الحكومة الكويتية ما بين مهادنة الإخوان و"تحجيم" نفوذهم

الخميس 09/يونيو/2016 - 02:24 م
طباعة الحكومة الكويتية
 
تحاول الحكومة الكويتية خلق حالة مختلفة لوضع الإخوان في الكويت ففي التي الذي تحاول فيه إدماج جماعة الإخوان الكويتية في الحياة السياسية في محاولة منها لعدم الصدام بين الجماعة والمجتمع خاصة وأن أعضاءها لهم تمثيل داخل مجلس الأمة الكويتي تعمل على مواجهة أي تجاوزات منها في الحياة السياسية الكويتية. 
فعلى صعيد محاولة تحجيم دورها شن يعقوب الصانع وزير العدل وزير الأوقاف والشئون الإسلامية الكويتي، هجوماً على «مركز الوسطية» الذي كان يسيطر عليه كوادر الحركة الدستورية الإسلامية «الإخوان المسلمون»، مبرراً قرار إلغائه بأنه «لم يكن له كيان قانوني سليم، وطلبت في السابق تشكيل لجنة تحقيق لما جاء في كتب المركز من دعوة إلى التظاهر والخروج على الحاكم، وتم إلغاء المركز وإلحاقه بإحدى إدارات وزارة الأوقاف، وتم استبعاد الكتب المتطرفة التي لا تتماشى مع الفكر الوسطي الذي تنادي به الكويت.
جاء ذلك في رده على مداخلة للنائب عبد الرحمن الجيران، أكد فيها أن مركز الوسطية يتكلم في أمور بعيدة تماماً عن مضمونة الوسطية التي جاء بها الإسلام، قائلًا: "وقفت بنفسي على التحريض على الحكومات والطعن في هيئة كبار العلماء بالسعودية وللأسف هذه المؤلفات تحمل اسم الكويت التي سمحت لهذه الأحزاب بأن تنشئ مركز الوسطية، وإن قرار مجلس الوزراء الذي أوقف اللجنة وأعاد تشكيلها جيد، وإن جهود وزير الأوقاف لمواجهة مؤلفات إدارة مركز الوسطية محمودة، مع الإشادة بقرار إعادة إصلاح فكر الشباب الذين ينتمون إلى خلية أسود الجزيرة".
 هذا في الوقت الذي تم فيه الكشف عن محاولة جماعة الإخوان المسلمين هناك الاستيلاء والهيمنة على المناصب القيادية في القطاع الحكومي، بعد الإعلان عن عزمهم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة المرتقبة في 2017 وموافقة مجلس الخدمة المدنية خلال اجتماعه الأخير على ترشيح القيادي الإخواني (م.ج) لتولي منصب الأمين العام للأمانة العامة للأوقاف، بالرغم من المخالفات والملاحظات المسجلة عليه من قبل الجهات الرقابية وعلى رأسها ديوان المحاسبة.
الحكومة الكويتية
وكشفت مصادر مطلعة أن القرار اتخذ بأغلبية ثلاثة أصوات مقابل صوتين؛ وفي مفارقة مثيرة ولافتة للانتباه، وافق على الترشيح رئيس مجلس الخدمة المدنية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية وزير النفط بالوكالة أنس الصالح ووزير الدولة لشئون مجلس الوزراء الشيخ محمد العبد الله ووزير التربية وزير التعليم العالي د.بدر العيسى في حين اعترض على الترشيح وزير الأشغال العامة وزير الدولة لشئون مجلس الأمة د. علي العمير ووزيرة الشئون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشئون التخطيط والتنمية هند الصبيح، وأن موافقة مجلس الخدمة المدنية على الترشيح تأتي تمهيدًا لاعتماده من قبل مجلس الوزراء، مؤكدة أن الكرة الآن في ملعب الأخير .
وجددت المصادر التحذير من مغبة عودة الإخوان إلى الهيمنة على المناصب القيادية والتحكم بمفاصل القطاع الحكومي، وما يمكن أن يرتبه ذلك من آثار وتداعيات على الأمن والاستقرار في البلاد، وأن تولي قيادي في الجماعة هذا المنصب الرفيع يفتح الباب مجددا لعودة الصراع المفتوح بين التيارات الدينية وأبرزها الإخوان والسلف على المناصب في وزارة الأوقاف.
وكانت جريدة "السياسة" الكويتية قد حذرت السبت 4-6-2016م من عودة نهج "المساومات والزحف على المناصب القيادية والإمساك بمفاصل الجهاز الحكومي"، وكشفت عن "خطة رموز الجماعة لاستعادة كل المواقع والمناصب التي كانوا يشغلونها قبل انتخابات الصوت الواحد التي قاطعوها"، وفي القلب من تلك المواقع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية وان "م. ج" كان قد رشح في السابق لشغل المنصب ضمن "صفقة بين الحكومة والجماعة" كشفتها "السياسة" في حينه، ما أدى إلى تعطيلها مؤقتًا؛ لكنها عادت إلى الظهور بقوة مجددًا مع عودة الإخوان إلى المشهد السياسي وسط حديث عن "ثمن" ستدفعه الحكومة لهم مقابل مشاركتهم في الانتخابات ووقف المقاطعة التي بدأت عقب صدور مرسوم الصوت الواحد بمجلس الأمة الكويتي في جلسته التكميلية، يوم الأربعاء 8-6-2016م. 
الحكومة الكويتية
 يذكر أن علاقة الإخوان المسلمين بالحكومة اتسمت بالانسجام في المواقف وتبادل المصالح؛ حيث استفاد كل طرف من الآخر على حساب التيار القومي العلماني، في خمسينيات القرن الماضي، كما ظهر ذلك في إصدار المرسوم الأميري بتأسيس بيت التمويل الكويتي على الرغم من معارضة التكنوقراط والعلمانيين، في حين كان "الإخوان" هم ظهير الأمير الشعبي في تنفيذ تلك القرارات، لتؤكد الانسجام في المواقف وتبادل المصالح بين الطرفين.
كما امتد التفاهم ليتم إقرار عدد من القوانين المتوافقة مع الشريعة في مجلس 1981، والذي قُدّم من قبل النواب الإسلاميين في مجلس الأمة، وكان في المقابل أن صمت الإسلاميون عن الحديث في قضية تزوير انتخابات 1967، وحل مجلس 1976 حلًّا غير دستوري، وهنا يبدو تقسيم المجالات واضحًا في هذه الفترة حيث اهتم الإسلاميون بتوسيع نفوذهم الاجتماعي، من خلال عدد من الوسائل كالمساجد والمدارس والجامعة، بينما اهتمت الحكومة بتقليم نفوذ القوميين على المستوى السياسي.
الحكومة الكويتية
مما سبق نستطيع التأكيد على أن الحكومة الكويتية تحاول خلق حالة مختلفة لوضع الإخوان في الكويت فعلى جانب تحاول فيه ادماج جماعة الإخوان الكويتية في الحياة السياسية في محاولة منها لعدم الصدام بين الجماعة والمجتمع، خاصة وأن أعضاءها لهم تمثيل داخل مجلس الأمة الكويتي  وفي الوقت نفسه تعمل على مواجهة أي تجاوزات منها في الحياة السياسية الكويتية . 

شارك