صراع طبرق وطرابلس يُوسع الانقسام السياسي في ليبيا

الخميس 25/أغسطس/2016 - 12:01 م
طباعة صراع طبرق وطرابلس
 
بعد القرار الذي اتخذه البرلمان الليبي في شرق البلاد منذ يومين، بإسقاط حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج- رحب المجلس الرئاسي الليبي الموالي لحكومة الوفاق بقرار مجلس النواب التي تم فيها إسقاط حكومة الوفاق، لكنه أكد في المقابل أن حكومته ستواصل مهامها إلى حين تصويت مجلس النواب على الحكومة المقبلة، التي قال إنه سينكب على تشكيلها، داعيًا كلًّا من علي القطراني وعمر لسود العضوان المنسحبان من المجلس الرئاسي إلى الالتحاق بمشاورات تشكيل الحكومة.
صراع طبرق وطرابلس
وأضاف المجلس الرئاسي أنه- وبإقرار الاتفاق السياسي ومن مبدأ الفصل بين السلطات- يعتبر المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني السلطة التنفيذية الوحيدة للبلاد، ولا يعتدان بأي قرارات صادرة عن أي أجسام موازية.
وسبق أن أصدر الثلاثاء مجلس النواب الليبي في شرق البلاد، برئاسة عقيلة صالح، قرارًا بإسقاط حكومة الوفاق دون أن يصدر أي موقف رسمي عن المجتمع الدولي ومنظمة الأمم المتحدة حيال القرار.
وكانت حكومة الوفاق حظيت بدعم دولي كبير في ديسمبر الماضي، أدى إلى بدئها في العمل منذ مارس الماضي من العاصمة طرابلس، وذلك رغم عدم منحها الثقة من قبل البرلمان الليبي في الشرق.
وذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير لها، أن عدة دول غربية وعربية قد طالبت مرارًا مجلس النواب بضرورة عقد جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق، التي ظلت معلقةً بعد أن فشل البرلمان في عقد جلسة كاملة النصاب للتصويت على الحكومة. 
وفي مساعٍ من مجلس النواب الليبي المقيم في طبرق، لإسقاط حكومة الوفاق التي تحظى بدعم دولي وعربي كبيرين، عقد ولأول مرة منذ تولي الحكومة منصبها الجديد جلسة كاملة النصاب تم خلالها إسقاط الحكومة بـ61 صوتًا رافضًا لها من أصل 101 نائب حضروا الجلسة.
ويرى محللون أن بيان المجلس الرئاسي حمل في طياته الكثير من التناقض، ففي حين رحب بجلسة البرلمان التي عقدت الاثنين وتم خلالها إسقاط حكومة الوفاق- أكد في المقابل أن الوزراء المفوضين في الحكومة مستمرون في أداء مهامهم الموكلة لهم إلى حين قيام مجلس النواب باعتماد حكومة الوفاق وفقًا للاتفاق السياسي. 
وأوضحوا أن البيان لم يوضح ما إذا كان المجلس الرئاسي سيقوم بتعديل الحكومة المسقطة وفقًا لمطالب بعض الأصوات المعارضة لها، أم أنه سيشكل حكومة جديدة.
عضو المجلس الرئاسي المنسحب علي القطراني، أكد عقب الإعلان عن إسقاط الحكومة، أنه وزميله عمر الأسود لن يوافقا على تشكيل حكومة جديدة قبل العودة للمسودة الرابعة وإلغاء حقيبة وزارة الدفاع التي يتولاها حاليًّا العقيد المهدي البرغثي، مشيرًا إلى أن رفض طلبهما هذا سيؤدي مباشرة إلى تشكيل حكومة طوارئ.
صراع طبرق وطرابلس
ويرى مراقبون أن قرار التصويت على إسقاط الحكومة يعد انتكاسةً لجهود السلام في ليبيا، باعتبار أن شرعية تصويت البرلمان ستكون محل شك وسؤال من قبل بعض الأطراف، وقد تأخذ العملية وقتًا طويلًا قد يستمر أشهرًا للوصول إلى توافق حول تشكيل وزاري؛ مما يسمح بزيادة أعمال العنف سواء حول المواقع النفطية شرق مدينة سرت أو داخل وحول العاصمة طرابلس.
وبدأ المجلس الرئاسي بتفويض حكومة الوفاق في بدء العمل من العاصمة طرابلس في مارس الماضي، وذلك بعد تعذر انعقاد جلسة البرلمان للتصويت عليها، قبل أن يعلن في يوليو عن قراره بقبول استقالة أربعة من وزرائه هم وزير المصالحة الوطنية عبدالجواد العبيدي، ووزير المالية فاخر أبوفرنة، ووزير الاقتصاد عبدالمطلوب أحمد أبوفروة، ووزير العدل جمعة الدرسي.
ويرى مراقبون أن بيان المجلس الرئاسي "مناورة سياسية"، التي من شأنها تفاقم المشهد السياسي في البلاد، فبعد أن كان المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق أمل الليبيين في جمع شتاتهم وتوحيد قواتهم العسكرية تحولا إلى طرف آخر من أطراف الصراع على السلطة.
من جانبه، وجه رئيس مجلس النواب الليبي والمعترف به دوليًّا، عقيلة صالح، خطابًا إلى رئاسة الأمم المتحدة عبر مندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة، إبراهيم الدباشي، يخطره فيه بإسقاط مجلس النواب للتشكيلة الحكومية المقترحة من قبل المجلس الرئاسي وحجب الثقة عنها للمرة الثانية، مهددًا باللجوء إلى محكمة العدل الدولية في حال استمرت الأمم المتحدة في التعامل مع حكومة الوفاق.
صراع طبرق وطرابلس
وفي ذات السياق، وجه وكيل عام الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة المؤقتة علي أمدورد تعميمًا للسفارات والقنصليات والبعثات الدبلوماسية في الخارج، بعدم التعامل مع خارجية حكومة الوفاق التابعة للمجلس الرئاسي بعد رفضها من قبل مجلس النواب وحجب الثقة عنها، ووفق مصادر فإن هناك جولة جديدة من الحوار السياسي ستعقد مطلع سبتمبر المقبل في العاصمة التونسية.
وفي محاولة منهم للعودة مجددًا، دعا خليفة الغويل، رئيس حكومة الإخوان التي كانت تقيم في طرابلس تحت مسمى "حكومة الإنقاذ"، جميعَ أعضاء حكومته إلى ممارسة أعمالهم في طرابلس، باعتباره سلطةً شرعيةً عقب التصويت بعدم منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني، لسد ما وصفه بالفراغ وتقديم الخدمات للمواطني، منتهزًا الموقف لعودة حكومة الإخوان مرة أخرى لعملها.
ومن المتوقع أن تشهد ليبيا في المرحلة المقبلة صراعًا سياسيًّا جديدًا بين الأطراف المتنازعة، من جانب البرلمان الليبي المقيم في طبرق وحكومة الوفاق في طرابلس، وبالأخص حال استمرار الأخيرة في مباشرة عملها رغم إسقاطها من قبل البرلمان الليبي المعترف به دوليًّا، وقد يؤدي ذلك إلى انتهاز الجماعات الإرهابية لهذه الصراعات، وتوغلها في مختلف المناطق الليبية أكثر من ذي سابق، أيضًا قد يؤدي هذا النزاع إلى استمرار المشهد الليبي كما هو بل ومن المرجح أن يتفاقم الوضع دون حلول، وبالأخص مع نفاذ كافة الحلول التي اتبعها الليبيون بدعم دولي.

شارك