الصراع الهادئ بين "السراج" و"الثني" على أنقاض الدولة الليبية
الأحد 28/أغسطس/2016 - 01:55 م
طباعة
يبدو أن الصراع الداخلي بين طرفي النزاع الليبيَّيْن بدأ على "نار هادئة"، ففي وقت عقد فيه القائد العام للجيش الليبي الفريق أول ركن "خليفة بلقاسم حفتر" اجتماعًا مساء أمس السبت 27 أغسطس 2016 مع رئيس الوزراء في الحكومة الليبية المؤقتة "عبد الله الثني" بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، في مدينة المرج- وجه رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج الدعوة لأعضاء المجلس لحضور اجتماع عاجل اليوم الأحد في مقر المجلس بالعاصمة طرابلس.
وتم خلال اجتماع حفتر والثني، تناول مختلف الأوضاع الراهنة التي تشهدها البلاد، بالإضافة إلى دعم الجيش في معركته ضد الجماعات الإرهابية.
وفيما قال السراج في خطاب وجهه لأعضاء المجلس أمس السبت: إن الاجتماع يهدف لمناقشة التعديلات المقترحة في التشكيلة الوزارية.
ووصف السراج الاجتماع بالمهم؛ لأنه يأتي في وقت حرج ومصيري حسب قوله، مرحبًا بعودة عضو المجلس على الأسود لممارسة مهامه ومسئولياته.
يأتي ذلك في الوقت الذي قرر مجلس النواب المعترف به دوليًّا والمقيم في شرق البلاد، إسقاط المجلس الرئاسي الموالي لحكومة الوفاق الوطني والمقيمة في طرابلس؛ ما أدى إلى بداية حقيقية لصراع الطرفين.
وسبق أن ذكرت بوابة الحركات الإسلامية في تقرير سابق لها، أن مراقبين يرون أن قرار مجلس النواب حمل إشارات عكست تغير مواقف النواب الرافضين للمجلس الرئاسي والذين طالبوا بإسقاطه في أوقات سابقة، مقصرين طلباتهم على إعادة تشكيل فريق وزاري جديد.
من جانبه قرر المجلس الرئاسي الليبي، تشكيل جديد لحكومة الوفاق الوطني، وتقديمه إلى مجلس النواب الليبي، وتأتي هذه الخطوة استجابة لقرار مجلس النواب بعدم منح الثقة لحكومة الوفاق الوطني الحالية وطلب طرح تشكيل جديد لها.
وكان قرار مجلس النواب، حمل في طياته تحذيرا للمجلس الرئاسي، قائلًا: إنها تعتبر الفرصة الأخيرة للأخير، كي يعمل على تشكيلة حكومية مقبولة، في مدة لا تتجاوز 15 يومًا، ورغم الجدل الذي أثاره قرار مجلس النواب من الناحية القانونية حول طريقة عرض جدول الأعمال على النواب وتضمين بند التصويت على حكومة الوفاق الذي لم يعلن عنه مسبقًا، فإن إعلان المجلس الرئاسي ترحيبه بقرار النواب قطع الجدل حول قانونيته.
الجدير بالذكر أن صراع الطرفين بدأ منذ أن تولي السراج رئاسة حكومة الوفاق الليبية، فيما كانت حكومة الثني المقيمة في طبرق رافضه منحها الثقة دون الاعتراف بقائد الجيش خليفة حفتر؛ حيث رفض الأخير الانضمام لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة قبل حلّ الميليشيات الإسلامية المتحالفة معها.
وقال حفتر آنذاك: لا يمكن على الإطلاق أن ينضم الجيش لحكومة فايز السراج قبل حل الميليشيات.
ونص الاتفاق المبرم في ديسمبر الماضي بإنهاء الانقسام السياسي بالبلاد بين حكومتين متنازعتين واحدة في العاصمة طرابلس والأخرى في الشرق تحظى بغطاء من البرلمان الشرعي المعترف به دوليًّا.
وتوجد العديد من الاحترازات على هذا الاتفاق، خاصةً في ما يتعلق بمؤسسة الجيش، وهو ما أخر مصادقة البرلمان على الحكومة التي يقودها فايز السراج.
وازدادت التعقيدات بين حكومة السراج والبرلمان الذي يرى بضرورة أن يكون الجيش تحت إشرافه، مع إصراره على بقاء حفتر على رأسه.
وكانت آخر المواجهات بين الطرفين حينما أرسل الطرفان قوات منفصلة إلى مدينة سرت مسقط رأس الرئيس الراحل معمر القذافي، والتي يسيطر عليها الآن تنظيم داعش الإرهابي للاستعادتها من قبضة التنظيم.
ووقعت وفود عن المؤتمر الوطني بطرابلس ومجلس النواب المنعقد في طبرق والنواب المقاطعين لجلسات الأخير، إضافةً إلى وفد عن المستقلين وبحضور سفراء ومبعوثين دول عربية وأجنبية في 17 ديسمبر الماضي بالصخيرات على اتفاق يقضي بتشكيل ثلاث هيئات تقود المرحلة الانتقالية في البلاد وهي: حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، والمجلس الأعلى للدولة ويتشكل من 145 عضوًا من المؤتمر الوطني بطرابلس ومن المجلس الرئاسي المتكون من رئيس الحكومة ونوابه، إضافةً لبقاء مجلس النواب كجهة تشريعية.
وكان مجلس النواب الليبي رفض في 25 يناير الماضي التشكيلة الحكومية التي تقدم بها فائز السراج والمكونة من 32 وزيرًا، مطالبًا الأخير بتقديم تشكيلة أخرى لحكومة مصغرة خلال عشرة أيام قدّم بعدها السراج في فبراير الماضي تشكيلة جديدة تضم 18 وزيرًا لمجلس النواب للمصادقة عليها لكن الأخير فشل على مدى أشهر في عقد جلسة رسمية لمناقشة منح الثقة من عدمها لتلك التشكيلة، قبل أن يرفضها الأسبوع الماضي.
وتحظى حكومة الوفاق على دعم دولي كبير باعتبارها الأمل الوحيد للقضاء على الفصائل السياسية والمسلحة؛ من أجل التصدي لتنظيم داعش.
كما أشارت بوابة الحركات الإسلامية أيضًا، في تقرير سابق لها، أن ليبيا ستشهد في المرحلة المقبلة صراعًا سياسيًّا جديدًا بين الأطراف المتنازعة، من جانب البرلمان الليبي المقيم في طبرق وحكومة الوفاق في طرابلس، وقد يؤدي ذلك إلى انتهاز الجماعات الإرهابية لهذه الصراعات، وتوغلها في مختلف المناطق الليبية أكثر من ذي سابق، أيضًا قد يؤدي هذا النزاع إلى استمرار المشهد الليبي كما هو، بل ومن المرجح أن يتفاقم الوضع دون حلول، وبالأخص مع نفاذ كافة الحلول التي اتبعها الليبيون بدعم دولي.