تفجيرات الجزائر.. رسائل "القاعدة" لدول المغرب العربي والعواصم الأجنبية

السبت 19/مارس/2016 - 01:46 م
طباعة تفجيرات الجزائر..
 
فيما يبدو أن العمليات الإرهابية باتت تفرض نفسها على دول المغرب العربي، فبعدما شهدت مدينة بن قردان التونسية تفجيرًا انتحاريًّا الأسبوع الماضي، هاجم أيضًا مسلحون مساء أمس الجمعة 18 مارس 2016، حقلًا للغاز تستثمره شركات أجنبية بالقرب من منطقة عين صالح في جنوب الجزائر.
تفجيرات الجزائر..
ويأتي هذا الهجوم بعد ثلاث سنوات على العملية التي استهدفت مجمع آن أميناس للغاز في جنوب الجزائر، ففي 16 يناير 2013 احتجزت مجموعة من 32 إسلاميًّا أتوا من مالي مئات الموظفين في مجمع تقنتورين 40 كلم عن آن أميناس، وشنت القوات المسلحة هجومًا بعد ثلاثة أيام وكانت الحصيلة الاجمالية 40 قتيلًا من عشر جنسيات من بين الموظفين، بالإضافة إلى 29 من المهاجمين.
وتبنت آنذاك جماعة قريبة من تنظيم القاعدة وتحمل اسم "الموقعون بالدم" الهجوم، مؤكدة أنها قامت به ردًّا على التدخل الفرنسي في مالي، ومنذ ذلك الحين كلفت السلطات الجزائرية عناصر أمن حماية المواقع الاقتصادية التي يديرها أجانب.
كذلك يأتي ذلك في ظل الأزمة التي تشهدها ليبيا، من حيث فشل الحل السياسي ومحاربة الجيش الليبي للجماعات الإرهابية وبالأخص التنظيم الإرهابي "داعش"، الذي بات يتوغل ويتنامى داخل المدن الليبية، في حين يتسلل بعض عناصره إلى دول الجوار الليبي.
أحد شهود العيان يقول عن تفجير الجزائر: "إن مجموعة إرهابية هاجمت بالصاروخ قاعدة "الخريشبة" النفطية التي تستثمرها بشكل مشترك مجموعات سوناتراك الجزائرية وبريتش بتروليوم البريطانية وشتات- اويل النروجية، مؤكدًا أن الموقع المستهدف يتضمن مقرين للإقامة ومركزًا للإنتاج".
وأكدت مصادر أمنية أن قوات الجيش المكلفة بحراسة المكان تصدت للمجموعة، عبر إطلاق النار، بعد سقوط قذائف بالقرب من مركز المراقبة التابع للقاعدة، وتتم حاليا عملية مطاردة للعناصر التي لاذت بالفرار إثر نشوب الاشتباكات.
من جانبه أعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، اليوم السبت 19 مارس 2016، مسئوليته عن الهجوم على محطة غاز في الجزائر تديرها شركتا "شتات أويل" النرويجية وبريتيش بيتروليوم البريطانية بقذائف صاروخية.
وقال التنظيم في بيان على الإنترنت، موجهة خطابها للحكومة الجزائرية ولشركات النفط الغربية "بددت هذه العملية مزاعمكم بالقضاء على'الإرهاب!!' كما يحلو لكم وصفه، فإن صدّقكم أسيادكم الغربيون بالسيطرة على الوضع في المرات الفائتة فما هو مبرركم معهم بعد هذه العملية؟".
في الوقت نفسه أرسلت السلطات الجزائرية تعزيزات عسكرية وأمنية مهمة للمنطقة وهي "تقوم بعملية تمشيط وملاحقة لمنفذي الاعتداء".
تفجيرات الجزائر..
ووفق متابعين فإن قاعدة "الخريبشة" النفطية تُعد من أهم قواعد الغاز في الجنوب الجزائري وتمتلك احتياطي كبير؛ ما يجعلها ركيزة أساسية لمداخيل البلاد من عائدات النفط والغاز.
وتخضع البنية التحتية للطاقة في الجزائر لحماية مشددة من الجيش ولا سيما منذ هجوم نفذه إسلاميون متطرفون عام 2013 في محطة آن أميناس للغاز التي تديرها أيضًا بي.بي وشتات أويل والذي قتل فيه 40 عاملًا.
وقالت شركة شتات أويل النرويجية في بيان لها عقب الحادث: إن المنشأة أصابتها ذخيرة متفجرة من مسافة بعيدة، وإنه لا وجود لخسائر بشرية أو مادية كبيرة.
وفي حين أفادت "سوناطراك" الجزائرية أن إنتاج البلاد من الغاز لم يتأثر بالهجوم الذي شنه المتطرفون على محطة غاز قرب عين صلاح في جنوب الجزائر.
من جهتها، قالت مجموعة بريتش بتروليوم في بيان إنها ابلغت بهجوم بقذائف صاروخية لم يسفر عن سقوط ضحايا، مضيفة أن الأولوية هي ضمان أمن موظفينا، نحن على اتصال مع شركائنا ونسعى إلى ضمان أمن الموجودين في الموقع، مشيرة إلى تعليق العمل فيه في إجراء وقائي.
وتعتبر الجزائر العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) من أكبر الدول المصدرة للغاز في العالم، وتؤمن لها صادراتها من المحروقات 95 بالمئة من وارداتها الخارجية، ويقدر احتياطيها من الغاز بـ16 مليار من الغاز التقليدي و20 مليار متر مكعب من الغاز غير التقليدي، كما تقول سوناطراك.
ويرى مراقبون أن هجوم بن قردان بتونس قد يكون محاولة لإضعاف الموقف التونسي الرسمي والشعبي، لإجبار تونس على المشاركة في أي تحالف دولي يقوم بعمل عسكري في ليبيا؛ وهو ما لا تقبله الجزائر.
وتدخل المنطقة في مزيد من التصعيد الإرهابي، الذي سيضرب استقرار دول المغاربة، وربما مصالح الدول الكبرى؛ من أجل الضغط أكثر، بزرع الفوضى لجعل خيار التدخل الأجنبي في ليبيا، حلًّا لا بد منه.
وتدرك الجزائر تمامًا للعبة الإرهاب، الذي طالها لعقد من السنين، فكان رأيها في "داعش" منذ ظهوره، أنه مجرد جسم إرهابي يحقق مصالح جهات مجهولة، فلم يلتحق الشباب الجزائري بهذا التنظيم إلا بأعداد قليلة.
 كما أن الأجهزة الأمنية الجزائرية أجهضت كل محاولات الاختراق، التي سعى من خلالها التنظيم الإرهابي، ليكون له موطئ قدم في الجزائر.
تفجيرات الجزائر..
وينشط تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي والمجموعات التابعة له بالإضافة إلى المقاتلين المتحالفين مع تنظيم داعش، في الجزائر لا سيما في الصحراء الجنوبية والجبال شرقي العاصمة الجزائر.
ويثير قلق الجزائر تأثيرات الهجوم المحتمل الاقتصادية والاجتماعية في ظل انخفاض أسعار النفط؛ حيث إن الجزائر اعتمدت على الريع النفطي، وإن فقدانها لأموال النفط، بعد تهاوي أسعاره، أدخلها في أزمة اقتصادية؛ وبالتالي، لم تعد قادرة على تحمل أي صدمة أخرى.
كانت أفادت تقارير أمنية في وقت سابق باحتمال وقوع عدة هجمات في الجزائر، حيث قال مصدر أمني: إن الأخبار المقلقة القادمة من "الجواسيس" في ليبيا دفعت الرجل الأول في الجيش الوطني الشعبي للتنقل أكثر من مرة إلى الحدود الجنوبية الشرقية في غضون 3 أشهر.
ونقلت صحيفة "الخبر" الجزائرية في وقت سابق، أن أغلب التقارير الأمنية تشير إلى تراكم الأدلة حول تخطيط لتنفيذ هجوم ضد أهداف في الجزائر محذرة قبل أسابيع من الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدينة بن قردان التونسية، من هجوم وشيك ضد أهداف في تونس وفي الجزائر.
وأكد المصدر أن الجزائر وتونس تبادلتا تقارير تشير إلى أن مجموعات مسلحة تحضر لتنفيذ عمليات إرهابية ضد دول جوار ليبيا ردًّا على الغارة الجوية الأمريكية ضد مواقعه في مدينة صبراتة الليبية.

شارك