مع توسع "داعش".. ليبيا الصداع المزمن في "رأس" أوروبا وواشنطن

السبت 28/مايو/2016 - 01:36 م
طباعة مع توسع داعش.. ليبيا
 
مع مواصلة التصريحات الأوروربية والأمريكية عن احتمالية التدخل العسكري في ليبيا، لمواجهة التنظيمات الإرهابية- وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي- باتت ليبيا صداع مزمن يهدد استقرار أوروبا وواشنطن.
مع توسع داعش.. ليبيا
وكان دعا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لدولة ليبيا فايز السراج، الدول لدعم بلاده من أجل رفع الحظر المفروض على تصدير الأسلحة إليها، وتمكينها من مكافحة إرهاب تنظيم داعش.
وقال السراج، في وقت سابق، إنه من غير المعقول أن يؤيد المجتمع الدولي حربنا ضد الإرهاب ويمنع عنا التسلح، مطالبًا، بتوفير الدعم العربي لفك تجميد الأموال التي تخص ممتلكات الدولة الليبية؛ نظرًا للمعاناة الشديدة التي يعانيها الشعب الليبي بينما أمواله مجمدة.
وفي هذا الصدد، أعلنت بريطانيا على لسان رئيس وزرائها ديفيد كاميرون عن عزمها دعم حكومة الوفاق الليبية لمواجهة تنظيم داعش إلى جانب إرسال سفينة بحرية لمواجهة مهربي البشر قبالة سواحل ليبيا.
وقال كاميرون، أمس الجمعة، 27 مايو 2016، إنه يجب على بريطانيا أن تدعم الحكومة الليبية لمساعدتها في السيطرة على بلد يشكل خطرا علينا جميعا في وضعه الراهن.
وخلال كلمة في قمة مجموعة السبع الاقتصادية، أفاد كاميرون بأن بريطانيا مثل دول أخرى مهددة بسبب تدفق المهاجرين عبر ليبيا وتزايد أعداد عصابات تهريب البشر وصعود تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، قائلا: "من الواضح أنه من مصلحتنا أن نبذل كل ما في وسعنا لدعم الحكومة الليبية الوليدة؛ لأن ليبيا خطر علينا جميعا في وضعها الراهن".
وأعلن كاميروني عزم بلاده إرسال سفينة حربية إلى البحر الأبيض المتوسط، بهدف التصدي لتهريب الأسلحة في ليبيا، حيث قال: "بريطانيا مستعدة لإرسال سفينة حربية إلى ليبيا، إذا وافقت الأمم المتحدة على طلبها"، مضيفًا أن "بريطانيا تتعاون تعاونًا وثيقًا مع الاتحاد الأوروبي لمواجهة تهريب المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط".
وقال كاميرون: "بمجرد الحصول على التراخيص المطلوبة، وإصدار قرار من مجلس الأمن، سأرسل سفينة حربية إلى البحر الأبيض المتوسط لمكافحة تهريب الأسلحة في المنطقة". مشددًا على أن مثل هذه الإجراءات ستساعد في استقرار ليبيا، وحماية سواحلها ومعالجة أزمة الهجرة.
ويرى مراقبون أن ليبيا أصبحت بعد تدخل الناتو والإطاحة بنظام معمر القذافي مسرحا لمعارك بين ميليشيات وقوات موالية للحكومة، كما أصبحت مسرحًا لاعتداءات إرهابية يتبناها تنظيم داعش الذي تمكن من اختراق الحدود الليبية والسيطرة على البعض من المدن والمناطق.
مع توسع داعش.. ليبيا
وتقف دول الغرب مكتوفة الأيدي في التدخل لإنقاذ البلاد من قبضة التنظيم الإرهابي داعش؛ حيث تتضارب التصريحات بخصوص التدخل في ليبيا بشن غارات جوية ضد معاقل داعش وبعث قوات برية تساند قوات الجيش في حربها على الإرهاب.
وفي تناقض للتصريحات السابقة، فقد أكد وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، منذ يومين، أن بلاده لا تخطط لتنفيذ أي مهام قتالية ضد تنظيم داعش في ليبيا.
يأتي ذلك فيما نشرت تقارير في وقت سابق تؤكد استعداد وزارتي الدفاع والخارجية البريطانية، بالتعاون مع حلفاء أوروبيين للتدخل العسكري في ليبيا، لمواجهة زيادة خطر الجماعات الإرهابية.
وذكرت مصادر أن الحكومة البريطانية "في غاية القلق" من زيادة نفوذ الجماعات الإرهابية في ليبيا، ومنها جماعات مرتبطة بداعش؛ حيث يشكل ذلك خطرًا على أوروبا من شواطئ جنوب البحر المتوسط.
وكانت ذكرت تقارير أن التدخل العسكري قد يبدأ بإرسال دعم عسكري ومعدات إلى ليبيا، لكنه ينتظر حكومة وحدة وطنية شاملة في البلاد، وربما يفسر ذلك هذا التوجه تسارع الخطى لتشكيل حكومة توافق وطني شامل في ليبيا برعاية الأمم المتحدة خلال أيام.
العديد من الدول أبدت تخوفها من تعاظم نفوذ تنظيم داعش في ليبيا، وتمكنه من السيطرة على مدينة سرت وبعض المناطق المحاذية لها وتوسعه غربا، ممّا يزيد من احتمال تحوّل ليبيا إلى منطقة تدريب للجماعات الجهادية بدل العراق وسوريا، وهو ما يحدث بالفعل بالنظر إلى وجود العديد من معسكرات التدريب التي يشرف عليها قادة أنصار الشريعة ومقاتلون في صفوف داعش. وهذه المخاوف من تغلغل داعش في ليبيا وتمكنه من استقطاب الآلاف من المقاتلين من جنسيات مختلفة فتحت الباب أمام احتمال تنفيذ تدخل عسكري في ليبيا.
وأبدت إيطاليا في وقت سابق استعدادها للتدخل في ليبيا، حتى إن السفير الأمريكي في إيطاليا جون فيليب أكد في مارس الماضي أن خمسة آلاف جندي إيطالي سيتوجهون إلى ليبيا، موضحًا أن القوات الإيطالية ستذهب إلى العاصمة طرابلس من أجل تأمينها والتصدي لتنظيم داعش.
مع توسع داعش.. ليبيا
وكان رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، أكد أن حكومته تتعرض لضغوط كبيرة لتنفيذ تدخل عسكري في ليبيا، لكنها ترفض الخضوع لتلك الضغوط واختارت نهجًا آخر.
وقال في تصريحات صحفية، وفقا لما نقلته وكالة "أنسامد" الإيطالية، إن حكومته قاومت ضغوطًا لتنفيذ تدخل عسكري في ليبيا منذ أشهر من مجموعات ضغط مختلفة، قد يقول البعض: إن الأمر يتعلق باللوبي، ربما قال أحدهم: هيا، فلنقم بالتدخل، لنذهب بالطائرات، لنرسل 5000 شخص وطائرات إلى ليبيا، لكن حكومته اختارت مسارًا مختلفًا دون أن يحدد ماهية هذا المسار.
وسبق أن أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي باولو جينتيلوني، عدم نية روما خوض حرب خاطفة في ليبيا عما قريب، مشددًا على أولوية العملية السياسية.
وفي وقت سابق وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على توسيع عملية مكافحة تهريب المهاجرين التي ينفذها الاتحاد في البحر المتوسط، مع تولي مهام إضافية تتمثل أساسًا في تدريب خفر السواحل الليبي والمساعدة في تطبيق حظر السلاح المفروض على ليبيا.
ويرى مراقبون أنه لا يستبعد أن يتم نشر قوات بريطانية في ليبيا دون اللجوء إلى التصويت في البرلمان البريطاني، رغم التحذير من أن إشراف بلندن على مهمة تدريبية في ليبيا قد يُنظر إليها من زاوية التدخل الغربي.
وتثير الأوضاع داخل ليبيا تخوفات أوروبا وواشنطن؛ بسبب الفوضى، التي سمحت لتنظيم داعش بالتنامي والتوسع على عدة مدن، أهمها مدينة سرت الساحلية.

شارك