استبعاد سيناريو التدخل البري يُطيل أمد الحرب في سوريا

الأحد 24/أبريل/2016 - 01:54 م
طباعة استبعاد سيناريو التدخل
 
 لا يبدو أن سيناريو التدخل البري في سوريا أصبح مطروحًا على الأقل في الوقت الحالي فالمجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد التورط في حرب جديدة بعد تجربة أفغانستان، وهو الأمر الذي يؤشر على أن أمد الحرب في سوريا سيطول . 
استبعاد سيناريو التدخل
الرئيس الأمريكي باراك أوباما أكد على ذلك بقوله: "إن استخدام الولايات المتحدة أو بريطانيا قوات برية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد سيكون خطأ، وإنه من الممكن تقليص الأراضي التي يسيطر عليها "داعش" ببطء والسيطرة على معاقل التنظيم في الموصل والرقة، وإنه من المستبعد إمكانية هزيمة "داعش" خلال الأشهر التسعة المتبقية من وجودي على رأس الإدارة الأمريكية، وإن الخيارات العسكرية وحدها لن تكون حلا للمشكلات التي طال أمدها في سوريا، ويجب على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط على كل الأطراف المعنية، بما في ذلك روسيا وإيران وممثلو المعارضة المعتدلة، بهدف دفع كل المشاركين في الحوار السوري- السوري للجلوس إلى طاولة المفاوضات والاتفاق على شروط للمرحلة الانتقالية". 
حديث الرئيس الأمريكي يؤكد على استبعاد سيناريو التدخل البري ليس فقط من قبل الولايات المتحدة بل أيضًا من قبل شركائها الإقليميين وعلى رأسهم تركيا والمملكة العربية السعودية، التي شهدت الأيام الأخيرة تراجعاً ملموساً في الاندفاع التركي نحو التدخل العسكري البري في سوريا، حيث أقرت أنقرة بعدم وجود إجماع دولي في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم "داعش" على التدخل البري، بالتزامن مع تسويق روسيا بأن نظام الأسد سيقوم بعمليات عسكرية ضد معاقل التنظيم في محافظة الرقة خلال 30 يوماً.
استبعاد سيناريو التدخل
وأكد وزير خارجية تركيا "مولود جاويش أوغلو" أن بلاده والسعودية وبعض الحلفاء الأوروبيين يرغبون في شن عملية برية في سوريا، لكن لا يوجد إجماع في التحالف، ولم تتم مناقشة استراتيجية بهذا الخصوص بشكل جدي وبعض الدول مثلنا والسعودية، وكذلك بعض الدول الأخرى في غرب أوروبا تقول: إن من الضروري شن عملية برية، لكن توقع هذا من السعودية وتركيا وقطر فقط فهذا أمر غير صائب وليس واقعياً، وإذا جرت مثل هذه العملية فيجب أن تتم بشكل مشترك على غرار الضربات الجوية للتحالف، وتستبعد واشنطن حتى الآن إرسال قوات برية أمريكية إلى سوريا باستثناء عدد قليل من القوات الخاصة، لكن دولاً عربية بقيادة السعودية والإمارات قالت إنها مستعدة لإرسال قوات برية في إطار قوات التحالف الدولي لقتال تنظيم الدولة الإسلامية شريطة تولي واشنطن القيادة.
ولفت الوزير التركي إلى أن بلاده أوضحت مراراً جدوى رسم استراتيجية أكثر شمولاً في سوريا عن الضربات الجوية، لكن التحالف بقيادة الولايات المتحدة لم يناقشها بشكل جاد، وبالطبع ستكون هناك ضربات جوية لكن التطهير على الأرض مطلوب أيضاً.. أقول في كل اجتماع، إنه لا يمكن تدمير أو وقف داعش بالضربات الجوية وحدها لم يجر التحالف نقاشاً جاداً بخصوص هذه العملية البرية، هناك معارضون وهناك من لا يرغبون في المشاركة لكنهم عبروا عن رغبة في أن تقوم تركيا أو دولة أخرى بذلك".
وفي سياق متصل، كشفت مصادر تركية بارزة عن رسالة بعثت بها روسيا إلى الدول الغربية تحاول من خلالها استباق أي تدخل بري سعودي تركي في سوريا لمحاربة تنظيم "داعش"، بتقديم وعود بتحول عمليات النظام نحو محافظة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم خلال شهر، وأن الرسالة أبلغها وزير الخارجية الروسي "سيرغي لافروف" لنظرائه الغربيين، ومفادها أن النظام يحضر لعملية عسكرية واسعة في الرقة، وبالتالي فلا حاجة لأي تدخل خارجي برياً.
استبعاد سيناريو التدخل
ولفتت المصادر نفسها إلى أن الكلام عن تدخل تركي في سوريا أمر "سابق لأوانه"، مشددة على أن تركيا تدرس كل الخيارات "ولن تساوم على أمنها القومي أن تركيا لن تحتمل موجة جديدة من اللاجئين، جراء دفع اللاجئين باتجاه الحدود، مشيرة إلى أن المنطقة المستهدفة من قبل النظام وحلفائه تحتوي على مجموعة كبيرة من مخيمات اللاجئين، ومن شأن اقتراب النظام منهم دفعهم نحو تركيا.
وفيما يتعلق بالتنسيق "السعودي التركي"، قالت المصادر: إن التنسيق يرتفع إلى حد كبير، مشيرة إلى أن المناورات العسكرية المشتركة مع الطيران السعودي مقررة منذ أكثر من ستة أشهر ولا تحمل جهوزية من أي نوع، لكنها شددت على أن خطورة الأمور عند الحدود السورية تجعل من الضروري القيام بشيء لوقفه.
وكان الناطق باسم الحكومة التركية "نعمان قورتمولوش"، أكد أمس، أن تركيا لن تتدخل في سوريا منفردة، بالتزامن مع تصريح وزير الدفاع التركي "عصمت يلماز" بأن بلاد تحب السلام ولا تريد سواه، ولكنها لن تتوانى لحظة في الرد على أي عدوان يمس أراضيها وسلامة مواطنيها.
إلى ذلك، قالت مصادر في مكتب الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" إنه أجرى محادثة عبر الهاتف مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، حيث عبرا عن قلقهما من الهجمات التي تشنها روسيا وقوات الأسد شمالي حلب، وإنه لا يمكن أن يكون هناك حل للصراع السوري مع وجود بشار الأسد في السلطة. 
استبعاد سيناريو التدخل
  مما سبق نستطيع التأكيد على أنه لا يبدو أن سيناريو التدخل البري في سوريا أصبح مطروحًا على الأقل في الوقت الحالي، فالمجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد التورط في حرب جديدة بعد تجربة أفغانستان ونفس الأمر بالنسبة إلى تركيا والسعودية هو الأمر الذي يؤشر على أن أمد الحرب في سوريا سيطول، وسيطول معه عمر نظام بشار الأسد. 

شارك