صراع الحكومات الليبية.. سر تمدد "داعش" في غرب سرت

الأحد 15/مايو/2016 - 04:03 م
طباعة صراع الحكومات الليبية..
 
ما زالت الصراعات قائمة على أسبقية تحرير مدينة سرت الليبية من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"؛ حيث يتنافس كل من الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر في طبرق، وكذلك حكومة الوفاق الوطني المنبثقة بدعم أممي وتقيم في طرابلس؛ الأمر الذي قد يدفع التنظيم الإرهابي للمزيد من العمليات الإرهابية والتوسع والتنامي، مستغلًّا حالة التوتر بين الحكومات.
صراع الحكومات الليبية..
وفي هذا الصدد نجح التنظيم في التوسع إلى غرب سرت التي يسيطر عليها منذ يونيو 2015، ودخل منطقة أبوقرين الواقعة على طريق رئيسي يربط الغرب الليبي بشرقه؛ حيث تخضع القوات العسكرية في الغرب الليبي إلى سلطة حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة، بينما يقود الفريق أول ركن خليفة حفتر مدعومًا من البرلمان، القوات في الشرق والموالية لحكومة لم يعد يعترف بها المجتمع الدولي.
ويسيطر تنظيم "داعش" على سرت الواقعة على بعد نحو 450 كلم شرق طرابلس، مقر حكومة الوفاق، وعلى بعد حوالي 550 كلم غرب مدينة بنغازي؛ حيث مقر القوات الموالية للبرلمان، وتخضع مدينة سرت منذ أكثر من عام لتنظيم داعش الذي سيطر أيضًا على بلدات تقع حولها.
وكانت ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، أن ما يحدث بين الأطراف المتنازعة يعكس الأزمة العميقة التي تمر بها ليبيا بعد أن انقسمت السلطة المركزية فيها إلى ثلاث حكومات، واحدة في طبرق، واثنتان في طرابلس، إحداها وهي حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج تحظى باعتراف الأمم المتحدة، على الرغم من أن مجلس النواب في طبرق لم يصوت لصالحها حتى الآن، والأخرى تابعة للمؤتمر المنتهية ولايته الموالي لجماعة الإخوان.
وكان بيان للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، قد حظر على أية قوات نظامية أو شبه نظامية القيام بأي عمليات في المنطقة الممتدة من سرت إلى مصراتة، في خطوة مضادة لتحرك حفتر.
الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيا توالدو، يقول لوكالة فرانس: "إن الانقسام في ليبيا لا يمثل مشكلة سياسة فقط تمنع قيام حكومة موحدة، بل إنه يشكل أيضًا معضلة عسكرية". مضيفًا: "إذا انطلقت "الحملتان العسكريتان" من دون تنسيق للجهود، فإن تنظيم الدولة الإسلامية قد يجد نفسه في موقع أفضل للتصدي لأي هجوم". 
وفي الوقت الذي ترفض فيه الحكومة المعترف بها دوليًا في طبرق منح الثقة للوفاق الوطني، كذلك ترفض الحكومة الموازية في طرابلس والموالية لجماعة الإخوان المسلمين تسليم السلطة لحكومة السراج.
وتحظى حكومة الوفاق بدعم دولي؛ حيث شهدت منذ دخولها لطرابلس في 30 مارس الماضي زيارة العديد من القيادات الغربية التي أبدت تأييدها المطلق لحكومة السراج، وحصلت تباعًا على تأييد المجموعات العسكرية التي كانت تسيطر على العاصمة، وتسلمت الوزارات والمؤسسات الرسمية.
صراع الحكومات الليبية..
وكانت تناولت بوابة الحركات الاسلامية في تقرير سابق لها، أن حكومة الوفاق الوطني في طرابلس شكلت مؤخرًا غرفة عمليات عسكرية خاصة ضد تنظيم الدولة، تقوم مهمتها على تنسيق أنشطة مكافحة التنظيم في منطقة تمتد بين مصراتة 200 كلم شرق طرابلس وسرت.
وقال مسئول في الغرفة في تصريحات صحفية: "اكتملت الاستعدادات لاستعادة سرت والمناطق الأخرى، وتوقيت الانطلاق في عمليتنا العسكرية بات قريبًا".
وكانت الغرفة أعلنت في بيان لها السبت أنها شرعت في الإعداد للدفاع عن الدين والوطن ضد خوارج العصر والتكفيريين، داعية كافة شباب الوطن وشرفائه من عسكريين ومدنيين، إلى نبذ الفرقة والوقوف صفًّا في وجه العدو الغاشم، وانتظار ساعة الصفر لبدء العمليات القتالية.
فيما قال مسئول في المكتب الإعلامي لقوات حفتر: "تم اتخاذ قرار تحرير سرت، وتم وضع كافة الخطط العسكرية للاقتحام، على أن يشارك في تحرير المدينة كافة صنوف الأركان البرية والبحرية والجوية". مضيفًا أنهم سينطلقوا من منطقة البمبة التي وصلت إليها قوات من الجنوب أيضا لدينا القدرة والتجهيزات، لكن لا يمكن الإعلان عن ساعة الصفر ولا عن العديد من القوات المسلحة التي ستشارك في هذه العملية.
في المقابل رد تنظيم داعش على الإعلان عن قرب مهاجمة سرت بشن هجمات ضد قوات حكومة الوفاق الوطني في غرب المدينة.
ونجح التنظيم إثر هذه الهجمات التي بدأت قبل أسبوع في السيطرة على منطقة أبوقرين الاستراتيجية قرب الساحل عند الطريق الرئيسي الذي يربط الشرق الليبي بغربه، ومدينة مصراتة بمدينة سرت وبالجنوب الليبي أيضا، وتعتبر هي المرة الأولى التي ينجح فيها داعش في التمدد إلى الغرب من سرت، علمًا أنه يسيطر على مناطق تقع شرق المدينة.
ويرى مراقبون أن حفتر أمامه خياران: إما الرضوخ لحكومة الوفاق، ما يعني انتهاء دوره العسكري والسياسي بعزله عن قيادة الجيش، أو الاكتفاء بإقليم برقة إلى حين إشعار آخر، خاصة إذا ازدادت الضغوط الدولية عليه لمنعه من التقدم نحو سرت، وفي نفس الوقت لا تبدو مراكز القوى غرب البلاد مكترثة لمثل هذا السيناريو، والكثير منها مستعد للقبول بتقاسم "الغنيمة" إذا كان ذلك يضمن مصالحه.

شارك