محمد قطب.. أمير التكفيريين سبق شقيقه على درب التطرف
الجمعة 09/أغسطس/2024 - 09:30 ص
طباعة
محمد قطب
حسام الحداد
في بلدة موشا بمحافظة أسيوط المصرية، ولد محمد قطب في شهر أبريل عام 1919، ونشأ في عائلة كان لها أثر بالغ في تاريخ الحركة الإسلامية بمصر، بشقيه الفكري والحركي، بين الرجال والنساء على حد سواء، فأخوه الأكبر سيد كان الرجل الثاني في الجماعة بعد حسن البنا، تأثيرا وحضورا، وأُعدم عام 1966. أما أختاه أمينة وحميدة فكانتا من أبرز «الأخوات المسلمات» الفاعلات في الجماعة، وجميعهن تعرضن للاعتقال، تزوجت أمينة من القيادي الإخواني كمال السنانيري الذي توفي داخل معتقله عام 1981. أما حميدة فكانت تلقب في الأدبيات الإخوانية، بـ«عذراء السجن الحربي»، ووجهت لها اتهامات بنقل معلومات من سيد قطب داخل السجن إلى زينب الغزالي، في هذا الوسط نشأ محمد قطب، وكانت دراسته في القاهرة بجميع مراحلها، حيث درس فيها المرحلة الابتدائية والثانوية، وتخرج في جامعة القاهرة التي أخذ منها الإجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها عام 1940. بعد تخرجه في الجامعة، بدأ اهتمامه بالتعليم والتربية يظهر، فاتجه نحو معهد التربية العالي للمعلمين بالقاهرة، وحصل منه على شهادة دبلوم في التربية وعلم النفس عام 1941. وعمل بعد ذلك أربع سنوات في التدريس، ثم في دار الكتب المصرية، وبعدها أصبح مترجما في وزارة المعارف المصرية، ثم انتقل إلى الإدارة العامة للثقافة في وزارة التعليم العالي بمصر.
مراحل الاعتقال
محمد قطب واخوه سيد قطب
اعتقل محمد قطب، هو وأخوه سيد، للمرة الأولى بعد حادثة المنشية عام 1954. خرج محمد بعد مدة قصيرة، في حين حكم على أخيه بالسجن 15 سنة. في تلك الفترة، أتم سيد كتابة عدد من كتبه، أهمها «في ظلال القرآن». لكن محمد عاد إلى السجن مرة أخرى في يوليو 1965، وبقي ست سنوات، فلم يفرج عنه إلا في مطلع عهد السادات، في أكتوبر عام 1971.
بعد خروجه من السجن، لجأ محمد قطب إلى السعودية مطلع السبعينات الميلادية باحثا عن الأمان. وفي مكة العاصمة المقدسة، أمضى بقية حياته (قرابة نصف قرن) ناقلا معه تجربته الحركية والفكرية إلى أبناء الصحوة السعودية، فأثر فيهم بشكل كبير، وبالأخص في أبناء التيار السروري، والتي تنزع في مرجعيتها إلى المدرسة القطبية أكثر من البنائية، حيث يحظى سيد بحضور طاغ مؤثر في كتابات وأفكار التيار.
علاقة قطب بتنظيم 65
زينب الغزالي
على خلاف شخصية أخيه الأكبر سيد، كان محمد قطب (توفي في الرابع من أبريل، 2014، بمكة المكرمة، وصلي عليه في الحرم المكي) منضويا تحت لواء أخيه، كان امتدادا وظلا وفيا له في العمل الحركي والإنتاج الفكري، أعاد إنتاج مفاهيم أخيه، وكررها وجسدها، وقربها كمنهج تربوي مفصل شكل تأثيرا كبيرا على فكر التيارات الإسلامية وبالأخص المتفرعة من إطار «الإخوان المسلمين»، حيث حظيت أفكاره بحضور بارز ومفصل في أفكار التيار الإسلامي الحركي في السعودية، تماما كما كان لأخيه سيد ذلك الحضور.
تروي زينب الغزالي في كتابها " ايام من حياتي " تتمة نشاط أعضاء الجماعة الفاعلين خارج السجون فترة الستينات، حين كانت تصلهم التوجيهات مباشرة من سيد قطب، وتقول: "رأينا خلال فترة الإعداد التربوي أن يكون هناك مستشار يشرح ويوضح لنا توجيهات سيد قطب وتعليماته".. و"لذلك قررنا، ورأينا أن يكون الأستاذ محمد قطب هو مرجعنا، وبإذن من المرشد الهضيبي كان الأستاذ محمد يأتي بشكل دوري إلى بيتي في مصر الجديدة، ليوضح للشباب ما غمض عليهم فهمه. وكان الشباب يستوضحونه ويسألونه أسئلة كثيرة يجيب عنها".
وضمن منهج الإعداد التربوي للتنظيم السري، وضع سيد قطب مجموعة من الكتب والمراجع التي تشكل المنهج الدراسي والتربوي لكوادر التنظيم، وكان من أبرزها، بالإضافة لكتبه، كتب أخيه محمد قطب، حيث يروي أحمد عبد المجيد في مذكراته: "كنا نركز أساسا على العقيدة، ثم الحركة بهذه العقيدة في تنظيم حركي، ثم الدراية والمعرفة بالمخططات الصهيونية والصليبية وأعوانها لضرب الإسلام ووسائلهم في ذلك، فوضع لنا الأستاذ سيد قطب منهجًا دراسيًا وتربويًا للسير عليه مع إخواننا. ومن أهم الكتب والمراجع التي احتواها هذا المنهج: (منهج التربية الإسلامية)، (جاهلية القرن العشرين)، (هل نحن مسلمون؟)، (معركة التقليد) لمحمد قطب، إضافة إلى كتب من تأليفه، وأخرى لأبي الأعلى المودودي وآخرين".
التأسيس قبل الحكم
يشرح قطب في مقدمته أسباب تأليفه للكتاب قائلا: "هذه محاولة لدراسة الصحوة الإسلامية، وما تحمله من دلالة تاريخية.. ماذا أنجزت، وماذا ينبغي أن تنجز حتى تجتاز أزمتها الحالية، وتصل إلى التمكين الذي وعد الله به المؤمنين.. أردت بمحاولاتي تلك الرد على تساؤلات الشباب المتطلع إلى تحقيق الإسلام في عالم الواقع: لماذا طالت المسيرة؟ لماذا تأخر التمكين؟ ما منهج الدعوة؟ ما الطريق الصحيح؟"
بعد أن يستعرض محمد قطب في كتابه ظلامات "الجاهلية" التي يرزح تحتها العالم الإسلامي في كل المجالات، قدم في الربع الأخير منه الحل الأمثل لمواجهة الواقع المعاصر، والمنهج الأصلح لتحقيق التمكين والوصول إلى الحكم، عن طريق «بناء قاعدة إسلامية صلبة» تكون النواة الرئيسة الأولى للمواجهة مع السلطة «الجاهلية» القائمة، والسند الفعلي الداخلي لأبناء الحركة أمام مخططات أعداء الإسلام، وأعداء الحكم الإسلامي.
جاهلية المجتمع والحكام
في كتابه الشهير "معالم في الطريق"، يقسم سيد قطب المجتمعات إلى نوعين: «مجتمع إسلامي، ومجتمع جاهلي"... فالمجتمع الإسلامي بنظره هو "المجتمع الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة، وشريعة ونظاما، وخلقا، وسلوكا.. أما المجتمع الجاهلي، فهو الذي لا يطبق فيه الإسلام ولا تحكمه عقيدته ولا تصوراته وقيمه وموازينه، ونظامه وشرائعه"
ولكن.. يستدرك سيد قطب موضحا أن المجتمع الإسلامي ليس هو الذي يضم أناسا يسمون أنفسهم "مسلمين" بينما شريعة الإسلام ليست هي قانون البلد، "وإن صلى وصام وحج البيت الحرام.. فليس هذا هو المجتمع الإسلامي الذي يبتدع لنفسه إسلاما من عنده، ويسميه (الإسلام المتطور)".
امتدادا لهذه المدرسة الغائرة الأثر في فكر الحركات الأصولية والجهادية، جاء محمد قطب واضعا عددا من المؤلفات التي تقرر هذا المبدأ بوضوح ولا مواربة، دار في أفكار أخيه سيد نفسها التي أسسها قبلا أبو الأعلى المودودي.
في كتابه "جاهلية القرن العشرين"، يقرر محمد قطب أن البشرية "جمعاء" تعيش في جاهلية شاملة: "فالطاغوت الحاكم في الأرض وصل لحد حاسم، وانقلب الخير حسيرا لا يملك أمرا في ظل الطاغوت.. وقد اقتربت تدخلات الإرادة الإلهية الحاسمة، فالناس يختارون لأنفسهم إما التدمير الشامل إن ظلوا فيما هم فيه من شرود عن منهج الحق، وإما الهدي إلى دين الله.. فلا بد من إفراد الحاكمية لله".
ينتقل محمد قطب مفصلا الحديث نحو حال المجتمعات الإسلامية: «تلك الجاهليات التي تقول إنها تعرف الله، وتظن أنها تؤدي العبادة الحقة لله.. كل هذه الجاهليات تجادل في الأمر وتظن أنها على حق، لكن كيف يعقل، وكيف يعبدون الله - في زعمهم - وهم يأخذون نظام حياتهم من غير الله».
الإصرار على تكفير عبد الناصر
كان هذا الموقف الصريح بتكفير المجتمعات الإسلامية هو السائد بين كوادر جماعة الإخوان، خصوصا المعتقلين في السجون إبان الفترة الناصرية. وكانت من أبرز التهم الموجهة لأعضاء الإخوان هي قضية تكفير المسلمين، المنبثقة من أفكار سيد قطب وكتابه «معالم في الطريق». في تلك الحموة المستعرة في العلاقة بين الإخوان والسلطة، صدر كتاب مثير منسوب إلى مرشد عام الجماعة المستشار حسن الهضيبي بعنوان "دعاة لا قضاة"، رد فيه بقوة على أفكار سيد قطب التي "لا تمثل الإسلام الصحيح"، يقول الناشر في مقدمة الكتاب: «لقد كان مما ابتلي به الإخوان في سجونهم ومعتقلاتهم ما أظهره البعض من رأي بتكفير المسلمين أو التشكيك في حقيقة إسلامهم وإيمانهم. ولقد سارع الإخوان - رغم قسوة سجنهم ومعتقلاتهم - إلى تصحيح هذا الفهم، لا رهبة من أحد ولا زلفى لأحد، وقال مرشدهم الأستاذ حسن إسماعيل الهضيبي ردا على تلك الدعوى، كلمته الجامعة التي حددت طريق الإخوان المسلمين وعبرت عن منهجهم وصورت مهمتهم (نحن دعاة ولسنا قضاة)
اعترض الهضيبي على أفكار المودودي، وناقش مصطلح "الجاهلية"، وشدد على خطورة التكفير، ورد على مجمل أفكار سيد قطب، من دون أن يسميه، في طرح غريب عن السائد لدى جماعة الإخوان المسلمين.
لكن رغم الشهادات التي تؤكد أن الهضيبي لم يكتب "دعاة لا قضاة"، وإنما كتبته مجموعة من علماء الأزهر بتنسيق من السلطات، فإن من أبرز من اعترضوا على الكتاب ورفضوه في السجن كان محمد قطب، وشكري مصطفى، حيث رفض الاثنان الكتاب، وأصرا على تكفير جمال عبد الناصر، وفقا لما أورده الباحث السعودي علي العميم نقلا عن اللواء فؤاد علام - وكيل مباحث أمن الدولة المصرية الأسبق - في دراسة نشرتها مجلة "المجلة" في ديسمبر 2012 بعنوان "هل ألف المستشار حسن الهضيبي (دعاة لا قضاة)؟ بحث في كتاب مغموز النسب!".
صهينة الأفكار والمذاهب
في ندوة علمية للشباب الإسلامي في جامعة الملك سعود بعنوان " مذاهب فكرية معاصرة " كان أول سؤال وجهه الجهني إلى قطب: "ما أخطر التيارات الفكرية اليوم على الأمة؟ ومن يغذيها ويدعمها؟".
أجاب قطب بأن جميعها خطير، لكن "العلمانية بوصفها تفصل الدين عن الدولة هي أخطر التيارات ولا شك، ويدخل فيها كل التيارات الفكرية المعادية".
يؤكد قطب أن جميع هذه "المذاهب الهدامة هي من صنع اليهود لأجل محاربة الإسلام". وفي الوقت الذي تتنافس فيه أغلب الحركات الإسلامية اليوم على المشاركة في الانتخابات الحديثة، قرر قطب، منذ ذلك الحين، أن "الديمقراطية هي صنيعة يهودية"، مؤكدا: "والذي لا يصدقني في هذا فليذكر أن الديمقراطية هي الرأسمالية، والعنصر المسيطر في الدول الرأسمالية هم اليهود.. فالديمقراطية هي لعبة جميلة صنعها اليهود ليخدعوا الناس بأنهم هم من يحكمون أنفسهم، لكن في الواقع الذي يحكمهم فعلا اليهودية العالمية".
يمكن القول بأن فترة الازدهار والنشاط التي عاشها محمد قطب في السعودية، مقيما المحاضرات والندوات، ومتجولا بين دول الخليج لحضور الفعاليات والأنشطة، كانت منذ قدومه للسعودية بعد عام 1971، وحتى حرب الخليج عام 1990، حين وقفت جماعة الإخوان المسلمين بمصر موقفا مؤيدا لغزو صدام الكويت، وهاجمت دول الخليج لأنها استعانت بقوات أجنبية لصد العدوان العراقي على أراضيها، فأثر هذا الموقف على أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في الخليج، وتسبب في انحسار نشاطهم.
اعتزل محمد قطب في بيته... لكن بيته بمكة المكرمة، الواقع على شارع صدقي بحي العزيزية، أصبح ملتقى تجتمع فيه قيادات إسلامية وحركية شتى في كل وقت، نظرا لقربه من الحرم المكي الذي يؤمه المسلمون في حجهم وعمرتهم.
أصبح بيته يضج دائما بالزوار و«المحبين» والمتتبعين لآثار سيد قطب أيضا، من آخر الزيارات منتصف 2013، وفد من جمعية الاتحاد الإسلامي من لبنان، حيث نشرت الجمعية تقريرا مفصلا عن زيارة محمد قطب إلى السعودية التي "تناولت أوضاع أهل السنة في لبنان وملف الثورة السورية المباركة، وخصوصا أوضاع النازحين، مع عرض من رئيس الجمعية عن هموم الدعوة في لبنان"
أردوغان يزوره ويعرض عليه الإقامة بتركيا
بحسب ما يرويه عبد الوهاب الحميقاني في صحيفة «يوم برس» الإلكترونية اليمنية، فإن أحد طلابه كان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، يقول: «كان محمد قطب يزور تركيا ويحاضر فيها العامة والطلاب، وكان من بين هؤلاء الذين يحضرون له رجب إردوغان». وصل إردوغان للسلطة، واستقر قطب بمكة: «وفي إحدى زياراته الرسمية للسعودية، وبعد أداء العمرة توجه إردوغان بموكبه الخاص إلى منزل قطب، فقبل رأسه ويده وجلس بين يديه يطلب منه الدعاء وزيارة تركيا والإقامة فيها. اعتذر قطب لرغبته في مجاورة البيت الحرام»، وفقا لما كتبه الحميقاني في الخامس من أبريل 2014.
علاقة حميمة مع قطر
لم تكن تركيا فقط هي من عرضت اللجوء والإقامة على محمد قطب، بل قدمت دولة قطر أيضا عرضا له بالانتقال إليها والإقامة فيها، والعمل في إحدى جامعاتها. جاء ذلك على لسان يوسف القرضاوي - الشخصية الأبرز في التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين - الذي قال: «قد دعوت محمد قطب لينتقل إلى قطر، ليعمل فيها، ويستقر بها، وكل أهل قطر يرحب به، وكم حاول معه صديقنا وصديقه الدكتور عبد الرحمن بن عمير النعيمي، ولكنه رفض أن يترك جوار المسجد الحرام الذي جعله الله قياما للناس وأمنا».
كتابات محمد قطب.. من نظرية المؤامرة إلى كراهية الوطن
سعد زغلول متآمر.. قاسم أمين أداة غربية للإفساد!
بهدوء رحل محمد قطب المفكر والكاتب الإسلامي المتشدد عن عمر يقترب قليلا من المائة بعد مشوار صاخب دخل فيه في صدامات واختلافات ومحاكمات ، كان أشهرها محاكمة 1965 التي أعدم فيها شقيقه الأكبر سيد قطب .
لقد اختار محمد الشقيق الأصغر لسيد والذي يفرقهما 12 عاما السعودية ليكمل فيها دراساته وأبحاثه وكتبه بعد أن خرج من السجن أوائل السبعينيات.
وقد كان من الملفت أن محمد يعيد صياغة أفكار سيد بكثير من التفصيل ويكرر أحكامه المتشددة فى الموقف من المجتمع ، والدعوة إلى الجهاد المسلح ، واعتبار كل فكر مختلف عن الإسلام مؤامرة صليبية ، وهو ما تزخر به كتبه التي تجاوزت عشرين كتابا ، والتى من أشهرها كتب : " جاهلية القرن العشرين " ، " هل نحن مسلمون " ، " منهج التربية الإسلامية " ، " منهج الفن الإسلامي " ، " واقعنا المعاصر " ، " معركة التقاليد " ، " التفسير الإسلامي للتاريخ " .
ومن الواضح أن محمد قطب يختلف عن شقيقه الأكبر بوضوح المعنى وتأصيل الفكرة بعمق يبتعد كثيرا عن الأسلوب الخطابي والكتابة البلاغية . كما يتضح من قراءة كتب محمد قطب أنه أكثر اطلاعا واهتماما بالفلسفة والأفكار الغربية ، ويمتلك قدرة على تفنيد تلك الأفكار جيدا .
كان محمد هو الأسبق دخولا فى طرح فكرة الحاكمية ووصف المجتمع بالجاهلية ، وكان ذلك قبل أن يصدر سيد قطب كتابه " معالم في الطريق " . وكانت إطلالته على تلك الأطروحات واضحة في كتابه " هل نحن مسلمون ؟ " الصادر عام 1959 والذي تساءل فيه إن كان ما يراه حوله إسلاما أم لا ، مفضلا نفي صفة الإسلام عن المجتمع العربي الذي عاش فيه . إنه يحلل في هذا الكتاب بداية انحراف الأمة الإسلامية ويحددها بقيام دولة بني أمية وتحول الملك إلى ملك عضوض ثم دخول المفاهيم الفارسية إلى المجتمع المسلم في العصر العباسي ، وما يلي ذلك من توسع في الفكر الدخيل .
ويتصورالرجل أن المجتمع المسلم فسد نتيجة الغزو المنظم للغرب للعالم الإسلامي والذي اعتمد على إنشاء مدارس مدنية مثل ما أقامه "دنلوب " في مصر ، ويعتبر الرجل مصر منزلقة في الجاهلية منذ الحملة الفرنسية .
في كتابه " معركة التقاليد " يتناول بالتحليل أفكار دارون وماركس وفرويد ويقارنها بالإسلام ويطرح إيجابياتها وسلبياتها ، ثم يقدم صورة خيالية لنمط المجتمع في الإسلام وهو مجتمع أشبه بالمجتمع المثالي ، ففيه لا تقع جرائم ، ولا يوجد به فجور، ولا يمسه دنس . ولا شك أن تلك " اليوتوبية " التي حكمت تصوراته للمجتمع المسلم المفترض تماثل ذاتها لدى شقيقه سيد والتي طرحها أيضا في كتابه " المعالم " .
أما كتابه " واقعنا المعاصر " فهو واحد من أكثر الكتب اصطداما مع الواقع والتاريخ ، وهو كتاب مليء بالمغالطات الفكرية، وقائم على افتراض أن جميع ما يعاني منه المسلمون وما يواجهونه من مشكلات وما يحيونه من تخلف وتدهور وترد نتاج " مؤامرة غربية صليبية كبرى " . ويفترض محمد قطب أن شخصيات مثل الأفغاني وسعد زغلول ومحمد عبده ورشيد رضا شخصيات دفعت دفعا نحو سلخ الفكرة الإسلامية من خلال وهم التطوير والإصلاح ، بل إن قاسم أمين في رأيه "شاب نشأ في أسرة تركية لديه ذكاء غير عادى والتقطه الذين يبحثون عن الكفاءات ليفسدوها ويفسدوا الأمة ." وفي تصوره أن هناك من خطط ودبر ووضع في طريقه فتاة ليتصادق معها وتدفعه دفعا لكتابة كتابه " تحرير المرأة " .
وتصل سوء النية بالكاتب مداها ليكرر غثاء كثير من المتشددين حول البرلمان وأنه يشرع من دون الله ، بل إنه يعتبر سعد زغلول أداة في يد الاستعمار ، بل هو من حول الثورة من دينية إسلامية إلى ثورة وطنية لا علاقة لها بالدين .
ومن بين الكتب المميزة للرجل كتابه عن الفن الإسلامي ، وهو فيه يطالب بفن وإبداع قائم على قيم الإسلام مستثنيا من ذلك التمثيل باعتباره ليس فنا . ويضع الرجل قواعد وأسسا للفن الإسلامي تتضمن تحريضه على العدل والمساواة وتقبيحه للظلم ، واهتمامه بالطبيعة ، مطالبا بقوالب صارمة للرقابة على الأدب والشعر والفن لتحويلها إلى أدوات لخدمة المشروع الإسلامي .
وفاته:
توفي في الثامنة من صباح يوم 4/6/1435، الموافق 4 أبريل 2014 في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية في مستشفى المركز الطبي الدولي.