بحجة تدريب قوات الوفاق.. تدخل أمريكي وشيك يلوح في أفق ليبيا

السبت 21/مايو/2016 - 11:59 ص
طباعة بحجة تدريب قوات الوفاق..
 
مواصلةً لمساعي الغرب للتدخل عسكريًا في ليبيا، بات من الواضح أن هناك مؤشرات تلوح باقتراب موعد الهجوم الدولي على البلاد، وبالأخص مع مطالبة حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج بتسليح قواتها؛ حيث كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد عن أن الولايات المتحدة وليبيا قد تتوصلان قريبا إلى اتفاق بشأن إرسال مستشارين أمريكيين إلى ليبيا.
بحجة تدريب قوات الوفاق..
وأوضح الجنرال دانفورد أن المستشارين الأمريكيين سيساعدون القوات الليبية في محاربة التنظيم الإرهابي "داعش"، قائلا: "تجري عملية تفاوضية مكثفة، وحتى الآن لم نتمكن من إرسال هذه القوة إلى هناك، بسبب عدم وجود اتفاق بهذا الشأن، ولكن ذلك قد يحدث في أي لحظة من اللحظات".
وأكد الجنرال الأمريكي أن بعض أعضاء حلف شمال الأطلسي يعربون عن اهتمامهم بالمشاركة في هذا البرنامج، مرجحًا أن تكون هذه البعثة في ليبيا طويلة الأمد، مضيفا أن مهمة العسكريين الغربيين هناك ستتلخص في إعداد المقاتلين الموالين لحكومة الوفاق الوطني الليبية.
وكانت صحيفة واشنطن بوست أفادت سابقًا بنشر مجموعتين تتكون كل منهما من 25 عسكريا أمريكيا في بنغازي ومصراتة أواخر العام الماضي، وذلك بغرض جمع المعلومات الاستطلاعية والبحث عن الحلفاء المحتملين بين الجماعات المسلحة المحلية.
في هذا الصدد كانت ناشدت حكومة الوفاق الوطني الليبية الدول الكبرى الداعمة لها، إلى التعجيل في تسليحها بعد ساعات من مقتل 32 من عناصرها خلال معارك مع تنظيم داعش غرب مدينة سرت الساحلية.
وجاء في بيان حكومة الوفاق إنها تدعو "المجتمع الدولي إلى تحمل مسئولياته والتعجيل بتجسيد الوعود التي قطعها بالمساعدة ورفع حظر السلاح المفروض على ليبيا".
وتخوض القوات التابعة لحكومة الوفاق معارك ضد داعش قرب سرت (450 كلم شرق طرابلس) في محاولة لمنع التنظيم المتطرف من التقدم غرب المدينة الخاضعة لسيطرته منذ يونيو 2015.
وقتل الأربعاء 32 من عناصر القوات الحكومية في معارك ضد داعش وتفجير سيارة مفخخة في المنطقة الممتدة من سرت وصولا إلى بلدة أبو قرين الواقعة على بعد نحو 130 كلم غربًا.
وسيطر داعش الأسبوع الماضي على أبو قرين قبل أن تستعيد القوات الحكومية السيطرة عليها الثلاثاء.
كان أعلن منذ يومين، وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن حلف الأطلسي يمكنه أن يلعب دورًا في ليبيا لدعم مهمة الاتحاد الأوروبي البحرية.
وكانت أفادت مصادر بأن فرنسا وبريطانيا بصدد الإعداد لمشروع قرار الأمم المتحدة يسمح لسفن الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط، باعتراض سفن يشتبه بأنها تنقل أسلحة إلى ليبيا.
بحجة تدريب قوات الوفاق..
ويرى متابعون أن واشنطن لن تكون في الصفوف الأولى للدول التي ستحارب داعش في ليبيا، غير أن التصريحات المتتالية من هنا وهناك للمسئولين الأمريكيين والتسريبات الصحافية بخصوص وجود قوات أمريكية تفيد بعكس ذلك أو ربما الولايات المتحدة تريد أن تلعب دورًا غير معلن في ليبيا حتى لو تعلّق الأمر بمحاربة تنظيم إرهابي خاصة بعد تصريحات باراك أوباما بخصوص الوضع في ليبيا.
وأقر الرئيس الأمريكي بأن عدم التخطيط لما بعد التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في ليبيا سنة 2011 والذي أسفر عن الإطاحة بنظام معمر القذافي، هو أكبر خطأ خلال فترة ولايته الرئاسية.
وكثيرًا ما ينتقد خبراء أمنيون تدخل الناتو في ليبيا، معتبرين أنه كان السبب الرئيسي وراء الفوضى المستشرية التي تعاني منها ليبيا إلى اليوم.
ووفق مراقبين فإن الموقف الأمريكي الحالي من الأزمة الليبية والذي يتّسم بالسلبية، هو تعبير عن عدم رغبة إدارة أوباما في تكرار سيناريو التدخل سنة 2011، فقد تمسّكت الولايات المتحدة وحلفاؤها، آنذاك، بمبدأ التدخل العسكري في ليبيا رغم إدراكهما المسبق بأن إطاحة نظام معمر القذافي سيدفع نحو الفوضى وسيطلق العنان للراديكالية الإسلامية.
وكان الحلف الأطلسي نفذ في مارس 2011 غارات في ليبيا في إطار قرار لمجلس الأمن يهدف إلى حماية المدنيين من قمع النظام حينها، لكن بعض أعضاء مجلس الأمن- وخصوصًا روسيا والصين- اعتبروا أن الغارات الأطلسية تجاوزت تفويض القرار الدولي.
وأكد مراقبون، آنذاك أن الهدف الاستراتيجي لحلف الناتو من خلال عملياته العسكرية في ليبيا هو السيطرة على مقدرات وموارد الدولة من نفط وغاز، وكذلك جعل ليبيا موطئ قدم للأوروبيين في منطقة شمال إفريقيا، في ظل ضعف النفوذ الأوروبي الحاصل منذ سنوات، بفعل التنافس الأمريكي الصيني على هذه القارة، بالإضافة إلى الموقع الجيو استراتيجي الليبي وطول الساحل البحري، الذي يؤهل ليبيا لأن تكون محطة أوروبية جديدة للنقل البحري من وإلى إفريقيا، الأمر الذي شجع الأوروبيين على القيام بتدخل عسكري مبرّره الظاهري حماية المدنيين.
بحجة تدريب قوات الوفاق..
ودخلت ليبيا في أعقاب سقوط نظام القذافي في حالة من الفوضي العارمة؛ حيث تحولت إلى وكر للجماعات الإرهابية التي ينتمي أغلبها إلى تنظيم القاعدة أو إلى الإخوان المسلمين، ووجدت هذه الجماعات دعمًا من دول مثل قطر وتركيا ما مكنها من تكوين ميليشيات واقتطاع أجزاء من الأراضي الليبية وإقامة كيانات صغيرة خاصة بها، مثلما كان حاصلًا في طرابلس على يد ميليشيا فجر ليبيا قبل أن تتمركز فيها حكومة الوفاق، أو في بنغازي على يد ميليشيا أنصار الشريعة قبل أن يحررها الجيش الليبي.
وتواجه حكومة السراج صعوبة في إنهاء أزمة المؤسسة العسكرية والمرتبطة بمصير قائد الجيش الليبي خليفة حفتر، باعتبار أن الاتفاق السياسي، ينص على شغور المناصب العسكرية العليا على أن يتولى المجلس الرئاسي صلاحياتها إلى حين اختيار قيادة جديدة للجيش، وهو ما ساهم في تعميق الأزمة ودفع مجلس النواب إلى رفض تشكيلة حكومة الوفاق وطلب تعديل المادة الثامنة المتعلقة بصلاحيات المجلس الرئاسي.
ويرى محللون أن خروج ليبيا من مأزقها الحالي لن يفلح إلا بتوحد الجيوش المتصارعة على أسبقية مواجهة داعش، وأنه لا بد من انضمام صف الجيش الليبي مع جيش قوات الوفاق، للظهور في حالة قوية لا تسمح بتنامي التنظيم مرة أخرى، متسائلين: هل فشل حكومة الوفاق في إقصاء خليفة حفتر سيساعد على توحد الجيوش؟

شارك