مدرسة الصيف للمهجرين.. تحدٍّ جديدٌ من السريان ضد "داعش"

الأربعاء 03/أغسطس/2016 - 03:19 م
طباعة مدرسة الصيف للمهجرين..
 
برطلة هي إحدى مدن سهل نينوي بالعراق التي تعرض أهلها للتهجير في 6 أغسطس 2014 .هربًا من تنظيم داعش الذي خرب بيوتهم وقتل العديد منهم. وكان للمدينة التي يعيش فيها أغلبية مسيحية سريانية عادة إقامة مدرسة دينية صيفية. وعلى الرغم من الهجرة والتشتت أصر المهجرون على إقامة المدرسة في إحدى الكرفانات الخشبية التي يقومون بها في مدينة عنكاوا.. إنه تحدٍّ آخر لهؤلاء المهجرين الفارّين من الموت. يقول الأب يعقوب سعدي شماس المشرف الروحي للمدرسة لم نكن نريد لتقليد توارثناه عن آباءنا وأجدادنا عبر أجيال أن يبقى طي النسيان، وهي المدرسة الدينية الصيفية منذ أن كان طلبتها يفترشون الأرض ويتعلمون الحساب والقراءة والدين والعلوم الأخرى بالحرف السرياني. هذه المدرسة التي كنا حريصين على إقامتها سنويا في العطلة الصيفية قبل التهجير، لم نكن نريد لهذا التقليد أن يلغيه التهجير. أردنا أن نستمر على نفس التقاليد والطقوس التي كنا نمارسها هناك في برطلي، أن نمارسها هنا أيضًا للحفاظ عليها؛ لأنها متأصلة بنا بل هي جزءٌ من هويتنا وهي طقوسنا الدينية ولغتنا السريانية. يؤكد الأب يعقوب.. لا نريد للغة السريانية أن تكون محصورة في الطقوس، بل نحاول أن تكون متداولة أيضًا؛ ولهذا أوصيت المشرفين على المدرسة إيلاءها الاهتمام الأكبر لنبقى محافظين عليها، بالرغم من أنهم يتلقون دروسًا فيها في المدارس الحكومية.. علما أننا استخدمنا نفس المنهج المستخدم في تلك المدارس ليبقى الطلبة متواصلين معها طوال السنة.
تختلط الأصوات القادمة من الصفوف. من هنا آيات من الكتاب المقدس ومن هناك فقرات من طقس القداس ومن بعيد نسمع كلمات ترنيمة.
عدد الطلاب 350 طالبًا، هو أقل بكثير مما كانت تضمه المدرسة قبل التهجير . عند هذا يقف الأب يعقوب بُرهة. فالمشهد بالرغم من أنه مفرح لكنه مغلفٌ بالحزن. ثم يتابع حديثه فيقول: كان لنا أسطول من الباصات بالكاد يكفينا لنقل ما يزيد على الـ 1000 طالب من وإلى المدرسة هذا ما عدا من كان منهم يأتينا سيرًا على الأقدام. لقد تشتتت الرعية منهم من هاجر ومنهم من هم يسكنون في مناطق بعيدة والآخرون منتشرون في مناطق أخرى في الإقليم وفي غيره وهناك إصرار في أداء المهمة، سواء من الكادر الإداري والتدريسي يقابلها تقبلٌ أكبر من قبل الطلاب وذويهم. هناك تحدٍّ لمواصلة الحياة وعيشها كما لو كانت الظروف اعتيادية.. 
ويقول الأب يعقوب ثانية: كانت معاناتنا كبيرة. أولًا: لأننا مُهجرون، وثانيًا: لقلة الإمكانيات. 
فتح المسئولون على هذه المدرسة أبوابها لنا مشكورين والدوام عصرًا، لم يكن بيدنا أن نرفض القيام بالمهمة . 
يضيف الأب يعقوب نعاني من ارتفاع درجات الحرارة والمدرسة غير مكيفة.. اعتمدنا على امكانيات الكنيسة المحدودة، علمًا أننا لم نتلقَّ أي دعم من أية جهة ما عدا بعض من أشكال المساعدة من أبناء الكنيسة. 
إن قصص العطاء في هذه المدرسة كثيرة هي بقدر العاملين فيها، طاقات أكثر وإمكانيات أكثر واندفاع أكثر، أكثر من المتوقع وجميع العاملين في المدرسة هم متطوعون ويقدمون خدماتهم مجانًا. هذه هي الصورة في المدرسة.
الأستاذ خالد إسحاق مدير ثانوية ابن العبري السريانية في برطلة، ومدير ثانوية العذراء في التهجير وهو أيضًا مدير هذه المدرسة يقول في هذا الجانب: إن اندفاع المعلمين وعطاءهم انعكس ذلك على المستوى التعليمي الذي وصل إليه الطلبة في المدرسة.. وخصوصًا في اللغة السريانية، بشهادة جميع الزائرين ومنهم راعي الأبرشية (نيافة المطران موسى الشماني) أثناء زيارته للمدرسة، الذي يولي الدعم اللامحدود لكل الأنشطة التي تقوم بها الكنيسة هنا كما ذكر الأب يعقوب المشرف على أنشطة الكنيسة.
 أحد عشر صفًّا وللمراحل من الصف الأول الابتدائي وحتى الثالث المتوسط و26 مدرسًا وإداريًّا يشاركون في إعطاء حصص في اللغة السريانية والطقس الكنسي والكتاب المقدس والرياضة والتربية الفنية وفي الأعمال اليدوية وحتى دروس في الخياطة للطالبات.

شارك