كلور الأسد وخردل "داعش".. أسهل أدوات القتل في سورية
السبت 27/أغسطس/2016 - 08:27 م
طباعة
بدا أن استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل العناصر المقاتلة في سورية هو في بعض الأوقات أسهل وسائل القتل وحسم المعارك هناك، خاصة أن الحرب في سورية، منذ 2011 وقد دخلت عامها الخامس دون حلول تلوح في الأفق، لا تعرف سوى لغة الحسم لتحقيق مكاسب لا تخدم في نهاية الأمر إلا القوى الكبرى أميركا وروسيا.
ففي أحدث التقارير الأممية التي تناولت التحقيق في أنباء استخدام القوات الموالية للرئيس بشار الأسد الغازات السامة، خاصة بعد الواقعة الأولى في في 21 أغسطس 2013، والتي مر عليها نحو ثلاث سنوات، وكانت إلقاء غازات كيماوية على الغوطة الشرقية في ريف دمشق، والتي تحدثت تقارير عن أن ضحاياها كانوا أكثر من 1400 سوري ، خلص تحقيق أجرته الأمم المتحدة وأحيل على مجلس الأمن الخميس الماضي، أن مروحيات الرئيس السوري بشار الأسد نفّذت هجومين كيماويين بغاز الكلور.
الهجومين كانا من نصيب مدينتين في محافظة إدلب هما تلمنّس في 21 أبريل 2014 وسرمين في 16 مارس 2015، بينما استخدم تنظيم "داعش" غاز الخردل في مارع بالتابعة لمحافظة حلب في 21 أغسطس 2015.
كانت تقارير أممية أكدت في وقت سابق إن كافة منشآت إنتاج الأسلحة الكيميائية البالغ عددها خمس منشآت والموجودة تحت الأرض في سوريا تم تدميرها في يونيو 2015، كما أشار التقرير الأخير لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الذي حصلت عليه الأسوشيتد برس منذ نحو عا تقريباً، إلى استمرار العمل على تدمير 7 حظائر للطائرات استخدمت كمنشآت إنتاج إضافية.
ويعد تدمير تلك المنشآت جزء أساسيا في التخلص من برنامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، وهو ما أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمرا بتنفيذه في سبتمبر 2013، وتقول الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن 1300 طن من الأسلحة والعناصر الكيميائية السورية المعلن عنها قد تم التخلص منها، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أشار في التقرير الحديث إلى إن المباحثات بين الحكومة السورية والمنظمة لا تزال مستمرة بشأن "التعديلات اللاحقة" التي ستقوم بها سوريا في إعلانها المبدئي.
وكان سبب قيام فريق "آلية التحقيق المشتركة"، الذي شكلته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية في أغسطس 2015، هو التحقق من ادعاءات هجمات بالكلور استهدفت ثلاث قرى سورية، وأدت الى مقتل 13 في تسع هجمات بأسلحة كيماوية بين عامي 2014 و2015، وفي تقرير مؤلف من 95 صفحة، بما فيها ملاحق تقنية، لم يتمكن 24 محققاً طوال عام من البحث من جمع معلومات كافية حول 6 من هذه الهجمات التسع، التي نسبها الغرب أيضاً إلى الأسد، لأن المعلومات التي حصلوا عليها كانت متناقضة.
ووسط ترقب لمناقشة التقرير في مجلس الأمن الثلاثاء المقبل، طالب البيت الأبيض بـ"محاسبة" المسؤولين، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي نيد برايس: "بات الآن مستحيلاً إنكار أن النظام السوري استخدم غاز الكلور مراراً كسلاح ضد شعبه"، مضيفاً "سنعمل مع شركائنا الدوليين من أجل محاسبته، لا سيما أمام مجلس الأمن".
ودان وزير الخارجية جان مارك آيرولت الدور الفادح لنظام الأسد، داعياً مجلس الأمن إلى تبني رد فعل بمستوى خطورة الوقائع، فيما طالب وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير المجلس باتخاذ التدابير اللازمة ووضع حد لهذه التجاوزات المروعة.
وروسيا والصين اللتين توفران الحماية لنظام الأسد، لا تزالان قادرتين على استخدام حق النقض (الفيتو) لاعتراض أي خطوة في مجلس الأمن، على غرار ما فعلتا مراراً منذ بداية النزاع السوري في مارس 2011.
كانت وكالات استخبارات أمريكية، ذكرت في وقت سابق، أن "داعش" استخدمت أسلحة كيميائية في سوريا ضد القوات الكردية على الأقل قبل أسبوعين، واستخدمه أيضًا في العراق، وأشار موقع "فوكس نيوز" إلى أن تلك التقارير تغذي المخاوف بشأن امتلاك داعش لترسانة أسلحة كيميائية محظورة يمكن أن تساهم في تصعيد القتال في المنطقة.
وقال مصدر على صلة بالمخابرات الأمريكية إن ما فعله داعش يمكن "أن يكون نموذجا" يمكن تكراره، وذلك في تصريح لـ"وول ستريت جورنال" الأمريكية، وتعتقد المخابرات الأمريكية أن داعش يطمح إلى امتلاك أسلحة كيميائية، مثل غاز الخردل، ولكن مسئولين أمريكيين قالوا إنه من السابق لأوانه التأكد من صلة داعش المباشرة بثلاث هجمات كيميائية، لأن العملاء المنخرطين في أحداث العراق لا يزالون يحللون المعلومات.
وقال مسئولون أمريكيون للصحيفة إن وكالات أكدت عبر اختبارات أن غاز الخردل تم استخدامه في شمال سوريا في يوليو، مما يجعله أول هجوم معروف لداعش يستخدمون فيه أسلحة محظورة، ويعتقد مسئولون في البنتاجون أن الجماعة الإرهابية داعش استخدمت أسلحة كيميائية ضد قوات البشمركة الكردية في شمال العراق، وفقا لـ"فوكس نيوز".
فأحد المسئولين اطلع على تقارير المخابرات الأمريكية من المنطقة، وذكر أن بثور الضحايا مطابقة لأعراض أشخاص آخرين أصيبوا بغاز الخردل، وتحاول وكالات الاستخبارات الأمريكية تحديد أصل استخدام المواد الكيميائية في الهجمات الثلاث، وتحدث مسؤولون أمريكيون لـ"فوكس نيوز" أن غاز الخردل مصنع محليا وليس من سوريا.
وقال مسئولون بارزون أمريكيون لـ"وول ستريت جورنال" إن داعش قد يكون حصل على غاز الخردل في سوريا، وأقرت حكومة دمشق بأنها تمتلك خزينا احتياطيا من الأسلحة الكيميائية عندما وافقت على تسليم ترسانة أسلحتها الكيميائية في 2013، ولا يعتقد بعض العاملين في المخابرات الأمريكية أن داعش تمتلك مخزونا كبيرا من الأسلحة الكيميائية.
وذكرت "سي إن إن" أيضا في تقرير لها منشور اليوم على موقعها الإلكتروني أن مصادر عسكرية واستخباراتية أمريكية كشفت لها أمس الجمعة أن داعش استخدم عنصرا كيماويا في هجماته بالحسكة في سوريا، وكذلك في هجمات أخرى ضد قوات البشمركة في شمال العراق.