علماء أزهر وباحثون وسلفيون يرفضون التقريب بين المذاهب الإسلامية

الثلاثاء 17/مايو/2016 - 02:30 م
طباعة علماء أزهر وباحثون
 
في محاولة من الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر للتقريب بين المذاهب الإسلامية خاصة المذهبين الكبيرين السنة والشيعة، أطلق مبادرة بهذا الشأن، وقد كشفت هذه المبادرة استحالة التقريب بين المذهبين الكبيرين، وبالتالي استحالة وجود ما يسمى بالإسلام الوسطي الذي يقبل الآخر في إطار الشراكة الوطنية؛ حيث أعلن أزهريون رفضهم المبادرة التي أطلقها كريمة، للتقريب بين المذهبين السني والشيعي لمواجهة المخططات الرامية إلى تقسيم المنطقة، بتأسيس ما أطلق عليه "أمانة التقريب المذهبي".
علماء أزهر وباحثون
وطالب الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، بأن تقود مؤسسة الأزهر التقريب بين السنة والشيعة، باعتباره عملًا مؤسسيًّا وليس فرديًّا، مؤكدًا أن هذا الملف موجود على الساحة الإسلامية منذ سنوات، ولا ينبغي أن يكون عملًا تطوعيًّا يقوم به أفراد؛ لأنهم حتمًا سيفشلون إن لم يكن الأزهر داعمًا لهم.
وأضاف، أن دعوة التقريب بين المذاهب تأخذ قوتها وأثرها الإيجابي ورد فعل كبير إذا تقدم بها الأزهر وليس بعض الأساتذة، مستشهدًا بما قدمه الشيخ محمود شلتوت وبعض أساتذة الأزهر في هذا الصدد، مشيرًا إلى أنهم كانوا يتحاورون ويتدارسون نقاط الخلاف والاتفاق بين المذهبين واستطاعوا التلاقي في كثير من القضايا، وهذا يدل على أن التقارب ممكن، ومع ما نعانيه اليوم أصبح التقريب بين المذهبين ضرورة حتمية.
علماء أزهر وباحثون
من جانبه قال الدكتور علي عبد الباقي شحاتة، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية الأسبق: "إن إنشاء مؤسسات جديدة من أجل التقريب بين الشيعة والسنة لا جدوى منه؛ موضحا أن هذه المسألة ليست جديدة وكانت هناك لجنة للتقريب بين المذاهب الإسلامية منذ الأربعينيات تحت إشراف مؤسسة الأزهر، وأصدرت كتبا للسنة والشيعة لبحث نقاط الاتفاق والاختلاف بين المذهبين، إلا أن السياسة أبعدت علماء الشيعة فلم ينفذوا ما كانت تقره اللجنة وقطعوا الصلات مع الأزهر".
وأضاف أنه لا بد من إحياء اللجنة وبحث أسباب توفقها ودراسة العقبات التي تواجهها، بدلًا من عمل مبادرات ومؤسسات جديدة يبحث فيها البعض عن مهام يقوم بها من أجل الظهور الإعلامي فقط، رافضًا أن تكون تلك المبادرات خاصة بأفراد دون أن يشرف عليها الأزهر، مؤكدًا أنها بذلك ستكون بمثابة «قطاع الخاص».
علماء أزهر وباحثون
ولقد أثار إعلان الدكتور أحمد كريمة، حصوله على موافقات من الجهات المسئولة لتأسيس كيان غير رسمي يستهدف التقريب بين المذاهب والحركات الإسلامية وعلى رأسهم السنة والشيعة والسلفية والصوفية- حالةً من الرفض من أغلب التيارات الإسلامية والمراقبين والباحثين في شأن الحركات الإسلامية، مؤكدين عدم حدوث أي تقارب بين هذه التيارات. وعللوا ذلك بأن كل أصحاب منهج أو مذهب يتمسكون بأفكارهم؛ الأمر الذي يحبط أي محاولات للتقريب، مشيرًا إلى أن هذه الدعوات مصيرها الفشل كما حدث في الدول الأخرى. 
علماء أزهر وباحثون
وقال الشيخ سامح عبد الحميد الداعية السلفي: "الوحدة بين السنة والشيعة تكون بأن ينتهى الشيعة عن معتقداتهم الباطلة ويتبعوا القرآن والسنة وسلف الأمة، فهم يُكفرون عامة الصحابة، وفي مقدمهم أبو بكر وعمر وعثمان، وعائشة أم المؤمنين رضى الله عنها، ويرمونها بالفاحشة، وعندهم بدع كثيرة يجب التوبة منها. وأضاف "عبد الحميد": "وهناك تنبيه مهم وخطير هو أن كثير من دعوات التقريب بين السنة والشيعة هدفها تشييع أهل السنة؛ وغزو المجتمع السني ونشر الحسينيات والضلالات الشيعية، مضيفاً: "والطرق الصوفية ليست كالشيعة؛ ولكن هناك مخالفات شرعية وعلينا إرشادهم حتى يُصبح المسلمون يدًا واحدة؛ كما قال الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وبذلك يتحد المسلمون، وتحدث لهم القوة، والعزة، والمنعة. 
علماء أزهر وباحثون
فيما قال الشيخ طارق الرفاعي، شيخ الطرق الرفاعية: "إنه من الصعب على الإطلاق أن يحدث أي تقارب بين السلفيين والطرق الصوفية في مصر، خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن السلفيين يحملون عداء واضحًا للصوفية، ولا يمكن أن يحدث تقارب في وجهات النظر بين الطرفين". وأضاف شيخ الطرق الرفاعية، أن هناك خلافًا واضحًا وكبيرًا بين شيوخ الصوفية وشيوخ السلفية، واختلاف واضح في وجهات النظر خاصة فيما يتعلق بالمعتقدات والأفكار الإسلامية، فالصوفية تؤمن بالإسلام الوسطي، بينما فتاوى السلفيين تتسم بالتشدد، موضحًا أن محاولات بعض أساتذة الأزهر للتقريب بين الطرفين لن تنجح. 
علماء أزهر وباحثون
بينما انتقد محمد مصطفى الباحث الإسلامي، المتخصص في الشأن الإيرانى، إعلانَ أستاذ بجامعة الأزهر الشريف، تأسيسَ كيان يستهدف التقريب بين المذاهب وعلى رأسهم "السنة والشيعة". وقال مصطفى: "إن الدعوات التي تُطلق بين الحين والآخر للتقريب بين المذاهب، أو للتقريب بين الديانات على اعتبار أنها وسائل لتحقيق هدف أسمى ألا وهو وأد الفتن والتلاحم حول المواطنة- دعوات تصب في غير الاتجاه التي رصدت من أجله؛ لأنها تعتمد على الهروب من معالجة أصل الداء". 
وأضاف الباحث الإسلامي أن الاختلاف بين الناس في الفكر والمعتقد هو أصل قامت عليه البشرية وهو سنة كونية، وحين يحدث الشقاق والصراع بين المختلفين في المذهب أو التوجه، فليس ذلك سببه الاختلاف القائم بينهم، بل سببه عجز المجتمع عن إيجاد صيغة أو وسيلة يصطلح عليها الجميع وفق قاعدة العيش المشترك، وهو ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم في وثيقة المدينة والتي كانت بمثابة الدستور الذي يكفل للجميع حرية الاعتقاد، فجمعت اليهود والمشركين والمسلمين في إطار التنوع وتحت سقف المواطنة، والله يقول في سورة البقرة: {وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات}، كما قال في سورة مريم: {فاختلف الأحزاب من بينهم} وفي إشارة توحي بشيء من التكامل والتناغم في مفهوم الاختلاف يقول الله في سورة فاطر: {فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها}. ووجه مصطفى رسالة إلى الداعين لتأسيس كيانات تستهدف التقريب بين السنة والشيعة، قائلا: "لكي تصلوا إلى هدفكم في الاستقرار فلن يكون عبر هذه الوسيلة التي جربت في دول حولنا وسبقتنا في دعوات التقريب، ولم تزد الأمور إلا اقتتالًا وتطاحناً، لكن عليكم أن تجددوا الخطاب الديني وفق خطوة العصر، وذاك منوط برجال الدين حين يقدمون خطابا صحيحا فيه قبول الآخر أيًّا كان معتقده، وعلى الدولة عبر التعليم والإعلام غرس ثقافة المواطنة والقضاء بالفكر على التيارات المتأسلمة التي تزدرى الانتماء للوطن وتكفر به". 
علماء أزهر وباحثون
وفي السياق ذاته قال هشام النجار الباحث الإسلامي: "إن هناك فارقًا بين التقريب بين المذاهب بعضها بعضاً وبين التيارات، فالصوفية ليست مذهباً بل تيار وحركة ليس لها أبعاد، فقضية التقريب بين السلفية والصوفية قضية مختلفة فهذان تياران فكريان لهما بالفعل حضور وتأثير في الداخل المصري، واشتباكهما بالشأن السياسي محدود ومسيطر عليه ومسألة التقريب بينهما جيدة وفكرة لها بريق، رغم ما يكتنفها من مثالية؛ حيث يتعايش كلاهما على انتقاد الآخر". وأضاف الباحث الإسلامي أن هناك نقاطًا ومساحة تاريخية مشتركة ورموزًا في الوسط الصوفي من الممكن البناء على تراثهم وإنتاجهم في مسار التقريب بين الاتجاهين؛ حيث كانوا يمثلون التيار الصوفي بحس سلفي مثل الجنيد والحارث المحاسبي وحديثاً الإمام عبد الحليم محمود والإمام أحمد الطيب. وتابع: "موضوع التقريب بين السنة والشيعة قضية مختلفة تماماً، والسؤال المهم والمطروح على الدكتور أحمد كريمة: هل هناك مشكلة مذهبية في مصر؟ وهل نعاني نحن هنا من معضلة طائفية بسبب حضور قوى للشيعة في مصر؟ والإجابة عندي أنه بالطبع لا؛ لأنه لا يوجد في مصر هذا الحضور الشيعي الذي يجعلنا نبادر نحن ونتبنى قضية ليست لها أرضية وحضور في وطننا، والأولى بتبني هذه القضية وهذا الملف والاشتغال به هم من يعانونه في العراق وإيران وسوريا واليمن". وأوضح أن هناك بالفعل مشكلة واحتقانًا بسبب الحضور الشيعي، أما مصر فهي في غنى عن الاشتغال بمسألة قد تعنينا بالفعل معالجتها فكرياً وتأصيلاً وتنظيراً، لكن ليس من المنطقي استضافتها بالكامل على أراضينا الخالية أساساً من هذا النزاع وتداعياته، وكأننا نخلق بأيدينا شيئاً من لا شيء، ونفتعل قضية ونستحضرها ونستدعيها من بلادها الأصلية، وكأننا انتهينا من مشاكلنا والقضايا المثارة والنزاعات في بلادنا.. وأرى أن هناك قضايا محلية هي واجب الوقت ولها الأولوية ولها حضور فعلي".

شارك