"ابن تيمية" مفتي "داعش" وسلفية "برهامي" ودعوته
السبت 28/مايو/2016 - 11:50 ص
طباعة

حادثة المنيا وما سبقها من حوادث، وممارسات تنظيم الدولة في العراق والشام، وكذلك فتاوى تكفير الأقباط وتكفير من يهنئهم في أعيادهم، تلك الفتاوى التي تصدرها لنا السلفية العلمية كما يدعون، سلفية برهامي والمقدم وحسان وغيرهم، كل هذا يطرح علينا تساؤلا مهما ألا وهو: من أين جاء هذا الفقه الدموي والإقصائي المتطرف؟ لن تجد عناءً كبيرًا حين البحث عن الإجابة؛ لأنك سوف تصطدم بفتاوى ابن تيمية لتقدم لك إجابات جاهزة، وكأن الرجل أصدر فتاواه ثم علبها وحفظها فوق أرفف محل الفتوى وورثها هؤلاء، دون أي تفكير في مناسبة تلك الفتاوى للعصر الذي نعيش فيه أم لا، وهل السياق الاجتماعي والاقتصادي والسياسي متوقف عند تلك اللحظة التي أصدر ابن تيمية فيها فتاواه؟ ذلك السؤال الصعب الذي إذا سألته لأحدهم سيقول لك: هل تشكك في الإمام والدين إنه ابن تيمية.. من أنت حتى تشكك في علمائنا؟
وحينما تقرأ لهؤلاء العلماء لا تجد سوى التطرف والعنف والإرهاب والإقصاء، هذا ما سوف نطرحه حالًا للتعرف على واحد من أهم علماء الدم:
1- من جهر بنية الصلاة معتقداً أنه واجب يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية: الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْجَهْرُ بِلَفْظِ النِّيَّةِ لَيْسَ مَشْرُوعًا عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فَعَلَهُ أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ دِينُ اللَّهِ وَأَنَّهُ وَاجِبٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْرِيفُهُ الشَّرِيعَةَ وَاسْتِتَابَتُهُ مِنْ هَذَا الْقَوْلِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ قُتِلَ بَلْ النِّيَّةُ الْوَاجِبَةُ فِي الْعِبَادَاتِ كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.
(مجموع الفتاوى: ج 22 ص 236 )
هكذا من جهر بنية الصلاة عند ابن تيمية يعد مرتدًّا عن الإسلام ولا بد من استتابته وإن أبى الاستتابة حتى لو كان عنده اجتهاد خاص به يقتل ولم نعلم أي دين هذا الذي يأمر بقتل أحد يريد الصلاة والتقرب لله لا لشيء سوى أنه قال: “نويت أصلي".
2- من قال: على المسافر أن يصلي أربعاً يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية : ومن قال: إنه يجب على كل مسافر أن يصلي أربعا فهو بمنزلة من قال: إنه يجب على المسافر أن يصوم شهر رمضان، وكلاهما ضلال، مخالف لإجماع المسلمين، يستتاب قائله، فإن تاب وإلا قتل. (مجموع الفتاوى /ج2 ص 12) .

3- من اعتقد بوجوب اتباع إمام واحد دون غيره يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية عمّن يأمر الناس باتّباع شيخ ما: " فإنه متى اعتقد أنه يجب على الناس اتباع واحد بعينه من هؤلاء الأئمة دون الإمام الآخر فإنه يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل." (مجموع الفتاوى ج 2 ص 105)
4- من لا يقول إن الله فوق سماواته على عرشه يستتاب وإلا قتل!
نقل ابن تيمية عقيدته السلفية في ذات الله عز وجل ثم أعقبه بنقول عن السلف في ذلك حتى نقل كلام ابن خزيمة موافقا له قال: قال «محمد بن إسحاق بن خزيمة»: من لم يقل إن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، وجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل ثم ألقي في مزبلة، لئلا يتأذى بنتن ريحه أهل الملّة، ولا أهل الذمة. وقد ذكر ذلك عنه «الحاكم أبو عبد الله النيسابوري». ( بيان تلبيس الجهمية لابن تيمية / ج1 ص 102) .
5- من قال: لا يجوز الفطر في السفر إلا عند العجز يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية :عمّن يقول أنه لا يجوز الفطر في السفر إلا عند العجر، قال في حكمه: "ومن قال: إن الفطر لا يجوز إلا لمن عجز عن الصيام فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وكذلك من أنكر على المفطر، فإنه يستتاب من ذلك." ( الفتاوى الكبرى لابن تيمية/ ج2 ص 466 )
6- من لعن التوراة يستتاب وإلا قتل!
سئل ابن تيمية عن رجل لعن اليهود، ولعن دينه، وسب التوراة: فهل يجوز لمسلم أن يسب كتابهم، أم لا؟ أجاب: الحمد لله ليس لأحد أن يلعن التوراة؛ بل من أطلق لعن التوراة فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل. وإن كان ممن يعرف أنها منزلة من عند الله، وأنه يجب الإيمان بها: فهذا يقتل بشتمه لها؛ ولا تقبل توبته في أظهر قولي العلماء. وأما إن لعن دين اليهود الذي هم عليه في هذا الزمان فلا بأس به في ذلك. (الفتاوى الكبرى لابن تيمية ج 3 ص 515)
ولم نعلق على هذه الفتوى سوى بطرح سؤال على من يتمسكون بهذا الفقيه ويدعونه إماما، هل لأجل هذه الفتوى لا يحارب تنظيم الدولة "داعش" دولة إسرائيل، ولم تحرر جبهة النصرة والجيش الحر في سوريا هضبة الجولان المحتلة؟

7- من أوّل الآية {وكلم الله موسى تكليماً} يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية: مسألة: في رجل قال: إن الله لم يكلم موسى تكليما. وإنما خلق الكلام والصوت في الشجرة، وموسى- عليه السلام- سمع من الشجرة، لا من الله، وإن الله عز وجل لم يكلم جبريل بالقرآن، وإنما أخذه من اللوح المحفوظ، فهل هو على الصواب أم لا؟ الجواب: الحمد لله، ليس هذا الصواب، بل هو ضال مفتر كاذب باتفاق الأمة وأئمتها. بل هو كافر يجب أن يستتاب، فإن تاب وإلا قتل، وإذا قال: لا أكذب بلفظ القرآن وهو قوله: {وكلم الله موسى تكليما} [النساء: 164] بل أقر بأن هذا اللفظ حق، لكن أنفي معناه وحقيقته، فإن هؤلاء هم الجهمية الذين اتفق السلف والأئمة على أنهم من شر أهل الأهواء والبدع، حتى أخرجهم كثير من الأئمة عن الاثنين وسبعين فرقة. وأول من قال هذه المقالة في الإسلام كان يقال له: جعد بن درهم، فضحى به خالد بن عبد الله القسري يوم أضحى، فإنه خطب الناس فقال في خطبته: ضحوا أيها الناس يقبل الله ضحاياكم، فإني مضح بالجعد بن درهم، إنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا، ولم يكلم موسى تكليما، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ثم نزل فذبحه وكان ذلك في زمن التابعين، فشكروا ذلك. ( الفتاوى الكبرى / ج 5 ص 29 ).
8- من أفتى بغضب الله على من سلّم ساهياً في الصلاة يستتاب وإلا قتل!
يتحدّث هنا ابن تيمية عن صاحب الوسواس القهري فيقول: ومن قال: إن من سلم في الرباعية من ركعتين ساهيا استوجب غضب الله، وأقل ما يجب عليه أن ينزل عليه نار من السماء وتحرقه، يستتاب من ذلك القول فإن تاب وإلا قتل. (مختصر الفتاوى (69) ف (2/ 66)
9- من يقف في عرفات في غير وقت الحج للتعبد أو لغيره يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية: والوقوفُ بعرفاتٍ لا يكون قط مشروعًا إلاّ في الحج باتفاق المسلمين، في وقتٍ معين على وجهٍ معين، فمن قال: أَقِفُ ولستُ بحاجّ فقد خرجَ عن شريعة المسلمين، بل إن اعتقد ذلك دينا لله مستحبًّا فإنَّه يُستتابُ، فإن تابَ وإلاّ قُتِلَ. وإن قال: ليس بدينٍ لله ولا هو مستحب، قيل له: إنما فعلتَ على وجهِ التديُّن والتعبد به، وهذا لا يجوز. وإن كنتَ فعلتَه على سبيل التنزه والتفرُّج فهذا شَرٌّ وشَرٌّ. ( جامع المسائل لابن تيمية / ج 1 ص 210)
10- من يحتفل بعيد النصارى تقرباً إلى الله يستتاب وإلا قتل!
هنا يتحدّث ابن تيمية عمّن يحتفل بأعياد النصارى كرأس السنة مثلا، فيقول:
وكذلك التزيُّن يومَ عيد النصارى من المنكرات، وصنعة الطعام الزائد عن العادة، وتكحيل الصبيان، وتحمير الدوابِّ. والشجر بالمغرة وغيرها، وعمل الولائم وجمع الناس على الطعام في عيدهم. ومن فعلَ هذه الأمور يتقرب بها إلى الله تعالى راجيًا بركتَها فإنه يُستتاب، فإن تابَ وإلاّ قُتِل، فإن هذا من إخوان النصارى.( جامع المسائل لابن تيمية / ج 3 ص 375)
تلك الفتوى التي ترددها الدعوة السلفية في كل مناسبة قومية أو مناسبة دينية لدى الإخوة الاقباط، ولو راجعنا معظم الفتاوى على موقع أنا سلفي وخاصة تلك الفتاوى الخاصة بمناسبات الأقباط سوف نجدها ترديدًا لهذه الفتوى.
11- من يعدو بين جبلين للعبادة يستتاب وإلا قتل!
يقول ابن تيمية: ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين: هل يباح له ذلك؟ قال: نعم. فإذا قيل: إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة. قال: إن فعله على هذا الوجه حرام منكر، يستتاب فاعله، فإن تاب وإلا؛ قُتل.
(مجموع الفتاوى11 / 631 ـ 634)
هل ما زلنا نتسائل من أين أتى التطرف والإرهاب والعنف، أم أننا عرفنا الآن أنهم موجودون في هذا التراث المتطرف الذي يعاد استغلاله فقط ويؤخذ من سياقاته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ليطبق على سياقات مغايرة تمامًا للعصر الذي أنتج فيه؟!