هل احداث بروكسل ردا على اعتقال صلاح عبدالسلام ؟!

الثلاثاء 22/مارس/2016 - 02:39 م
طباعة هل احداث بروكسل ردا
 
مازال  الهلع والرعب يسيطر علي  البلجيكيين – بل علي اوروبا كلها - عقب الهجمات الدامية التي ضربت مطار ومترو بروكسل صباح اليوم الثلاثاء، وقال شاهد عيان إن رجلا صاح بالعربية قبل الانفجار الأول.
وقال الفونس ليورا وهو موظف في قسم امن الامتعة في مطار بروكسل-زافنتم الدولي "صاح رجل بالعربية. ردد بعض الكلمات بصوت مرتفع ثم سمعت دوي انفجار كبير" مشيرا الى انه كان على بعد خمسة امتار من الانفجار.واضاف "ساعدت 17 جريحا على الاقل وتم اخراج خمس جثث".واوضح ليورا الذي لا تزال يداه ملخطتين بالدماء انه اثر الانفجار "سادت حالة من الهلع. اختبأت وانتظرت خمس الى ست دقائق ثم طلب مني رجال أن أسعفهم".وقال ايضا ان "الفرق بين الانفجارين كان اقل من دقيقتين". واضاف انه رأى العديد من الجرحى الذي اصيبوا في الساقين والقدمين واضاف الموظف الذي يعمل في قسم امن امتعة الرحلات المتوجهة الى افريقيا وهو يبكي "فقد كثيرون ساقهم.. انها حالة رعب حقيقي. بلجيكا لا تستحق هذا. هناك شخص فقد ساقيه، وشرطي تحطمت ساقه تماما. الأمر مؤلم".
 وكانت  بروكسل قد تعرضت صباح اليوم  الثلاثاء 22-مارس 2016 لعدة اعتداءات ارهابية مع انفجارات قوية في المطار الدولي وفي مترو الانفاق اوقعت 73 قتيلا على الاقل وعشرات الجرحى،- متوقع زيادة القتلي -  حسب رجال الاطفاء وشلت الحركة في العاصمة البلجيكية.
وقال متحدث باسم رجال الاطفاء لوكالة فرانس برس هناك "11 قتيلا" في مطار زافنتم وقالت الشركة المشغلة للمترو ان اعتداء محطة مولنبيك في الحي الاوروبي اوقع 15 قتيلا.
تأتي تفجيرات بروكسل الدامية في المطار ومحطات قطارات الأنفاق في الوقت الذي تحاول فيه أجهزة الاستخبارات والتحقيق حلّ لغز العقل المدبر لتفجيرات باريس صلاح عبد السلام، الذي اعتقلته الشرطة البلجيكية يوم الجمعة الماضي. 
وتشير تفجيرات الثلاثاء الدامية التي هزت بلجيكا إلى أنّ (الخلايا النائمة) تعشعش وبعمق في شوارع عاصمتها والأحياء الفقيرة في مدنها الأخرى، حيث جاء الرد سريعاً على اعتقال عبدالسلام ومجموعة أخرى معه، وهذا يطرح سؤالاً كبيرًا عن اجراءات الأمن البلجيكية. 
ويعتبر صلاح عبدالسلام الذي يعمل فني قطارات ترام، والبالغ من العمر 28 عامًا، المطلوب الرقم واحد لكل أجهزة الأمن الأوروبية، حيث تم اعتقاله يوم الجمعة الماضي خلال عملية دهم لإحدى شقق حي "مولنبيك" قرب العاصمة البلجيكية. ويعد عبد السلام الناجي الوحيد من المجموعة المسلحة التي خططت ونفذت اعتداءات باريس وسان دوني. 
باريس تطلب تسليمه
وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند سارع إلى المطالبة بصلاح عبد السلام، وهو شقيق إبراهيم عبد السلام، الانتحاري الذي فجر نفسه في هجمات باريس الإرهابية في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي التي أسفرت عن مقتل 130 شخصاً.
كما أعلن الادعاء العام البلجيكي اعتقال ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة الجمعة كانوا يقومون بإيواء صلاح عبد السلام بالإضافة إلى اعتقال شريك له، حسب ما ذكرت قناة (يورو نيوز)  الإخبارية عبر حسابها على موقع (تويتر) للتواصل الاجتماعي.
وكانت العديد من المصادر الأمنية البلجيكية والفرنسية تحدثت عن احتمال هروب عبد السلام، الفرنسي والبلجيكي من أصول مغربية، إلى سوريا وإفلاته من المطاردة الأمنية، غير أن عملية الدهم الأخيرة أثبتت أن الرجل استطاع بفضل مساندة قوية وفعالة من معارفه، أن يبقى متخفيًا حوالى 4 أشهر في الحي نفسه الذي وُلد فيه، رغم أن الأجهزة الأمنية وضعت الحي تحت المراقبة. 
وكان المحققون فقدوا أثر عبد السلام في 14 نوفمبر في حي "شاربيك"، حيث أوصله صديقان بلجيكيان بالسيارة من باريس غداة الاعتداءات. وحسب أجهزة الأمن البلجيكية، فإنه بقي متخفيًا في الحي نفسه لمدة 14 يومًا على الأقل قبل أن يختفي مجددًا. 
وتأكد المحققون من أنه قدم على الأقل خدمات لوجيستية ثمينة للمجموعة المسلحة، حيث ثبت أنه هو من اشترى سيارة استخدمت في هجمات باريس، وهو من دفع ثمن غرفتين في فندق بضاحية "ألفورفيل" نام فيها بعض عناصر المجموعة عشية الاعتداءات.
وقالت تقارير إنه ثبت للمحققين أن عبدالسلام  كان كثير التنقل قبل الاعتداءات، إذ عثروا على آثاره في هولندا والنمسا وهنغاريا واليونان.
وأضافت أنه بعد القبض على عبد السلام، قد يتمكن المحققون أخيرًا من حل الكثير من الألغاز التي لا تزال تحوم حوله، فحتى الآن لا أحد يعلم الدور الحقيقي الذي لعبه ضمن المجموعة التي نفذت اعتداءات باريس
لقد أودع عبد السلام، الفرنسى المقيم فى بلجيكا، الذى اعتُقِل مع شخص ثانٍ، أول أمس الجمعة، فى سجن بروج شمال غرب بلجيكا، وقال محاميه إنه يرفض تسليمه إلى فرنسا، وقال النائب العام فى باريس إن صلاح عبد السلام أكد للمحققين البلجيكيين أنه "كان يريد تفجير نفسه فى استاد دو فرانس" فى باريس، لكنه تراجع.
وأضاف النائب العام: "هذه التصريحات الأولى التى ينبغى التعامل معها بحذر. تُبقى الكثير من الأسئلة التى يتعين على صلاح عبد السلام الإجابة عنها"، ووصف توقيف المشتبه فيه بأنه "تقدم قوى جدًا" فى التحقيق حول اعتداءات باريس، التى أوقعت 130 قتيلًا. وأكد أن الجهادى كان موجودًا فى الدائرة الثامنة عشرة فى باريس منذ العاشرة مساءً، بعدما أوصل فرقة الهجوم على استاد دو فرانس فى سيارة "رينو كليو" سوداء، عُثر عليها بعد أربعة أيام من الاعتداءات فى المنطقة.
أى أنه بعد نقله انتحاريين إلى استاد دو فرانس ليلًا، ترك عبد السلام حزامًا ناسفًا فى جنوب العاصمة الفرنسية، وطلب مساعدة اثنين من أصدقائه فى بروكسل، وأفلت من ثلاث نقاط تفتيش للشرطة على طريق العودة إلى بروكسل، حيث فُقِدَ أثره بعد الهجمات، وهو ما يجعل للقبض عليه أهميةً قصوى، خصوصًا بالنسبة للأمن الأوروبى الذى يبدو أنه فقد السيطرة على نقاط تفتيشه، ما جعل الإرهابيين يتحركون كما يشاؤون من دولة إلى أخرى، حتى وصل الحال إلى أن عملية القبض على عبد السلام حدثت فى حى قريب جدًا من الحى الذى كان يعيش فيه بالأساس.
وإن كان توقيفه يشكل نجاحًا للأجهزة البلجيكية، التى تأمل أن تهدأ الانتقادات الموجهة إليها بسبب بقائه طليقًا لمدة 120 يومًا، فإن النائب الفرنسى آلان مارسو، عضو حزب نيكولا ساركوزى الجمهورى اليمينى، قال إنه "إما أن صلاح عبد السلام ذكى جدًا، أو أن الأجهزة البلجيكية فاشلة جدًا، وهذا هو الأرجح".
ويبدو، وفقًا للمحققين البلجيكيين، أن صلاح عبد السلام (26 عامًا) كان له دور مركزى فى تشكيل فرق الهجمات والإعداد اللوجستى للاعتداءات، وأخيرًا أنه كان بنفسه موجودًا فى باريس، كما شارك فى إحضار عدد من الإرهابيين إلى أوروبا، وكثف تحركاته فى أوروبا من خلال استئجار سيارات عدة تباعًا.
النائب البلجيكى اعتبر القبض على عبد السلام تقدمًا قويًا جدًا بالنسبة إلى التحقيقات، التى قال إنها مستمرة بلا كلل فى فرنسا وفى بلجيكا، لتطويق كل الفاعلين فى هذه الاعتداءات.
القضاء البلجيكى وجَّه تهم المشاركة فى عمليات قتل إرهابية والمشاركة فى أنشطة منظمة إرهابية، إلى عبد السلام، ووُجِّهت إلى شريكه الذى قُبِضَ عليه معه ويدعى منير أحمد الحاج، ولقبه أمين شكرى، التهم نفسها، لكن محاميه سفين مارى أكد أن موكله، الذى أصيب بالرصاص فى ساقه، يتعاون مع القضاء، لكنه شدد على رفض تسليمه إلى فرنسا بدعوى أن التحقيق البلجيكى لا يزال مستمرًا.
لقد تمكن عبد السلام من الاختباء إلى حين تفتيش شقة فى حى فوريست فى بروكسل فى مارس، وواجه عناصر الشرطة بإطلاق نار، فردوا وقتلوا الجزائرى محمد بلقايد (35 عامًا)، الذى يُرجَّح أنه نَقَل المال من بروكسل لابنة عم عبد الحميد أباعود، المنظِّم المزعوم لهجمات باريس، لدفع إيجار مخبأ "سان دينى" فى شمال باريس.
وتمكن رجلان من الهرب من شقة فوريست، بينهما عبد السلام على الأرجح، ولم يتنبه الأخير عندما استخدم هاتفه المحمول للاتصال بصديق فى مولينبيك ليجد مخبأً جديدًا، وعن طريق هذا الاتصال تم الوصول إليه، لكن ضبطه ليس سوى مرحلة.
عبد السلام بالتأكيد جزء من التنظيمات التى يُطلق عليها "الذئاب المنفردة"، التى تتحرك تحت لواء جهادى داعشى إرهابى واحد، لكنهم لا ينسقون مع بعضهم البعض، ولا مركزية فى قراراتهم، وهم ولا شك التنظيمات الأخطر على العالم والأكثر دموية وميلًا لحصد أرواح الأبرياء، ووصولهم إلى العمق الأوروبى يمثل لهم نجاحًا كبيرًا، إلا أن ضربة القبض على صلاح عبد السلام سوف تكون مؤثرة على مثل تلك التنظيمات، ولو حتى لمجرد أشهر قليلة.

شارك