وثائق أمريكية: مشروع الخميني لـ"ولاية الفقيه" حظي بمباركة ودعم واشنطن على طريقة الإخوان
الأحد 05/يونيو/2016 - 12:50 م
طباعة

كشفت الوثائق الجديدة لوكالة المخابرات الأمريكية- التي أسقطت عنها درجة السرية خلال الأيام القليلة الماضية- الوجه الآخر للثورة الإيرانية ، وقدمت أجوبة- وإن كانت متأخرة- عن ملابسات أحداث غامضة جرت بين يناير وفبراير 1979 انتهت بإسقاط نظام الشاه من إيران وصعود نظام ولاية الفقيه بدلًا منه.
ومن خلال الوثائق الجديدة التي قامت بترجمتها الشرق الأوسط نقلًا عن "بي بي سي" اتضح أن مشروع ولاية الفقيه في إيران وصعود التيار الإسلامي لحكم الدولة الشيعية، هو مشروع أمريكي لتصعيد الإسلاميين في المنطقة، وهو ما حولته تكراره بعد ما يسمى بالربيع العربي في 2011، وصعود جماعة الإخوان المسلمين لحكم المنطقة العربية وهي الوجه الأخر لنظام ولاية الفقيه ولكن بصبغة سنية. ولكن أتى 30 يونيو 2013 لينهي المشروع الأمريكي والذي بدأ منذ حرب الجهاديين في أفغانستان ضد السوفيت.
دعم أمريكي لمشروع ولاية الفقيه

وبحسب الوثائق فإن الإدارة الأمريكية خلال مفاوضات مباشرة جرت خلال أيام سبقت عودة الخميني إلى طهران، أبدت "مرونة" تجاه الدستور ومشروع نظام الحكم "ولاية الفقيه" الذي كان يخطط له الخميني، كما كشفت عن طلب الخميني من إدارة كارتر التدخل في إسقاط حكومة رئيس الوزراء شابور بختيار واستسلام الجيش قبل أربعة أيام من مغادرة باريس على متن الخطوط الجوية الفرنسية إلى طهران.
وأظهرت سلسلة أخرى من الوثائق الأمريكية الجديدة رفعت عنها وكالة المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) السرية عنها، أن الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر كان من كبار الداعمين لفكرة استبدال نظام الشاه، الذي كان يعاني من اضطرابات بنظام الخميني مؤسس نظام ولاية الفقيه بإيران. وبينت الوثائق أن الخميني الذي كان يعتبر أمريكا «الشيطان الأكبر» كان يتلقى دعمًا خاصًّا من إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر من خلال إجبار الشاه محمد رضا بهلوي على مغادرة إيران وصعود معسكر الخميني بدلًا عنه.
وتشير الوثائق إلى أن الإدارة الأمريكية مارست ضغوطًا كبيرة أوصلت الشاه إلى طريق مسدود قبل أن تجبره على التنازل عن الحكم ودخول الخميني بدلًا عنه. وفي إشارة إلى مفاوضات جرت خلف الستار بين المقربين من الخميني والإدارة الأمريكية ذكرت الوثائق أن الخميني لم يكن معارضًا لبيع النفط إلى إسرائيل، بحسب الشرق الأوسط.
بموازاة ما كان يجري في أروقة واشنطن وطهران من أجل الإطاحة بالنظام البهلوي كان معسكر الخميني في نوفل لوشاتو يسابق الزمن، وبحسب الوثائق فإن الخميني بدأ منذ 15 يناير 1979 لفترة أسبوعين مفاوضات مباشرة مع الإدارة الأمريكية تمهيدا لمغادرته باريس إلى طهران لإعلان نظام ولي الفقيه. وبموازاة ما كان يجري في باريس ففي طهران كانت السفارة الأمريكية تسابق الزمن للتنسيق بين مساعدي الخميني مهدي بازرغان ومحمد بهشتي من جهة وقادة السافاك (جهاز المخابرات) وجنرالات الجيش من جهة أخرى.
الخميني مشروع أمريكي

في سياق مواز، كشفت الوثائق لغزًا جديدًا من ألغاز سبقت الثورة الخمينية بأيام قليلة وهو مؤتمر غوادلوب في يناير 1979، وأظهرت الوثيقة أن الثورة الإيرانية كانت من محاوره الرئيسية. ووفق رواية «بي بي سي» الفارسية فإن كارتر في اجتماع غير معلن لمجلس الأمن في واشنطن سبق مؤتمر غوادلوب أخبر نظراءه الأوروبيين عن قرار نهاية محمد رضا بهلوي ولزوم مغادرته إيران.
وإذا ما صحت رواية قناة «بي بي سي» من تلك الوثائق فإنها تعيد كتابة تاريخ الثورة الإيرانية بزعامة الخميني الذي رفع شعار «الموت لأمريكا» في حين إدارة كارتر تسانده من أجل الوصول إلى مبتغاه، كما أنها تأتي في وقت كثرت الشواهد فيه على وجود خلافات عميقة في هرم السلطة الإيرانية بشأن إعادة العلاقات مع أمريكا.
وبحسب وثيقة مؤتمر غوادلوب في الخامس من يناير 1979 (قبل 36 يوما من الثورة) فإن الرئيس الأمريكي لم يكن قلقا على خسارة حليفه. وإنه كان يعتبر إيران بعد رحيل الشاه مصدرا للاستقرار. وفي إشارة إلى استبعاد إيران من الاتحاد السوفيتي الذي كان يشكل قلقًا لواشنطن يضيف التقرير أن كارتر كان يعتبر إيران مستقلة وغير تابعة لأي من القطبين «إخفاقا للولايات المتحدة».
وبعد محادثات شهدها اليوم الأول حول علاقات حلف الغرب والشرق فإن كارتر برفقة مستشار الأمن القومي الأمريكي زبغنيو بريجينسكي تناول إيران باعتبارها أكثر المناطق «اضطرابا» في العالم.
وتشير الوثيقة التي نشرتها «بي بي سي» أن كارتر أعلن موقفه من إيران. وبحسب الوثيقة فإن كارتر شدد في كلمته على أن «الأحداث في إيران تتطور باتجاه الوصول إلى بلد أكثر استقرارا وعلاقات جيدة مع الغرب ومصدر دائم لتصدير النفط إلى الدول الغربية ومصان من التدخل الأجنبي وراق على الصعيد الداخلي». وطبقا للوثيقة بدأ كارتر يتحدث بقناعة عن ضرورة مغادرة الشاه لإيران وتذكر الوثيقة في ختامها أن «الولايات المتحدة تعتقد أن اجتماع غوادلوب كان فرصة مناسبة لتبادل وجهات النظر الرسمية لبرنامج عمل واضح، عار من الأزمة في علاقات الحلفاء والقرارات أو البيانات الرسمية».
وفي وثيقة أخرى فإن كارتر لم يقدم ضمانات باستمرار النظام الملكي في إيران وهي إشارة منه إلى حلفائه الغربيين حول تأييده للجمهورية الإسلامية بزعامة خميني. لكن في نفس الوقت يقدم كارتر ضمانات بحفظ سلامة الأراضي الإيرانية والتعاون مع الحكومة المؤقتة بعد مغادرة الشاه.
وحسب محضر الاجتماع السري الذي نشر مؤخرا فإن الرئيس الأمريكي اتخذ القرار النهائي قبل لحظات من السفر إلى غوادلوب في الثالث من يناير في اجتماع غير رسمي مع كبار مستشاريه. وذكرت الرواية أن كارتر كان قد تلقى برقية عاجلة من السفير الأمريكي في طهران ويليام ساليوان يخبره بأنه «حان وقت اللحظة التاريخية»، وأن محمد رضا بهلوي على مفترق طرق بين أن يسلم زمام الأمور إلى رئيس الوزراء شابور بختيار أو يصدر أوامر للجيش لقمع أنصار الخميني.
مخطط «سي آي إيه»

ويحذر ساليوان في رسالته من انقلاب يعده قادة الجيش ضد الشاه بسبب تردده في إدارة البلد. تشير الوثيقة إلى أنه إثر إطلاع كارتر على رسالة ساليوان فإن الرئيس الأمريكي اجتمع مع كبار مساعديه لاتخاذ القرار حول إجبار الشاه على مغادرة إيران وفي النهاية على الرغم من معارضة بريجينسكي فإن وزير الخارجية الأمريكي الأسبق سايرس فانس ورئيس «سي آي إيه» استانسفيلد ترنر تمكنا من إقناع الرئيس بضرورة رحيل الشاه من إيران. وفي النهاية تقرر أن يطلب كارتر من الشاه بشكل غير مباشر مغادرة إيران. ووفق الوثيقة المذكورة فإن مساعدالرئيس الأمريكي فالتر مانديل قال حينها: «يجب تشجيع الشاه على الرحيل بطريقة لا يعرف أن أمريكا وراءها».
وبحسب وثيقة أخرى فإن القلق الأمريكي من انقلاب الجيش على الشاه تراجع بعد استقالة الجنرال غلام على أويسي في الرابع من يناير 1979. وفي نفس اليوم يطلب كارتر من محمد رضا بهلوي ألا يتردد في تسليم الأمور لرئيس وزرائه شابور بختيار ومغادرة إيران باتجاه كاليفورنيا. وبذل كارتر مسعاه من أجل الحفاظ على وحدة الجيش الإيراني وبقائهم في إيران بعد مغادرة الشاه.
وبحسب الوثائق يبدو أن الأمريكيين كانوا على اطلاع بإصابة الشاه بمرض السرطان، لكن موظفًا سابقًا في السفارة الأمريكية جان استمبل قال إنه بعد سنوات من وفاة بهلوي عرف من مصدر مطلع أن إدارة كارتر كانت على علم بمرض الشاه. ووفقًا لرواية «بي بي سي» الفارسية فإن وجهات النظر بين الخميني والإدارة الأمريكية حول مستقبل إيران بعد الشاه كانت متقاربة؛ حيث كان الخميني يصر على مغادرة الشاه وهو ما كانت تطالب به الإدارة الأمريكية.
الخيمني والمصالح الأمريكية

ووفق وثيقة أخرى فإن المساعد العسكري لبريجينسكي الجنرال ويليام أدوم يطلب منه في 31 أكتوبر أن تضع الولايات الأمريكية تصورًا لضمان تدفق النفط الإيراني إلى الغرب وكذلك العقود العسكرية. وتذكر الوثيقة أنه بعد ذلك بتسعة أيام أخبر السفير الأمريكي إدارته بأن الحل الوحيد لإدارة الأزمة وحفظ المصالح الأمريكية المجيء بالخميني وتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية والربط بين الخميني وقادة الجيش.
وتظهر الوثائق أن موضوع التغيير في إيران وصعود النظام الجديد بقيادة الخميني كان الشغل الشاغل للإدارة الأمريكية حينها، وتظهر الوثائق أنه على مدى شهر ديسمبر تابعت واشنطن عبر سفارتها في طهران الاستعداد لتبديل الخميني بالشاه. وكان الدبلوماسي الأمريكي جورج بال تكلف بإعداد خطة لخروج محمد رضا بهلوي واقترح حلا بسيطا بقدوم حكومة انتقالية بدلًا من محمد رضا بهلوي. وكان المقترح عبارة عن قائمة من الشخصيات الإيرانية تنقل السلطة بصورة تدريجية إلى أعضاء الحكومة الذين يقبل بهم الخميني.
من جانب آخر كان شاه إيران يفكر بالمجيء بوزير داخلية حكومة مصدق غلام حسين صديقي، كما أخبر الشاه الجانب الأمريكي بأنه لم يكن بحاجة إلى وساطتهم. ويشير تقرير «بي بي سي» إلى أنه مع تداول اسم صديقي تسترت الإدارة الأمريكية على خطتها. ومن جانب آخر كان ساليفان يعتبر الحكومة الانتقالية حلًّا غير عملي. ومع ذلك فإن معارضة بريجنسكي حالت دون إكمال الخطة وبحسب الوثائق فإن الإدارة الأمريكية بلغت شاه إيران بطريقة محترمة في 23 من ديسمبر رفضها قمع المعارضين للنظام البهلوي.
وحسب الوثائق فإن الشاه أمهل صديقي بتشكيل حكومة في غضون أسبوعين وبالمقابل وعد الأمريكيين والبريطانيين بأنه في حال فشل المخطط سيغادر إلى جنوب البلاد ليقوم الجيش بانقلاب في طهران. لكن الإدارة الأمريكية قابلت المقترح بالرفض وطلبت من الشاه عدم مغادرة طهران، ووفق الوثائق فإن لقاء الشاه بالسفير الأمريكي في 26 ديسمبر كان «متشنجًا ومتوترًا».
ووفق تقرير «بي بي سي» فإن الوثيقة تذكر أن الشاه أخبر الأمريكيين أنه بحاجة إلى ستة أسابيع للعمل على حكومة صديقي؛ مما أثار غضب السفير الأمريكي. وتذكر الوثيقة نقلًا عن ساليفان أنه أخبر الشاه بأن صديقي لا يملك ذلك الوقت.
وتشير الوثائق إلى لقاء ساليفان بشاه إيران في 28 من ديسمبر، وكان شاه إيران قدم اقتراح رئاسة وزراء بختيار بدلا من صديقي إلا أن السفير الأمريكي طلب من الشاه مغادرة البلاد إلى أمريكا. وحينها كان السفير الأمريكي يتابع منذ أشهر مشروع مغادرة الشاه والجنرالات الأوفياء له في الجيش تمهيدا لمجيء الجمهورية الإسلامية بزعامة الخميني بدلا من النظام البهلوي.
في هذه الأثناء وفي 31 ديسمبر نقل ساليفان وجهة نظر نظرائه الغربيين في طهران. وبحسب الوثيقة فإن السفير الأمريكي في طهران نقل عن نظيره البريطاني أن «عطلة الشاه قريبة جدًّا»، وموقف السفير الفرنسي يظهر أن باريس تعتقد أن «الشاه انتهى منذ فترة طويلة».
وفي الثاني من يناير 1979 يصف ساليفان لقاءه بشاه إيران بـ«الممل والطويل» مضيفا أنه ينتظر مغادرته إيران من دون عمله بالتوقيت. في ذلك اللقاء يخبر السفير الأمريكي شاه إيران بأن كارتر يوجه له دعوة رسمية لزيارة واشنطن كما أن الرئيس المصري أنور السادات أعرب عن استعداده لاستقبال الشاه على الأراضي المصرية.
مغادرة الشاه

وبحسب الوثائق فإن شاه إيران تسلم الرسالة النهائية حول ضرورة مغادرته إيران في 11 يناير 1979. وإن ساليفان هو من أخبر شاه إيران بأن لديه أوامر حول توصيته بمغادرة إيران. بنفس الوقت كان مجلس الأمن القومي في واشنطن يقيم اجتماعًا عاجلًا برئاسة فالتر مانديل. وبحسب محضر الاجتماع فإن الإدارة الأمريكية والأجهزة الأمنية كانت قد توصلت إلى إجماع وقناعة تامة للتعاون مع معسكر آية الله الخميني. وبحسب تقرير «بي بي سي» نقلا عن رئيس جهاز المخابرات في الخارجية الأمريكية فليب استودارد، فإنه «بعيد عن الإنصاف أن نعتقد أن الخميني رمز فصل الجنسين في النظام الدراسي أو معادٍ لحقوق المرأة.
الخميني غير مهتم بالسياسة الخارجية ولا يهمه كثيرا بيع النفط لإسرائيل». في هذا الصدد، يذكر ضابط المخابرات الأمريكية أن «بهشتي وبازرغان ليسا حمقاوين أو رجعيين، ومن المتوقع أن لا يتدخل الخميني في الشئون الحكومية».
في الختام تذكر وثيقة صادرة في 16 من يناير أنه بعد التأكد من مغادرة الشاه لإيران فإن الحكومة الأمريكية بدأت بالانقلاب عليه والاتجاه نحو الخميني.
وتشير الوثائق إلى رحلة أسرة الشاه الصعبة وبرودة استقباله في مطارات أمريكا ومغادرته إلى مصر بسبب تعامل كارتر.
في التزامن مع ذلك، كانت الإدارة الأمريكية قد بدأت مفاوضات مباشرة في المنفى الفرنسي للخميني بمدينة نوفل لوشاتو لوضع آخر اللمسات على سيناريو صعود نظام ولي الفقيه وإسقاط النظام البهلوي وفي طهران كانت مفاوضات غير عادية تجري برعاية السفير الأمريكي بين مساعدي الخميني في الداخل وقادة المخابرات (جهاز السافاك) وجنرالات الجيش.
الخميني .. مشروع التقسيم

عندما يحكم إيران نظام مذهبي(شيعي) متشدد، يدعو للطائفية والعرقية ويدفع أفراد المجتمع باتجاهها،، فما أن تصل دعواته إلى داخل البيت العربي،، سيفرق المجتمع العربي طائفياً"سنة وشيعة"، خاصة وأن هناك عاملًا مساعدًا آخر وهو تيار سني متشدد- ظهر بعد ما يسمي الربيع العربي في2011 والذي شهد صعود جماعة الإسلامية السياسي للحكم- سيرد على تلك الدعوات بأخرى، كذلك سيفرق المجتمع الإسلامي (عرقياً)، من خلال أحياء جسد الشعوبية وبث أفكارها في المجتمعات الإسلامية،، ومن ثم إغراق المنطقة بالنزاعات، الأيديولوجيات والأجندات التي تؤدي إلى زعزعة الأمن القومي للدول العربية.
ومع الأحداث الماضية يتضح أن مشروع ولاية الفقيه في إيران وصعود التيار الإسلامي لحكم الدولة الشيعية، هو مشروع أمريكي لتصعيد الإسلاميين في المنطقة ربما يخدم سيناريو التقسيم والفوضى الخلاقة، وهو ما حاولت تكراره بعد ما يسمى بالربيع العربي في 2011، وصعود جماعة الإخوان المسلمين لحكم المنطقة العربية وهي الوجه الآخر لنظام ولاية الفقيه ولكن بصبغة سنية. ولكن أتت 30 يونيو 2013 لتنهي المشروع الأمريكي والذي بدأ منذ حرب الجهاديين في أفغانستان ضد السوفيت.