بعد دعم الجامعة العربية لـ"السراج" في ليبيا.. هل انتهى دور حكومة "الثني"؟

الثلاثاء 31/مايو/2016 - 01:22 م
طباعة بعد دعم الجامعة العربية
 
يبدو أن الأزمة الجارية في ليبيا، بين طرفي نزاع يرى كل منهما بأنه الجهة الشرعية الوحيدة في البلاد- ستزداد تعقيدًا في ظل تمسك كل طرف برأيه على حساب مصلحة البلاد، وبالأخص بعد إعلان جامعة الدول العربية بأن حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج هي الجهة الشرعية الوحيدة في البلاد، حتي لو تحصل الأخيرة على ثقة البرلمان المعترف به دوليًّا.
بعد دعم الجامعة العربية
وكانت الحكومة المعترف بها دوليًّا بقيادة عبدالله الثني المقيمة في طبرق، رفضت منح الثقة لحكومة الوفاق الليبية التي انبثقت بدعم أممي ودولي، إلا بشروطها في الإبقاء على المؤسسة العسكرية بقيادة الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الليبي، الأمر الذي رفضه رئيس الحكومة الجديدة فايز السراج.
وأكدت حكومة طبرق في وقت سابق وعقب انبثاق حكومة الوفاق، أنها مستمرة في أداء مهامها الخارجية والداخلية الموكلة لها بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات.
واستنكرت إصرار دول العالم وخاصة الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا ومالطا وهولندا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا على التعامل مع حكومة الوفاق الوطني، في سابقة تاريخية لم تحدث في العالم من قبل، وفق تعبيرها.
وكانت وصفت حكومة الثني زيارات ممثلي الدول الغربية والإقليمية إلى طرابلس ولقاء رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بـ "المخالفة للأعراف والأخلاق والمواثيق الدبلوماسية".
ووصل أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى طرابلس قبل شهرين لأداء مهامهم وفق ما أعلنوا خلال بيان رسمي لهم، وعقد المجلس لقاءات دولية كان آخرها استقبال السراج لرئيس الوزراء التونسي الحبيب الصيد.
ونجح السراج خلال في انتزاع اعتراف بحكومة الوفاق الوطني المُنبثقة عن مجلسه الرئاسي من مجلس جامعة الدول العربية؛ حيث وصف الأخير على مستوى وزراء الخارجية، حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، بأنها "الحكومة الشرعية الوحيدة لليبيا"، رغم أنها لم تحصل بعد على ثقة مجلس النواب البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا.
ودعا مجلس وزراء خارجية دول الجامعة العربية، إلى الامتناع عن التواصل مع أي أجسام تنفيذية أخرى موازية لها، في خطوة يبدو أنها تحد واضح للحكومة المعترف بها دوليًّا.
وكان عقد وزراء الخارجية العرب، دورة غير عادية لاجتماعاتهم، خُصصت لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا على ضوء الاتفاق السياسي وما تلاه من خطوات، بالإضافة إلى كيفية مساعدة الليبيين للتوصل إلى توافق، كما بحثوا خلال هذه الدورة السبل الكفيلة بإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا ومكافحة التنظيمات الإرهابية التي أصبحت تزعزع استقرار ليبيا، وتُهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.
بعد دعم الجامعة العربية
ويرى مراقبون أن هذا الاعتراف وما رافقه من ترحيب عربي بقرار المجلس الرئاسي الليبي رقم 12 الخاص بتفويض المرشحين كوزراء لحكومة الوفاق الوطني إلى حين اعتماد الحكومة من قبل مجلس النواب وأداء القسم القانوني، يُعتبر شيئًا ثمينًا لفايز السراج وفريقه الحكومي، لا سيما في هذا التوقيت الذي أخذ فيه الصراع على شرعية تمثيل الدولة الليبية منحى تصاعديا اقترب كثيرًا من الصدام المباشر، حتى تردد صداه داخل أروقة الجامعة العربية.
وكانت الحكومة الليبية المؤقتة المنبثقة عن البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا بقيادة عبدالله الثني، حذرت الجامعة العربية قبل بدء أعمال هذه الدورة الجديدة من اجتماعات وزراء الخارجية العرب، من مغبة اتخاذ قرار "غير مدروس" قد يؤدي إلى زيادة الخلافات في ليبيا.
وأبدى الثني استغرابه خلال رسالة بعثها إلى نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية، الطلب من وزير الخارجية بالحكومة المؤقتة عدم الحضور لاجتماع وزراء الخارجية العرب الذي انتهت أعماله أول أمس بالقاهرة.
وحمّل عبدالله الثني في رسالته، الجامعة العربية مسئولية توابع القرار الذي ستتخذه، مشددا في نفس الوقت على ضرورة العمل من أجل ضمان الاستقرار في ليبيا.
موازة لذلك، رحب مجلس وزراء خارجية الدول العربية في اجتماعهم ببدء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني برئاسة السراج، أعماله من طرابلس واعتبار قراره رقم 4 لعام 2016 بتشكيل حكومة الوفاق خطوة مهمة نحو تنفيذ بنود الاتفاق السياسي الليبي.
وكان السراج قد حضر اجتماع وزراء الخارجية العرب بصفته ممثلا لدولة ليبيا، وذلك في الوقت الذي جلس وزير خارجيته محمد الطاهر سيالة في المقعد المُخصص لليبيا، ما أثار جدلًا كاد أن يعصف بتلك الاجتماعات.
بعد دعم الجامعة العربية
واعترضت مصر خلال الاجتماع على جلوس فايز السراج على منصة اجتماع وزراء الخارجية العرب بجوار الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي.
وأوضحت أن وزير الخارجية المصري سامح شكري، طلب من نبيل العربي أن يجلس فايز السراج على مقعد وزير الخارجية المخصص لدولته، بدلا من الجلوس على المنصة، وذلك من منطلق أن البرلمان الليبي المعترف به دوليا لم يصادق على المجلس الرئاسي الليبي بقيادة السراج حتى الآن.
والجدير بالذكر أن مصر طالبت مرارًا وتكرارًا المجتمع الدولي برفع حظر السلاح عن الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر.
وأضافت المصادر أن السراج رفض الطلب المصري بهذا الخصوص، ما استدعى تدخل وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد آل خليفة لإنهاء هذه الإشكالية، ليواصل السراج الجلوس على المنصة، ثم ألقى كلمة شدد فيها على ضرورة أن تتعامل الدول العربية حصرا مع المجلس الذي يرأسه، دون التعاطي مع أي جسم مواز آخر.
ويري مراقبون أن حصول السراج على هذا الدعم سيتسبب في تأجيج الصراع مع بقية المكونات الفاعلة في ليبيا، وخاصة منها حكومة عبدالله الثني التي تُسيطر على شرق ليبيا، وتحظى بتأييد المؤسسة العسكرية بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر.
وتدخل ليبيا في مأزق جديد وبالأخص مع مواصلة النزاعات على السلطة وأسبقية الحصول على الدعم الخارجي والدولي، ولكن يبقى السؤال: هل دعم جامعة الدول العربية لحكومة السراج دون منحها الثقة سينهي دور الحكومة المعترف بها دوليًّا بقيادة عبدالله الثني، أم سيزيد الأمر تعقيدًا وكل سيتمسك بموقفه؟

شارك