كثافة الضربات الجوية للتحالف الدولي في العراق.. هل تحسم المعركة ضد "داعش"؟

الثلاثاء 19/أبريل/2016 - 02:28 م
طباعة كثافة الضربات الجوية
 
 يبدو أن الولايات المتحدة وبقيادتها لقوات التحالف ضد تنظيم الدولة "داعش" قد قررت أخيرًا حسم معركة الموصل من خلال تنفيذ  424 ضربة جوية  خلال أسبوع فقط ضد "داعش" في العراق.  
كثافة الضربات الجوية
 وكشفت قوات التحالف الدولي عن تنفيذها العديد من الضربات الجوية بالعراق ضد داعش، خلال الأيام الأخيرة من شهر مارس وبداية الأسبوع الأول من شهر أبريل الجاري، مشيرة إلى 424 حالة قصف مؤثرة، وأن "التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، نفّذ 424 ضربة جوية ضد أهداف داعش خلال الفترة من 29 مارس حتى 4 أبريل، وأن هذه الضربات أدت إلى تدمير مواقع قتالية تابعة لداعش، ومناطق تجمع، ووحدات تكتيكية، ومركبات، وقوارب"، لافتًا إلى أن جميع هذه الضربات جاءت دعماً لقوات الأمن العراقية في معركتها ضد داعش.
  الكثافة الجوية للضربات أكدت  عليها وزارة الدفاع الأمريكية من قبل، من خلال تشديدها على أن الولايات المتحدة الأميركية ستكثف دعمها للعراق خلال المرحلة المقبلة، التي قالت: إن الإدارة الأمريكية والرئيس باراك أوباما، يرون أنها ستكون مفصلية في هزيمة تنظيم "داعش" في المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص، وإن استقبال وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي،  لقائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى، الجنرال جوزيف فوتيل، بمناسبة تسلمه مهام أعماله خلفاً للجنرال لويد أوستن تؤكد على تكثيف العلاقات الثنائية والتعاون المستقبلي في مختلف المجالات، وفي مقدمتها المجال العسكري".
كثافة الضربات الجوية
 ورجح قائد القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية اللفتنانت جنرال تشارلز براون أن قوات الولايات المتحدة والتحالف ستزيد ضرباتها الجوية ضد أهداف تنظيم داعش في العراق وسوريا خلال الأسابيع المقبلة، وأن تقليص الضربات الجوية كان بسبب الطقس وبطء وتيرة الأنشطة على الأرض، وليس بسبب الضربات الجوية الروسية في المنطقة، وأن القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة يزيدون من أنشطتهم على الأرض؛ مما قد يتيح مزيدًا من الفرص حتى تنفذ الولايات المتحدة وحلفاؤها المزيد من الضربات الجوية ضد أهداف التنظيم المتشدد إذا لم يمارس (مقاتلو تنظيم داعش ) أنشطة فسيكون من الصعب توجيه ضربات ولا سيما بالنسبة لعدو يمكن أن يختبئ وسط المدنيين.
كما رفض براون الانتقادات بأن الولايات المتحدة لا تستخدم الضربات الجوية بشكل كبير أو فعال كلما أمكن ذلك، قائلًا: "إن قوات التحالف تسعى لتفادي وقوع خسائر في صفوف المدنيين؛ الأمر الذي قد يعزز مساعي التجنيد لصفوف داعش، وأن عدد الضربات ليس مؤشرا بقدر الأهداف التي أصيبت وعدد الأسلحة التي استخدمت".
الولايات المتحدة  لم تكتفِ بالقصف الجوي بل سبق وأرسلت قوة جديدة من جنود العمليات الخاصة إلى العراق للقيام بغارات ضد تنظيم داعش هناك،  وصرّح وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر أن نشر "القوة المتخصصة" يجري بالتنسيق مع الحكومة العراقية، وأنها ستقدم الدعم لقوات الأمن العراقية وقوات البيشمركة الكردية، وأن هذه القوات الخاصة سيكون بمقدورها بمرور الوقت تنفيذ غارات والإفراج عن رهائن وجمع معلومات المخابرات، وأسر زعماء داعش، وستكون هذه القوة أيضًا في موقف يمكنها من القيام بعمليات أحادية في سوريا.
كثافة الضربات الجوية
لكن هل يحسم هذا الأمر على الرغم  من مرور عام على بدء التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضرباته الجوية ضد تنظيم (داعش) الإرهابي في العراق وسوريا.. العديد من المراقبين يعتقدون بأن هذه الضربات غير مؤثرة وتفتقد إلى الاستراتيجية الواضحة للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي، وهو ما اعترف به أيضًا الكثير من المسئولين الأمريكيين وفي مقدمتهم الرئيس باراك أوباما.
وأثارت هذه الحقيقة انتقادات لاذعة من قبل المحللين والمراقبين في داخل أمريكا وخارجها. وأعرب الكثيرون من هؤلاء المحللين بأن هذا الخلل ناجم في الواقع عن ضعف السياسة الخارجية التي تنتهجها واشنطن في الشرق الأوسط، وافتقادها للتشخيص الدقيق لما يجري في هذه المنطقة وما ينبغي اتخاذه لمواجهة الجماعات الإرهابية لا سيما تنظيم داعش.
ويتركز الجزء الأكبر من هذه الانتقادات حول كيفية ومستوى توظيف أمريكا لقدراتها الجوية لضرب عناصر ومقرات (داعش) في العراق وسوريا. فبعد عام ونصف على بدء هذه الضربات والتي كلفت حتى الآن أكثر من 3.5 مليارات دولار لا زالت غير مؤثرة ولا يمكن التعويل عليها لإنهاء خطر هذا التنظيم الإرهابي؛ ما أثار الكثير من التساؤلات حول جدوى هذه الضربات، وما اذا كانت قادرة على الحاق الهزيمة بداعش في نهاية المطاف.
كثافة الضربات الجوية
ووفقًا لتصريحات عدد من القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين تم قتل أكثر من 10 آلاف عنصر من تنظيم (داعش) منذ بداية الضربات الجوية التي استهدفت تجمعاتهم ومقراتهم في العراق وسوريا، فيما زعم بعض هؤلاء القادة بينهم الجنرال (هوك كارليسل) بأن عدد قتلى (داعش) تراوح بين 10 – 13 ألف قتيل خلال تلك الفترة.
وقد شكك الكثيرون من الخبراء العسكريين بمدى صحة هذه المزاعم، مشيرين إلى أنها تهدف في الحقيقة إلى التغطية على فشل أمريكا وحلفائها الغربيين في تنفيذ خططهم والوفاء بوعودهم في القضاء على (داعش)، ومساعدة القوات العراقية في استعادة المناطق، التي لا يزال يحتلها هذا التنظيم لا سيما في محافظتي الأنبار والموصل.
ويعتقد المنتقدون لسياسة الإدارة الأمريكية في مواجهة (داعش) بأنها تفتقد إلى الحزم، وتنطوي على الكثير من التعقيدات التي تحد من فاعلية الضربات الجوية الموجهة ضد هذا التنظيم. وأعرب قائد القوات الأمريكية السابق في العراق وأفغانستان والرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية الجنرال المتقاعد (ديفيد بترايوس) في حديث لشبكة (CBS ) عن خيبة أمله إزاء النتائج الضعيفة التي حققها "التحالف الدولي" في حربه ضد تنظيم (داعش)، منتقداً في الوقت نفسه التخبط والتحرك البطيء لهذا التحالف في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي.
من جانبهم دان الكثيرون من القادة العسكريين العراقيين بينهم قائد عمليات الأنبار (اللواء الركن محمد الدليمي) ضعف أداء القوات الجوية الأمريكية في مهاجمة تجمعات ومقرات (داعش)، مشيراً إلى أن عناصر (داعش) تمكنوا من الهروب في بعض المناطق؛ بسبب تأخر سلاح الجو الأمريكي في قصف مواقعهم وتجمعاتهم. وأكد الدليمي أن الهجمات الجوية التي تنفذها القوات الأمريكية والدول الغربية الحليفة لها ضد (داعش) غير كافية وغير مؤثرة.
 مما سبق نستطيع التأكيدعلى أن جميع القرائن والدلائل تشير إلى أن أمريكا تفتقد الاستراتيجية الدقيقة والواضحة في محاربة (داعش)، ليس هذا فحسب، بل إن هذه الضربات على داعش لن تكون الحاسمة ما دام لا يوجد تدخل عسكرى مباشر على الأرض بدعم من القوات العراقية. 

شارك