بعد قطيعة خمس سنوات.. عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان في مؤتمر "السلامُ عليكم"

الثلاثاء 15/مارس/2016 - 12:26 م
طباعة بعد قطيعة خمس سنوات..
 
استهل فضيلة الإمام الأكبر أ.د / أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف رئيس مجلس حكماء المسلمين، زيارته إلى ألمانيا بزيارة مقر الأسقفية الكاثوليكية بالعاصمة برلين، وذلك بدعوة من أسقف الكنيسة الكاثوليكية؛ حيث كان في استقبال فضيلته الأسقف هانس يوخن ياشكه، رئيس لجنة حوار الأديان، وممثل الفاتيكان بألمانيا عميد السلك الدبلوماسي الأجنبي في برلين، وقادة الكنائس الإنجيلية والأرثوذكسية واليونانية فضلًا عن رئيس مركز الحوار الإسلامي المسيحي، والأنبا دميان مطران الكنيسة القبطية في ألمانيا .
وفي بداية اللقاء، أعرب الأسقف هانس يوخن ياشكه، رئيس لجنة حوار الأديان بالكنيسة الكاثوليكية، عن بالغ سعادته لتلبية فضيلة الإمام الأكبر دعوة الكنيسة الكاثوليكية، مؤكدًا أهمية البعد الديني في حياة الشعوب .
 وأضاف ياشكه أن زيارة فضيلة الامام إلى الكنيسة هي زيارة تاريخية تؤكد على دعم فضيلته للحوار الإسلامي المسيحي لما يحقق صالح الإنسانية جمعاء.
وفي كلمته، خلال اللقاء، أكد فضيلة الإمام الأكبر أن السلام والرحمة مبادئ دينية لا غنى عنها لاستقرار الإنسانية، موضحًا أن القضية الأهم في حياته هي نشر ثقافة السلام في كافة ربوع العالم، فنحن جميعًا شركاء في الإنسانية ومن حق كل البشر أن ينعموا بالسلام، وعلينا بذل كل الجهود؛ من أجل نشر هذه الثقافة بين الناس . 
وأضاف فضيلته: أن الأديان السماوية الثلاثة ترجع في أصلها إلى مصدر واحد، وأن الله سبحانه وتعالي لم يرسل الأديان إلا ليؤمِّن للبشرية السعادة في الدنيا والأخرة، مذكرا بمبادرة "بيت العائلة المصرية" ونجاحها في الحفاظ على النسيج الوطني المصري والتماسك بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين.
 وتابع فضيلته: "لقد جئت أحمل في قلبي كثيرا من الأمل أن نكون صانعي سلام للعالم الذي ضل السلام، ولإنقاذ البشرية مما يتربص بها الآن". موضحا أنه سيصدر عنه قريبًا كتاب بعنوان "البحث عن السلام".
 وفي ختام كلمته، توجه فضيلة الإمام الأكبر بالشكر إلى قادة الكنائس المسيحية على هذا اللقاء، مجددًا حرص فضيلته على دفع الحوار الديني إلى الأمام، مشيرًا إلى أنه ينوي لقاء قداسة بابا الفاتيكان في المستقبل القريب.
وتأتي الزيارة للمشاركة في "مؤتمر الأديان العالمي" والذي سيقام تحت عنوان "السلام عليكم"، وتعد المشاركة للإعلان رسميًّا عن عودة الحوار مرة أخرى بين الأزهر والفاتيكان بعد قطيعة امتدت لخمس سنوات، قطعها الإمام الأكبر الحالي الدكتور أحمد الطيب، بعد تصريحات البابا السابق بنديكت السادس عشر، حول حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية؛ حيث كانت العلاقات متوترة قبلها في عهد شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي، بسبب تصريحات صادرة أيضًا من البابا السابق ضد الإسلام. وكان الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، قال: "إن الأزهر أعلن رأيه مرارًا وتكرارًا أنه ليس لديه مشكلة مع جهة أو مؤسسة بما في ذلك الفاتيكان، وأنا استقبلت وفودهم أكثر من مرة بمشيخة الأزهر، وقلت لهم ليس لدينا مانع من استئناف الحوار ولكن نتفق في الأول على ماذا نتحاور وإلى ماذا نود أن نصل؟ الحوار مقبول ونرحب به ونسعى إليه مع الفاتيكان وغيره، ولكن يجب أن نقف على أرضية ننطلق منها لتوحيد المواقف". وأضاف: "أعتقد أن البابا فرانسيس مواقفه أفضل بكثير من البابا السابق وهو ما يشجع على عودة الحوار وليس لدينا مانع أو شروط، ولكن يجب الإعداد الجيد بحيث نصل إلى نتائج، غير مجرد لقاءات بروتوكولية، ونتمنى أن يكون اللقاء يخرج بإعلان مواقف محددة من القضايا التي تهم الناس كلها مثل القضية الفلسطينية والعنف والإرهاب، وأتوقع أن لقاء شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان سيترتب عليه تشكيل لجان للعمل على هذه الموضوعات والوصول إلى نتائج تقر بعد ذلك، ولا أعتقد أن اللقاء كافٍ لحسم الكثير من القضايا العالقة، لكنه جيد إذا تم التوصل إلى الرؤى العامة يبنى عليها بعد ذلك. وخلال زيارة شيخ الأزهر إلى ألمانيا سيقوم بزيارة القاعة الرئيسية في البوندستاج الألماني "البرلمان"، وسيلتقى عددًا من النواب وممثلين عن الطوائف الدينية وبعض العلماء، وسيدور الحوار حول الإسلام والسلام، كما سيلتقي عمدة المدينة. واتفق الأزهر الشريف والفاتيكان، على أهمية عقد لقاء مشترك بينهما، للترتيب لعودة الحوار المتوقف بين الجانبين، المجمد منذ سنوات؛ حيث أكد الدكتور عباس شومان أن "الأزهر يمد يديه دائمًا لكل ما يخدم الإنسانية وليس المسلمين فقط، فرسالته العالمية تنشد تحقيق الاستقرار للبشرية جميعا". وأضاف أن الطرفين بينهما اتفاقية منذ عام 1989، "جاءت في ظروف مختلفة عما يمر به العالم اليوم، لذلك يجب أن نعيد النظر فيها وتعديلها بما يتناسب مع المستجدات الحالية، حتى يتم الخروج برسالة قوية للعالم تسهم في مواجهة الإرهاب والتطرف وتحقيق السلام والاستقرار". وأشار شومان إلى أن "العالم أجمع ينتظر أن يلتقى شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان؛ من أجل إرسال رسالة سلام للعالم تغلق الباب أمام دعاة العنف والإرهاب والتطرف". وكان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، قرر يوم 20 يناير 2011، تجميد الحوار مع الفاتيكان، إلى "أجل غير مسمى"؛ بسبب تصريحات للأخير، حول حماية المسيحيين في مصر، على خلفية تفجير كنيسة القديسين.

شارك