بعد مذبحة سجن "الرويمي".. ميليشيات طرابلس تُفشل جهود "الوفاق"

الإثنين 13/يونيو/2016 - 11:37 ص
طباعة بعد مذبحة سجن الرويمي..
 
في أعقاب الحادث الذي وقع في ليبيا أول أمس، شهدت البلاد توترًا غير مسبوق؛ حيث أكد رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام الصديق الصور، تصفية 12 سجينًا، في 10 يونيو الجاري بعد الإفراج عنهم من سجن الرويمي في عين زارة إحدى ضواحي طرابلس.
بعد مذبحة سجن الرويمي..
وقال الصور: إن السجناء كانوا متهمين في قضية "المثابة" التي اتهمت فيها مجموعة من أعضاء ما كان يسمّى إبان النظام السّابق بـ"فريق العمل الثوري" وقتل فيها متظاهرون يومي الـ 19 والـ20 من فبراير 2011، مضيفًا أن عددًا من ذوي ضحايا المتظاهرين أثناء الثورة، أقاموا دعوى قضائية تتهم مجموعة من "فريق العمل الثوري" بقتل وتعذيب أبنائهم، وبعد استيفاء التحقيق من مكتب المحامي العام بطرابلس، أحيل المتهمون إلى محكمة الجنايات بتهمة القتل والانتماء إلى تشكيل عصابي.
وذكر الصور أنه صدر حكم بالإفراج عن 19 سجينا، قائلا: "غادر السجناء السجن رفقة عائلاتهم وفق سجل بلاغات السجن.. بعدها فوجئنا بالعثور على 12 جثة من السّجناء المفرج عنهم".
يأتي ذلك في ظل تولي حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج مسئولية البلاد، ما أدى إلى تشكيك معارضين في قدرة المجلس الرئاسي التابع للوفاق، بالسيطرة على الميليشيات التي بقيت في العاصمة طرابلس منذ أكثر من خمس سنوات، فضلًا عن إثبات عجز المجلس الرئاسي عن السيطرة على هذه الميليشيات. 
وينص اتفاق الصخيرات الموقع في 17 من ديسمبر الماضي على إخراج الميليشيات المسلحة من المدن الليبية ومن بينها العاصمة طرابلس بعد سحب سلاحها الثقيل وبعد فترة زمنية يتم سحب ما تبقى من سلاحها الخفيف، على أن تتم بعد ذلك ترتيبات دمجها في قوات الجيش أو الشرطة أو في وظائف مدنية أخرى حسب الشروط المطلوبة للوظائف والمتوافرة لدى كل شخص، لكن لجنة الترتيبات الأمنية المكلفة من قبل المجلس الرئاسي قفزت على هذه المراحل ليتم إقحام هذه الميليشيات مباشرة في مؤسستي الجيش والشرطة.
بعد مذبحة سجن الرويمي..
من جانبه طالب المبعوث الأممي لدى ليبيا "مارتن كوبلر" بالتحقيق الفوري والشفاف من قبل السلطات في ظروف مقتل المحتجزين الذين أطلق سراحهم من سجن الرويمي، وقال كوبلر في تغريدة عبر صفحته الرسمية على تويتر إنه مصدوم ومستاء جداً، وسيتابع الموضوع.
ونفى مدير مؤسسة الإصلاح والتأهيل المعروفة باسم سجن "الرويمي" علي الساعدي، السبت، ما تردد حول عملية تصفية السجناء المفرج عنهم داخل المؤسسة، قائلا: إن هذه الأخبار عارية عن الصحة جملة وتفصيلاً ومجرد إشاعات، مرجحا أن تكون التصفية حدثت بعد الإفراج عنهم خارج السجن.
ويرى مراقبون أن المجلس الرئاسي منذ دخوله العاصمة أواخر مارس الماضي لم يسطيع السيطرة على الانفلات الأمني الذي تعيشه المدينة؛ حيث ما زال مسلسل الخطف والابتزاز متواصلًا، كما عجز المجلس عن وضع حد لتردي الوضع الاقتصادي الذي انعكس بدوره على المقدرة الشرائية للمواطن، وسط تواصل ارتفاع الأسعار والدولار مقابل الدينار.
واعتبر متابعون أن المجلس الرئاسي الذي مر على دخوله إلى العاصمة طرابلس حوالي ثلاثة أشهر، بات يعمل تحت سيطرة الميليشيات التي تقوم بحراسته في مقر عمله في قاعدة أبوستة البحرية، ما يعني أن جهود الحوار التي بذلت على مدار حوالي سنتين والذي كان من أبرز أهدافه وضع حد لسطوة الميليشيات، ذهبت سدى.
وفي هذا السياق أصدر المجلس الرئاسي بيانًا أدان فيه هذه الجريمة البشعة ودعا إلى فتح تحقيق لكشف الجناة وتقديمهم إلى العدالة، إلا أن ناشطين وسياسيين أكدوا أن المتورطين هم من إحدى الميليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس.
من جانبها حمّلت الحكومة الليبية المؤقتة بقيادة عبدالله الثني، المقيمة في طبرق، الشرطة القضائية مسئولية مقتل 12 شخصًا في سجن الرويمي بعد أن أصدرت المحكمة حكما بالإفراج عنهم.
وطالبت الحكومة المؤقتة في بيان نشرته عبر صفحتها على "فيسبوك"، أمس الأحد، الجمعيات والمؤسسات المحلية والدولية المتخصصة بحماية حقوق الإنسان وإيصال الصورة الحقيقية لما حصل للمغدورين ومن يقف وراء هذا العمل الإجرامي.
وقالت الحكومة في بيانها، إنها بدأت في الإجراءات القانونية التي تكفل لأسر المغدور بهم حقوقهم ولكي يقدم المجرمون إلى العدالة.
بعد مذبحة سجن الرويمي..
وذهبت الحكومة المؤقتة إلى أن ما حدث يعد من أبشع الجرائم ضد الإنسانية والتي وقعت لـ12 سجينًا بعد الحكم الذي رفضته "مجموعة خارجة على القانون تسيطر على السجن الذي يقبع فيه المغدور بهم لتقوم بتصفيتهم ومن ثم وجُدت جثثهم مرمية على قارعة الطريق.
وقال الحقوقي والناشط السياسي الليبي خالد الغويل: "إن سيارات مصفحة تابعة لإحدى الميليشيات استلمت المعتقلين الـ17 من إدارة سجن الرويمي الذي تديره شخصيات محسوبة على التيار الإسلامي، مؤكدًا أنه تمت تصفية 6 من المعتقلين حرقًا، بعد أن وقع نقلهم من السجن إلى مكان يوجد بالقرب من مصنع الأعلاف بوادي الربيع".
وبخصوص الوضع العام في بلاده، قال الغويل: "إن الانتصارات الأخيرة المسجلة في سرت ضد تنظيم "داعش" الإرهابي تبين أن "داعش" ليبيا أكذوبة قد انتهت". معتبرًا في الأثناء أن حكومة الوفاق لن ترى النور إلا بحصول توافق ليبي شامل حولها بعيدًا عن إقصاء أو تهميش لكل أبناء الشعب الليبي.
ويرى مراقبون أن هذه الجريمة ستعيد الأوضاع إلى مربع الصفر وقد تُفشل جهود المصالحة التي كانت تلوح في الأفق بين أنصار النظام السابق والميليشيات المسيطرة على السجون وترفض الإفراج عن المعتقلين، رغم صدور قوانين عن الجهات الرسمية تبرئهم من التهم المنسوبة إليهم وتدعو إلى إطلاق سراحهم.

شارك