بعد فشل إقصاء "حفتر".. هل تتوحد الجيوش الليبية في مواجهة "داعش"؟

الخميس 19/مايو/2016 - 01:39 م
طباعة بعد فشل إقصاء حفتر..
 
في ظل الصراعات القائمة في ليبيا بين حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وبين الحكومة المعترف بها دوليًّا بقيادة عبدالله الثني، والذي لم تمنح ثقتها حتى الآن للوفاق، اعتراضًا على المساس بالقيادة العسكرية المتمثلة في القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر، تأتي تصريحات الأخير بشأن تورط الميليشيات والإخوان في إغراق ليبيا في الفوضى واضح وصريح لتثير جدلًا واسعًا.
بعد فشل إقصاء حفتر..
ومن المعروف أن حكومة الوفاق الليبية تسعى لإقصاء خليفة حفتر من المشهد السياسي؛ الأمر الذي يرفضه البرلمان المعترف به في طبرق بقيادة عقيلة صالح، فقد أكد حفتر أن قراراتها لا تعنيه؛ لأن الأولوية في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها ليبيا هي فرض الأمن والقضاء على الإرهاب.
وفي تصريح له نفى حفتر أنه يسعى إلى إقامة نظام حكم عسكري، قائلا: "ليبيا لن تكون إلا دولة مدنية ولن تحكم عسكريًّا، والدكتاتورية لن تعود".
وكان السراج حذر أي جهه تتدخل للقضاء على التنظيم الإرهابي "داعش" في سرت أو أي مدينة أخرى، بما فيهم خليفة حفتر ذاته؛ حيث أكد على أن قوات حكومة الوفاق ستقوم بدورها في القضاء على التنظيم منفردة دون تدخل من الجيش الليبي.
وذكر حفتر، في حديث لقناة ليبيا الحدث، بأنه يطمح إلى القضاء على الإرهاب لأنه لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية في ظل إرهاب الميليشيات، مشددًا على أن الديمقراطية لا بد أن تمر عبر أجيال حتى تترسخ؛ لأنها ثقافة ممارسة في الحياة اليومية، وعلى الشعب الليبي أن يكون واعيًا بممارسة الديمقراطية بطريقة صحيحة، وأنا أؤمن بها لأني عشتها 25 سنة في الغرب.
وأضاف أن الدكتاتورية ليست محصورة في النظام العسكري أو القادة العسكريين، إذ يمكن أن تتجسد في جماعة من المدنيين مثل جماعة الإخوان المسلمين التي اعتبرها مجموعة إرهابية وهي مثل القنبلة الموقوتة أينما تحل يحل الخراب، ولا فرق بينها وبين تنظيم القاعدة الإرهابي وهو الأصل، وحكومة فيها الإخوان المسلمون لا يمكن أن تنتظر منها خيرًا.
والجدير بالذكر أن المؤتمر الوطني المنتهية ولايته الموالي لجماعة الإخوان وميليشيات فجر ليبيا، كان رفض بقاء حفتر، ضمن التشكيلة الجديدة لحكومة الوفاق الوطني، وقال المتحدث باسم عملية الكرامة محمد الحجازي، في وقت سابق: "إن حفتر أسس كتائب موازية للجيش ولاؤها له، مقتديًا بالعقيد الراحل معمر القذافي في تفتيته المؤسسة العسكرية، وكانت هذه الكتائب تنفذ عمليات خاصة بها، منها الخطف والإخفاء القسري لبعض الشخصيات، مضيفًا أن حفتر كان يحول دون توزيع الآليات العسكرية ووصول الذخيرة لمحاور القتال، خصوصًا في مدينة بنغازي؛ مما جعل أفراد ومنتسبي الجيش هدفًا سهلًا للعدو".
بعد فشل إقصاء حفتر..
وكان حفتر من مواليد 1943 تخرج من الكلية العسكرية في بنغازي وشارك في الانقلاب الذي قاده معمر القذافي في 1969 قبل أن ينشق عنه في نهاية ثمانينات القرن الماضي ليغادر إلى الولايات المتحدة، ويقيم هناك وينضم إلى قيادات المعارضة.
وعاد حفتر ليرأس القوات البرية للجيش إبان ثورة 17 فبراير 2011 التي سقط بفعلها نظام معمر القذافي، وبعدها أحاله المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته إلى التقاعد مع عدد من الضباط الكبار ما اعتبر في حينه تهميشًا للجيش الليبي.
وكما تحظى حكومة الوفاق الليبية بدعم دولي كبير، في المقابل يحظى حفتر بدعم شعبي من قبل العديد من المدن في ليبيا، فقد قام العشرات من المواطنين في بنغازي وأوجلة والبيضاء بتنظيم احتجاجات كبرى، في العام الماضي، طالبوا خلالها بتكليف حفتر بقيادة القوات المسلحة، مع منحه صلاحيات واسعة من أجل مكافحة الإرهاب وتحجيم التنظيمات الجهادية المتطرفة، فيما نفت المؤسسة العسكرية تلك المزاعم، مؤكدة أن اتهامات الحجازي لا أساس لها من الصحة.
وعقب هذه التصريحات رأى متابعون أن عملية الكرامة لم تكن جيشًا وطنيًّا حسبما كانت تصف نفسها، وإنما عبارة عن كتائب ينعدم بينها الترابط، وكان يراد إظهارها كجيش لتنفيذ أجندات معينة، وأن المجتمع الدولي كان يعول عليها كثيرًا ويعطيها الكثير من الأسلحة والعتاد.
ويرى محللون أن هذه التصريحات خطيرة جدًّا؛ حيث اعترف بجرائم ارتكبت باسم عملية الكرامة كعمليات الاغتيال والاختطاف والإخفاء القسري، إضافة إلى اعترافه بأن حفتر كان معنيًّا بإطالة أمد الحرب؛ من أجل الاستيلاء على الأموال وتحويلها لمصر والأردن لشراء عقارات.
بعد فشل إقصاء حفتر..
ودخلت ليبيا في أعقاب سقوط نظام القذافي في حالة من الفوضي العارمة؛ حيث تحولت إلى وكر للجماعات الإرهابية التي ينتمي أغلبها إلى تنظيم القاعدة أو إلى الإخوان المسلمين، ووجدت هذه الجماعات دعمًا من دول مثل قطر وتركيا ما مكنها من تكوين ميليشيات واقتطاع أجزاء من الأراضي الليبية وإقامة كيانات صغيرة خاصة بها، مثلما كان حاصلًا في طرابلس على يد ميليشيا فجر ليبيا قبل أن تتمركز فيها حكومة الوفاق، أو في بنغازي على يد ميليشيا أنصار الشريعة قبل أن يحررها الجيش الليبي.
وقال حفتر في تصريح سابق لها: إن حصول حكومة الوفاق الوطني على الثقة من مجلس النواب أمر لا يعنيه، قائلا: "قرارات المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني حبر على ورق ولا تخصني"، مشددًا على أن ما يهمه هو فرض الأمن والاستقرار في ليبيا، مضيفًا: "إنني لم أسمع بتأسيس حكومة في ظل الإرهاب وقرارها بتشكيل قوة لحماية المنافذ والمنشآت الحيوية كعدمه ولست معنياً به".
وتواجه حكومة السراج صعوبة في إنهاء أزمة المؤسسة العسكرية والمرتبطة بمصير خليفة حفتر، باعتبار أن الاتفاق السياسي، ينص على شغور المناصب العسكرية العليا على أن يتولى المجلس الرئاسي صلاحياتها إلى حين اختيار قيادة جديدة للجيش، وهو ما ساهم في تعميق الأزمة ودفع مجلس النواب إلى رفض تشكيلة حكومة الوفاق وطلب تعديل المادة الثامنة المتعلقة بصلاحيات المجلس الرئاسي.
ويرى مراقبون أن حفتر أمامه خياران: إما الرضوخ لحكومة الوفاق، ما يعني انتهاء دوره العسكري والسياسي بعزله عن قيادة الجيش، أو الاكتفاء بإقليم برقة إلى حين إشعار آخر، خاصة إذا ازدادت الضغوط الدولية عليه لمنعه من التقدم نحو سرت، وفي نفس الوقت لا تبدو مراكز القوى غرب البلاد مكترثة لمثل هذا السيناريو، والكثير منها مستعد للقبول بتقاسم "الغنيمة" إذا كان ذلك يضمن مصالحه.
ويرى محللون أن خروج ليبيا من مأزقها الحالي لن يفلح إلا بتوحد الجيوش المتصارعة على أسبقية مواجهة داعش، وأنه لا بد من انضمام صف الجيش الليبي مع جيش قوات الوفاق، للظهور في حالة قوية لا تسمح بتنامي التنظيم مرة أخرى، متسائلين: هل فشل حكومة الوفاق في إقصاء خليفة حفتر سيساعد على توحد الجيوش؟

شارك