هل تنجح فرنسا في مواجهة خطر "داعش" على الأراضي السورية بالضربات الاستباقية؟

الأحد 12/يونيو/2016 - 12:29 م
طباعة هل تنجح فرنسا في
 
 تحاول فرنسا منذ قيام تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بتوجه ضربات إرهابية في قلب باريس، ومواجهة خطر داعش خارج أراضيها وتحديدًا على الأراضي السورية من خلال توجيه الضربات الاستباقية لمعاقلها عن طريق غير مباشر بالضربات الجوية أو بطريق مباشر بالمشاركة في العمليات ضدها من خلال قوات برية ولو للتدريب والمشورة بشكل مبدئي، وهو الأمر الذى أكده مصدر في محيط وزير الدفاع الفرنسي بأن جنوداً فرنسيين يقدمون النصح في سوريا لقوات سوريا الديمقراطية الكردية العربية التي تقاتل تنظيم داعش، قائلًا: إن "هجوم منبج كان مدعومًا بشكل واضح من بعض الدول بينها فرنسا من خلال تقديم المشورة". 
هل تنجح فرنسا في
وذكر أن العسكريين الفرنسيين لا يتدخلون شخصياً؛ لذلك لا يقاتلون مسلحي داعش بشكل مباشر، لا سيما الفرنسيون الموجودون في منبج، وإن حوالي 400 من جنود القوات الخاصة الفرنسية يعملون في 17 بلداً، خصوصًا في منطقة الساحل من أصل 2500 رجل، وهو الأمر الذي ألمح له من قبل جان إيف لودريان وزير الدفاع الفرنسي قائلًا: "يوجد وجود جنود فرنسيين مع جنود أمريكيين إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية في الهجوم في منبج بمحافظة حلب ويقوم الدعم على تقديم أسلحة ووجود جوي والمشورة".
التواجد الفرنسي تطور بشكل كبير بعد هجوم "داعش" على باريس؛ حيث لم تكن فرنسا تعترف من قبل سوى بوجود قوات خاصة عددها 150 رجلاً في كردستان العراق، كما ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية في تقرير لها دوافع ومخططات التدخل العسكري الفرنسي في سوريا، من خلال الإجابة على خمسة أسئلة محورية، أولها تتعلق بأهداف الضربات الجوية الفرنسية في سوريا، وهو ما أجاب عنه الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولوند"؛ حين أوضح أن أولى الضربات الجوية في سوريا استهدفت معسكرًا تدريبيًّا تابعًا لتنظيم الدولة قرب مدينة دير الزور؛ لأن هذه المنطقة تعد معقلًا رئيسيًّا للتنظيم وتتميز بكثافة تواجد المقاتلين الفرنسيين، بالإضافة إلى تصريحات سابقة لوزير الدفاع الفرنسي "جون إيف لودريان"، قال فيها: إن "معسكرات تدريب المقاتلين الأجانب في سوريا هي من أولويات باريس، لما لهذه المعسكرات من دور في إعدادهم لتنظيم هجمات في أوروبا بشكل عام وفي فرنسا بشكل خاص".
هل تنجح فرنسا في
وحول الإطار القانوني للتدخل الفرنسي، نقلت الصحيفة عن جون إيف لودريان أن "العمليات الجوية في سوريا؛ تأتي في إطار الفصل 51 من ميثاق الأمم المتحدة، المتعلق بشرعية الدفاع عن النفس، والذي ينص على الحق الطبيعي لكل دولة في الدفاع عن نفسها، في حال تعرضها لهجوم مسلح، في انتظار اتخاذ مجلس الأمن للتدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين"، بالإضافة إلى أن فرنسا امتنعت عن التدخل في سوريا عقب تأزم الأوضاع هناك عقب قيام الثورة السورية في 15 مارس 2011م، بحجة غياب إطار سياسي وقانوني يشرع لذلك، ولكنها سرعان غيرت موقفها؛ بسبب تزايد الهجمات المسلحة على أراضيها، والتي ترجح باريس أنها تم التخطيط لها في سوريا والعراق.
وفيما يتعلق بإمكانية قيام فرنسا بقتل مواطنين فرنسيين متواجدين في صفوف تنظيم الدولة، نقلت الصحيفة تأكيد وزير الدفاع الفرنسي على أن بلاده لا تستهدف شخصًا بعينه؛ حيث قال: "نحن لا نحارب أشخاصًا، بل مجموعة إرهابية تتكون من عناصر ذوي جنسيات مختلفة، ونقوم بعملنا هذا في إطار احترام القانون الدولي والمعايير الإنسانية". وأن باريس كانت في السابق ترى في قصف تنظيم الدولة دعمًا لمصالح النظام السوري، ولكن هذا الموقف تغير في السنتين الأخريين بسبب تعاظم خطر التنظيم بشكل فاق كل التوقعات؛ حيث صرح هولوند، في سياق تبريره للتغير الذي طرأ على موقفه، بأن "تنظيم الدولة نجح في تطوير إمبراطوريته بشكل ملحوظ، في مقابل انحسار تواجد قوات النظام وتراجع قدراتها".
ولفتت لوموند إلى استماتة الحكومة الفرنسية في التأكيد على أن موقفها من تنظيم الدولة لا يعني بتاتًا اتخاذ بشار الأسد حليفًا لها؛ حيث نفى جون إيف أدريان بشكل قاطع أن يكون هنالك أي تبادل للمعلومات، بين باريس وموسكو أو دمشق.
هل تنجح فرنسا في
مما سبق نستطيع التأكيد على أن فرنسا قد غيرت من استراتيجياتها منذ قيام داعش بتوجه ضربات إرهابية في قلب باريس، في محاولة منها لمواجهة خطر داعش خارج أراضيها وتحديدًا على الأراضي السورية، من خلال توجيه الضربات الاستباقية لمعاقلها، وهو ما جعلها تتدخل بطريق مباشر بالمشاركة في العمليات ضدها من خلال قوات برية قد تتطور من التدريب والمشورة إلى الحرب الفعلية. 

شارك