الأوقاف .. و"خطوات غير مكتملة" على طريق تجديد الخطاب الديني
الإثنين 18/يوليو/2016 - 03:18 م
طباعة
لا شك أن محاولات الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف لتجديد الخطاب الديني والإعلاء لقيم العقل والاستنارة ومحاربة الجماعات المتطرفة، تعد من المحاولات المهمة التي تم اتخاذها في الأيام الأخيرة، خصوصًا في ظل موجات العنف التي يتعرض لها العالم والاتهامات التي طالت الديني الإسلامي نفسه بأنه أحد وأهم أسباب التطرف، ومؤخرًا كشف وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة عن استراتيجية الوزارة لتحقيق الفهم المستنير والقضاء على الفهم السقيم أو غير المستنير خاصة المتعلق بالعقائد والأديان والتي تتضمن عدة برامج مدروسة من أهمها تشكيل لجان علمية متخصصة لتنقية كتب التراث وإعادة قراءتها وبرامج تأهيل متقدمة للأئمة والخطباء داخل مصر وخارجها والكتاتيب العصرية لحفظ القران الكريم ومراكز الثقافة الإسلامية المتطورة إضافة إلى الخطبة المكتوبة المقروءة.
وحذر الوزير اليوم الاثنين 18 يونيو 2016، من الفهم غير المستنير ولا العاقل ولا الراشد المتعلق بالعقائد والأديان، والذي أضر بالفهم الصحيح للدين بحيث صار عبئًا على الدين والوطن والدولة الوطنية والنسيج المجتمعي بل على صورة الإسلام والمسلمين في العالم وعلى مستوى تقدمنا العلمي والثقافي، موضحًا أن ذلك الفهم عند بعض الجماعات يفضي إلى ثقافة استسلامية وثقافة التبعية بما يجر في النهاية إلى العمليات الإرهابية والتفجيرية والتخريبية وبما يمثل بدوره خطرًا على منطقتنا وعلى أمن وسلام العالم.
كما طالب وزير الأوقاف بضرورة العمل بأسرع وقت على إحياء دور العقل وإعطاء الفرصة للتعبير عن الذات والرأي وبخاصة للنشء منذ نعومة أظافرهم؛ حتى يشبوا على ذلك ويتعودوا عليه لتغيير هذه الصورة وهذا النمط غير الفكري أو النمط الاستسلامي أو نمط الانبطاح الفكري والهزيمة الفكرية والنفسية مع التنسيق بين مختلف المؤسسات والهيئات المعنية لتفعيل الجهود المبذولة في هذا الصدد.
واستعرض الوزير استراتيجية الأوقاف لتحقيق الفهم المستنير للدين، موضحًا أن مهمة اللجان العلمية المتخصصة التي ستشكلها الوزارة ستهتم بتنقية كتب التراث وإعادة قراءتها وإخراج مختارات منها تتناسب وروح العصر وتغير الزمان والمكان والأحوال مع الحفاظ على ثوابتنا الشرعية مما هو قطعي الثبوت والدلالة في ضوء قواعد الفهم والاجتهاد الرشيد.
وتابع الدكتور جمعة أن هدف الكتاتيب العصرية إضافة إلى تحفيظ القرآن الكريم والعمل على فهمه فهمًا مستنيرًا وغرس القيم الأخلاقية والإنسانية، وتعميق روح الانتماء الوطني في الناشئة منذ الطفولة وغلق الباب أمام من يعملون على تجنيد النشء مبكرًا في إطار تنظيماتهم القائمة على ثقافة الاستسلام، وتأليه أمرائهم ومرشديهم المزعومين.
وأوضح أن خطة الوزارة لتطوير المراكز الثقافة الإسلامية تهدف إلى غرس الثقافة الإسلامية الصحيحة، في إطار مناقشة فكرية وعلمية وعقلية والقضاء على حالة الاستسلام والجمود الفكري وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تدفع في اتجاه التطرف أو الإرهاب.
وأشار إلى برامج التأهيل المتقدمة للأئمة والخطباء داخل مصر وخارجها التي تتضمنها الاستراتيجية من خلال تطوير أكاديمية الأوقاف لتدريب الأئمة وإعداد المدربين باللغات الأجنبية، وفتح أبوابها للأئمة والخطباء من مختلف دول العالم، إضافة إلى فتح مراكز أو فروع لها في بعض دول العالم لنشر الفكر الإسلامي الصحيح وتفكيك الفكر المتطرف.
ولفت الوزير إلى دور الخطبة المكتوبة المقروءة التي بدأتها الأوقاف اختياريا الجمعة الماضية بما ينأى بالمنبر عن كل محاولات الاستغلال السياسي، ويضبط ميزان الفهم المستنير وفق منهجية علمية مدروسة وشاملة تؤدي في النهاية إلى صياغة مستنيرة للعقل وطرائق الفهم وتبرز الوجه الحضاري الوسطي السمح للدين الإسلامي الحنيف وتقضي على الفكر الظلامي غير المستنير.
ورغم ما يقوم به وزير الأوقاف من محاولات في تجديد الخطاب الديني وإرساء قيم العقل والتنوير، إلا أنها تظل مجرد محاولات غير مكتملة لأسباب كثيرة، أهمها عدم تضافر باقي المؤسسات والتنسيق مع وزارة الأوقاف في هذه المشروعات الطموحة، مما يؤكد في النهاية على فشل هذه المحاولات؛ كونها من طرف واحد؛ حيث إن غياب باقي الأطراف يجعلنا وكأننا نحرث في بحر، وثاني هذه الأسباب محاولات تنقية التراث من جانب وزارة الأوقاف، فليس المطلوب هو ما يسمى بمفهوم "تنقية التراث"؛ حيث تتم هذه التنقية بشكل مصلحي ومتعالي وليس بشكل منهجي، باستخدام مناهج البحث الحديثة في قراءة التراث، تلك المناهج هي المنوط بها تقديم قراءات حداثية للتراث تتناسب مع روح العصر الذي نعيش فيه، وهي التي سوف تقدم لنا حلول لتلك الإشكاليات المتواجدة في القراءات القديمة والتي تدعو للانتهاج العنف والإرهاب.