سالم الشيخي.. من أوروبا إلى حلبة الصراع في ليبيا
الثلاثاء 01/أكتوبر/2024 - 10:50 ص
طباعة
حسام الحداد
ولد سالم الشيخي في الأول من أكتوبر 1964 وزير الأوقاف الليبي السابق بالمكتب التنفيذي للمجلس الوطني الانتقالي وداعية وفقيه وخطيب مسجد ديدسبري سابقاً، لم يكمل دراسته الجامعية في ليبيا حيث اعتُقل بسبب انتمائه السياسي، وأمضى سنتين في السجن، بعد خروجه من السجن ارتحل ودرس العلوم الدينية في عدة أقطار عربية، وانتقل إلى إنجلترا في منتصف التسعينيات واحتل موقعًا متميزًا في النشاط الاجتماعي والسياسي للجالية العربية في مانشستر. عاد إلى ليبيا في فترة الحرب الأهلية الليبية وعُين وزيراً للأوقاف الإسلامية.
هو سالم عبد السلام عبد الله حسن الشيخي، وينسب الشيخي نفسه إلى عبد السلام الأسمر الفيتوري، والذي يرجع نسبه إلى الحسن بن علي بن أبي طالب. ولد بمدينة البيضاء وأنهى فيها دراسته الابتدائية والإعدادية والثانوية. في الأولى والثانية من مرحلته الإعدادية بدأ ينشغل بالانتماء إلى الطريقة الصوفية العروسية، وفي الصف الثالث الإعدادي كان يعتكف على كتب من أمثال مصطفى محمود وغيره، في مرحلة ثانية انتمى لجماعة الدعوة والتبليغ في البيضاء.
ثم انتقل بعد ذلك إلى مدينة بنغازي للدراسة في كلية الهندسة الصناعية بجامعة قاريونس إلى أن اعتقل في عام 1986م ولم يبقَ من دراسته سوى فصل واحد وبحث التخرج، مع أنه لم يتخرج في الهندسة فإنه يقول إن دراسته لهذا العلم (وتحديدًا علم بحوث العمليات) قد أثرت في فكره ومنهجيته.
فترة السجن
أمضى سنتين في سجن أبو سليم من عام 1986م إلى عام 1988م، وكانت تُهمته هي الانتماء فكريًّا وعقديًّا إلى جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا. خلال فترة اعتقاله حفظ القرآن وقرأ كتبًا في أصول الفقه واللغة العربية. حيث كان دخول المصاحف مسموحًا به في السجن، ولكنه اضطر إلى تهريب بعض الكتب، كان لدى السجناء فرصة ليخرجوا من غرفهم لمدة ثلاث ساعات يوميًا، ولكن الشيخي كان يفضل في بعض الأحيان البقاء داخلاً للمطالعة، في السجن قرأ عدة تفاسير منها تفسير ابن كثير والبيضاوي ولخّص كتبًا، منها إحياء علوم الدين مع الاستفادة بتعليقات العراقي.
الخروج من ليبيا
بعد أن خرج من السجن ذهب إلى السعودية وتخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة (الإجازة العالية) ومن شيوخه في المدينة علي آل سنان وعطية محمد سالم ومحمد المختار الشنقيطي ومحمد عوض الدمشقي. تزوج الشيخي من المغرب خلال فترة بقائه بالمدينة. بعد المدينة بدأ الدراسة في جامعة أم القرى وأكمل بعض الدراسات مثل علم المنطق، فدرسه على الشيخ الكاندهلوي. لكن بسبب بعض الإجراءات اضطر أن يترك السعودية وتوجه إلى السودان.
في السودان حصل على الدبلوم في الفقه المقارن من كلية الشريعة بجامعة أم درمان. ثم رحل بعد السودان إلى المغرب وقضى فيها ثمانية أشهر، ومن مشايخه هناك محمد الجردي الطنجي ومحمد الزناتي، وعاد بعد ذلك إلى السودان في أكتوبر 2011 بعد نجاح الثورة الليبية وناقش أطروحة لنيل درجة الماجستير ونالها بنجاح وكان عنوانها التفريق للشقاق بين الزوجين وتطبيقات مجالس الشريعة في بريطانيا.
في بريطانيا
في عام 1996م ترك المغرب ووصل به المطاف إلى بريطانيا. وبعد مرور 15 يوما فقط من وصوله بدأ بإلقاء الدروس بدار الرعاية في مانشستر، وفي سنة 1999م دخل في مسجد ديدسبري وأصبح خطيب الجامع. من الأمور التي اهتم بها في هذه الفترة مكانة القضاء الإسلامي في دول أوروبا، وقد أتم بحثاً استغرق ثلاثة سنوات سمّاه «النظرية القضائية للمسلمين في الغرب». بعد انشغاله في القضاء لفترة أنشأ «مركز السلام لدراسات المسلم الأوروبي»، ويهدف هذا المركز إلى تدريب وتأهيل الأئمة وتعزيز دور الأسرة المسلمة في الغرب، يحمل الشيخي الجنسية البريطانية، وكان يظهر أسبوعياً على قناة الحوار اللندنية.
عاد إلى ليبيا لأول مرة عام 2009م على غرار «التطورات الإيجابية التي يشهدها ملف حقوق الإنسان والحريات في ليبيا»، والإفراج عن مجموعة من السجناء السياسيين، وألقى فيها بعض المحاضرات والدروس.
الحرب الأهلية الليبية
في بداية ثورة 17 فبراير الليبية خرج الشيخي مؤيداً لمطالب الثوار، وقام بالتظاهر في مدينة مانشستر البريطانية أمام مقر الـ"بي بي سي" في شارع أكسفورد. وأصدر بيانًا طالب المسئولين فيه «أن يحسنوا الاستماع إلى مطالب إخوانهم وأبنائهم الذين خرجوا ليعبروا عنها سلماً». وأضاف بأن «فزاعة القبلية والحرب الأهلية التي هدّد بها القذافي لا تجد لها أي تجاوب ولا أي تأثير على أرض الواقع». وقال: «إن الشعب الليبي يتعرض لحملة إبادة لم يتعرض لمثيل لها في التاريخ وحتى في فترة الاستعمار». وأضاف بأن «الشعب الليبي يطلب النصرة من أمته وسيحمل المسئولية أمام الله لكل من يتخلى عنه في هذه الفترة».
بعد تطور الأوضاع في ليبيا ترك الشيخي مانشستر وتوجّه إلى مدينة الدوحة في قطر، حيث ظهر على قناة الجزيرة. بعدها دخل إلى ليبيا وذهب إلى عدة مدن شرقية منها بنغازي التي خطب فيها خطبة الجمعة يوم 22 أبريل 2011م، والمرج، وانخرط مع الثوار. وقد كان من الموقعين على ميثاق لنقاش انتقال السلطة في البلاد. وتحدث عن دور الجالية الإسلامية والجالية الليبية في الخارج، وتحديداً مانشستر والتي ذكرها سيف الإسلام القذافي في أول خطاب له بعد اندلاع الثورة. وقد برز صيته هو وعلي الصلابي في هذه الحقبة في الإعلام.
رجع الشيخي إلى مانشستر في بداية مايو لفترة قصيرة، بعدها رجع مرة أخرى إلى ليبيا وخطب الجمعة في بنغازي في 15 يوليو 2011. وقد عُين من قبل المجلس الوطني الانتقالي وزيراً للأوقاف. وقد قام بالمشاركة مع الصلابي، وبالتشاور مع بعض القانونيين بكتابة ميثاق وطني استعداداً لمرحلة ما بعد القذافي، يبين فيه رؤيته لمستقبل البلاد.
سالم الشيخي والمشكلة الأمازيغية
شن سالم الشيخي في أبريل 2013 هجوما على قيادات أمازيغية في تصريحاته وخطبه؛ مما أدى بالدكتور فتحي سالم أبو زخار إلى الرد عليه في مقال نشرته شبكة تيمسا بريس يقول فيه: "المشكلة يا فضيلة الشيخ تبدأ في عدم اتفاقنا على نقطة جوهرية في الموضوع وهي مربط الفرس على حد تعبيركم فضيلة الشيخ حيث ذكرتكم: أن حالة التعريب التي شهدتها المناطق الأمازيغية في ليبيا عبر التاريخ هي قرار اتخذه أجدادنا من الأمازيغ، وغيرهم بطريقة تلقائية دون إكراه أو قهر من أحد، وذلك عندما تفاعلوا مع دينهم وعقيدتهم، وآمنوا أن العربية هي عربية اللسان، وأنها القوالب اللغوية لفهم نصوص الكتاب والسنة.. ونحن نقول غير ذلك.. بل كان بالإكراه الذي عشناه في الماضي ونعايشه الآن.. ويتمثل في الآتي: الربط الجائر بين قبول الدين الإسلامي والتحدث بالعربية كان سبباً وما زلنا نسمعه.. بالرغم من أننا نرى دول إسلامية كبيرة لا يتحدث أهلها العربية.. ومنها إندونيسيا وإيران وتركيا، وباكستان، والبوسنة وغيرها.
التأرجح في أحقية فرصة الإمامة بين آل البيت والقريشية دفع- وبالإكراه الديني- إلى أن ترجع الكثير من القبائل الأمازيغية، للحفاظ على مكانتها، أصولها لآل البيت وقبيلة قريش. والأمم التي دخلها التجار لم يفرضوا هذا الشرط وما زال أهلها يتولون الحكم فيها وإندونيسيا وغيرها مثال يشهد على ذلك.
من خلال اطلاعي على رد فضيلة الشيخ نجد أنه يرفض بصورة واضحة ترسيم اللغة الأمازيغية، بل ويصر على اتهامات الأنظمة العروبية الثلاثة التي ما زالت، وبعد نهاية المقبور، تلاحقنا كأمازيغ: أننا ضد الإسلام، وندعو للتقسيم، وعندنا أجندات خارجية أو التخوين والعلاقات المشبوهة بالخارج!
ولم يكتف سالم الشيخي بهذا بل شن هجوما حادا هذه الأيام على بعض قيادات الإخوان في ليبيا في إطار الحرب المستعرة بين الإخوان المسلمين أنفسهم، فقد شن هجوما عنيفا على الإخواني صادق الغرياني وطالب بتنحيته... وهو يقوم حاليا بشحن صفوف مؤيديه للقيام بتظاهرات في بنغازي لطرد الغرياني من منصبه.
مناصبه
شغل الشيخي مناصب عدة في أوروبا، منها:
رئيس ماتعرف بـ "لجنة الفتوى في بريطانيا".
عضو الأمانة العامة للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.
القاضي الشرعي في مدينة مانشستر.
محكم في المحاكمة البريطانية في شئون المسلمين.
خبير بمجمع فقهاء الشريعة في أمريكا.
عضو المكتب التنفيذي للتجمع الأوروبي للأئمة والمرشدين على الساحة الأوروبية.
رئيس مركز السلام لدراسات المسلم الأوروبي
أستاذ في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية.
عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.