حلوان وخارطة الطريق يشعلان الأزمة الداخلية لجماعة الإخوان الإرهابية
الثلاثاء 10/مايو/2016 - 04:54 م
طباعة

لا تكاد تظهر بارقة أمل لحل الأزمة الداخلية لجماعة الإخوان الإرهابية والمتمثلة في صراع حاد بين القيادات على من يتولى قيادة الجماعة، من بين الإخوة الفرقاء إخوان الداخل أم إخوان الخارج المنقسمين أيضًا إلى مجموعتين مجموعة تركيا ومجموعة لندن، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى صراع الأجيال على قيادة الجماعة هل يظل "العواجيز" يقودون الجماعة أم يتركون الراية للشباب المتحمس والمطالب باستخدام العنف كمنهجية للجماعة لا يصلح سواها لهذه الفترة حسب قولهم؟- لا تكاد تظهر بارقة أمل حتى استيقظنا على حادث حلوان الإرهابي صباح أمس الأول الأحد 8 مايو 2016، الذي راح ضحيته 9 من أفراد الشرطة بينهم ضابط، ذريعة لتأجيج الأزمة..

حيث تسبب البيان الذي أصدرته جبهة محمود عزت بجماعة الإخوان، لإدانة استهداف ضباط وأفراد الشرطة في حادث حلوان، في أزمة عنيفة داخل الجماعة؛ حيث شن عدد من قيادات الإخوان، هجومًا عنيفًا على المتحدثين الإعلاميين للجماعة، واعتبروا أنهم لا يعبرون عن الجماعة، وهو ما اعتبره أحد الخبراء تأكيدًا على أن شباب الجماعة اتجهوا للعنف بشكل كبير.

وشن بلال محمد بديع، نجل مرشد عام الإخوان، هجومًا عنيفًا على المتحدثين الإعلاميين للإخوان، وقال في تصريح له عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك": "طب يا جماعة من غير ما حد يتهوّر ويشتمني أنا كمان أنا تقريبًا متفهّم الأسباب والدوافع التي جعلت أحمد عاصم المتحدث "لا مؤاخذة" الإعلامي باسم جماعة الإخوان يصدر البيان اللي أصدره ده واللي اتهاجم عليه من القاصي والداني، ورغم أن أحمد عاصم (المتحدث "لا مؤاخذة" الإعلامي باسم جماعة الإخوان كان ممكن يمارس فضيلة الصمت التي مارسها في مواقف تانية كتير كانت أهم من كده ومحتاجة بيانات لدرجة إنه من كتر ما مارس الصمت ناس كتير كانت بتتساءل هوّه مين ده؟! وتبع مين بالظبط؟! وطلع لنا منين عدم اللامؤاخذة يعني؟! برغم كده فهو كان مضطر النهاردة يخرج عن صمته ده ويقول بيان كمان ياخد عليه كل القدر ده من الشتايم". وأضاف نجل بديع: "تقريباً كده والله أعلم بعد الأزمة الاقتصادية الخانقة التي نمر بها، اتغيّر نظام الحساب للمتحدثين "اللامؤاخذة" الإعلاميين بمعنى إنه ما عادش ينفع يدفع له مرتب شهرى وهوّه بيمارس الصمت كده! الحساب بقى بالقطعة يا جماعة كل بيان وليه نفحته، وغالبًا في "بونَس" على كمية الشتايم اللى بياخدها على البيان علشان كده اضطر أحمد عاصم إنه يطلّع البيان".

فيما علق عمرو فراج، مؤسس شبكة رصد الإخوانية على البيان قائلاً: "بمطالعة الناس اللى عملت شير لبيان جماعة إخوان عزت وشركاه بيتضح لنا الآتى: إن أغلب الناس تسب من أصدر البيان ومن يمثلهم، وأغلب هؤلاء الناس إما إخوان فعلاً أو إخوان سابقين تركوا الجماعة برضاهم أو غصب عنهم أو قرفوا من الوضع العام فيها، وقليل من الناس مؤيدة للبيان وهؤلاء من رافعى شعار الاستقرار للجماعة واللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش وحزب الكنبة في الإخوان والمنتفعين منها".
وأضاف في تصريح له عبر صفحته على "فيس بوك": "يتضح لنا مما سبق عدة نقاط: أن جماعة محمود عزت ومن يقودها ومن ينفذ مهامها الإعلامية خصوصًا بعيد عن السياسية والعلاقات والتربية مهمتهم الحقيقية تشويه التاريخ والصورة الذهنية للجماعة، وتطفيش من تبقى من أبناء الجماعة، ما زال يرى إن لسه فيها خير وإن جايز نعرف نعمل أي حاجة، والبث المتواصل لروح اليأس وتوصيل رسالة في كل حدث يتم في الساحة المصرية إن جماعة الإخوان بتتقزم يومًا بعد يوم، وجماعة الإخوان مثلها الحزب الوطنى أو أي جماعة سياسية، كلاهما يتمتع بالفساد الأخلاقى والإدارى وتحكمهما المصلحة والمحسوبية والمال السياسى فقط هذا يستخدم يافطة الدين، وأن نعرف نفتح مقرات في أوروبا وتركيا ونسافر براحتنا بدون تضييق".
وكان أحمد عاصم المتحدث الإعلامي باسم جبهة محمود عزت بجماعة الإخوان أصدر بيانًا أعلن فيه إدانة الجماعة لأحداث حلوان ووصف جنود وضباط الشرطة الذين استشهدوا في الحادث بأنهم من أبناء الوطن. من جانبه قال طارق أبو السعد، القيادي السابق بجماعة الإخوان: إن سلسلة الهجوم العنيف من جانب قيادات وشباب إخوان يؤكد أن شباب التنظيم اتجهوا للعنف بشكل كبير، وأصبحوا يباركون كل العمليات الإرهابية التي تحدث بمصر. وأضاف القيادى السابق بجماعة الإخوان، لـ"اليوم السابع" أن الجماعة أصدرت هذا البيان من أجل مخاطبة الغرب فقط، حتى لا يتخذ قرارات ضدتها، ولكن شبابها متورط في كل الأعمال الإرهابية التي تشهدها مصر.

ومن جهة أخرى أعلن ما يسمى بـ "جبهة الشباب" التي يتزعمها القيادي الإخواني محمد كمال، عن خارطة طريق جديدة لرأب الصدع داخل جماعة الإخوان في مصر.
وطرحت الجبهة، التي تمثل أحد طرفي الخلاف الداخلي، مبادرة تتمحور حول إجراء انتخابات شاملة لهيئات الجماعة، ورجوع طرفي الأزمة خطوة إلى الوراء.
لكن، حسب تقديرات بعض المراقبين، فإن هذه المبادرة لن يستجيب لها الشق الذي يقوده محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، وبالتالي الأزمة مرشحة لتصعيد أكبر في المرحلة المقبلة.
وقال بيان "خارطة الطريق" الذي صدر مؤخرًا: "هناك عدة نقاط لخارطة حل الأزمة، وهي تراجع جميع أطراف الأزمة خطوة إلى الخلف، وترك الفرصة لجيل جديد يختاره الإخوان بكل حرية وشفافية، وإجراء انتخابات شاملة وفق اللائحة القديمة بكل مكاتب مصر، بدءًا من شورى الشعبة الذي يعتبر أصغر وحدة تنظيمية بالجماعة وانتهاء بشورى المحافظة والمكاتب التنفيذية خلال مايو الحالي".

وسبق وأن طرح يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على جماعة الإخوان إجراء "انتخابات شاملة لمؤسساتها في الداخل والخارج، بأسرع وقت ممكن"، ولكن هذا الطرح لم يجد أي صدى.
ويرى متابعون أن بيان "خارطة الطريق" لا يحمل جديدًا، ولن يغير من أزمة الجماعة، وربما يُسهم في تعميق هوة الخلاف بين جبهتي محمود عزت ومحمد كمال.
وقال كمال حبيب، الخبير في شئون الحركات الإسلامية: "إن الجماعة مقبلة على مرحلة أكثر صعوبة، خاصة وأن المجموعة القديمة التي يقودها عزت، ترى أن الظرف الراهن ليس مواتيًا لإجراء انتخابات داخلية".
وأكد حبيب لـ"العرب" أن بيان اللجنة الإدارية العليا يقرر منفردًا من دون انتظار لأي مبادرات عمل انتخابات شاملة على كل مواقع الجماعة، واختيار قطاعاتها المختلفة من دون إرجاء أو انتظار.
وهو ما يعني أن الانتخابات سوف تتم فقط في اللجان والأسر والقطاعات التي تلتزم بموقف مجموعة كمال، ما يزيد من حجم الانقسام؛ نظرا لعدم اعتراف جبهة عزت بنتائج أي انتخابات؛ لذلك فالبيان يؤسس لمرحلة تبدو وكأنها حرب تعمق الانقسام بين الفريقين، كأنهما يبدآن من نقطة الصفر.
وأوضح أحمد بان، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن "خارطة الطريق" إعلان هزيمة غير مباشر من لجنة الإدارة العليا لحساب الحرس القديم الذي يبدو أنه فرض رؤيته.
لكن لا يزال هناك من يرجح أن يكون الحديث عن الانقسامات تمثيلية سياسية أو لعبة توزيع أدوار، لإعادة الحياة لجسد الجماعة التي تعاني من اختلالات جوهرية.