بعد فرض عقوبات على المعرقلين.. هل تنجح أمريكا في تمرير حكومة الوفاق؟

السبت 14/مايو/2016 - 12:40 م
طباعة بعد فرض عقوبات على
 
ما زال الوضع في ليبيا يشهد توترًا ملحوظًا في ظل تعنت الأطراف المتنازعة على السلطة في منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني المنبثقه من اتفاق مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر الماضي، والتي جاءت بدعم أممي، فما بين تعنت البرلمان المعترف به دوليًّا في طبرق برئاسة عقيلة صالح في عدم منح الثقة للحكومة إلا بشروط، وكذلك رفض الحكومة الموازية في طرابلس التنازل عن السلطة للمجلس الرئاسي لحكومة الوافق، يسعى المجتمع الدولي لفرض عقوبات على معرقلي مسيرة الاستقرار في البلاد.
بعد فرض عقوبات على
وفرضت الولايات المتحدة، عقوبات على عقيلة صالح، أمس الجمعة 13 مايو 2016، من بينها تجميد أرصدته، ومنعه من السفر، ووضع اسمه في قائمة سوداء دولية؛ وذلك بسبب ما اعتبرته واشنطن عرقلة لتشكيل حكومة الوفاق.
وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية فرضها عقوبات على رئيس مجلس النواب الليبي بتهمة تقويض عملية التسوية السياسية في البلاد؛ حيث قال مسئول بوزارة الخزانة الأمريكية: إن صالح "مسئول عن عرقلة التقدم السياسي في ليبيا.. قرار اليوم يبعث رسالة واضحة بأن الحكومة الأمريكية ستواصل استهداف أولئك الذين يقوضون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا".
وينص القرار على أن "جميع ممتلكات وأصول صالح الموجودة ضمن الولاية القضائية للولايات المتحدة أو الخاضعة لسيطرة أمريكيين قد جمدت".
الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات مماثلة أوائل شهر أبريل الماضي على رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح ورئيس المؤتمر الوطني نوري بوسهمين ورئيس الحكومة المنبثقة عن المؤتمر خليفة الغويل، بتهمة عرقلة تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
وتضمنت العقوبات الأوروبية، منع الدخول للأراضي الأوروبية وتجميد حسابات المشمولين بالعقوبات الموجودة في البنوك الأوروبية.
وفي أول رد فعل منه، قال رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح: "إن العقوبات التي فرضتها عليه الولايات المتحدة لن تؤثر على موقفه من حكومة الوفاق الوطني". مضيفًا أنه لا يملك أية أصول في الخارج.
وأكد أنه "لا يعرقل" عملية السلام في ليبيا، لكنه يطالب بالالتزام بالإعلان الدستوري وبعرض سيرة الوزراء في الحكومة الجديدة، وبضرورة منح الثقة للحكومة قبل بدء أعمالها.
بعد فرض عقوبات على
وكان البرلمان الليبي، قد فشل نحو 10 مرات بعقد جلسة للتصويت على الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؛ بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني.
في هذا السياق، أكد الدكتور عبدالله عثمانة الخبر الليبي في الشئون الاستراتيجية، وأستاذ العلاقات الدولية، أن منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني مرهون بشروط أبرزها إلغاء المادة الثامنة من الاتفاق السياسي وإلغاء منصب وزير الدفاع بحكومة الوفاق والإقرار بالقيادة العامة للجيش الليبي ممثلة في الفريق ركن خليفة حفتر.
وانتقد "عثامنة"، قيام مسئولين من أوروبا بزيارة طرابلس والاجتماع بالمجلس الرئاسي الليبي ما يعد تجاوزًا للسلطة التشريعية ممثلة في البرلمان المعترف به دوليا في طبرق، وتحديًا واضحًا لإرادة الشعب الليبي، واصفًا هذه الخطوة بأنها استعمار غربي ناعم لليبيا وانحياز لطرف دون الآخر.
وقال عثامنة: "إن خرق المجتمع الدولي والمجلس الرئاسي الليبي لبنود الاتفاق السياسي وتهميش السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد كما مصادرة إرادة الليبيين لا تخيفينا، وأضاف الذي يقف على الأرض لا يخاف السقوط، وأن الجيش الليبي سيواصل معاركه ضد الجماعات المتطرفة غرب بنغازي حتى تحرير مدينة سرت من داعش".
واعتبر الخبير الليبي بالشئون الاستراتيجية وأستاذ العلاقات الدولية قرار مجلس الأمن الدولي 2278 بمثابة تدخل في شئون ليبيا الداخلية، فالقرار مجرد تعليمات غربية واضحة لحكومة الوفاق المرتقبة لما يجب أن تقوم به في مقابل بضعة ملايين يمن بها الغرب على الليبيين، وكأن ليبيا بحاجة إلى صدقات المجتمع الدولي علمًا بأن ليبيا لديها صندوق سيادي به 67 مليار دولار، فليبيا ليست بحاجة إلى هذه الملايين الضئيلة التي يمن بها الغرب علينا، ولكننا بحاجة إلى الدعم السياسي؛ من أجل تنفيذ بنود الاتفاق المبرم بين الليبيين، موضحًا أنه لا يستقيم طلب الاتحاد الأوروبي من رئيس البرلمان المستشار عقيلة صالح أن يتعاون معهم في الوقت الذي يفرضون عليه عقوبات وهو رمز السلطة التشريعية في البلاد.
بعد فرض عقوبات على
كان عضو البرلمان الليبي أبو بكر بعيرة، أوضح أن أهم نقاط الخلاف التي حالت دون انعقاد تلك الجلسة، تتمثل في دعوة بعض النواب إلى جعل الإعلان الدستوري ضمن الاتفاق السياسي، الأمر الذي يتطلب موافقة 131 نائبًا على الأقل من أصل 198.
وأشار إلى أن التعجيل بمنح الثقة للحكومة؛ بسبب الظروف التي تعيشها البلاد، كان أيضًا من أهم الخلافات بين النواب، الذين طالب بعضهم بضرورة مناقشة أمري السياسة العامة ومنح الثقة للحكومة قبل التصويت.
وفي سياق آخر، يرى محللون أن احتمالية نجاح مساعي أمريكا ضعيفة جدًا في ظل رد رئيس مجلس النواب على فرض العقوبات الأمريكية، والذي أكد أنها لن تؤثر على موقفه من حكومة الوفاق، متسائلين: هل تنجح أمريكا في إخضاع الأطراف السياسية في ليبيا لتمرير حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج؟ 
ويرى محللون أن هذه العقوبات ربما لا تعطي نتائج إيجابية، بل قد تؤدي إلى نتائج عكسية؛ حيث سيزيد صالح من تمسكه بموقفه، وربما يصبح بطلًا قوميًا، مشيرين إلى أن هذه العقوبات تهدف إلى ممارسة ضغوط على الأطراف الإقليمية المؤثرة على الملف الليبي، ودفع دول الجوار للضغط على صالح؛ من أجل تغيير موقفه المعارض لمنح الثقة لحكومة الوفاق، وأن فشل الاتحاد الأوروبي في إدارة ملف الاتفاق السياسي، جعل واشنطن تتخذ هذا القرار.
ويرى البعض أن العقوبات ستطال كافة معرقلي الحل السياسي ومسيرة الاستقرار في ليبيا فيما عدا قائد الجيش الليبي خليفة حفتر؛ حيث إنه نجح في إقناع شريحة كبيرة من الليبيبن وعدد من الأطراف الدولية بأنه حليف قوي يمكن الاعتماد عليه.

شارك