبب الخلافات العميقة التي تمنع استكمال هذه المباحثات.
أضف إلى ذلك الخلاف المحتدم بين روسيا وتركيا واشتداد التوتر بينهم على خلفية مزاعم انتهاك طائرات روسية للمجال الجوي التركي، يقابله اتهامات روسية بإعداد أنقرة للتدخل البري في سوريا، بعد أن أصبحت الأراضي السورية مرتعا للتدخل الغربي، تارة من طائرات التحالف الدولي المزعوم لمكافحة داعش بقيادة الولايات المتحدة، وغارات روسية لمواجهة المعارضة والجماعات الإرهابية، وغارات فرنسية وبريطانية على استحياء تحت مبرر اقتلاع جذور الإرهاب، وتحركات تركية لتحقيق مصالحها ومساعدة جماعات المعارضة المسلحة، ومع كل هذا يدفع السوريون في الداخل والخارج الثمن.
أعتقد أنه لو كانت المعارضة جادة في حل الأزمة لكانت تعلقت بأي آمال لحل الأزمة ومساعدة السوريين أولا قبل تبني مصالح الآخرين، والعمل على تخفيف معاناة ملايين السوريين المحاصرين فى الداخل واللاجئين فى الخارج، فالأزمة السورية ليست تورتة ليتقاسمها البعض هنا وهناك، بل هناك أزمة حقيقية سيحاسب التاريخ كل من تورط فيها بداية من رأس النظام مرورًا بالقوى الغربية التي استغلت الوضع الحالي لتحقيق مصالحها، وساهم تلكؤ المعارضة عن حل الأزمة السورية فى سقوط آلاف القتلى والمصابين السوريين ونزوح وفرار الملايين بالخارج ولا عزاء للإنسانية والوطنية!