دعم عسكري سري.. وراء تقدم قوات الوفاق في "سرت" الليبية

الأحد 12/يونيو/2016 - 03:15 م
طباعة دعم عسكري سري.. وراء
 
في ظل الأوضاع التي تشهدها ليبيا الآن، والصراعات المتواصلة بين قوات الوفاق من ناحية وحكومة الشرق من ناحية أخرى، يبدو أن الإنجازات التي حققتها قوات الوفاق الليبية في مدينة سرت للقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي ستقود إلى المزيد من الخلافات بشأن شرعية المؤسسات.

دعم عسكري سري.. وراء
وكانت أعلنت قيادة أركان عملية "البنيان المرصوص" التابعة لقوات الوفاق في ليبيا عن استعادة السيطرة على ميناء مدينة سرت، الذي كان يسيطر عليه تنظيم "داعش".
وقال رضى عيسى، عضو المركز الإعلامي في غرفة العمليات لتحرير سرت: "إن القوات الحكومية بدأت اقتحام الميناء، قبل أن تُحكم السيطرة عليه بالكامل يوم السبت". مضيفًا أن وحدات عسكرية تتمركز حاليا داخل الميناء.
وتسير العمليات العسكرية لاستعادة مدينة سرت، والتي بدأت منذ نحو شهر من الآن، بوتيرة سريعة؛ حيث تقول الحكومة في طرابلس إنها أحكمت الحصار على التنظيم الإرهابي في مربع لا يتجاوز خمسة كيلومترات داخل سرت.
وأعرب المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر عن دهشته لسرعة تقدم الكتائب التابعة لحكومة الوفاق نحو آخر وأبرز معاقل التنظيم في سرت.
 وتقول مصادر عسكرية في قيادة أركان عملية "البنيان المرصوص": "إن بعض قادة التنظيم فروا من ساحة المعركة جنوبا باتجاه الصحراء الليبية".
ويرى مراقبون أن سرعة سقوط المدينة ومحيطها في أيدي القوات الحكومية، وراءها دعم عسكري السري، تقدمه الدول الغربية للقوات الحكومية.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية: "إن وجود قوات خاصة من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا ساعد كثيرًا في التقدم نحو سرت وذلك، في إشارة إلى الدعم الذي يقدمه خبراء عسكريون من هذه الدول للقوات الحكومية التي تحارب داعش".
من ناحية أخرى حذر مراقبون ومحللون سياسيون من أن هذا النصر المهمّ قد يشعل الخلافات بين حكومة الوفاق والجهات الداعمة لها من ناحية وبين المؤسسات الشرعية في الشرق وداعميها من ناحية ثانية.
وبعد نحو شهر على بداية العملية العسكرية الهادفة إلى استعادة المدينة (450 كلم شرق طرابلس)، أصبح التنظيم محاصرًا في منطقة تمتد بين وسط المدينة الساحلية وشمالها، بحسب ما تؤكد القوات الحكومية.
وتفتح حكومة الوفاق على نفسها النار وبالأخص في ظل تصريحات رئيسها فايز السراج، والذي يؤكد مرارًا وتكرارًا على ثقته في الحصول على دعم قوي لحكومته ما قد يؤدي إلى غضب وسط الليبين وعلى رأسهم نواب البرلمان الشرعي الذين يعقدون غدًا الاثنين والثلاثاء اجتماعًا لإعطائها الثقة، أو الاستمرار برفض دعمها ما لم تلتزم بما جاء في اتفاق الصخيرات.

دعم عسكري سري.. وراء
وأشار المراقبون إلى أن كتلة مهمة من النواب ما تزال رافضة لمسألة إضفاء الشرعية على حكومة الوفاق رغم الضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس عليهم، وعلى رئيس البرلمان عقيلة صالح.
وتعتبر مؤسسة الجيش وقائد القوات المسلحة الفريق أول خليفة حفتر نقطة الخلاف بين البرلمان وحكومة الوفاق التي تريد تعويم المؤسسة العسكرية وإغراقها بالثوار الذين كانوا ينشطون تحت لواء ميليشيا فجر ليبيا.
ويرى مراقبون أن قوات حكومة الوفاق الوطني في طرابلس هي التي ستفوز بسباق تحرير مدينة سرت، على حساب قوات الجيش التابع للحكومة المؤقتة في طبرق، والتي يقودها الفريق خليفة حفتر.
وكان الطرفان قد أعلنا عن الشروع في عملية عسكرية لتحرير مدينة سرت من قبضة التنظيم الإرهابي داعش، وجاءت المبادرة من قوات الحكومة المؤقتة قبل أن تليها حكومة الوفاق، التي أنشأت غرفة عمليات خاصة بهذا الغرض.
ويرى مراقبون أن حفتر أراد عبر المبادرة بإعلان الحرب على "داعش" جر القوات الحكومية في طرابلس وكتائب مصراتة إلى مستنقع سرت، لاستنزاف قواتها وتكبيدها خسائر فادحة؛ ما قد يسهل مهمة جيشه في حال تحركه بالفعل نحو سرت.
ووفق بعض التحليلات، فإن خليفة حفتر كان يريد نصب فخ لكتائب ثوار مصراتة والميليشيات المتحالفة وإدخالها في أتون حرب أهلية، خاصة أن القبيلتين الرئيستين في منطقة سرت هما: قبيلة الفرجان التي يتحدر منها حفتر نفسه، وقبيلة القذاذفة التي يتحدر منها الزعيم الراحل معمر القذافي.

دعم عسكري سري.. وراء
ومن الواضح أن حكومة الوفاق سعت إلى تحجيم دور حفتر وتهميش الجيش الوطني الذي يقاتل لوحده شرقًا تنظيم داعش ومجموعات متشددة أخرى، مستفيدة من دعم دول غربية يهمها ضرب داعش ولا تعنيها مخلفات استمرار الخلافات الداخلية.
وعينت حكومة الوفاق قائدا آخر من الشرق هو مهدي البرغثي كوزير للدفاع، ويسعى الوزير الجديد لسحب التأييد الذي يتمتع به حفتر، وفي الأسبوع الماضي أعلنت وحدتان عسكريتان في بنغازي مساندتهما لحكومة الوفاق.
وحذّر خبراء من أن دعمًا خارجيًّا لجهة ليبية ضد جهة أخرى قد يعقّد الوضع ويقود إلى المزيد من الانشقاق والصدام بين الليبيين.
إميلي إيستيل الخبيرة في شئون شمال إفريقيا والشرق الاأسط في معهد أمريكان أنتربرايز قالت: "إن كل الأطراف المسلحة الرئيسية تستخدم الهجوم على داعش ذريعة للسيطرة على مزيد من الأراضي، وتواجدها معا في وسط ليبيا قد يهدد بإشعال حرب أهلية".
وأضافت أن القوات التي تهاجم داعش في سرت من جهتيها الغربية والجنوبية هي عبارة عن ميليشيات تتحدر من مصراتة تضم نحو ألفي عنصر، لافتة إلى أن التحدي الأبرز في مرحلة ما بعد تحرير سرت يتمثل في العمل على نزع السلاح من الجماعات التي تتمسك به".
ولا يستبعد المتابعون للشأن الليبي أن تبدأ الخلافات داخل التحالف الداعم لحكومة الوفاق بعد حسم معركة سرت، خاصة أن كل طرف سيعتبر نفسه صاحب الدور الأكبر في طرد داعش ومن حقه الحصول على امتيازات أفضل داخل الحكومة وفي مؤسسة الجيش.

شارك