بعد السيطرة على مواقع استراتيجية.. بدء العد التنازلي لتحرير "سرت"
الخميس 11/أغسطس/2016 - 12:11 م
طباعة
تواصل قوات الوفاق مساعيها لتحرير مدينة سرت الليبية من قبضة التنظيم الإرهابي "داعش"؛ حيث أعلن المركز الإعلامي لعملية "البنيان المرصوص" المدعومة من حكومة الوفاق الوطني الليبية، أن قواته تمكنت من السيطرة على ثلاثة مواقع استراتيجية في "سرت".
وقال المركز الإعلامي، في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": إن القوات حققت انتصارات ساحقة، وتمت السيطرة على مستشفى ابن سينا بوسط سرت، مبنى جامعة سرت، والعمارات المشرفة عليه، والمعروفة باسم "عمارات العظم"، مباني الجيزة العسكرية بالكامل.
وذكر المركز الإعلامي أن طيران القوات الأمريكية ساندت تقدم القوات، وضرب أهدافا متحركة وسيارات مفخخة كانت مجهزة لتعيق تقدمهم، مشيرًا إلى أن سرية الهندسة العسكرية لا زالت تعمل على تطهير المنطقة المسيطر عليها من الألغام والمتفجرات أمام وخلف قواتنا.
وقال بيان المركز: إن قوات الوفاق عثرت أثناء تمشيطها للمنطقة على معمل لتجهيز الأحزمة الناسفة.
وتشن الطائرات الأمريكية هجمات منذ أول أغسطس الجاري على معاقل التنظيم في سرت بطلب من حكومة الوفاق، وقالت القوات الحكومية في بيان تلقت انطلاق العد التنازلي للمرحلة الأخيرة من العمليات العسكرية ضد فلول داعش، واجتماعات مكثفة لقادة العملية استعدادًا للمعارك الأخيرة والحاسمة لاجتثاث عصابة "داعش" من مدينة "سرت".
وعلى مدى الشهرين الماضيين، سيطرت قوات البنيان المرصوص المهاجمة من غرب سرت على منطقة الزعفران ثم من خلالها على ميناء سرت، المنفذ البحري الوحيد الذي كان بيد التنظيم، كما انتزعت السيطرة من داعش على منطقة الغربيات، الواقعة غرب المدينة، والحي السكني 700، الواقع جنوب غرب المدينة، ليكون أول حي سكني ينسحب منه داعش بالكامل، ثم تلاه حي الدولار الذي انسحب منه التنظيم بعد قتال شديد استمر لأكثر من عشرة أيام.
وبحسب بيانات صدرت عن القيادة الأمريكية في إفريقيا فإنه منذ ذلك الحين شنت الطائرات بدون طيار والطائرات المقاتلة الأمريكية 29 ضربة جوية، واستهدفت عددًا من مواقع التنظيم الاثنين وشاحنة صغيرة تحمل مدفعًا الثلاثاء.
وجدد رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج رفضه لأي تدخل بري في ليبيا.
وقال السراج في حوار مع صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية: "نحن لسنا بحاجة لقوات أجنبية على الأراضي الليبية". مؤكدا أنه "طالب فقط بضربات جوية أمريكية لا بد من أن تكون جراحية جدًّا ومحدودة في الزمن والمكان، ودائمًا بالتعاون معنا، وأضاف أنه بإمكان الجنود الليبيين إنجاز المهمة وحدهم بعد الحصول على الغطاء الجوي".
رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج
وأكد السراج في تصريح أمس الأربعاء 10 أغسطس 2016: "إن الضربات الجوية ستتواصل في سرت ضد المراكز التي يتحصن بها داعش؛ من أجل تمكين قواتنا من تحقيق تقدم حاسم ضد التنظيم في المدينة"، موضحًا أن المجلس الرئاسي سيحدد متى تتوقف الضربات حسب التطورات العسكرية على الأرض.
وأعلن السراج الأسبوع الماضي بدء الضربات الجوية الأمريكية بطلب من المجلس الرئاسي وغرفة عمليات البنيان المرصوص الموالية لهم، على تنظيم داعش في سرت لكنه سرعان ما أكد على أن هذه الضربات ستكون جوية فقط ولن يطالب بتدخل بري.
وبدا السراج من خلال تأكيده على اقتصار العمليات الأمريكية على الدعم دون قوات برية كأنه يحاول الحفاظ على صورة حكومته وشرعيتها أمام الليبيين، خاصة في ظل الاحتجاجات المنددة بالتدخل الفرنسي التي شهدتها ليبيا الفترة الماضية، بعد أن أعلنت فرنسا عن وجود قوات فرنسية تقاتل إلى جانب الجيش الليبي بقيادة الفريق أول خليفة حفتر، والتي أظهرت مدى حساسية الليبيين من التدخل العسكري الأجنبي ببلادهم.
ويرى مراقبون منذ أن شنت أمريكا هجمات على معاقل داعش في سرت، أن هذا التدخل الجوي الأمريكي سيأتي بنتائج عكسية.
ويرفض الليبيون هذا التدخل باعتبار أن حكومة السراج تعمل بدعم خارجي يرى؛ إذ أنها لم تحصل على الدعم الكامل من جميع الأطراف ولم تحصل بعد على موافقة مجلس النواب في الشرق، كما هو منصوص في الاتفاق السياسي.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست عن مسئولين أمريكيين، أن جنود الكوماندوز الأمريكيين يعملون انطلاقًا من مركز عمليات مشترك في أطراف سرت التي يسيطر عليها المتطرفون منذ يونيو 2015، مضيفة أنهم يعملون بالتنسيق مع نظرائهم البريطانيين على تحديد مواقع للضربات الجوية، ويزودون شركاءهم بالمعلومات الاستخبارية.
وزارة الدفاع الأمريكية
فيما أكدت وزارة الدفاع الأمريكية، أنها لا تنوي إرسال بعثة لتقديم "المساعدة والمشورة" لقوات حكومة الوفاق الوطني الليبية في مدينة سرت، أسوة بما فعلته في العراق وسوريا.
وقالت متحدثة وزارة الدفاع الأمريكية، هنرييتا ليفين، في تصريح، "دخل عدد صغير من المقاتلين الأمريكيين ليبيا، وغادروها، بعد أن تبادلوا معلومات مع القوات المحلية وسيواصلون فعل ذلك في الوقت الذي نصعد فيه الصراع ضد داعش ومنظمات إرهابية أخرى". مشيرة إلى أن الحكومة الليبية أنشأت غرف عمليات مشتركة بعيدًا عن الخطوط المتقدمة، لتسهيل التنسيق بين القوات المحارية لـ"داعش".
ونفت أن تكون لبلادها خطط لإرسال قوات أمريكية لتقديم المشورة والمساعدة إلى قوات حكومة الوفاق الوطني في هذه المرحلة، موضحة أن ما تقوم به بلادها في المرحلة الحالية هو تقديم الدعم للقوات المنضوية تحت لواء حكومة الدفاع الوطني، بما في ذلك معلومات عن القتال الدائر في سرت، بالإضافة إلى غارات تستهدف "داعش" هناك.
وكانت صحيفة "واشنطن بوست"، نقلت عن مصادر في البنتاجون، تأكيدهم أن "القوات الأمريكية عملت من مركز عمليات مشترك في ضواحي المدينة سرت، وأن دورهم محصور في دعم القوات الموالية لحكومة الوحدة الهشة.
وكشف رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي الجنرال جوزيف دنفورد، في مايو الماضي، عن وجود فترة من الحوار المكثف يمكن أن يؤدي إلى اتفاق تقوم فيه الولايات المتحدة بنشر مهمة مشورة للقوات المقاتلة لـ"داعش".
وكان صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن دعم معركة الحكومة الليبية ضد تنظيم داعش يصب في مصلحة الأمن القومي الأمريكي وذلك بعد يوم من إعلان حكومته أنها نفذت ضربات جوية هناك.
وتفتح الإدارة الأمريكية بهذا جبهة جديدة في الحرب ضد تنظيم "داعش"، الذي يلجأ بشكل متزايد إلى تدبير هجمات بالخارج، في وقت يواجه فيه ضغوطًا متزايدة في معاقله بالعراق وسوريا.
وأكد أوباما أن الضربات الجوية نفذت لضمان أن تتمكن القوات الليبية من إنجاز مهمة قتال الجماعة المتشددة وتعزيز الاستقرار، مضيفًا أن الولايات المتحدة وأوروبا والعالم لها مصلحة كبرى في تحقيق الاستقرار في ليبيا لأن غياب الاستقرار ساعد في تفاقم بعض التحديات التي شهدناها في ما يتعلق بأزمة المهاجرين في أوروبا وبعض المآسي الإنسانية في البحر المتوسط.
وكانت أعلنت قوات الوفاق بدء "العد التنازلي" لإطلاق المرحلة الأخيرة من عملية استعادة سرت (450 كلم شرق طرابلس)؛ حيث يستغل التنظيم الإرهابي الفوضى والصراعات المسلحة التي تشهدها ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي ليرسخ موطئ قدم له في هذا البلد الغني بالنفط والمقابل للسواحل الأوروبية.