معاناة 3000 لاجئ يحلمون بالسفر لتركيا

الثلاثاء 03/مايو/2016 - 12:58 م
طباعة معاناة 3000 لاجئ
 
البعض يظن أن العيش في المخيمات يعتبر نوعًا من الرفاهية، مقارنةً بما يحدث في البلدان التي يفر منها اللاجئون وفي هذا التقرير نجد وصفًا مرعبًا لمعاناة اللاجئين في مخيم موريا، بجزيرة لسبوس اليونانية؛ حيث يبدأ المخيم بمشهد الأسلاك الشائكة والأضواء الكاشفة والكاميرات والحراسة المشددة مع البنادق، مع اللافتات التي تطلب عدم التصوير.
قبل الاتفاق الذي أبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي كانت موريا منشأة مفتوحة وكان المخيم هو المكان؛ حيث وجد الكثير من اللاجئين الدعم والمأوى أثناء انتظار تسجيلهم. الآن سيطرت عليه الأجهزة الأمنية، ويضم حوالي 3000 شخص.
وفقاً لتقارير صحفية محلية فقد تم جمع المهاجرين من وسط المدينة والميناء ونقلوا إلى معسكرات مختلفة داخل الجزيرة، وذكرت تلك التقارير أن مسألة الخروج من المكان صعبة وطويلة واللاجئون يواجهون قرار ترحيلهم إلى تركيا.
عندما كنت أمشي بالقرب من سور المخيم للمرة الأولى طلب طفل سوري صغير مني "كيس بطاطة" على الجانب الآخر من السياج المعدني، ظن ربما أني أعمل في أحد المطاعم المتنقلة التي كانت تتوقف في مكان قريب، والتي انتشرت مؤخراً في المكان، فقد رآني أترجل من سيارة برفقة اثنين من أصدقائي قبل دقائق، عندما كان يلعب كرة القدم مع عشرة أطفال آخرين على أرض إسمنتية منحدرة لا تصلح لأي رياضة.
على الأرجح أن هذا الصبي العالق في مخيم موريا في لسبوس قد أعطاني درساً في الكرامة الإنسانية: "إني لا أتسول للحصول على أي شيء. فأنت في الخارج و أنا في الداخل، وأنا أطلب منك عبور الطريق وشراء بعض رقائق البطاطا لي".
أتى طفل آخر وصرخ "صورة، صورة" عندما رأى هاتفي المحمول. واجتمع حوله عدة أطفال واتخذوا وضعيات مختلفة مبتسمين وراسمين علامة النصر. لم أكن أخطط لالتقاط صور للناس، وكنت متردداً؛ بسبب الشرطة ولافتات عدم التصوير. أراد هؤلاء الأطفال أن يكونوا مرئيين، وأن ينظر إليهم العالم وهم شجعان، رغم الظروف غير الإنسانية التي يعيشون فيها.
أما الشبان الذين تحدثت إليهم فقد كانوا أقل حماساً للصور، وأكثر حماساً للتحدث. كان بعضهم يتحدث العربية والبعض الآخر الكردية. كان سؤالهم الأول: "هل أنت صحافي؟". "ارجوك قل للعالم إن هذا سجن، هذا جوانتانامو". وتابع أحدهم يقول: "لم أغسل جسدي منذ 20 يوماً، فالحمامات مليئة بالمياه القذرة، الطعام سيئ أيضاً، وعليك الانتظار ساعتين في الطابور".
وعلى طول السياج التقينا بمجموعة بدت معذبة ومذهولة. قالوا لنا: "هناك إضراب عن الطعام في الداخل"، وقدموا لي صوراً عن العائلات في الخيام بالقرب من السياج وأطفال يستلقون على الأرض في العراء. وأكد رجل سوري على عدم وجود محامين، فلا أحد يعلم ما عليه فعله: "لقد أخذوا بصماتنا، ولا نعلم لماذا.. إني هنا منذ 22 يوماً. لقد ضربت الشرطة رجلاً ذلك اليوم؛ لأنه وقف في طابور الطعام مرتين.. وقبل بضعة أيام وقع شجار بين المحتجزين، وتلقى واحد منهم ضربة على رأسه بقضيب معدني. ونقل إلى المستشفى ولم يعد".
وقال آخر: "هناك احتجاج داخل المخيم، بعد صدور قرار بترحيل عائلتين من سوريا إلى تركيا"، وأضاف: "في الأمس حاول شخصان الانتحار".
غادرت المخيم مذهولاً، وتوجهت إلى الشاطئ الذي كانت تتناثر فوقه الكثير من مخلفات أناس ركبوا البحر ولا نعرف مصيرهم، سترات النجاة من نوعية رديئة، أحذية، ثياب، أغراض شخصية صغيرة.
ونظرت عبر البحر إلى تركيا القريبة، وتمنيت لو يستطيع الهاربون من الموت في الطرف الآخر أن يعرفوا أي "جنة موعودة تنتظرهم".

شارك