بين دعم الخارج وانقسام الداخل.. حكومة الوفاق الليبية مصير "مجهول"

الأحد 24/أبريل/2016 - 12:01 م
طباعة بين دعم الخارج وانقسام
 
وسط حالة التوتر والجدل التي تلحق بحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، أعلن "المجلس الأعلى للدولة"، المنبثق من اتفاق السلام، انتقاله للعمل في العاصمة طرابلس، وذلك في ظل الرفض السائد من جانب الحكومة الموازية المحسوبة علي جماعة الإخوان في العاصمة، فضلًا عن تعنت البرلمان الليبي المعترف به دوليًا في منح حكومة الوفاق الثقة.
بين دعم الخارج وانقسام
ومن المعروف، أن المجلس الأعلى للدولة هو نفسه المؤتمر الوطني المنتهية ولايته ولكن مع اختلاف الأسماء، ويضم 145 عضوًا هم أعضاء المؤتمر الوطني العام المحسوب على جماعة الإخوان، فيما عدا رئيسه نوري أبوسهمين وبعض أعضائه الذين يبدون ظاهريًّا اعتراضًا على العمل تحت مظلة مجلس الدولة؛ بدعوى معارضتهم لاتفاق السلام.
وتستقوي حكومة الوفاق الليبية بدعم الخارج والمجتمع الدولي، حيث قال المكتب الإعلامي لرئاسة مجلس الدولة إنه باشر مهامه من مقره الرسمي في العاصمة طرابلس المعروف باسم "قصور الضيافة"، وذلك بعد عملية استلام منظمة وسلمية قام بها الحرس الرئاسي التابع للمجلس أول أمس الجمعة.
وكان اتفاق السلام في مدينة الصخيرات المغربية والذى وقع في 17 ديسمبر الماضي، نص على أن تباشر الحكومة الجديدة مهام عملها من مقر المؤتمر الوطني المنتهية ولايته فى العاصمة طرابلس، وهذا الأمر كان تم رفضه من جانب رئيس الحكومة الموازية خليفة الغويل، والذي رفض التنازل عن السلطة، في حين اكتفى نوري بوسهمين رئيس المؤتمر المنتهي بالصمت وعدم التعليق على قرارات الوفاق في خطوة فسرها البعض بأنها لترضية الخارج، وكسب الإخوان ثقة الغرب وكذلك كسب حكومة الوفاق في الوقت الحالي.
ويرى متابعون أن جماعة الإخوان تريد مصالحها الشخصية فقط، فمن جهة تحتوي حكومة الوفاق الوطني، وتبدي في ذات الوقت صورة الطرف المتعاون مع المجتمع الدولي.
ومن المعروف أن ليبيا منذ الإطاحة بالرئيس معمر القذافي في 2011، وانقلبت الأوضاع حتى وصل الأمر إلى تحول ليبيا إلى مأوى للجماعات الإرهابية والمسلحة، الأمر الذي أثار الفوضي والصراعات الداخلية، ما أدى إلى تفرع حكومتين وبرلمانين، إحداهما لاقى اعترافًا دوليًّا وآخر موازٍ وغير شرعي وموال لجماعة الإخوان المسلمين ويقيم في العاصمة طرابلس.
وتشهد الأوضاع حاليًا حالة من الخلافات الداخلية أيضًا، فعلى الرغم من دعم الغرب والمجتمع الدولي لحكومة الوفاق برئاسة السراج، إلا أن الأخيرة لا تستطيع مباشرة عملها بالطريقة الصحيحة في ظل تعنت الحكومتين أمام استقرارها.
بين دعم الخارج وانقسام
وفشل البرلمان برئاسة عقيلة صالح، مؤخرًا في عقد جلسة استثنائية للتصويت على حكومة الوفاق والتعديل الدستوري، وقد دفع ذلك دولا غربية إلى المطالبة بنقل جلسات البرلمان للتصويت على الحكومة خارج طبرق.
وجدير بالذكر أن 102 من نواب البرلمان الشرعي أبدوا تأييدهم لحكومة السراج وفق وثيقة أعلنتها حكومة الوفاق، إلا أن باقي النواب يرون أن هناك نقاطًا خلافية لا بد من التوافق بشأنها قبل المصادقة على هذه الحكومة المدعومة دوليًّا.
وكان دعا سفراء دول أوروبية والولايات المتحدة البرلمان أول أمس، إلى نقل جلساته إلى مدينة جديدة، وقال سفراء فرنسا وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهم يؤيدون أن يعقد مجلس النواب جلساته "في وقت قريب في موقع ليبي تتوفر فيه سلامة النواب".
وحضر النواب المؤيدون للحكومة إلى مقر البرلمان في طبرق يومي الاثنين والخميس، إلا أنهم منعوا من عقد الجلسة للتصويت على الحكومة من قبل أعضاء آخرين معارضين لها، بحسب ما أفاد بعضهم.
ويرى محللون أن تأييد ودعوة سفراء غربيين إلى عقد جلسة خارج مقر البرلمان الشرعي سيعزز من الانقسام حول حكومة الوفاق، ويكرّس الأزمة.
في هذا السياق، أصدر 102 نائب مؤيد للحكومة بيانًا مساء الخميس الماضي أعلنوا فيه أنهم تعرضوا إلى اعتداء "لفظي وجسدي" من قبل نواب آخرين ومنعوا من عقد الجلسة، مضيفين أنهم يريدون منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني، داعين أعضاء الحكومة الـ18 إلى أداء اليمين القانوني أمام مجلس النواب في مكان يحدد من مكتب رئاسة مجلس النواب في موعد أقصاه نهاية الأسبوع الجاري.
ورحب ممثلو الدول الأوروبية والولايات المتحدة بتأييد هؤلاء النواب لمنح الثقة لحكومة الوفاق، داعين إلى "انتقال سلمي وسريع للسلطة".
ويرجح محللون أن يستمر الخلاف بين البرلمان الشرعي وحكومة السراج، إلى حين التوافق على كبرى النقاط ومنها المؤسسات العسكرية والأمنية.
بين دعم الخارج وانقسام
وتتركز الخلافات بين البرلمان والحكومة الجديدة على المادة الثامنة في اتفاق الصخيرات والتي تحيل المؤسسات الأمنية إلى سلطة رئاسة مجلس الوزراء، بينما يريد البرلمان أن يضمن استقلالية هذه المؤسسات عبر إسناد تبعيتها إليه كجهة، منتخبة من الشعب وقادرة على المحاسبة.
ويصر البرلمان على الإبقاء على المؤسسة العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي.
من جانبها أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها من محاولة ما وصفتهم بمعرقلين منع انعقاد جلسة داخل مجلس النواب للتصويت على حكومة الوفاق الوطني، ومنع النواب من الوصول إلى مكان عقد الجلسة.
وقالت الناطقة باسم الخارجية الأمريكية، إليزابيث ترودو، أمس السبت: "ما حدث في مجلس النواب من منع انعقاد جلسة التصويت على حكومة الوفاق الوطني يشبه ما فعلوه في فبراير، عندما وقفت أقلية متشددة في وجه العملية الديمقراطية".
وأكدت ترودو دعم واشنطن أعضاء البرلمان الساعين للمضي قدمًا في العملية السياسية رغم عمليات الترويع التي يتعرضون لها، مدينة محاولات تقويض عمل حكومة الوفاق الوطني وتنفيذ الاتفاق السياسي.
وحثت جميع الأطراف الليبية على تسهيل الانتقال السلمي للسلطة، حتى تتمكن حكومة الوفاق من العمل على إعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا.
في سياق آخر ومع تقدم الخطط التي ترسمها القوى الغربية لإيجاد حل لتوسع داعش في شمال إفريقيا عبرت لندن عن إمكانية إرسال جنود بريطانيين إلى ليبيا.
ونقلت قناة سكاي نيوز عربية، اليوم الأحد، عن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند قوله في مقابلة مع صحيفة "تليغراف" إنه "لا يستبعد" إرسال قوات إلى ليبيا لمواجهة تمدد تنظيم "داعش" الإرهابي هناك.
وأضاف هاموند أن تنظيم داعش الارهابي يسعى إلى اتخاذ ليبيا موطئ قدم له لشن هجمات على أوروبا.
وحققت قوات ليبية تقدمًا كبيرًا ضد مسلحي "داعش" في درنة شرقي البلاد، لكن التنظيم لا يزال مسيطرًا على سرت ومناطق في صبراتة وأخرى قرب بنغازي.

شارك