مع احتدام الصراع حول الشرعية.. ليبيا أمام مستقبل "مُعتم"

السبت 27/أغسطس/2016 - 01:13 م
طباعة مع احتدام الصراع
 
مع بداية الصراعات التي تشهدها ليبيا حاليًّا، في ظل تعنت طرفي النزاع، وكل منهما يرى أحقيته في إدراة شئون البلاد، أصبح مستقبل ليبيا السياسي ملبدًا بالغيوم، كما أن هناك سيناريوهات عديدة مطروحة تنذر باحتدام الصراع حول الشرعية.
فائز السراج رئيس
فائز السراج رئيس حكومة الوفاق
يأتي هذا في الوقت الذي قرر مجلس النواب المعترف به دوليًّا والمقيم في شرق البلاد، إسقاط المجلس الرئاسي الموالي لحكومة الوفاق الوطني والمقيمة في طرابلس، ما أدى إلى بداية حقيقية لصراع الطرفين.
ويرى مراقبون أن قرار مجلس النواب حمل إشارات عكست تغير مواقف النواب الرافضين للمجلس الرئاسي والذين طالبوا بإسقاطه في أوقات سابقة، مقصرين طلباتهم على إعادة تشكيل فريق وزاري جديد.
من جانبه قرر المجلس الرئاسي الليبي، تشكيل جديد لحكومة الوفاق الوطني، وتقديمه إلى مجلس النواب الليبي، وتأتي هذه الخطوة استجابة لقرار مجلس النواب بعدم منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني الحالية وطلب طرح تشكيل جديد لها.
وكان قرار مجلس النواب، حمل في طياته تحذيرا للمجلس الرئاسي، قائلًا: إنها تعتبر الفرصة الأخيرة للأخير، كي يعمل على تشكيلة حكومية مقبولة، في مدة لا تتجاوز 15 يومًا، ورغم الجدل الذي أثاره قرار مجلس النواب من الناحية القانونية حول طريقة عرض جدول الأعمال على النواب وتضمين بند التصويت على حكومة الوفاق الذي لم يعلن عنه مسبقًا، فإن إعلان المجلس الرئاسي ترحيبه بقرار النواب قطع الجدل حول قانونيته.
وكان أقر مجلس النواب المنعقد في طبرق عدم منحه الثقة لحكومة الوفاق بــ61 صوتًا وامتناع 39 عن التصويت، فيما منح عضو واحد صوته للحكومة من أصل 101 عضو شاركوا في الجلسة.
ويبلغ العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب 200 عضو، وبحسب لوائح المجلس الداخلية فإن منح الثقة لحكومة الوفاق يتطلب جلسة نصابها القانوني أكثر من نصف الأعضاء وهو ما تحقق الاثنين، ويعتمد القرار بتصويت أغلبية النصاب القانوني.
ويمثل الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية العام الماضي وثيقةً دستوريةً يجب تضمينها في الإعلان الدستوري السابق، إلا أن مجلس نواب طبرق الذي سبق أن تحفظ على اتفاق الصخيرات لا يبدو متحمسًا لهذه الخطوة.
ووقعت وفود عن المؤتمر الوطني بطرابلس ومجلس النواب المنعقد في طبرق والنواب المقاطعين لجلسات الأخير إضافة إلى وفد عن المستقلين وبحضور سفراء ومبعوثين دول عربية وأجنبية في 17 ديسمبر الماضي بالصخيرات على اتفاق يقضي بتشكيل ثلاث هيئات تقود المرحلة الانتقالية في البلاد وهي: حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، والمجلس الأعلى للدولة ويتشكل من 145 عضوًا من المؤتمر الوطني بطرابلس ومن المجلس الرئاسي المتكون من رئيس الحكومة ونوابه، إضافةً لبقاء مجلس النواب كجهة تشريعية.
مع احتدام الصراع
وكان مجلس النواب الليبي رفض في 25 يناير الماضي التشكيلة الحكومية التي تقدم بها فائز السراج والمكونة من 32 وزيرًا، مطالبًا الأخير بتقديم تشكيلة أخرى لحكومة مصغرة خلال عشرة أيام قدّم بعدها السراج في فبراير الماضي تشكيلة جديدة تضم 18 وزيرًا لمجلس النواب للمصادقة عليها لكن الأخير فشل على مدي أشهر في عقد جلسة رسمية لمناقشة منح الثقة من عدمها لتلك التشكيلة، قبل أن يرفضها الأسبوع الماضي.
ويرى مراقبون أن هناك سيناريوهات عديدة أمام الطرفين، أولها أن يتصاعد الجدل القانوني حول صحة انعقاد جلسة النواب وتجاوزه لخطوة تعديل الإعلان الدستوري بتضمين الاتفاق السياسي الذي يستمد منه وجوده؛ حيث يمكن التوجه إلى القضاء للفصل فيه، ويمكن وقتها أن يعود الجدل الذي أحدثه حكم المحكمة العليا بعدم صحة انعقاد جلسات مجلس النواب في طبرق في نوفمبر 2014.
ويتمثل السيناريو الثاني في تقديم المجلس الرئاسي لحكومة لا تلبي مطالب المعارضين للاتفاق السياسي، ومن ثم بقاء الحالة السياسية على وضعها الراهن دون حسم، مما يعني استمرار وجود ثلاث حكومات الوفاق- المؤقتة- الإنقاذ تدّعي كل واحدة أحقيتها في السلطة بحسب مصالحها وبالتالي تأثير هذا الانقسام على التوازنات العسكرية على الأرض التي ما فتئت تتغير طيلة السنوات الخمس الماضية، والسيناريو الثالث يتمثل في نيل التشكيلة المقبلة ثقة مجلس النواب ما يعني المضي قدمًا في تنفيذ اتفاق الصخيرات، فتبدو حظوظه ضعيفةً.
وسبق أن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية، في تقرير لها، توقع مراقبين أن تشهد ليبيا في المرحلة المقبلة صراعًا سياسيًّا جديدًا بين الأطراف المتنازعة، من جانب البرلمان الليبي المقيم في طبرق وحكومة الوفاق في طرابلس، وقد يؤدي ذلك إلى انتهاز الجماعات الإرهابية لهذه الصراعات، وتوغلها في مختلف المناطق الليبية أكثر من ذي سابق، أيضًا قد يؤدي هذا النزاع إلى استمرار المشهد الليبي كما هو، بل ومن المرجح أن يتفاقم الوضع دون حلول، وبالأخص مع نفاذ كافة الحلول التي اتبعها الليبيون بدعم دولي.

شارك