اللاجئون السوريون في لبنان بين عنصرية المتطرفين وتعنت الحكومة
الأربعاء 29/يونيو/2016 - 12:28 م
طباعة
على الرغم من معاناة اللاجئين السوريين في لبنان من عنصرية مقيتة يقوم بها أشخاص عنصريون، إلا أن هذة العنصرية تصاعدت، لا سيما عقب التفجيرات التي ضربت منطقة القاع؛ حيث ارتفعت الأصوات المطالبة بضبط أماكن تواجد اللاجئين السوريين، وأعلن الجيش اللبناني عن توقيف 227 لاجئاً بحجة الدخول إلى لبنان بطريقة غير شرعيّة، كما وصل الأمر بالقوات اللبنانية أن تدعو لتسليح المسيحيين بشكل علني وتشكيل "لجان دفاع شعبية" مهمتها محاربة اللاجئين السوريين.
وتسابقت الأحزاب اللبنانية في دعوات التسلح وتنافست في التصريحات العنصرية التي دفعت بمسيحيي بلدة القاع شباناً ونساء السلاح إلى جانب الجيش اللبناني؛ حيث أظهرت الصور استنفار الرجال والشبان قرب المنازل وفي الساحات وهم يحملون سلاحًا، كما ظهرت في إحدى الصور ثلاث سيدات، بينهن مسنة، يحملن السلاح، وترتدي اثنتان منهن سترة عسكرية وتبدو خلفهنّ كنيسة البلدة كما شوهد مناصرون للقوات اللبنانية يحملون أسلحة رشاشة ويحيطون بعضو كتلة القوات النائب أنطوان زهرا الذي بدوره كان يحمل رشاشاً صغيراً.
وكتبت المستشارة الإعلامية لرئيس حزب القوات سمير جعجع أنطوانيت جعجع على صفحتها على فيسبوك: "نحن في أيام السلم نواب وفي أيام الخطر قوات". وفي دعوة علنية لمهاجمة اللاجئين السوريين وإعلان الحرب ضدهم قال مختار القاع "منصور سعد": إن "هناك حالة استنفار. كل واحد من الأهالي، رجالا ونساء، يجلس أمام منزله لحمايته بعد حالة الرعب التي عشناها البارحة"، مؤكداً منع تجول اللاجئين السوريين نهائيًّا خارج مخيماتهم، وعلى كل واحد منهم أن يعمل ضمن محيطه، في حين سارع سكان في بلدة القاع إلى توجيه أصابع الاتهام الى تجمعات للاجئين السوريين في منطقة مشاريع القاع.
كما أعلن محافظ بعلبك- الهرمل وهي المنطقة التي تقع فيها القاع بشير خضر في بيان له أمس الثلاثاء 28-6-2016م منع تجول النازحين السوريين في بلدتي القاع ورأس بعلبك المجاورة لمدة 72 ساعة قابلة للتجديد، بدوره شجع وزير العمل سجعان قزي حملة التسليح، قائلاً: "إن الوقت ليس للتحليل السياسي بل لاتخاذ التدابير الأمنية على طول الحدود اللبنانية، والوقت ليس للبحث بتنظيم إقامة النازحين السوريين في المخيمات بل بإعادتهم إلى أرضهم وضبط انتشارهم العشوائي".
وعلى الصعيد الرسمى من قبل الحكومة اللبنانية كثفت قوى الأمن اللبناني عمليات الدهم والاعتقال في أماكن تواجد اللاجئين السوريين، كما فرضت بلديات لبنانية عديدة منع التجوال للسوريين المتواجدين في حدودها الإدارية ساعات الليل، وفي مناطق على مدار الساعة وتصل لـ٧٢ ساعة وبحسب الوكالة الوطنية للإعلام شمل الاعتقال المناطق التالية: بلدة جديتا - البقاع وفي محلة دير عمار - الشمال، 26 شخصًا، 29 شخصًا في منطقتي حي البساتين وعدوس- بعلبك، و 35 شخصًا في مناطق تلعباس الغربي، بيت ملّات، عيدمون، عندقت والقبيات- عكار، كما نفذت في مناطق بعلبك أمس، سلسلة عمليات الدهم شملت مخيمات النازحين السوريين في: الطيبة، الحمودية، يونين، تل أبيض، الحديدية، دورس. وقد أوقفت خلالها 103 سوريين في محلة الريحانية - ببنين. أوقفت خلالها 124 سوريًّا وعمليات دهم أخرى في البقاع .
وأعلن الجيش اللبناني أن وحداته المنتشرة في مناطق بعلبك نفذت، اليوم الأربعاء 29-6-2016م سلسلة عمليات دهم شملت مخيمات اللاجئين السوريين في بلدات: الطيبة، والحمودية، ويونين، وتل أبيض، والحديدية، ودورس، وقد أوقفت خلالها 103 سوريين لوجودهم داخل الأراضي اللبنانية بصورة غير شرعية، وضبطت بحوزتهم 9 دراجات نارية وسيارتين من دون أوراق قانونية.
إلى ذلك، جاءت المواقف السياسية على شاكلة الانقسام السياسي اللبناني تجاه الأزمة السورية؛ حيث استغل فريق حزب الله الحدث الأمني لتأكيد أهمية حربه بمواجهة "التكفيريين" في سوريا حماية للبنان، وأشاد وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بهذا الدور، محرضاً على مخيمات اللاجئين السوريين في المنطقة مصوراً اياها، وكأنها حاضنة للإرهاب.
في المقابل حَمَّلت القوى السياسية المناهضة لـ"حزب الله"، ومشاركته في الحرب السورية، مسئولية استجلاب نيران الحرب السورية إلى لبنان، مطالبة الحزب بالانسحاب من سوريا، والتوقف عن دعم نظام بشار الأسد لإنقاذ لبنان؛ لأن مقولة إن حزب الله يحمي لبنان سقطت أكثر من مرة نتيجة الخروقات المتتالية للساحة اللبنانية.
هذا وتحاول الأمم المتحدة التخفيف من العنصرية ضد السوريين في لبنان من خلال رعاية مشاريع جديدة لهم؛ حيث أكدت مصادر مدنية أن الأمم المتحدة تسعى لإقامة مشاريع في لبنان لدعم اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة من خلال دعم مشاريع صغيرة للاجئين وتقديم فرص عمل للشباب، تحت إشراف أممي على المساعدات؛ بهدف إنشاء مشاريع إنمائية، فيما أوضحت الناشطة الاجتماعية لينا حكواتي أنه لم يعد هناك مكان للعمالة السورية في لبنان وتحديداً الأكاديميين منهم مؤخراً، وحتى لو بدءوا أعمالًا كانوا ليعملوا في مجالات غير مجالاتهم ويتقاضوا أجوراً أقل بكثير مما يجب أن يتقاضوه؛ لذلك لا بد من مشاريع تنتشل السوريين من حالة الفقر التي وصلوا إليها، بدل أن تتم محاربتهم في لقمة العيش كما يحدث الآن.
مما سبق نستطيع التأكيد على أن اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان يعانون من ظروف صعبة لا ترحمها عنصرية الأهالي ولا إجراءات الحكومة اللبنانية.