"فصل الدعوة عن السياسة".. اختلفت الحدود والفكر واحد
الإثنين 06/يونيو/2016 - 03:45 م
طباعة

أثارت تصريحات الدكتور عمرو دراج القيادي بجماعة الإخوان وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة "المنحل".. جدلًا إعلاميًّا وردود أفعال متباينة؛ حيث صرح دراج بأن جماعة الإخوان تدرس لإنشاء حزب جديد بدلا من حزب الحرية والعدالة أو إعادة بناء الحزب من جديد أو الاندماج في أحزاب موجودة حاليًا أو ترك المجال مفتوحًا لمن يرغب من الإخوان في الانضمام للأحزاب المناسبة لهم، على خلفية اتجاه الجماعة لإعلان فصل العمل الدعوي عن السياسي..
يحمل تنظيم الإخوان نفس الفكر رغم اختلاف الحدود سواء في مصر التنظيم الأم، أو في تونس، دائمًا ما يحاول التنظيم الإيهام بفصل العمل الدعوي عن السياسي، وهو ما يقابل بدوره إما بانتقادات أو سخرية أو استغراب وربما وصل الأمر للصمت وعدم التعليق نظرا لتكرر الأمر حتى أصبح عادة عند الإخوان يستخدمونها ما بين الحين والآخر..
الإخوان يظنون أنهم بارعون سياسيًّا وعندهم من الكوادر مَن يستطيعون التعامل مع كل الأمور وفي شتى المجالات، بينما هم يدورون في حلقات مغلقة سياسيًّا أصبح يعرفها الجميع حتى العامة منهم؛ فها هي تصريحات قياديي الإخوان التي سئمنا منها تعود للساحة ثم تختفي ظنًّا منهم أنها ستسبب زخمًا إعلاميًّا، أو أنها ستخيل على الناس حتى يستطيعوا نيل شفقتهم مرة ثانية بعد حل حزبهم، والقبض على قيادييهم، بل وحظر جماعتهم واعتبارها جماعة إرهابية..
التنظيم الأم في مصر

الدكتور عمرو دراج القيادي بجماعة الإخوان وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة "المنحل"
جاءت ردود الأفعال مختلفة على تلك التصريحات الخاصة بـ "دراج"؛ فقد صرح طارق أبو السعد، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية أن تلك التصريحات خطوة إعلامية تهدف لخلق حالة من الزخم للجماعة ربما يدفعها للأضواء مرة أخرى.
جاء رده في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز" اليوم الاثنين 6 يونيو 2016، حيث أضاف أن مزاعم الفصل تلك، ترددت كثيرا من بعض القيادات الإخوانية التي تميل للمدرسة المدنية- على حد وصفه.
واصفًا المبادرة بمحاولة الجماعة غسل وجهها وتقديم نفسها من جديد؛ وأضاف في حواره ما نصه: "هذا الحراك الداخلي سينتهي بالفشل لأن عقبات كثيرة ستقف في وجه تطبيق ذلك الفصل وأهمها أن الجسد الإخواني بكل فصائله المختلفة يؤمنون أن الإسلام وحدة متكاملة ولا يجوز فصل الدعوة عن السياسة، فضلًا عن أن الجماعة منذ نشأتها قائمة على استغلال الدين لخدمة أهدافها السياسية وبالتالي الفصل بينهم بمثابة قتل لتنظيم الإخوان".

كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب
بينما أكد كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب أن تلك التصريحات الخاصة بعمرو دراج "كلام لا يعوّل عليه"، منوهًا إلى أن دراج ليس المتحدث الرسمي باسم الإخوان.
وأضاف "الهلباوي" في تصريح خاص أيضًا لــ"البوابة نيوز"، اليوم الاثنين 6 يونيو 2016، أن العديد من قيادات الإخوان صرحوا تصريحات متضاربة في الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن فريقًا من الإخوان غاضب على أهل العنف ويحاول الخروج من المأزق الذي وضعت فيه الجماعة منذ ثورة 30 يونيو.
وأضاف قائلًا: "الإخوان يتصارعون على السلطة داخل التنظيم والأموال والشرعية".

القيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية سامح عيد
وتطرق القيادي المنشق عن جماعة الإخوان الإرهابية سامح عيد للأمر قائلُا في تصريح أيضًا لـ"البوابة نيوز" قائلًا: "إن دراج ليس له أي صلاحيات أو سيطرة داخل الجماعة حتى يتحدث عن أمور إدارية وتنظيمية" وأكد أن فصل الجانب الدعوي عن السياسي لن يرى النور، وأضاف قائلًا: "بالرغم من كل الخلافات والانقسامات الداخلية لكن حتى الآن ما زال التنظيم متماسكا داخليًا بصورة معقولة وشباب الجماعة ملتزمين بمبدأ السمع والطاعة للقيادات التاريخية التي سبق وأن أعلنت موقفها صراحة بأنه لا فصل بين السياسي والدعوي". وعقب: "حتى إذا خرج مجموعة من الشباب لتكوين جماعة مشابهم لن يكتب لها النجاح، ستنتهي مع الوقت".

عصام تليمة
وتناول عصام تليمة القيادي الإخواني الموضوع من ناحية أخرى حيث أعرب عن استغرابه من الأنصار الذين ما زالوا متمسكين بقياداتهم، قائلًا: "إنهم تسببوا في نكسة التيار" وأن المؤيدين للحركات الإسلامية عليهم إعادة النظر في أسلوب إدارة قياداتهم خلال السنوات الأخيرة، حتى يستطيعوا تقييمهم وتحميلهم مسئولية الفشل الذي وصل إليه تيار الإسلام السياسي..

أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط
أما أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط فعقب قائلًا: "دعوت لفصل العمل الدعوي عن السياسي في التسعينيات".
مؤكدًا أنه كان من أوائل القيادات الإخوانية التي دعت إلى فصل العمل الدعوي عن السياسي داخل الجماعة.
كما أوضح أنه طرح هذه الفكرة منذ نهاية التسعينيات، ما دفع القيادات الإخوانية المختلفة معه للرد عليه والاستشهاد برسائل حسن البنا، مؤسس الجماعة، لإثبات خطأ رأيه.
موضحًا أن الخلاف حول الفصل من عدمه كان السبب في انشقاق مجموعة من قيادات الجماعة عنها، وأن نفس هذه القيادات هي من أسست حزب الوسط، الذي يحمل نفس فكر الجماعة.

الشيخ سامح عبد الحميد الداعية السلفي
بينما انتقد الشيخ سامح عبد الحميد الداعية السلفي، إعلان جماعة الإخوان فصل العمل الدعوى عن السياسي، مبينًا أن الإخوان تتجه لـ"العلمانية" بفصل العمل الدعوى عن السياسي، على حد وصفه. وأضاف "عبد الحميد" فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "العمل السياسي جزء من العمل الدعوي، والإسلام ليس فقط صلاة وصيام وزكاة ونحو ذلك، ولكنه عبارة عن عبادة وسياسة واقتصاد وغيره".
للمزيد عن تصريحات الإخوان بشأن العمل الدعوي والسياسي.. اضغط هنا
الإخوان في تونس "حركة النهضة"

راشد الغنوشي مؤسس النهضة
ونفس الفكر الإخواني رغم الحدود الفاصلة جغرافيًّا وليس فكريًّا نجده في تونس ومحاولات حركة النهضة الإسلامية التونسية ممارسة نفس اللعبة حيث قررت "الفصل بين الدعوي والسياسي" والتحول إلى حزب "مدني" والظهور في صورة حزب حداثي.
وبالفعل أعلنت الحركة عن هذا القرار، خلال مؤتمرها العاشر 23 مايو 2016 وشارك فيه 1200 من قياداتها، وهو المؤتمر الذي أعادوا فيه انتخاب راشد الغنوشي (74 عاماً) مؤسس النهضة، رئيساً للحركة لولاية مدتها 4 سنوات، مثلما حصل في مؤتمرها الأخير سنة 2012.
بينما قال نائب رئيس حركة النهضة في تونس الشيخ عبد الفتاح مورو: الإسلاميون ليسوا مبشرين في مجتمعات جاهلية، فهم مسلمون والآخرون كذلك مسلمون.
وأوضح مورو: مبرر وجود الإسلاميين ليس تعليم الناس الوضوء والزكاة بل السعي إلى تبديل الواقع السيئ استنادا لمبادئ دينية ووطنية، دون أن ينقص ذلك من القول: "نحن لسنا وحدنا الحاملين للحقيقة".

الكاتب الصحفي مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي بالقاهرة
واستقبل ذلك الإعلان بالانتقادات؛ حيث أكد الكاتب الصحفي مصطفى حمزة، مدير مركز دراسات الإسلام السياسي بالقاهرة، أن مسألة الفصل بين الدعوة والسياسة التي أسفر عنها المؤتمر العاشر لحزب حركة النهضة التونسية، مجرد مناورة سياسية أكثر من كونه منهجية عمل للحركة في المرحلة المقبلة.
وأشار حمزة إلى استحالة ذلك الفصل؛ لأنه مبنى على عقيدة دينية راسخة تتعلق بشمولية الإسلام الذي تقوم عليه حركتهم، كفرع للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين، وأن إشكالية الدين والسياسة في تونس قديمة، وتتعلق بطبيعة المجتمع ذاته، مؤكدًا أنه تتبع تصريحات قادة الحركة خلال المؤتمر ليتفهم طبيعة ما أسموه بالفصل بين الدعوي والسياسي، ولم يجد سوى تلاعبًا بالألفاظ، وأن الحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها أن ما يسعى إليه قادة "النهضة" ما هو إلا تنظيم وتقسيم للأدوار وليس فصلًا بحال من الأحوال.
للمزيد عن موقف النهضة من الفصل بين الدعوة والسياسة.. اضغط هنا