البرلمان الليبي.. "حجر عثرة" أمام حكومة الوفاق الوطني

الخميس 05/مايو/2016 - 11:03 ص
طباعة البرلمان الليبي..
 
بعد مرور ما يقارب الـ5 أشهر على انبثاق حكومة الوفاق الوطني الليبية بدعم أممي، لا زالت الأوضاع تتفاقم بين أطراف النزاع والمعارضين للحكومة، وحتي الآن لم يمنح البرلمان المعترف به دوليًّا الثقة لحكومة الوفاق، فجميع الجلسات لم يكتمل فيها النصاب القانوني لمنح الثقة لحكومة فايز السراج.
البرلمان الليبي..
وتؤدي المماطلة في منح الثقة للحكومة إلى عرقلة الكثير من المصالح في البلاد، وأيضًا استغلال الجماعات الإرهابية لهذه الفوضي للتوسع والتنامي في البلاد، حيث تتركز معارضة الحكومة المعترف بها دوليًّا على نقل السلطة حول المخاوف بشأن القيادة العسكرية المستقبلية بين حلفاء القائد خليفة حفتر الذي يخوض الجيش الوطني الليبي قتالًا ضد الإرهابيين.
 من جانبه أعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، عن خيبة أمله الكبيرة من مماطلة مجلس النواب الليبي المنعقد في مدينة طبرق، في منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني.
وقال كوبلر: إن الأوضاع في ليبيا لا تحتمل مزيدا من التأخير، وإنه لا بد من منح الثقة في أقرب وقت حتى تستطيع حكومة الوفاق التي يرأسها فائز السراج مزاولة أعمالها بشكل رسمي.
ورأى كوبلر أن الخطوة الأولى في قتال تنظيم "داعش" في ليبيا هي في بناء مؤسسة عسكرية ليبية قوية تتبع حكومة الوفاق، معتبرًا أن قتال التنظيم يجب أن يكون بيد الليبيين أنفسهم دون تدخل أطراف أجنبية.
الجدير بالذكر أن البرلمان المعترف به دوليا كان قد دعا في ديسمبر من العام الماضي المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق للمثول أمامه بكامل أعضائه، وذلك لمناقشة الأسماء المقترحة لحكومة الوفاق الوطني، مؤكدًا على ضرورة أن ينتظر المجلس الرئاسي تعديل الإعلان الدستوري ليستمد منه شرعيته ويباشر مهامه، وأشار إلى أن هناك أكثر من سبعين عضوًا يرفضون تشكيلة حكومة الوفاق المقترحة لمخالفتها المعايير الدستورية.
وتعمل حكومة الوفاق الوطني في مقرها بقاعدة أبو ستة البحرية منذ دخولها طرابلس، ورغم الدعم الذي تتمتع به من المؤسسات المالية والأمنية في العاصمة واستلامها عددًا من مقرات الوزارات فيها، فإنها لم تتخذ قرارات تنفيذية مهمة بعد.
البرلمان الليبي..
وتفضل الحكومة أن يؤدي وزراؤها اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، وذلك قبل انتقالهم للعمل من مقرات وزاراتهم في طرابلس، حيث انتقلت ثمان مقرات منها إلى سلطتها.
موازاة لذلك، جدد المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، التأكيد على موقفه الرافض لـ"حكومة الوفاق الوطني"، التي تشكلت وفق اتفاق وقعته أطراف ليبية في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر الماضي، واتهم هذه الحكومة بـ"العمل وفق أجندات خارجية" على حد وصفه، قائلًا: "نحن كقبائل غير معنيين بأي حكومة تعمل وفق أجندات خارجيّة، ونقف بالمرصاد لكل التدخلات الأجنبية في الشّأن الليبي؛ فهي تحريض مستمر من دول الغرب بهدف تقسيم ليبيا، ونهب خيراتها، وتمزيق نسيجها الاجتماعي".
وأضاف المجلس أن القبائل الليبية ضد أي حوار خارج ليبيا، ونطلب من العالم الخارجي تركنا في حالنا، ومن دول الجوار الجادة، التي يعنيها الشأن الليبي، مساعدتنا في ذلك بشكل حيادي وسلمي.
وتأسس "المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية"، في مايو 2004؛ إثر اجتماع لعدد كبير من ممثلي القبائل، والمدن الليبية في طرابلس، ويعتبر نفسه صاحب دور سياسي فاعل في بناء الدولة، وتجاوز أزمتها السياسية، خصوصًا أن المجتمع الليبي هو مجتمع قبلي بالدرجة الأولى.
وأكد محمد عمر عضو "التجمع العالمي من أجل ليبيا موحّدة وديمقراطيّة"، مستقل، رفض التجمع لـ"حكومة الوفاق"، وقال: "لا نرى أن هناك حكومة نشأت عن مجتمع ليبي حتى ندعمها"، معتبرا أن "حكومة الوفاق" انبثقت عن اتفاق وقع عليه ممثلون عن "10 بالمائة من اللّيبيين"، وبعض الأطراف المتصارعة سياسيّا وعسكريا على الأرض الليبية، مضيفًا أن الحوار يقصد حوار الصخيرات أدارته دول لها مصالح في ليبيا؛ وهو ما أدّى إلى انبثاق حكومة وصاية، ونحن كقبائل نرفض هذه الوصاية على ليبيا؛ فنحن غير قاصرين، ووطنا ينادينا وسنلبي نداءه"، مشيرا إلى أن تجمعه لا يرفض الحلول الدولية على طول الخط؛ "شرط عدم وجود مطامع استعماريّة وراء هذا الحلول سواء عسكريا أو أمنيًّا أو أيدولوجيًّا".
البرلمان الليبي..
ويعتبر التجمع العالمي من أجل ليبيا موحّدة وديمقراطيّة، هو تجمع سياسي ليبي مستقل، وله تمثيل في "المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية".
في ذات السياق قال الناشط الحقوقي الليبي خالد الغويل المنسق العام للشأن الليبي لدى "المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية": إن "القبائل الليبية تلعب دورًا كبيرًا في رأب الصدع، والقضاء على الفتنة والأجندات الخارجيّة، وفي إطلاق حوار مجتمعي ليبي حقيقي"، معتبرًا "اتفاق الصخيرات" مبتورا؛ بسبب عدم مشاركة القبائل فيه، وهي "المكون الاجتماعي المهيمن على المجتمع الليبي".
وعلي الرغم من الدعم الدولي الذي تتمتع به حكومة الوفاق، فإنها تعاني من نتائج الصراع السياسي بين برلماني طبرق وطرابلس، وأيضا الصراع العسكري ببين الكتائب المختلفة.
وترى قوى الغرب أن الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة تمثل أفضل فرصة لإنهاء الفوضى التي زعزعت استقرار ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي في انتفاضة قبل خمس سنوات، وكذلك لمعالجة الفراغ الأمني الذي سمح لتنظيم الدولة الإسلامية المتشددة بالتمدد في ليبيا.
وكانت اعترفت الولايات المتحدة وقوى أوروبية بحكومة الوحدة الوطنية بوصفها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، وكان رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبي فايز السراج قد أعلن في 15 فبراير الماضي، عن تشكيل حكومة وفاق وطني من 13 وزيرا، بينهم ثلاث وزيرات، وخمسة وزراء دولة وذلك موجب الاتفاق الموقع من جانب أطراف الحوار الليبية برعاية الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر الماضي.
وكانت تعهدت بعض الكتائب الرئيسية المسلحة في غرب ليبيا وعشرات من أعضاء المؤتمر الوطني العام الحاليين والسابقين بدعم الحكومة الجديدة، لكن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة التي رشحها الشهر الماضي واجها معارضة من الصقور في كل من طرابلس والشرق الذي تتمركز فيه حكومة معترف بها دوليًّا.

شارك