مع صراع الوفاق والنواب.. هل تعود أزمة الشرعية في ليبيا مجددًا؟

الخميس 02/يونيو/2016 - 06:15 م
طباعة مع صراع الوفاق والنواب..
 
الأوضاع التي تشهدها ليبيا الآن، لا زالت جارية، فبين مواجهات القوات الليبية وتنظيم داعش من ناحية وأخرى بين قوات حكومة الوفاق وتنظيم داعش من ناحية أخرى، يأتي ذلك في ظل استمرار الخلافات السياسية بين حكومة الوفاق الوطني التي انبثقت بدعم أممي ويرأسها فايز سراج، وبين قائد القوات العسكرية الليبية خليفة حفتر، والموالي للحكومة المعترف بها شرعيًّا بقيادة عبدالله الثني.
مع صراع الوفاق والنواب..
ويرى مراقبون أن غياب التوافق السياسي بين الفرقاء الليبيين أدى إلى عدم إيجاد صيغة واضحة للخروج من الفراغ الذي تركته الحرب الليبية بعد رحيل نظام العقيد الليبي معمر القذافي.
وجاءت تصريحات وزير العدل بالحكومة الليبية المعترف بها دوليا، مبروك قريرة التي أكد فيها قيام وزارته برفع قضايا ضد المجلس الرئاسي الموالي لحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج، لتعيد البلاد إلى مربع الصفر وما كانت عليه منذ يوليو 2014 بعد أن رفضت أطراف محسوبة على تيار الإسلام السياسي بالمؤتمر الوطني العام تسليم السلطة في مدينة طبرق؛ حيث قامت حينها مجموعة من المحامين والنواب المقاطعين لجلسات مجلس النواب برفع قضية ضد المجلس أن مراسم الاستلام والتسلم لم تتم وفقًا للإعلان الدستوري المعدل الذي يقر بأن تكون مراسم الاستلام والتسلم في بنغازي، لينتهي الأمر بإقرار المحكمة العليا في ليبيا حل مجلس النواب، وهو قرار وصفه المجلس حينها بأنه جاء تحت تهديد السلاح، وهو ما يحدث الآن بين طرفي النزاع.
وظلت منذ ذلك الحين الصراعات دائرة بين طرفي النزاع إلى أن تم تنظيم حوار وطني برعاية أممية، دام حوالي سنة وانتهى بإعلان تشكيل مجلس رئاسي، دخل العاصمة طرابلس.
ولم تحظ الحكومة المنبثقة عن المجلس الرئاسي حتي بثقة مجلس النواب، الأمر الذي يتناقض مع تمثيل وزراء حكومة الوفاق للدولة الليبية.
وسعى رئيس الحكومة فايز السراج إلى اكتساب الدعم الدولي والعربي من خلال دعواته للمجتمع الدولي، وبالفعل حظي على اعتراف عربي بحكومته على إثر اجتماع عقدته الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية.
مع صراع الوفاق والنواب..
ووصف مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، حكومة الوفاق الوطني الليبية برئاسة فايز السراج، بأنها "الحكومة الشرعية الوحيدة لليبيا"، رغم أنها لم تحصل بعد على ثقة مجلس النواب "البرلمان" الليبي المعترف به دوليًّا.
وكانت الدول الغربية قد سبقت الدول العربية بهذا الاعتراف، مرحبة بقرار المجلس الرئاسي بتفويض وزراء حكومة الوفاق ببدء عملها إلى حين اعتمادها من قبل مجلس النواب وأداء القسم القانوني.
ووفق مراقبين فإن الغرب موقفه حتى الآن متناقض، ففي الوقت الذي يعترف فيه بشرعية حكومة السراج لا يزال في نفس الوقت لم يسحب الشرعية عن مجلس النواب الذي تنبثق عنه حكومة الثني الموجودة شرق البلاد. 
ويتهم الكثير من الليبيين الغرب والأمم المتحدة بالفشل في معالجة الأزمة في بلادهم التي يقومون بإدارتها بما يتناسب ومصالحهم عوض إيجاد حل لها.
ويرى مراقبون أن الأمم المتحدة عجزت عن إيجاد حل للانقسام العاصف بليبيا؛ حيث يذهب الكثير منهم إلى اعتبار أن الأمم المتحدة أعادت فرض نفس المشهد الذي كانت تعاني منه ليبيا طيلة سنتين لكن بصيغة جديدة، موقف يزداد تعقيدًا خاصة في ظل انسحاب عضوي المجلس الرئاسي الممثلين للسلطات في الشرق على القطراني وعمر الأسود.
واعتبر محللون أن الحكومة المعترف بها دوليا في طبرق انتهت طالما قبل حلفاؤها بالتعامل مع حكومة السراج، مضيفين أنه لم تعد هناك أي قيمة لا لحكومة الثني ولا لمجلس النواب المنبثق عنه، مؤكدا في المقابل أن المجتمع الدولي يولي الآن الاهتمام للقائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر باعتباره يمتلك قوة مستمدة من الجيش الليبي.
ويرفض مجلس النواب عقد جلسة للتصويت على حكومة الوفاق، مطالبا بضرورة تعديل الاتفاق السياسي الموقع في 17 من ديسمبر الماضي في مدينة الصخيرات المغربية.
مع صراع الوفاق والنواب..
ويرى الأعضاء الرافضون للاتفاق السياسي، أن لجنة الحوار التابعة للبرلمان قامت بالتوقيع على الاتفاق دون العودة إلى مجلس النواب. وتعتبر المادة الثامنة من الاتفاق السياسي نقطة الخلاف الرئيسية.
وتنص المادة على انتقال كل المناصب السيادية في البلاد إلى المجلس الرئاسي الذي سيقوم في ما بعد بإعادة تسمية شخصيات تتولى هذه المناصب، بما فيها منصب القائد العام للجيش الليبي الذي يتولاه الفريق أول خليفة حفتر الآن ويرى مؤيدوه أن هذه المادة تهدف بالأساس إلى استبعاده من المشهد.
وتتصارع قوات الوفاق وكذلك الجيش الليبي في تحرير المدن من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"؛ حيث أعلنت قوات الوفاق أمس الأربعاء السيطرة على المحطة الكهربائية في مدينة سرت التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي، وسيطرت القوات على المحطة البخارية بالكامل على بعد 23 كلم غربًا عن وسط المدينة، كما سيطرت على وادي جارف مع فرار عصابة داعش، ولفتت إلى أن أهالي جارف يستقبلون قواتنا بالتكبير.
في السياق ذاته، قال مارتن كوبلر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا: إن البلاد لن تتمكن من هزيمة تنظيم داعش، إلا إذا توحدت مختلف الجيوش والفصائل ضد التنظيم، مضيفًا أن الأمر يتطلب هيكل قيادة موحد تحت إشراف فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطنى الليبية المدعومة من الأمم المتحدة.
ويتخوف الكثير من الليبيين من استمرار حالة الانقسام والصراع على الشرعية التي تتخبط داخلها بلادهم منذ نحو سنتين، في ظل رفض مجلس النواب منح الثقة لحكومة السراج.

شارك