الاردن تتقدم نحو المواطنة وتحذف الديانة من البطاقة بدون ازمات طائفية
الثلاثاء 12/يوليو/2016 - 12:39 م
طباعة
بعد تركيا وفلسطين الغت الأردن في خطوة جريئة وحاسمة خانة الديانة وقام العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بدعم مشروع البطاقة الجديدة معنويًا، وذهب شخصيًا إلى دائرة الأحوال المدنية، وأصدر أولى هذه البطاقات التي تحتوي على شريحة إلكترونية تضم معلومات تستخدم لأغراض أمنية وشخصية، كما أعلنت دائرة الأحوال المدنية.وتعد الخطوة انجاز حقيقي في دولة تعددية لاتعاني من اي ازمات طائفية ومع ذلك تزيل اي عقبات محتملة تجنبا لهذه الازمات
وطبقًا للمعلومات التي صرح بها مسؤولون أردنيون مؤخرًا، فإن بطاقة الأحوال المدنية الجديدة هي بطاقة ذكية تشتمل على بيانات لخدمات معينة ليتم عن طريقها الانتخاب في البرلمان والبلديات، وتحوي المعلومات الأساسية للمواطن، وقد يضاف إليها معلومات كتلك المتعلقة بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي وزمرة الدم، وهي معدة لاستيعاب أي تطبيقات أخرى قد تتم إضافتها مستقبلاً.
اعتراض متشددين
ولم يمر الغاء خانة الديانة دون اعتراض من المتشددين الذين ابدوا قلقهم علي الهوية الاسلامية للبلاد في بلد نص دستوره في مادته الأولى على أن "دين الدولة هو الإسلام".
واعتبر النائب الأردني السابق زكريا الشيخ، إزالة خانة الديانة "استهدافًا للإسلام، وعملية لسلخ هوية الدولة الأردنية والهوية الإسلامية"، وقال في تصريحات صحفية له: "أنا ضد هذا الإجراء، وأعتبره تطاولاً على هوية الدولة القائمة والمستمدة شرعيتها من الشرعية الدينية والإسلامية، كما أن القيادة الأردنية استمدت شرعيتها من الشرعية الدينية، فأي تطاول على هذه الشرعية هو تطاول على شرعية القيادة الإسلامية".
وأضاف الشيخ أن إصدار البطاقة الجديدة "يأتي كجولة من جولات التيار الإلحادي الذي ينشط حاليًا، ويسعى لأن تكون المناهج التعليمية في الأردن بلا قرآن، وهويته بلا أديان، ومحاولة لتحويل بوصلة الحرب الحقيقية التي يجب أن تكون ضد تنظيم داعش، وتوجيه السهام نحو جوهر الإسلام، ومظاهر التدين والدين".
أما أحمد الهاشمي أحد المعارضين لحذف خانة الديانة من البطاقة قال: "الدين جزء لا يتجزأ من هيبتي كأردني، والأهم أن ديانة الأردن هي الإسلام، فلم الخجل من الديانة؟".
وكذلك زيد محمدي، والذي كانت له أسباب أخرى للاعتراض على الفكرة، وكان تعليقه "أنا ضد هذه الخطوة، لتمييز المسلمين عن غير المسلمين، وذلك لاختلاف العادات ما بين الديانات، ولمعرفة ما هو المسموح لشخص معين، وما المرغوب من عادات وأفعال، ومن الممكن الاستفادة منها في المحاكم".
الدين ليس بكلمة تكتب
وفي رده على الجدل حول إزالة خانة الديانة، قال مدير دائرة الجوازات الأردنية مروان قطيشات، إن "الدين ليس بكلمة تكتب، أو حتى لحية، بل إنني كلما أشاهد شخصًا بلحية؛ أدقق في معاملته بشكل أكبر"، واستدرك قائلاً: "الديانة موجودة في الشريحة الإلكترونية، ولكنها غير مرئية في البطاقة".
وأوضح أن "المعاملات الشرعية والإرثية والزواج، تقدم عن طريق دفتر العائلة الذي يحتوي على الديانة"، مشيرًا إلى أن "المملكة اطلعت على البطاقات الشخصية في المناطق العربية المجاورة، كالسعودية وغيرها، ووجدت أنها لا تحتوي على الديانة"، نافيًا في الوقت نفسه أن تكون هنالك إزالة لاسم العشيرة من البطاقة.
ولاقى إلغاء اسم الديانة من البطاقة، ترحيبًا كبيرًا من قبل طوائف دينية اعتبرت القرار "خطوة أولى نحو إزالة التمييز بحقهم".
وقالت الناطقة باسم طائفة البهائيين في الأردن، تهاني روحي في تصريحات صحفية: "إن حذف اسم الديانة من البطاقة الشخصية، أزال التمييز النفسي الذي يتعرض له أبناء الطائفة البهائية في المؤسسات الرسمية والمعاملات الشخصية، حيث كانت توضع نقاط مكان خانة الديانة في البطاقة القديمة، ما شكل تمييزًا".
ولا تعترف الحكومة الأردنية رسميًا بالبهائية كدين، ولا توجد أرقام محددة حول أعداد البهائيين في الأردن، ولكن باحثين يقدرونها بحوالي الألف شخص، أغلبهم من أصول إيرانية، هاجروا إلى بلاد الشام في القرن التاسع عشر، ويتواجدون بأعداد أكبر في العراق ومصر وسوريا.
ومن الناحية القانونية اعتبرت المحامية تغريد الدغمي قرار إزالة خانة الديانة من البطاقة الشخصية "منسجمًا مع الدستور الأردني، الذي نص على أن الأردنيين أمام القانون سواء"، وقالت الدغمي التي أعدت دراسة حول واقع الأقليات الدينية في الأردن: "نتحدث بأننا دولة مواطنة ودولة قانون، فالأصل التعامل بين المواطنين دون تمييز، إذ تنص المادة السادسة من الدستور على أن الأردنيين سواء أمام القانون، لا تمييز بينهم على أساس اللغة أو الدين أو العرق".
وأضافت خلال تصريحاتها الصحفية، أن إزالة خانة الديانة "يزيل التمييز بحق بعض الطوائف"، مشيرة إلى وجود ديانات أخرى في الأردن كالمسيحية والبهائية، وتابعت: "قد يتعرض أشخاص كالبهائيين للتمييز في العمل والحياة الاجتماعية، ولا يتعلق الموضوع بالبهائيين وحدهم، فكل من يبدل دينه يتعرض لمثل هذا التمييز".
وتبين أرقام رسمية تقدمت بها الحكومة الأردنية في تقريرها الدوري الثالث، المقدم للجنة المعنية بحقوق الإنسان، أن عدد الأشخاص المنتمين لديانات غير الإسلام في الأردن يتراوح بين 3 و4%، ويشكل المسيحيون النسبة الأكبر2.3 % بواقع حوالي 150 ألف شخص.
ويبقي السؤال هل تلحق مصر بقطار المواطنة وتلغي خانة الديانة من البطاقة ؟