بعد انتهاء ثاني جلساته.. الحوار الليبي في تونس يعود للمربع "صفر"
الأربعاء 07/سبتمبر/2016 - 01:42 م
طباعة
في ظل العراقيل التي تسود الأزمة الليبية، اختتم أمس الثلاثاء 7 سبتمبر 2016، أعضاء "الحوار السياسي الليبي" اجتماعهم التشاوري في تونس برعاية الأمم المتحدة لبحث آخر التطورات في ليبيا والصراع على السلطة وتهديدات الإرهابيين التي تقوض الاستقرار في البلاد، في وقت تشن فيه قوات حكومة الوفاق الوطني هجومًا على آخر مواقع تنظيم داعش في سرت.
جاء ذلك وسط أجواء من التوتر بين الأطراف المشاركة؛ حيث أجري أعضاء الحوار محادثات حيال تشكيلة حكومة الوفاق الوطني التي تمثل محط خلاف، بحسب ما أشار عدد من المشاركين.
وسبق أن وقع الأطراف المتنازعة اتفاق "الصخيرات" بالمغرب في ديسمبر الماضي، ولكن ظلت حكومة الوفاق محل خلاف حتى الآن، وبالأخص مع عدم منحها الثقة من جانب البرلمان الليبي المقيم في طبرق برئاسة عقيلة صالح، والذي أصر على استمرار المؤسسة العسكرية بقيادة اللواء خليفة حفتر، وقد يؤدي ذلك للعودة إلى مربع الصفر مجددًا.
وشكلت المادة الثامنة من الاتفاق السياسي محور الخلاف منذ إعلان مجلس النواب في يناير الماضي قبوله للاتفاق وتحفظه على المادة المتعلقة بنقل صلاحيات مجلس النواب في تعيين المناصب العسكرية والأمنية إلى المجلس الرئاسي؛ حيث طالب داعمي قائد الجيش "الفريق خليفة حفتر" بإسقاط المادة لحماية منصبه من خصومه التابعين للإسلام السياسي الساعين لاستبعاده من المشهد.
المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، قال خلال مؤتمر صحافي: "إن المشكلة الرئيسية، التحدي الرئيس الذي يواجهنا هو تشكيل حكومة وفاق وطني والموافقة اللاحقة عليها من قبل مجلس النواب".
فيما قال أحد الأطراف الليبية المشاركة في المحادثات إنه "يجب تغيير بعض الوزراء للحصول على فريق يمثل كل الأطراف الليبية.
وعلى الرغم من أن حكومة الوحدة الوطنية، التي انبثقت بدعم أممي ومباركة دولية وعربية، وباشرت مهامها من العاصمة طرابلس أواخر مارس الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه رفضاً من الحكومة والبرلمان اللذين يعملان في شرق البلاد.
وتدخل الأزمة الليبية في "نفق مظلم"، وبالأخص عقب أن أعلن مجلس النواب في 22 أغسطس الماضي، رفضه لمنح الثقة لحكومة الوفاق، واعتبر بعض المشاركون في جلسات الحوار الحالية أن قرار تشكيل حكومة جديدة يعتبر فرصة استثنائية لبناء حكومة تشارك فيها كل الأطراف الليبية للدخول في مرحلة وفاق حقيقية تراعي التوازن الجغرافي والسياسي.
وطالب آخرون بـ"إعادة تشكيل لجنة الحوار وتعديل عدد من بنود الاتفاق السياسي الذي تمَّ التوقيع عليه في الصخيرات، دون التطرق إلى هذه التعديلات المطلوبة".
وكان صوت 61 عضواً على رفض منح الثقة للحكومة التي ضمت 18 وزيرًا، بينما وافق عليها 12 عضواً، وامتنع 28 عن التصويت من أصل 101 حضروا الجلسة.
ومن جانبه أكد رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج أن الحكومة المقبلة ستأخذ بعين الاعتبار الملاحظات التي سبق وأن قدمها مجلس النواب، وهي أن يكون الفريق الحكومي مصغر وذو كفاءة وأن تمثل التشكيلة الحكومية مختلف المناطق الليبية.
واعتبر عضو مجلس النواب فتحي باش آغا، المشارك في الحوار خلال تصريحات صحفية، إجراء أي تعديل على "الاتفاق السياسي" بمثابة "المستحيل"، وقال: "لا الأمم المتحدة ولا فريق الحوار يحق لهم تعديل الاتفاق السياسي، والأجدى لنا هو العمل على تطبيق الاتفاق لا العودة له من جديد، لن تكون هناك عودة للوراء".
وانبثقت حكومة الوفاق نتيجة اتفاق سلام وقعته أطراف ليبية في المغرب في ديسمبر 2015 نص على أن تقود هذه الحكومة مرحلة انتقالية لعامين تنهي النزاع على السلطة المتواصل منذ منتصف العام 2014، ولكنها تواجه صعوبات في ترسيخ سلطتها وتوحيد البلاد بفعل استمرار المعارضة التي تلقاها من قبل حكومة موازية غير معترف بها دوليا في شرق ليبيا.
ووفق متابعين فإن المحادثات التي عقدت أمس وأول أمس في تونس برعاية الأمم المتحدة، تهدف إلى المضي قدما في تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي الموقع في الصخيرات في المغرب نهاية العام 2015، لإخراج البلاد من الفوضى الغارقة بها منذ إطاحة نظام معمر القذافي العام 2011.
ويرى مراقبون أن النواب الرافضين للاتفاق السياسي يرون أن لجنة الحوار خرجت عن مهامها وتسعى لأن تكون جهة متحكمة في مسار الحوار، وطالب نواب في وقت سابق ضرورة استبدال الممثل الأممي "مارتن كوبلر" متهمين إياه بالتدخل في تفاصيل الشأن الليبي ومحاولة تسيير مسار الحوار حسب رغباته بعد رفضه لتوسيع دائرة المشاركة في الحوار.
وصعد النواب الرافضين للاتفاق السياسي من كم التهم الموجهة للمجلس الرئاسي، معتبرين أن التدخل الأمريكي لم يكن بالتنسيق معه، سيما بعد إعلان الولايات المتحدة تمديد مهمة قواتها في ليبيا والذي قالت الإدارة الأمريكية إنه جاء استجابة لطلب قادة عسكريين في الجيش الأمريكي دون الإشارة للجانب الليبي.
هذا وقد اعتبر المشاركون في جلسات الحوار الحالية أن قرار تشكيل حكومة جديدة يعتبر فرصة استثنائية لبناء حكومة تشارك فيها كل الأطراف الليبية للدخول في مرحلة وفاق حقيقية تراعي التوازن الجغرافي والسياسي.
وقد أكد مصدر من لجنة الحوار الليبي حدوث مشادة كلامية، بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، ونائبيه عن المنطقة الشرقية فتحي المجبري وعلى القطراني.
في سياق آخر، أكد قائد الجيش الليبي الفريق أول ركن خليفة حفتر، أنه يتابع عن قرب ما يجري في سرت، وأنه كان ينوي اجتياحها لتحريرها من قبضة تنظيم داعش، لكنه تراجع عن ذلك حتى لا يربك قوات البنيان المرصوص التي بادرت بالتحرك لتحرير المدينة دون أي تنسيق مع الجيش، مؤكدًا أن الجيش الليبي سيتوحد قريباً.
وقال حفتر: نحن نتابع عن قرب ما يجري في سرت، وكنا ننوي اجتياحها لتحريرها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي، وبالنسبة لنا فإن العمليات التي يحتاجها تحرير سرت لا تساوي قطرة في بحر إذا ما قورنت بعمليات تحرير بنغازي، المدينة الكبيرة الآهلة بالسكان.
وتوقع القائد العام للجيش أن تشهد الأيام المقبلة الدخول في مرحلة ترتيبات شاملة لتوحيد كل القوى المسلحة خارج إطار الشرعية تحت راية واحدة هي الجيش الوطني الليبي، وفقاً لمعايير قانونية، نافياً وقوع صدام بين قوات البنيان المرصوص والجيش الليبي.
ويعتبر البرلمان الليبي هو العائق الكبير الذي يقف كـ"الحائط السد"، ليعرقل مرور هذه الحكومة بعدم منحها الثقة لأسباب عديدة منها استبعاد حقيبة وزارة الدفاع، المادة رقم 8 واختصاص القائد العام للجيش الليبي وغيرها والذي لم يتم الحديث فيها لتظل الحياة السياسية الليبية في دائرة مظلمة.