13 عامًا من الحرب في العراق.. والأقليات في كارثة

الإثنين 11/يوليو/2016 - 05:27 م
طباعة 13  عامًا من الحرب
 
ما بين ساعة وأخرى يصدر تقرير جديد في المؤسسات الغربية ينعي وضع الأقليات في العراق. هكذا فقط أحبار فوق أوراق وترجمات إلى عدة  لغات، في حين أن الوضع لا يتغير والملل يكبر والأمل يتسرب، ومن كومة التقريرات يصدر مؤخرا تقرير جديد بعنوان "لا رجعة للوطن: الأقليات في العراق على وشك الاختفاء". 
وبحسب التقرير فقد تعرض المسيحيون، والإيزيديون، والكاكائيون، والتركمان والشبك في العراق للقتل والخطف والزواج القسري والإبادة الجماعية والاغتصاب والتعذيب والتشويه والمعاملة القاسية والتجنيد الإلزامي للأطفال، والأسلحة الكيميائية وتدمير الممتلكات والتراث الثقافي والديني والتشريد والنهب.
ويقول مارك لاتيمر المدير التنفيذي لمجموعه حقوق الاقليات - وهو أحد معدي التقرير- إن ثلاث عشر سنة من الحرب في العراق كان لها عواقب وخيمة على المجتمع العراقي على المدى البعيد، وقد كان أثر ذلك على الأقليات كارثي.
وأضاف.. كان صدامًا رهيبًا، والوضع رهيب منذ ذلك الحين. عشرات الآلاف من الأقليات الاثنية والدينية قد قتلوا والملايين هربوا للحفاظ على حياتهم.
نسبة المسيحيين قد تناقصت من 1.4 مليون إلى 250 ألفًا. وهجر الإيزيديون والكاكائيون والتركمان والشبك من مناطقهم.
وليم سبينس من معهد القانون الدولي وحقوق الإنسان،  وهو أيضًا من معدي التقرير  يقول: إن عوائل دمرت، نهبت المنازل والشركات والمزارع، والتراث تم بيعه أو تهديمه. 
وأضاف.. الناجون لن يتبقى لديهم ما يعودون لأجله ما لم يتخذ العراق والمجتمع الدولي إجراءات أكثر قوة لتلبية احتياجات الأقليات.
الكثير من الذين هجروا لا يرغبون في العودة إلى مناطقهم ومنازلهم حتى عند تحسن الأوضاع الأمنية والمعيشية. 42% من المهجرين داخليًّا في وسط وجنوب العراق أخبروا الأمم المتحدة بأنهم ينوون العودة إلى بيوتهم و35% منهم لم يحسموا أمرهم بعد.
 في إقليم كردستان العراق والمناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرة الأكراد 22% من المهجرين وغالبيتهم من المسيحيين والإيزيديين- عبروا عن رغبتهم بالعودة إلى منازلهم.
ويقول المسئولون المسيحيون: إنهم لا يؤمنون بإمكانية عيش "حياة كريمة" في العراق. في بغداد، بقي فقط 15% من مجتمعها المسيحي والآخرين هجروا داخليًّا أو فروا من البلد بشكل دائم.
وتشير التقارير إلى أن العديد من الإيزيديين يخشون العودة إلى ديارهم بالرغم من رغبتهم الرجوع إلى منازلهم. وتراجعت أعداد الإيزيديين بشكل هائل؛ بسبب الإبادة الجماعية التي ارتكبت بحقهم.
بعض الأقليات بدأت بتشكيل ميليشيات خاصة يتم تدريبها من قبل قوات البيشمركة والقوات الدولية للمشاركة في المعارك ضد تنظيم داعش ولحماية مناطقهم. ويوجد حاليًا ألوية مسيحية وإيزيدية ضمن قوات البيشمركة.
ويقول التقرير: إن البعض يعتقدون أنه لم يعد لديهم موطن في العراق، خاصة في المناطق الواقعة خارج إقليم كردستان، والكثير منهم يسافرون إلى خارج البلاد. وكان العراق ثالث أكبر دولة من حيث نسبة اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا في عامي 2015 و2016.
في الوقت الذي يقول فيه التقرير: إن تنظيم داعش هو الجاني الرئيسي والأكبر في هذه الجرائم، يتهم التقرير أيضًا قوات الأمن العراقية ووحدات الحشد الشعبي (بما فيما ذلك الميليشيات الطائفية) والبيشمركة الكردية- بارتكاب جرائم ضد العراقيين من المسيحيين والإيزيديين والكاكائيين والتركمان والشبك منذ سقوط الموصل بيد داعش عام 2014.
ونقل التقرير عن منظمة العفو الدولية اتهام حكومة إقليم كردستان بتدميرها المنازل والمحلات في محافظات نينوى، كركوك وديالي وذلك من خلال قوات البيشمركة والأسايش خاصتها، وذلك بعد أن تمكنت قوات البيشمركة من استعادتها من سيطرة تنظيم داعش.
ويقول التقرير أيضًا: إن قوات الأمن الكردية قامت بتنفيذ مداهمات واعتقالات تعسفية في كركوك وطردت بالقوة العوائل النازحة داخليًّا ودمرت مساكنهم، وكان البعض من تلك العوائل تتهم بعلاقتها مع تنظيم داعش.
التقرير أيضًا أثار المخاوف بشأن الأوضاع في مخيمات اللاجئين داخليًّا، نقلًا عن تقارير تفيد بعدم كفاية المساكن والإمدادات الأساسية للحياة، فضلًا عن عدم الحصول على الرعاية الصحية والتعليم وتقييد حرية التنقل من قبل القوات المسلحة.
معدي التقرير يتهمون حكومتي بغداد وإربيل بعدم إعطاء الأولوية لاحتياجات الأقليات، وعدم معالجة قضايا العدالة والمصالحة. وحثوا السلطات المحلية والدولية للبدء فورًا بالتخطيط لمرحلة ما بعد داعش من أجل إعادة الأمن والسماح للأقليات بالعودة إلى منازلهم ومصادر عيشهم. وكانت حكومة إقليم كردستان قد استجابت في وقت سابق لاتهامات بانتهاكات نفذت من قبل قوات الأمن التابعة لها، نافية ممارستها سياسة ممنهجة للتميز ضد الأقليات والعرب وبينت استعدادها للتعاون مع المنظمات الدولية في التحقيق في حالات انتهاك وتقديم الجناة للعدالة.
ويستضيف إقليم كردستان ما يقرب من 1.8 مليون نازح عراقي وسوري، مما أدى إلى حدوث زيادة بنسبة 30% في عدد سكان الإقليم. وفي نفس الوقت يشهد الإقليم انخفاضًا كبيرًا في إيراداته؛ بسبب انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، وتوقف بغداد عن إعطاء حكومة إقليم كردستان حصته من الميزانية الوطنية.
الوكالات الدولية لمساعدة النازحين والمهجرين والعاملة في الإقليم تواجه أيضًا أزمة مالية، وبلغت نسبة تمويل "نداء التمويل" للأمم المتحدة فقط 33% مما اضطر المنظمة لإلغاء بعض برامجها الخدمية بما في ذلك برنامج الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية.
وفي مقابلات أجريت معهم في التقرير، قال بعض الأفراد من الأقليات، إن أملهم خاب بالحكومتين العراقية والكردستانية، وكذلك الحال بالنسبة للوكالات الدولية ومن ضمنها منظمة الأمم المتحدة.

شارك