التدخل الأمريكي في ليبيا.. هل ينجح في "كبح" داعش؟
الثلاثاء 02/أغسطس/2016 - 02:23 م
طباعة
على الرغم من تنامي نفوذ التنظيمات الإرهابية في ليبيا، وبالأخص "داعش"، ورفض حكومة الوفاق الليبية أى تدخل عسكري، إلا أن طائرات أمريكية شنت أمس الاثنين 1 أغسطس 2016 أولى غاراتها الجوية على مواقع تنظيم داعش في سرت، بناء على طلب مقدم من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، وفق ما أعلنه رئيس المجلس فايز السراج.
وفي كلمة له بثتها قناة ليبيا الرسمية، أمس الاثنين، طالب رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، المساعدة من الولايات المتحدة؛ حيث جاء ذلك بناء على تنسيق جرى مع غرفة عمليات البنيان المرصوص والمفوض بوزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني العقيد المهدي البرغثي.
وأعلن السراج عن بدء الطيران الأمريكي تنفيذ أولي ضرباته الجوية ضد مواقع وتمركزات التنظيم في سرت على أماكن محددة أوقعت خسائر فادحة في صفوف التنظيم، مشيرًا إلى أن هذه المساعدة تأتي في إطار زمني محدد، مؤكدًا أن التدخل الأمريكي يستهدف تنظيم داعش في مدينة سرت وضواحيها فقط.
ويرى مراقبون أن التدخل الأمريكي سيقتصر على توجيه ضربات جوية دون تواجد عسكري على الأرض، والاكتفاء بالدعم اللوجستي والفني بالتنسيق مع حكومة الوفاق الوطني.
وكان أعلن المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص، السيطرة على معمل لصناعة وتجهيز المفخخات والألغام، ومخزن للذخيرة تابع لتنظيم الدولة الإسلامية، بمنطقة السواوة شرقي مدينة سرت، شمال وسط ليبيا، مطالبًا بتدخل جوي أمريكي لاستهداف مواقع التنظيم المتشدد بالمدينة.
وكانت مصادر ليبية قد كشفت الأحد عن رسالة سرية صادرة عن غرفة قيادة عملية البنيان المرصوص المدعومة من المجلس الرئاسي، تطالب فيها بتدخل جوي أمريكي لقصف مواقع تنظيم داعش في مدينة سرت، لكن محمد الغصري، الناطق باسم غرفة العمليات الخاصة مصراتةسرت التابعة لعملية البنيان المرصوص، نفى صحة الرسالة المذكورة.
ووفق المصدر ذاته، ذكر المركز أن مخزن الذخيرة الذي تمت السيطرة عليه، يحتوي على كميات من قذائف الهاون وذخائر مدفعية، وقذائف دبابات.
وأعلن المركز الإعلامي ذاته، الأحد الماضي، عن السيطرة على إدارة التفخيخ والتصنيع، وتعتبر أكبر مركز لتجهيز وصناعة السيارات المفخخة، في حي الدولار بمنطقة "السواوة"، وذلك بعد تقدّم القوات التابعة لحكومة الوفاق.
وشنت قوات الوفاق، المدعومة من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، حملة قوية علي معاقل التنظيم الإرهابي داعش في سرت منذ أكثر من شهرين.
وكانت انبثقت حكومة الوفاق عن اتفاق المصالحة الليبي الذي وقع بمدينة الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015.
وأطلق المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق عملية عسكرية أطلقت عليها اسم "البنيان المرصوص" ضد تنظيم داعش، شمالي وسط ليبيا، وقد نجحت تلك القوات في طرد مقاتلي التنظيم من مناطق استراتيجية في سرت.
وانطلقت البنيان المرصوص في مايو الماضي، بهدف إنهاء سيطرة داعش، على مدينة سرت، عبر ثلاثة محاور هي أجدابيا – سرت والجفرة – سرت ومصراتة – سرت، وتمكنت القوات من محاصرة التنظيم في مساحة ضيقة، وتكبيده خسائر فادحة.
وفي هذا السياق أكدت وزارة الدفاع الأمريكية موافقة الرئيس باراك أوباما على طلب المجلس الرئاسي، مشيرة إلى أنه سيتم استهداف التنظيم بضربات أخرى في سرت.
ووفق مصادر كان الليبيون يطالبون بتدخل جوي لقصف معاقل التنظيم في مدينة سرت بعد أن قام بتفخيخ الطرق المؤدية إلى المعاقل الأخيرة له، الأمر الذي كبد قوات البنيان المرصوص خسائر وحال دون تقدمها في اتجاه عدة محاور.
وبعد حوالي 3 أشهر من إعلان عملية البنيان المرصوص تمكنت القوات التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من السيطرة على أجزاء واسعة من مدينة سرت وتكبيد التنظيم خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
وتحولت الحرب بعد اقتحام المدينة إلى حرب شوارع بين التنظيم الإرهابي وقوات المجلس الرئاسي التي تمكنت الأحد من السيطرة على منطقة حي الدولار.
وبعدما حققت قوات الوفاق نجاحًا في ضرب معاقل التنظيم في وقت قصير، عادت الأوضاع لتسوء؛ حيث فرض التنظيم الإرهابي نفوذه وبدأ يستعيد قوته ويتحدى قوات الوفاق، لتتراجع الأخيرة في المدينة.
وكانت طائرات حربية مجهولة قامت بقصف معاقل متطرفين ينتمون لما يُعرف باسم "شورى مجاهدي درنة وضواحيها"، وذلك في الوقت الذي تواصل فيه السجال السياسي والإعلامي حول تواجد عسكري غربي في شرق ليبيا وغربها.
وحتي الآن لم يتحدد هوية هذه الطائرة الحربية، ولكنها نقلت في المقابل عن وكالة الأنباء الليبية التي تتخذ من مدينة البيضاء بشرق ليبيا مقرا لها، قولها إن علي أبوستة مدير المكتب اﻹعلامي لمجموعة "عمليات عمر المختار" لتحرير درنة الموالية للحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، أكد أن الجيش الليبي نفذ عملية وصفها بالنوعية بمحور"سيدي عزيز" في مدينة درنة.
من جانب آخر جمع لقاء بين كل من رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بالقاهرة، بجديد غير كسر حالة الجمود بين الطرفين بعد جلوسهما على طاولة واحدة للمرة الأولى.
واقتصر اللقاء على طرح كلا الطرفين لوجهة نظره لينتهي في الأخير دون التوصل إلى أي اتفاق.
ولا زالت حكومة الوفاق لم تحصل علي الثقة من مجلس النواب الذي فشل في عقد جلسة مكتملة النصاب للتصويت على هذه الحكومة، وذلك بسبب إقدام بعض النواب الرافضين للاتفاق على عرقلة انعقاد الجلسة.
ويطالب النواب الرافضون للاتفاق السياسي بضرورة إعادة فتح الاتفاق من جديد وتعديل المادة رقم 8 التي تنص على انتقال المناصب السيادية والعسكرية لسلطة المجلس الرئاسي بمجرد توقيع الاتفاق السياسي لتتم في ما بعد إعادة توزيع هذه المناصب بما فيها منصب القائد العام للجيش الليبي الذي يتولاه حاليا الفريق أول خليفة حفتر، الأمر الذي يراه مؤيدوه سعيًا واضحًا إلى استبعاده من المشهد السياسي والعسكري في ليبيا.
وكان المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر قد أكد في تصريحات صحافية، الأسبوع الماضي، أنه لا مجال لإعادة فتح الاتفاق السياسي وإجراء أي تعديل عليه بعد أن تم التوقيع عليه بتوافق جميع الأطراف.
ومع تعنت جميع الأطراف تتفاقم الأزمة يوما تلو الآخر، وفي ظل غياب أي استعداد لتقديم تنازلات تنهي حالة الانقسام العاصفة بالبلاد، بدأ مؤخرا الحديث في أروقة مجلس النواب عن حلول بديلة لاتفاق الصخيرات الذي يرى كثيرون أنه لم يزد المشهد السياسي الليبي سوى المزيد من التعقيد والغموض.