دعوة الإخوان لانتخابات جديدة.. هل تكون بداية لحل الأزمة الليبية؟
الخميس 28/يوليو/2016 - 12:55 م
طباعة
يبدو أن المشهد الليبي سيظل في حالة ارتباك وتوتر شديدين، في ظل تعنت الأطراف المتنازعة على السلطة، فبينما ترفض حكومة الشرق، منح الحكومة الجديدة في طرابلس الثقة، ظهرت دعوة جديدة من جماعة الإخوان في ليبيا عن طريق القيادي الإخواني الليبي، علي الصلابي، بضرورة إجراء انتخابات بشكل عاجل تخرج البلاد من أزمتها.
يأتي ذلك في أعقاب انتهاء القمة العربية بنواكشوط، التي بحثت الملف الليبي، والمطالبات بتحقيق المصالحة الوطنية الليبية؛ حيث أرسل الصلابي لرؤساء مجلس الدولة الليبي عبدالرحمن السويحلي، والمجلس الرئاسي فايز السراج، ومجلس النواب البرلمان عقيلة صالح، يطالبهم بضرورة إجراء انتخابات بشكل عاجل.
ويرى مراقبون أن هذه الدعوة ستزيد من تفاقم الأوضاع وبعثرة الأوراق السياسية، كذلك ستعمق حالة الانقسام الحالي، لا سيما وأن توقيتها تزامن مع عودة الصراع حول السيطرة على النفط بين حكومة الوفاق الوطني والحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، وسط تبادل للاتهامات وتزايد التحذيرات والتهديدات.
وهددت قوات حكومة شرق ليبيا، أمس الأربعاء 27 يوليو 2016، باستهداف ناقلات النفط في حال اقترابها من سواحل البلاد بهدف نقل شحنات لصالح حكومة الوفاق الوطني من دون اتفاق مسبق مع سلطات الشرق.
وتأتي التهديدات في وقت تسعى حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي ومقرها العاصمة طرابلس إلى إعادة فتح موانئ التصدير الرئيسية في منطقة الهلال النفطي في شرق البلاد والخاضعة لسيطرة قوات حرس حماية المنشآت النفطية الموالية لها.
وقال رئيس أركان قوات حكومة الشرق اللواء عبدالرزاق الناظوري لوكالة الصحافة الفرنسية: "لا يمكننا أن نسمح بتصدير النفط الليبي إلا عبر المؤسسة الوطنية للنفط في بنغازي". مضيفًا: "سنقوم باستهداف أي سفينة تقترب من سواحل ليبيا من دون اتفاق مسبق مع المؤسسة في بنغازي".
وجاءت تهديدات الناظوري بعد نحو أسبوع على إعلان قائد جهاز حرس المنشآت النفطية إبراهيم الجضران عن قرب إعادة افتتاح ميناءي السدرة ورأس لانوف الرئيسيين في شرق ليبيا، بعيد لقائه مع رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر.
وأكد نائبا رئيس حكومة الوفاق الوطني أحمد معيتيق وموسى الكوني في تصريحات الأسبوع الماضي العمل على إعادة افتتاح الميناءين المتوقفين عن العمل منذ هجمات تنظيم داعش على منطقة الهلال النفطي بداية العام الحالي.
وقد أحدثت الصراعات السياسية والمسلحة في أغنى الدول الإفريقية بالنفط، تراجعًا في معدلات الإنتاج لتبلغ حاليًا نحو 200 ألف برميل يوميًّا بعدما كانت تبلغ نحو 1.5 مليون برميل قبل انتفاضة 2011. وتم التوافق في منتصف يوليو الحالي على إعادة توحيد المؤسسة الليبية الوطنية للنفط بحيث تعاود الشركة المنافسة لها في شرق ليبيا الاندماج فيها، لكن الاتفاق لم ينفذ بعد.
وتشهد ليبيا صراعات بين حكومات تتنازع على السلطة، فيما تتوسع التنظيمات الإرهابية في مختلف البلاد، علي رأسهم تنظيم "داعش" الإرهابي.
ووجه الصلابي، رسالة إلى رؤساء كلا من "مجلس النواب ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي" طالبهم فيها بضرورة إجراء انتخابات بشكل عاجل تخرج البلاد من أزماتها، على أن يتم انتخاب أشخاص يلقون قبولًا حقيقًا من الليبيين، ويمثلون حالة الوفاق الحقيقي.
وأضاف الصلابي خلال رسالته أن الاستمرار في التعنت في مصادرة إرادة الشعب الليبي وخلق أجسام لا تستمد شرعيتها من الشعب، وفرض شخصيات جدلية على المشهد كل ذلك لن يزيد الأمر إلا تعقيدًا، ويعمق الفجوة بين السلطة والشعب.
وأكد قائلاً: "إننا على ثقة أن الشعب الليبي بإمكانه بعد هذه المحنة اختيار شخصيات وطنية، ودماء جديدية غير تلك التي شاركت في المشهد وحسبت عليها المرحلة، واستأثرت بالسلطة وحاربت كل الحلول الذي قد تؤدي إلى انتخابات تستبعدهم مما يسهم في تحقيق المصالحة الوطنية؛ إذ أنهم يشكلون فعلا سدا في طريقها".
وختم رسالته بأنه مضطر لتحميل المسئولية لكل الأطراف، سواء المجلس الرئاسي أومجلس النواب أو مجلس الدولة، بجر البلاد إلى مزيد من الحروب والاقتتال عندما تجاوزوا إرادة الشعب وصادروا حقه في اختيار حكامه على حد تعبيره .
وتأتي هذه الرسالة في وقت تحتدم فيه الصراعات بين كل من حكومة الشرق بقيادة عبد الله الثني، وكذلك حكومة الوفاق الليبية بقيادة فايز السراج، والتي لم تحصل على ثقة البرلمان الليبي في الشرق حتى الآن، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع بين الطرفين، وقد تكون الدعوة سبب رئيسي في تفاقم الأزمة الراهنة في ليبيا، وانتهاز التنظيمات الإرهابية لزيادة الصراعات الداخلية، لتكوين خلايا سرية في معظم المدن الليبية، وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي الذى استطاع في فترة قليلة من بسط نفوذه في مختلف المدن.
ويرى محللون أن هذه الدعوة قد تكون بداية لحصول حكومة الوفاق على ثقة البرلمان الليبي، وبالأخص أن الإخوان تدعم الأخيرة سرًّا، بينما يرى آخرون أنها مناورة سياسية للهروب من الاستحقاقات الجوهرية التي تواجه البلاد.
من جانبه وصف أبوبكر بعيرة، عضو البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، هذه الدعوة بأنها قد تكون مناورة للالتفاف على الشرعية في ليبيا من شأنها تأزيم الوضع أكثر مما هو متأزم، قائلًا: "إن الجميع يدرك أن الأوضاع الحالية في ليبيا لا تسمح بإجراء انتخابات؛ لأن البلاد مقسّمة وممزقة، والإرهاب يرتع فيها، وهي عوامل لا تساعد أبدًا على تنظيم انتخابات نزيهة وحرة".
فيما رفض وصف هذه الدعوة بأنها تندرج تحت إطار البحث عن بديل للخروج من المأزق، وقال: "إن المأزق الحالي لا يمكن الخروج منه إلا بصدق النوايا وتصفية الخلافات وإيلاء المصلحة الوطنية العليا المكانة التي تستحقها، وليس من خلال مثل هذه المحاولات التي لن تُفلح إلا في تعقيد المشهد".