التبو والطوارق.. هل ينتهي صراع القبيلتين في ليبيا بتدخل "الحساونة"؟

الأربعاء 10/فبراير/2016 - 12:51 م
طباعة التبو والطوارق..
 
بعد مرور أكثر من عام على الاشتباكات الدامية التي اندلعت في 2014 بين قبيلتي، "التبو والطوارق"، في بلدة أوباري، بمدينة سبها في الجنوب الليبي، بدأت قوات عسكرية محايدة، من قبيلة الحساونة "العربية"، الليبية أمس الثلاثاء 9 فبراير 2016، في الانتشار بمدينة أوباري؛ حيث استلمت بعض المواقع من مسلحي القبيلتين، وستكمل انتشار قواتها على باقي المواقع، اليوم الأربعاء.
التبو والطوارق..
وقال مصدر مقرب من القبلتين وأضاف المصدر: "إن مسلحي القبيلتين المتنازعتين، سينسحبون من كافة المواقع، تنفيذًا للاتفاق الموقع بينهما في العاصمة القطرية الدوحة".
وفي نوفمبر الماضي، نجحت قطر في وأد الصراع بين القبيلتين بتوقيع اتفاقية تصالح بينهما في العاصمة القطرية الدوحة.
والتزم الطرفان في الاتفاق الجديد بوقف كامل لإطلاق النار، وإنهاء المظاهر المسلحة في مدينة أوباري، وكذلك شمل الاتفاق عودة النازحين والمهجرين إلى بيوتهم، وفتح الطريق العام المؤدي إلى المدينة.
وشهدت الدوحة، يوم 23 نوفمبر 2015، توقيع اتفاق سلام تاريخي بين قبيلتي التبو والطوارق الليبيتين، لتنتهي بذلك الحرب الدامية بينهما والتي استمرت لعامين.
والتقى ممثلون عن القبيلتين لأول مرة منذ عامين، في الدوحة وأجريا مباحثات مباشرة حول آلية إيقاف إطلاق النار والحرب، وتوقيع ميثاق صلح فيما بينهما.
وكان مبدأ إنشاء القوة المحايدة، قد أُقر من أجل إنهاء اشتباكات دامية استمرت أكثر من عام، وهو الاتفاق الذي تم خرقه، بعد مرور 24 ساعة فقط على توقيعه.
وتدور اشتباكات متقطعة بين قبائل "التبو" و"الطوارق"، منذ الـ17 من سبتمبر عام 2014، سقط خلالها أكثر من 300 شخص، و2000 مصاب، لدى الطرفين، ببلدتي أوباري، ومرزق المجاورة، وذلك رغم الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان في الـ22 من الشهر نفسه.
وأشار شاهد عيان، إلى أن القوة العسكرية، بدأت في الانتشار وسط المدينة، وأمام مبنى التعليم والمجمع الإداري الذي كان يسيطر عليه مسلحون قبليون سابقًا.
وفي السياق ذاته، دعت قبائل الطوارق في بيان لها، جميع سكان أوباري، للالتفاف حول الاتفاق، والصبر على نتائجه، والابتعاد عن تصديق الشائعات والأقاويل وأصحاب الأجندات، وكل المتربصين بالسلام المنشود في البلدة.
وكانت قوات عسكرية من قبيلة الحساونة، بدأت السبت الماضي، دخول مدينة أوباري، عبر طريقي أوباري– سبها، والصحراوي.
التبو والطوارق..
وتعود جذور المشكلة بين الطرفين، إلى مشاجرة بين أفراد أمن من قبائل الطوراق، ومواطن من الطرف الآخر في ذلك اليوم، ازدادت حدته لتصل إلى اشتباكات مسلحة بعد قيام مسلحين ينتمون للتبو، بالهجوم على مركز الأمن الوطني مركز شرطة تسيطر عليه جماعة مسلحة تابعة للطوارق.
والطوارق، أو أمازيغ الصحراء، هم قبائل من الرحّل والمستقرين يعيشون في صحراء الجزائر، ومالي، والنيجر وليبيا وبوركينا فاسو، وهم مسلمون سنة، ولا توجد أرقام رسمية حول تعداد الطوارق في ليبيا، إلا أن بعض الجهات تقدر عددهم ما بين 28 و30 ألفًا، من أصل تعداد ليبيا البالغ حوالي 6.5 ملايين نسمة.
أما قبائل التبو "غير عربية" فهم مجموعة من القبائل البدوية تسكن جنوبي ليبيا، وشمالي النيجر، وشمالي تشاد، وقد اختلف المؤرخون في تحديد أصولهم، فقال بعضهم إنهم يرجعون في أصولهم التاريخية إلى قبائل "التمحو" الليبية القديمة، وذهب آخرون إلى أنهم قبائل "الجرمنت"، وهي قبائل كانت تسكن جنوبي ليبيا، بينما يقول فريق ثالث إنهم من قبائل ليبية قديمة كانت تسمى "التيبوس" وتسكن شمالي البلاد.
وأجبرت تلك المعارك، معظم السكان على النزوح؛ حيث وصل عدد النازحين من المنطقة إلى ألفي عائلة، موزعين بين مدن غات، ومرزق، وسبها، والشاطئ جنوب، وفق ما صرح بهن أمود العربي، مدير الهلال الأحمر الليبي، فرع أوباري، والذي قال: "إن هذه العائلات تعيش أوضاعاً إنسانية سيئة للغاية".
وذكرت المفوضية السامية لشئون اللاجئين، في تقرير لها أصدرته مطلع نوفمبر الماضي، أن لجان الأزمات المحلية في الجنوب الغربي لليبيا، أكدت فرار نحو 11,280 شخصاً من الاقتتال في أوباري، أغلبهم من النساء، والأطفال، وكبار السن.
التبو والطوارق..
وتسببت تلك الاشتباكات في إلحاق أضرار في عدد من منازل المواطنين، والمرافق العامة التي توقفت عن العمل؛ ما أدى إلى شلل تام للحياة في المدينة.
وتسببت الاشتباكات، وفق حسن، بتوقف حركة الأسواق، ما دفع أصحاب المحال إلى غلق أبوابها، بعد أن ضاق بهم الحال من استمرار هذه الحرب.
ويرى مراقبون أن الانقسام الذي تشهده ليبيا الآن، ما بين حكومتين: واحدة في طبرق وأخرى في طرابلس ترتب عليه فراغ أمني وسياسي في الجنوب؛ الأمر الذي أسهم في ظهور عصابات إجرامية، وبروز الصراعات القبلية على الساحة.
وتتصارع على السلطة في ليبيا أكثر من حكومة، واحدة معترف بها دوليا وأخرى منتهية، وثالثة في الوفاق الوطني التي انبثقت وفق الحل السياسي، وكل منها تحكم في المدن المعترِفة بها، ما خلق انقساماً تنفيذياً إدارياً في الدولة.
وكان رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، أعرب عن استنكاره بتدخل دولة قطر في الشأن الداخلي لليبيا بعد توقيع الهدنة في الدوحة بين قبائل التبو والطوارق بوقف إطلاق النار في الجنوب الليبي.
وينقسم المشهد العسكري والاجتماعي في أوباري بين قبائل التبو المؤيدة لمجلس النواب المعترف به دوليًا في طبرق، وقبائل الطوارق المؤيدة للمؤتمر الوطني العام في طرابلس، المحسوب على جماعة الإخوان.
ويشهد الجنوب الليبي بين الحين والآخر اشتباكات قبلية، لا سيما أن المنطقة تضم قبائل عربية وغير عربية كالطوارق وأمازيغ الصحراء، بالإضافة إلى التبو الذين يعيشون في جنوب شرق ليبيا وشمال النيجر وشمال تشاد.
وتعيش ليبيا حالة من التوتر والانقسام منذ الإطاحة بمعمر القذافي في 2011؛ حيث تسللت الجماعات المسلحة إلى الأراضي، مستغلة حالة الفوضى التي تعيشها البلاد.

شارك